الأستاذ عبدالرحمن الجفري لـ(إيلاف): الرئيس صالح يرهق الجميع بالجزئيات ومظاهر الأزمات
دعا السياسي اليمني عبدالرحمن الجفري إلى التحرك السريع في اليمن والدعوة لحوار عاجل قبل فوات الأوان مذكرا بانه لم يمكن قياس نبض الشعوب بدقة. وفيما أكد في حديث مع إيلاف نعيد نشره بالموقع إن السلطة تجبر الجنوبيين على حمل السلاح أشار الى ان الرئيس صالح يرهق الجميع بالجزئيات.
عبدالرحمن الجفري.. اسم عرفته الساحة السياسية اليمنية كرجل مواقف يدفع بسببها أثمان باهظة.. فهو المنفي من بلده -اليمن الجنوبي- حتى تحقيق الوحدة بين شطري اليمن في العام 1990.. عاد ليقود معارضة كان أبرز الموجودين فيها آنذاك، عبر حزبه "رابطة أبناء اليمن (رأي) حين كان أبرز المعارضين –حاليا- في ائتلاف مع السلطة.
بعد أربعة أعوام انفجرت الحرب بين شريكي الحكم ليقف مع الجنوب بعد رفض الرئيس علي عبدالله صالح مبادرته وبقية أحزاب المعارضة بوقف إطلاق النار، وتم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية علي سالم البيض.
بعد هزيمة الجنوبيين ومغادرته البلاد ظل معارضا من خارج الوطن ليعود بعد 12 عاما مساندا للرئيس علي عبدالله صالح في الانتخابات.
حاليا يرأس الجفري حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" الذي رفضت أحزاب المشترك إشراكه في التكتل لأسباب لا زال الجفري ينتظرها من تلك الأحزاب. كما توقفت حواراته بالحزب الحاكم والرئيس صالح لأسباب تتعلق بالرئيس وحزبه.
ويعد حزب "رأي" أول حزب طالب بنظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، ثم نظام القائمة النسبية، وبعدها نظام الفيدرالية لإصلاح الوضع خصوصا مع الجنوب، وهو ما يعتبره الحزب الحاكم خطا أحمر.
مؤخرا طرح الحزب مشروعا لتأجيل الانتخابات البرلمانية المزمع تنفيذها في أبريل/نيسان، ومعاودة الحوار عبر لجنة تتكون من أقل عدد ممكن من المشاركين.
حول هذه القضية والقضايا المستجدة في الساحة.. تحدثت "إيلاف" مع رئيس حزب رابطة أبناء اليمن "رأي" عبدالرحمن الجفري فكان هذا الحوار.
أولا ماذا عن المشروع الأخير الذي طرحتموه مؤخرا وفيه دعوة لتأجيل الانتخابات؟
- نحن نعيش ما يعيشه شعبنا من معاناة، ومن غليان، ودائما نحاول أن ندرس مايجري، وجذور الأزمة أيا كانت قبل أن نتخذ موقفا، لأنه إذا لم يكن الموقف يتعامل مع جذور الأزمة وليس مع مظاهرها فإننا نكون قد طرحنا مسكنات بدلا من أن نعطي العلاج.. جذر الأزمة هي تركيبة الدولة، عندنا نظام دولة ونظام حكم ويحدث خلط كبير بين هذين الأمرين عند السياسيين.. نظام الدولة هو إما مركب أو بسيط..يتبعها نظام الحكم.. ونحن نتكلم عن نظام الحكم قبل نظام الدولة، ونظام الحكم هو إما جمهوري أو ملكي وهذا محسوم منذ 50 عاما أن نظامنا جمهوري.. وهل هو رئاسي أو برلماني أو مختلط، ونحن مع نظام رئاسي أو برلماني أما المختلط لا يصلح لنا، يتبع هذا مؤسسات نظام الحكم أو السلطات والتي هي السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. كل الخراب الذي في هذه السلطات يبدأ من خراب نظام الدولة، ثم نظام الحكم الهلامي، التنوع المتوفر في اليمن لاينفع معه إلا التعامل مع هذا التنوع، تنوع في النظم التي حكمت وبالتالي الثقافات التي أنتجها هذا التنوع، والتنوع المذهبي الذي ليس مؤثرا كبيرا حاليا لكنه يراد له أن يكون مؤثرا، إضافة إلى تنوع المناخ.. هناك من يحاول أن يستفيد من هذا التنوع وهذا هو الصح.
تنوع الشعوب لا ينصهر.. قد يغطى كما تغطي النار بالرماد، لكن سرعان ما تأتي رياح فتذهب بالرماد وتبقي النار وتشتعل وهو ما يتفاعل عندنا..
نحن قرأنا الأمر ونظرنا فيه وقلنا لا ينفع مع هذا التنوع إلا النظام الفيدرالي، لاحظنا أن ما يجري في الساحة من صراع خاصة في السنتين الأخيرتين وقرب كل إصطفاف لطوابير الإنتخابات، على مستوى المنظومة السياسية من سلطة ومعارضة، هو صراع على أداة من أدوات آليات الحكم وهو الانتخابات.. الانتخابات هي إحدى آليات المؤسسة التشريعية، وكأنهم يريدون معالجة الأمور من الأسفل إلى الأعلى، وهو أمر لا ينفع معه إلا التغيير في منطقتنا والعالم الثالث.
صراع مستمر سنتين على الانتخابات وعلى الحوار، هل تتخيل أن سنتين يتم فيها التصارع على اللجان التحضيرية للحوار، لم تشكل لجنة الحوار إلى الآن منذ عامين كل الضجيج حول لجان تحضيرية وتمهيدية وموسعة ومصغرة ومصغرة المصغرة وهدر للوقت.
ماذا عن اللجان بمسميات رقمية منها لجنة الـ 200 ولجنة و لجنة الـ 30 وغيرها ولجنة 16 وغيرها؟
- إذا تحدثنا أن اللجنة التحضيرية للحوار 200 شخص، فكم ستكون لجنة الحوار، إذا تحاورنا 200 شخص حول التحضير فلن نصل إلى حل.. فكلما كثر العدد كلما انعدم الحل.
اللجنة التحضيرية هي لجنة فنية، وأنا لي خبرة في هذا المجال وقد كنت رئيس لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني في 1992، وبعدها اللجنة الوطنية للحوار التي كانت مشكلة من أحزاب المعارضة الائتلاف الثلاثي بين المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي والإصلاح، واللجنة التحضيرية للحوار تحضر فنيا للمؤتمر الوطني للحوار وليس للحوار.نحن قلنا في مشروعنا الأخير أول شيء تأجيل الانتخابات.
هذا التأجيل ماذا يعني، في ظل بقاء هذه اللجان التي لن تستطيع فعل شيء؟
- قلنا إذا هناك إرادة سياسية سيتم اعتماد لجنة من 15 وليس الـ 200 ويمكن أن يستفاد من الجهود السابقة لـ 200 في أمور أخرى، أكثر من الـ 15 فهو عبث بالوقت، والعبث بالوقت في هذه المرحلة أمر خطير ونحن ربطنا التأجيل بهذا الأمر، تأجيل الانتخابات في ظل الظروف الموجودة والشروط القائمة فلن تنتج إلا ما هو قائم وأسوأ.
في أول انتخابات نيابية أثناء حكومة الائتلاف الثلاثي وتمت انتخابات 1993 وظهرت أنها جيدة، وهي ليست جيدة كما بدت، بل إن الأطراف اتفقت مع بعضها على النتائج مقدما، ووصلتنا كشوفات المتفق عليهم قبل الانتخابات بيوم.
في سياق الحديث عن لجان الحوار بين المعارضة والحاكم، لماذا لستم فيها ضمن بقية الأحزاب؟
- اتصل بنا الدكتور عبدالكريم الإرياني نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وعرض علينا أن ندخل ضمن جناح الحزب الحاكم وحلفائه ليتم الحوار مع أحزاب المشترك ومن معهم واشترط أن لا نطرح مشروع الفيدرالية الذي نتبناه.. وقد ردينا عليه ردا رسميا من الحزب بأننا لسنا ضمن أحد ولا نستطيع أن نتحالف مع المؤتمر أو مع غيره، إذا هناك قضايا يحظر طرحها فنحن منفتحون مع الجميع، لا ننظر إلى السلطة كعدو ولا أحد من زملائنا في اللقاء المشترك أيضا عدو، وبالتالي إذا لدي قضايا سأستطيع إنجازها مع الحاكم سأتحالف معه، وإذا لدينا كذلك قضايا نستطيع التحالف مع المشترك سنتحالف معهم، ممكن أتحالف مع الحراك لإنجاز قضايا مشتركة وكذلك مع الحوثي أو أي قوى أخرى فليس هناك إشكال.
الدكتور الإرياني يشترط أن لا نطرح مشروع الفيدرالية، بأي حق؟ إذا أي حوار هذا الذي لا يقبل الرأي المخالف، ناقشنا حول أطروحاتنا وبعدها نرى معا أين الصح أو الخطأ، أما من البداية "لا" هذا غير منطقي.
وماذا عن المشترك؟
- الإخوان في المشترك تواصلوا معنا أكثر من مرة لأن نكون معهم.. الـ "مع" هذه دوما لا تكون إلا مع الله لا سواه، لكن يمكن أن نكون مع بعضنا ولكن بشرط أن لا نكون في متاريس ضد السلطة، وهم يكونون متمترسين ضدنا، نظرية التمترس تأتي عندما نيأس من السلطة، فإذا يئسنا تمترسنا ضدها، أو فلنتحاور.. ويبدو أن السلطة تدقع إلى التمترس.
أيضا كان شرطنا الثاني الأساس الذي لازال قائما أن نعلن على الملئ في مؤتمر صحافي أن لا حوار مع السلطة لأي من الأطراف منفردا، "كولسة" إلى اليوم لم يتم الرد علينا من حوالي سنتين أو ثلاث، ولن يرد علينا من قبل المشترك.
هل لأنهم يريدون التمترس؟
- ممكن يتمترسون وممكن يتصالحون، لا نحكم على نوايا أحد.. الله أعلم، لكن إذا هم مستعدون أن نتفق على قضايا ولا حوار إلا بالجميع فنحن مستعدون من الغد، هذا شرطنا الوحيد حتى لا تستمر القضية عملية مساومات حول الإنتخابات.
ماذا عن اللجنة التحضيرية التي يتزعمها حميد الأحمر وباسندوة؟
- نفس الشيء طرحت على اللجنة ورد علي الأستاذ العزيز باسندوة والأستاذ حسن زين عندما كان رئيسا للمشترك ومدحوا حزب الرابطة إلى السماء، إلا الموضوع الذي اشترطناه لم يتم مناقشتنا فيه أوذكره. الأستاذ باسندوة أبدى إستعدادا أن يعلن ذلك، لكن قلنا لابد أيضا أن تعلن قيادات المشترك. واللجنة التحضيرية هي شريك المشترك ومع ذلك يحدث أن يتحاور من ورائهم. واتفاق 17 يوليو تم دون علم اللجنة التحضيرية وبعض أعضاء المشترك، وقد تكون طبيعة الظروف والتركيبة تجاوزت ذلك.
ماذا عن وجود هذه اللجنة إذا في ظل وجود المشترك، هل هي واجهة شخصية؟
- أنا أرى إنها خطوة ذكية وكل من دخل فيها له وجهة نظر مختلفة، المشترك هو المؤسس لها، وهي أداة لزيادة الضغط على السلطة أثناء حوار المشترك معها، وهذا من حقهم، والذين دخلوا من غير المشترك في اللجنة أيضا يحاولون الضغط بأفكارهم، صحيح هم كانوا يعتقدون إن المشترك لن يعمل شيء من ورائهم لكم من الصعب أم يلتزم المشترك بهذا، ومن الخطأ فرض هذا أيضا، بعضهم يعتقدون أنهم يخدمون توجههم في هذه اللجنة لكن بالعكس هم يخدمون المشترك فقط وهذا من حق المشترك أن يستخدم أي أوراق وفي هذه اللجنة شخصيات محترمة ولها قدرها و وزنها.
أين تكمن الإشكالية .. هل هي في شخص الرئيس مثلا؟
- لا، في المنظومة.. المحيطين به والأسلوب الذي نجح به طوال السنين، لكن لن ينجح به اليوم في هذه الظروف المختلفة.. إن كان أسلوبه صالحا في تلك الأيام فلن ينجح اليوم، وهو مدمر له ولمنظومته وللبلد.
أين أخطأ عبدالرحمن الجفري؟
- كثير.. كل يوم يخطئ.
حميد الأحمر يقول إن المعارضة تخطئ بأنها لازالت تثق بالسلطة؟
- الثقة في الناس ليست خطأ، بالعكس.. نحن نؤمن بأن الإنسان يرجع دوما، ولو صبرت على الشخص المعين ممكن يرجع.. هذا رأيي.. أعتقد أن حسن النوايا جيد لكن ليس من الفطنة أن نعتبره في كل وقت جيدا إذا أظهرت التجربة غير ذلك.
هل لازلت تثق أن الرئيس علي عبدالله صالح ممكن أن يعمل شيئا جيدا للبلد؟
- إن أراد فهو قادر.. قلنا في مشروعنا الأخير، نخشى أن تكون هذه الصرخة الأخيرة، وإن أراد سنكون كلنا معه، وسيكون الشعب كله معه، ولكن بصدق، وبدون شطارة، والوقت لا يسعفنا، وهو قادر إن أراد وكلما مر الوقت ستكون الصعوبة أكثر عليه وأخشى أننا قد وصلنا إلى حافة إنتهاء الوقت.
مشكلة الرئيس إنه يقضي معظم وقته في إرهاق نفسه ومعارضيه في نقاشات وحوارات حول الجزئيات ومظاهر الأزمات ولو كان قد خصص جزءا مما ضاع من وقت للبناء لكان قد حقق الكثير.
ما هو الأفق أمام الشارع العادي؟
- الشارع سيكون هو الطرف الفاعل، وهذا الشارع يمكن أن يسبق الجميع، فالشعوب في مثل ظروف شعبنا لا يمكن قياس نبضها بدقة، ممكن بأخطاء بسيطة من السلطة وأخطائها ما شاء الله كثيرة- أن ينفجر الشارع.. عندك أولا جوع، بطالة، فقر، مطالب لا تعد ولا تحصى.. والشعور بعدم الانتماء، اليأس، الإحباط فإلى جانب تعدد المصائب والممارسات السيئة للسلطة هناك تعدد الجهات المفعلة لها.. هذه كلها قد تصنع انفجارا من جهات غير محسوبة، اليأس وإستخدام القوة سيفجران الناس.
هناك شعار رفع في جامعة صنعاء، على السلطة والمعارضة أن يرحلوا، ويجب علينا جميعا أن نفهم هذا الكلام.
في حال ذهب المؤتمر الحاكم إلى الانتخابات منفردا، ماذا سيحدث؟
- قد تكون هي شرارة الانفجار، حتى لو اتفقوا سيتم تبادل الاتهامات ولن يتفقوا، في كل مرة يتفقون ويتبادلون الاتهامات بالخيانة، وهذا سيفجر الموقف ويمكن أن ينفجر الشارع عليهم جميعا، القضية ليست طوابير إنتخابات ولجان إنتخابات، فماذا ستنتج هذه غير ما أنتجته في الماضي من سيئ إلى أسواء؟
هل يمكن أن نصل إلى مرحلة انتخابات رئاسية في 2013؟
- إذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن يمكن، أن لا نصل إلى انتخابات 2013، وأقول إنه ومن الناحية الدستورية الحكومة غير دستورية والبرلمان كذلك، ولم يبق إلا المدة الرئاسية المتبقية للرئيس هي الوحيد الدستورية، فإذا لم يستطع الرئيس الحصول على شرعية الإجماع الوطني ثم الشرعية الشعبية لإجراء إعادة هيكلة الدولة إلى اللامركزية "الفدرالية" ثم إصلاح حقيقي لمنظومة الحكم ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية.. فأقول "الله يستر".
ماذا يدور في الجنوب؟
- الجنوب إذا استمر على هذا الحال فسينفصل بقوة أو بغير قوة.. الإشكالية هي ما يدور الآن من قصف في ردفان وتدمير وقتل.. أجبروا الناس على أن يحملوا السلاح، وهذا أخطر شيء على الطرفين.. سلطة تجبر شعب على أن يحمل السلاح، كانت تضربه أولا ولا يرد، كان سلميا، أما اليوم فهناك قصف على القرى وطرد للناس منها كما يحدث في ردفان.
كيف تريد أن تستمر المودة مع شعب وأنت تضربه.. وحدة ليست قائمة على مودة وقبول لا يمكن أن تستمر، لا يمكن أن تقتل أهلي وتقول لي وحدة.. هذا ليس صحيحا، الوحدة ليست صنم.. طرف جعل من الوحدة صنم معبود لا يمس، وطرف جعل منها صنما من تمر إذا جاع أكله.. الوحدة هدف سام أتت لتحقق مصالح الناس، وكرامتهم وحقوقهم، إذا أردت أن تعمدها اليوم بنهر من الدم، فلن تستمر الوحدة.
بلادنا تحترق، والعالم لديه مصالح في بلادنا، وإذا لم نحافظ على هذه المصالح فسيحافظ عليها بطريقته، إذا لم تدرك هذا فسيتجاوزك العالم وسيعرف كيف يحافظ على مصالحه غصبا عنك، والمحافظة على مصالحنا ومصالح العالم تأتي بالاستقرار والاستقرار لن يأتي إلا بالإصلاحات الجذرية.
شيء من التاريخ
لو عدنا بالتاريخ إلى فترة قيام الوحدة وعودتكم من منفاكم الطويل، كيف كانت تفاصيل تلك العودة؟
- يوم 30 تشرين الثاني- نوفمبر 1989 أصدرنا بيانا وأرسلناه من جدة نؤيد الوحدة ونأمل أن نقيم حالة وحدة وطنية على مستوى الجنوب، لأن في الشمال كان المؤتمر الشعبي يضم كافة الأطراف، وكنا نأمل ذلك أن يتم في الجنوب، وطالبنا بذلك وقلنا مصالحة وطنية ووحدة وطنية على أساس ديمقراطي ولم يتم الرد علينا.
عدنا قبل إعلان الوحدة بسبعين يوما ونزلنا إلى عدن، وبعد أسبوع أو عشر أيام ونحن نحاول لقاء الأخوة في نظام عدن لطرح رؤانا في أهمية المصالحة الوطنية على مستوى الجنوب لنتجه معا إلى الوحدة فرفضوا حتى مجرد اللقاء.. والتصالح معنا مثلما فعل الرئيس صالح في الشمال، لكنهم رفضوا نهائيا.
لكن تغير الأمر في 1994 ودخلتم في شراكة معهم بعد إنفجار الحرب؟
- نعم، كانت شراكة دفاعية.. كنا في التكتل الوطني للمعارضة الذي يضم رابطة أبناء اليمن والتنظيم الناصري وحزب التجمع الوحدوي اليمني، واتحاد القوى الشعبية وحزب الحق كان غائبا في صنعاء وعدد من الشخصيات الوطنية طرحنا إنه من لم يوافق على ما نطرحه من وقف إطلاق النار فسنقف ضده، وطرحنا مبادرة ضرورة إيقاف إطلاق النار وتشكيل لجنة للتحقيق في من بدأ إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية وغيرها، فرفض الرئيس صالح.
فاضطرينا للوقوف في صف الطرف الآخر، كنا رابطة أبناء اليمن، والتنظيم الناصري، واتحاد القوى الشعبية، أما التجمع الوحدوي اليمني بقيادة عمر الجاوي فقد رفض الدخول في السلطة، وظل واقفا ضد الحرب حتى إن حزبه كان سينشق وجاؤوني وأنا نائبا للرئيس وقلت لهم لا يصلح أن تنشقوا، نحن لا نبحث عن تقسيم أحزاب اتفقوا في ما بينكم، وفعلا اتفقوا ولم ينشق الحزب.
حينها أعلنت موقفنا في مقابلة في آخر عدد من ايار- مايو 1994 في مجلة "الوسط" اللندنية إننا لسنا ضد الوحدة ولكننا ضد منظومة الحكم القائم.
بعد الانقطاع الطويل عن الوطن من عام 1994 إلى 2006، ثم صفقة الوقوف إلى جانب الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية.. على أي أساس كانت العودة ودعم صالح؟
- لم نعد بأي صفقة، كان قرارنا كرابطة إن العمل من الداخل أفضل، وأننا خرجنا لأسباب سياسية وأنه يجب أن نعود لأسباب سياسية، فجاءت الانتخابات الرئاسية، كان لنا موقفا من الانتخابات الرئاسية قبلها وتركنا للفروع حرية اختيار موقفها، لكن كالعادة وجدنا إن الحزب الحاكم يحاول أن يقسم الرابطة فكشفنا الموضوع، وأرسلت رسالة شفوية للرئيس عبر السفير محمد قباطي وقلت له، قل للرئيس "عيب اللعب، وإلا سنتخذ موقفا قد لا نكون نرغب فيه" فاتصل بي الرئيس ودعاني للعودة وقلت له سأتشاور مع قيادات الحزب، فاجتمعنا في الخارج مع قيادات الحزب، وتواصلنا مع قيادات الحزب في الداخل، فاتصل بي ثاني يوم، وقلت له خلاص سنبحث عن وسيلة مواصلات ونعود قال أجروا طائرة على حسابي، قلنا له لا سنأتي بأي طائرة قادمة، بعد نصف ساعة اتصل وقال إن طائرته ليس محتاجا لها الآن وأرسلها لنا، ولم نطلب شيئا على الإطلاق.
دعانا إلى دار معاشيق بعدن، وتحدثنا في كلام عام وترحيب بحضور الأخ نائب الرئيس والأخ اللواء علي محسن والأخ الراعي وآخرين، ثم تكلمنا منفردين ونحن نقف في غرفة جانبية هو والأمين العام للحزب الأستاذ محسن محمد أبوبكر بن فريد وأنا، وقلت له لنا طلب واحد، "إصلح وأصلح" إصلح أوضاع البلد، وستكون أهم رئيس في المنطقة العربية لأن بلادنا هامة جدا للعالم، أما إذا بقيت الأحوال على ما هي عليه فسيسوء كل شيء.
ماذا عن المهرجان الانتخابي الذي زكيت فيه صالح؟
- كان في ذات اليوم وخرجنا من دار معاشيق، قال الرئيس ستحضرون المهرجان الانتخابي؟ قلت له إن أردت لا بأس؟ وحضرنا المهرجان، الرئيس سألني ممكن تتكلم أنت، قلت له نعم، وشطب أحد أسماء الرابطيين كان سيتحدث في المهرجان، ووضعوا اسمي في البرنامج ساعتها، فقمت وقلت كلمتين بعد تحية عدن، وقلت في المرحلة هذه أنسب المرشحين علي عبدالله صالح ولو هناك أفضل منه كنا سنقف معه.
وطرح هو في المهرجان ما كنا طرحناه في مشروعنا للإصلاحات الشاملة وهو إصلاح الاختلالات منذ الوحدة إلى اليوم، ونحن اعتبرنا هذا تحية ودخلنا بعد ذلك في حوار مع الحزب الحاكم الذي مثله الدكتور الإرياني والإستاذ عبدالعزيز عبدالغني، لمدة تسعة أشهر ولم نصل إلى شيء.
انتقلنا بعد ذلك إلى حوار مباشر مع الرئيس دعانا إلى منزله في رمضان.. اتفقنا على كل النقاط، واتفقنا ان يوقع الأمين العام لحزبنا وأمين عام الحاكم على كل القضايا التي إتفقنا عليها، حتى طرح التجربة السودانية كمثل حول موضوع الحكم المحلي كامل الصلاحيات، ونحن كنا نعني الفيدرالية وإن لم نتفق باللفظ حينها، وجهزنا الاتفاقية وكل شيء، ففوجئنا إنه يدعي الأحزاب كلها ويصدر مبادرة بعد أن حذفوا بعض مما كنا اتفقنا عليه، فقلنا شيء أحسن من لا شيء، وأصدرنا بيانا نؤيد الخطوة، لكن حتى هذه تم التراجع عنها.
في السياق الشخصي.. من تتهمون في حادثة الاعتداء بإطلاق النار على منزلكم قبل أيام؟
- لا أستطيع أن أحكم أو أتهم أحدا، نحن لنا قاعدة أولا نحن أكبر من أن ندعي ان أحدا اعتدى علينا لنكبر أنفسنا، نحن أكبر من هذا، لن يكبرني إن أحدا اعتدى علي.. ثانيا نحن لا نتهم أحدا بالباطل دون دليل قطعي، ولا نحكم على النوايا حتى لو عندي مؤشرات، أستطيع القول إن أحد الأشخاص يقرب احد المسؤولين في السلطة و مسؤول كبير في المعارضة، لكن لا أتهم لا السلطة ولا المعارضة، وأستبعد ذلك ما لم تظهر أدلة جديدة.
الداخلية قالت إن حارسكم هو من أطلق النار على المنزل؟
- نعم إدعت هذا بينما هو أستدعي للتعرف على السيارة التي كان فيها المعتدون، ولازال معتقلا إلى الآن، لكن شاء الله إن المحتجزين من الطرف الآخر وبقدرة الله أرسلوا تحكيما لابني عبدالعزيز وإقرار بأنهم من أطلقوا النار، الداخلية تقول هم مساكين وأبرياء، قلنا لهم هم في السجن عندكم وليس عندنا وأرسلوا الرسالة من داخل السجن ولم نجبرهم ولا نستطيع إجبارهم، وإذا كانوا أبرياء فلماذا يظلوا محتجزين إلى الآن؟!!
قالوا إن وزير الداخلية لا زال غاضبا، وسألنا لماذا؟ قالوا لأنكم قلتم إن السلطة مسؤولة، نعم السلطة مسؤولة عن أمن الناس، وقلنا لا نتهم أحد، وبلغني أن الوزير يريد ان أعتذر عن تحميل السلطة المسؤولية وإلا لن يطلق سراح الحارس، وأنا أقول لن أعتذر، وأنا أكرر أنني لن اتهم أحد بل اتهم السلطة في إبقاء الحارس في السجن ظلما.
الآن تم إطلاق الحارس بعد أن أجبر على كتابة تعهد أن لا يتكرر إطلاق النار وإلا لن يخرج فإضطر للتوقيع وأطلقوا الآخرين بعد أن وقعوا على نفس الإقرار وتنازل لا أعلم عن ماذا.
وحضروا جميعا من القسم إلى منزلنا مباشرة محكمين بناء على التحكيم الذي وقعوه في تاريخ 6 كانون الثاني- يناير وهم في الحجز، وحكم عبدالعزيز بأنهم طالما جاؤوا من الحجز إلى منزلنا قبل حتى وصولهم إلى بيوتهم وبمعية والد أحدهم وبناء على ماظهر منهم من إعتذار وحسن قصد فإنه حكم بالعفو عنهم.
في إطار القضايا الشخصية.. لازالت أراضيك منهوبة في صنعاء وعدن ولحج، وأنت تتحاور مع الرئيس حول قضايا سياسية؟
- أنا أكبر من أن أتحاور لأجل مصالح صغيرة وشخصية، أرضي في صنعاء بيعت بأوراق مزورة وأحال الرئيس الأمر للقائد العسكري اللواء علي محسن، وحكم الأخ علي محسن وقبلت الحكم ولم ينفذ شيئا وقد بيعت لمشتر ثاني وثالث.. أما في عدن فأرضي مشتراة في 1992 بحكم محكمة، حكمت إن هذه أرض فلان وعلى ضوء الحكم اشتريناها منه، ودفعنا رسوم التسجيل حينها، والرئيس يعلم والمحافظ وغيره، والآن وأنا مريض في المستشفى يضعون فيها حجر الأساس لإدارة مصافي عدن..
وذلك برغم أمر الرئيس بإعادة أرضي أو ان تشترى مني بسعر الزمان والمكان، ويبدو انه تراجع بالرغم أن وثائقي رسمية و بحكم محكمة منذ 1992. للأسف أقاربي أيضا في لحج، تم سرقة ممتلكاتهم من قبل جهات حكومية وبنوا عليها حاليا، وهي أراضي موثقة وفيها أحكام محكمة موثقة، ويتم حبس الوكيل كلما أتى بأمر المحكمة الذي يمنع الحكومة من العمل على الأرض، وفي بستان مملوك لأقاربي في لحج سبق وأن تم تأجيره وقام معتدون بالهجوم على المستأجر و حدث إطلاق نار عليه وقتل أحدهم من نيران زملائه بحسب تقرير البحث الجنائي والطبيب الشرعي، مع ذلك تم القبض على المستأجر وسائق الأجرة الذي أوصله والذي كان غير موجود أثناء إطلاق النار وحكم عليهما بعشر سنوات سجن. وثبت المعتدون على الأرض إحتلالا وبقوة السلاح ولم تقم السلطة بأي إجراء مقابل ذلك.
ألا يستطيع الرئيس أن يحل كل هذا؟
- يستطيع.. لكن ربما مشغول بما هو أهم من حقوق الناس!! أو ربما يدخل ذلك في لعبة الضغوط السياسية التي لن تجدي.. وكل ذلك لن يؤثر على مواقفنا، فمن يحسن في الشأن العام سنقول له أحسنت حتى لو أساء لنا في حقوقنا ومن يسيء في الشأن العام سنقول أسأت حتى ولو لم يسئ في حقوقنا الشخصية، ولكن لن تكون ممتلكاتنا أداة ضغط سياسية فأملاك تذلنا هي أرخص عندنا من جناح باعوظة.
أخيرا بماذا تختم؟
- أكرر أن الوقت لم يعد فيه ما يمكن إهداره وأن بلادنا متجهة إلى المجهول ما لم نتجه فورا إلى الحوار الشامل الذي لا يستثني أحدا وبلا سقوف وفي مقر مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي وبحضور ممثلين لمجموعة دول أصدقاء اليمن.