عن النفق المظلم والمصير المجهول الذي ينتظر الرئيس هادي واليمن!(1)
في هذه العجالة نبحث عن الحقيقة ونحاول الاجابة عن سؤال ملح وهو: إلى اين يذهب الرئيس هادي باليمن وأهله ؟).
أما عن المطامع الدولية والنوايا الاقليمية في اليمن فهي معروفة ومكشوفة للشعب اليمني وقواه الحية كافة, ومنذ فترة زمنية طويلة, والمهم في هذا الأمر أن هذه المطامع وتلك النوايا لن يكتب لها النجاح أو الوصول لمآربها الخبيثة بدون تعاون ومساندة من أطراف داخلية عميلة وقوى محلية متواطئة تعينها على تنفيذ مخططها الاجرامي في الاستيلاء على ثروات اليمن والسيطرة على موقعه الاستراتيجي الهام .
الجديد في هذا الأمر هو ذلك المنحى والمسار الذي بات واضحا أكثر الأن, وتلك الحقائق التي بدأت تتكشف الأن في توغل أذرع هذه المؤامرة للسيطرة على اليمن وقرب نجاح تلك القوى الدولية والاقليمية في بسط نفوذها على الارض اليمنية ونهب ثرواتها الجوفية ! .
وفي شيء من التأمل في الحالة الراهنة لتأزم الأوضاع في اليمن, والتدقيق في المسببات التي أدت إلى توتير الأجواء واشعال النيران والحرائق في أكثر من مكان في الوطن, نصل إلى نتيجة واضحة وحاسمة, وهي عدم جدية المجتمع الدولي في احتواء الأوضاع في اليمن والخروج به إلى بر الأمان كما يعلن عنه مرارا وتكرارا .
نعم لا بوجد أي حرص على اليمن من قبل المجتمع الدولي والاتحاد الاوربي ودول الاقليم الراعية للتسوية السياسية في اليمن ولمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يوشك الأن على الفشل .
الأكثر من ذلك أنني أعتقد أن القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية ودول الاقليم ممثلة بالسعودية ودولة الامارات العربية المتحدة ليسوا مع وحدة اليمن واستقراره, ونجاح عملية التسوية السياسية القائمة حاليا وكذا انجاح الحوار وتمخضه عن مخرجات ايجابية تعمل على معالجة المشاكل والصعوبات المستعصية والتحديات القائمة وتساعد على النهوض باليمن وازدهاره, وتثبيت عوامل أمنه واستقراره, بل أنني أعتقد جازما ان هذه الاطراف منفردة أو مجتمعة تسعى لخلق بؤر توتر عنيفة وجديدة, وتوسع من دائرة الصراع القائم بين القوى اليمنية المختلفة في اليمن .
ومن المعطيات التي تؤكد صحة هذا الاعتقاد, ولنصل للحقائق المطلوبة, علينا أن نضع عدد من الاسئلة الملامسة لجوهر القضية التي تعتمل الأن في الساحة الوطنية, ونبحث في المقدمات والنتائج للأحداث المتصاعدة والتي برزت مؤخرا لسطح المجتمع في شكل وقائع مكشوفة وقرائن دامغة, وأثرت على مجمل الأوضاع المتفاعلة في اليمن, بحيث تكون الاجابات على تلك الاسئلة الذكية مؤشرات حقيقية على صحة الاعتقاد الجازم والحازم الذي توصلنا اليه من تحليل المعطيات كافة, التي تصل منفردة أو مجتمعة إلى حقيقة واحدة وهي أن اليمن ذاهب إلى مزيد من التوتر والصراع وتصعيد الأوضاع بل وانفجارها, الذي يؤدي بنا جميعا شمالا وجنوبا وشرقا وغربا إلى النفق المظلم والمصير المجهول .
1- والسؤال الأول هو : لماذا لم تعمل الدول والجهات الراعية للتسوية السياسية في اليمن على وضع الضوابط الكافية في مواد المبادرة الخليجية واليتها المزمنة في السابق, أو اتخاذ الاجراءات الرادعة في الوقت الحالي لاحتواء جموح رموز النظام السابق وقوى النفوذ المعادية للعهد الجديد والتي تعرقل التسوية السياسية القائمة والولوج للمجتمع المدني اليمني الجديد والحديث, من خلال عملها الدؤوب على تأزيم وتوتير وتسميم الأجواء في اليمن ؟ فهم في السابق لم يضعوا في بنود المبادرة الخليجية وأليتها المزمنة اية بنود أو ضوابط تساعد على منع مثل هذه الظواهر السلبية التي تعتمل الأن, ثم لاحقا لم يعملوا على اتخاذ الاجراءات المناسبة لردع هذه القوى المعرقلة للتسوية السياسية في اليمن, وهي تلك الايادي الآثمة الحاقدة على الوطن والمواطنين والتي تعمل على زعزعة أمنه واستقراره !. 2- لماذا ابقت الدول الراعية للتسوية على الرموز الاساسية للنظام السابق في اليمن, ولم تحرص على خروجهم منه ولفترة زمنية محددة حتى يتم تثبيت اوضاع العهد الجديد, كما حدث في تسويات سياسية أخرى مشابهة في مناطق مختلفة من العالم أشرفت عليها أجهزة وأليات منظمة الأمم المتحدة المختصة والمجتمع الدولي عامة ؟ .
3- لماذا لم يتم الالتزام بدفع المبالغ المالية المرصودة والتي تعهدت بها الدول المانحة والداعمة لاتفاق التسوية السياسية في اليمن وحتى الأن؟ وعدم تنفيذ كافة الالتزامات بهذا الجانب ؟.
4- لماذا وفي هذا التوقيت الحرج تعمل الشقيقة الكبرى السعودية صاحبة الخطوة الاولى في المبادرة الخليجية للتسوية السياسية في اليمن واللاعب الرئيسِ في المنطقة على طرد المغتربين اليمنيين المقيمين في اراضي المملكة لتضاعف من المصاعب السياسية والاقتصادية التي تواجه حكومة الوفاق اليمنية, وتفاقم من حالة الاحتقان في اليمن, كما تعمل على الدعم اللوجستي للرئيس السابق واعمال التخريب في مارب وصعده وغيرها من المحافظات والمناطق اليمنية, وتعرقل عمليات التنقيب عن الثروات النفطية في الجوف, وتفعل كل ما يمكنها لإفشال مهام المرحلة الانتقالية واحباط جهود حكومة التوافق والرئيس هادي للنهوض بالأوضاع في اليمن ؟ .
5- هل ستثبت الايام القليلة القادمة ثم يوثق التاريخ ذلك, بأن الدكتور ياسين سعيد نعمان كان هو المحق في قضية الاقليمين, وهو الحريص على اليمن وأمنه واستقراره في طرحه وإصراره على هذا المشروع الذي رفض بقوة من القوى التقليدية في الشمال والجنوب ليعود الصراع مجددا الى سطح الاحداث ؟ كما ان الامور ستكون كارثيه على هذا النحو باعتباره اعادة لإنتاج نظام فاسد وتكرار لحلف العام 1994م ؟, وهل تتهيأ القوى الدولية والاقليمية لجولة قادمة في حسم الملف الجنوبي, وعلى طريقة سياسة هنري كيسنجر (الخطوة خطوة) كما فعلوا في جنوب السودان؟ .
6- هل تسعى معظم القوى اليمنية في الداخل والخارج وفي الشمال والجنوب لهدف محدد ومتفق عليه ضمنا ومسبقا هو إفشال المرحلة الانتقالية وعهد الرئيس هادي؟, وبالشعبي الصريح فأن جميعهم يلعبوا واللعب كله يأتي ضد هادي وفي مرماه وعلى رأسه بل لو دققنا في هذا الامر قليلا سنجد أن هادي يحفر قبره بيده (ومما يجعل مصيره مثل مصير الرئيس السابق الحمدي) لو أستمر على نهجه الحالي من الضعف والخضوع للابتزاز وبالغ في تهاونه وعناده !, ولم يعمل على سرعة تسوية الملعب السياسي, أو سرعة مغادرته للمشهد برمته, ليضمن السلامة وفي الوقت المناسب, وقبل نفاذ الفرص المتاحة ؟ .
7- هل المجتمع الدولي والاقليمي والاتحاد الاوربي مع التسوية السياسية في اليمن وحريصين على انجاحها ويدعمون الرئيس هادي فعلا ؟ ومن هم حلفاء وشركاء الرئيس هادي في هذه المرحلة الهامة لإخراج اليمن من عنق الزجاجة ؟ ومن هم حلفاء الرئيس هادي من القوى الجنوبية ؟ وهل مازال تحالفه قائما مع قوى التغيير الحقيقية والقوى التقليدية في الشمال؟.
8- وماذا عن تحالف الرئيس هادي مع حزب الاصلاح واللواء علي محسن الاحمر؟ سنده الرئيسِ في البقاء في السلطة هل ما زال قائما ومتماسكا أم أن رياح التغيير قد مسته هو الأخر ؟ .
9- وماذا عن الهبة الشعبية الشمالية المقررة في يوم 14 يناير القادم التي تدعو لها معظم القوى السياسية اليمنية وخاصة حزب الرئيس هادي والتي ستشمل المحافظات الشمالية كافة! والتي أعلن عنها بأنها ضد حكومة الوفاق بينما هي موجهة في الأصل ضد الرئيس هادي ولاقتلاعه مباشرة, وخاصة لو أشترك فيها أنصار الله (الحوثي) والحراك الجنوبي وبعض فصائل اللقاء المشترك وتغاضى عنها الخارج والدول الراعية للتسوية خاصة ولم يمنع قيامها, فستكون هي الضربة القاضية لعهد الرئيس هادي وعلى طريقة ثورة 30 يونيو المصرية !؟ .
10- وماذا عن أنصار الله القادمون بقوة وعلى مستوى الساحة اليمنية كافة ؟.
11- وماذا عن مؤتمر قوى الجنوب المعارضة في الداخل والخارج والذي سيعقد خلال الشهر الحالي في القاهرة لاختيار قيادة موحدة لشعب الجنوب وحراكه السلمي والتي ستأتي في المقام الأول لتحل محل الرئيس هادي في التمثيل الوطني أو تقوض من سلطاته وشرعيته في الحكم ؟ ومن هي الجهة التي تدعم وتشرف على انعقاد هذا المؤتمر الجنوبي والداعية له ؟(الذي يعتبر ورقة ضاغطة, ويواكب انعقاده في هذا التوقيت الحرج, التطورات الحاصلة الأن في الداخل اليمني!) ؟.
12- وماذا عن الشائعات التي تقول بتهيئة الرئيس علي ناصر محمد لتولي السلطة بعد انقلاب 14يناير 2014م المزمع تنفيذه لاحقا, حيث أن الرئيس ناصر يحظى بالدعم الدولي والاقليمي, والأهم انه يمد جسور التواصل كافة ويمتلك علاقات طيبة مع جميع الاطراف والقوى السياسية في اليمن شمالا وجنوبا, سلطة ومعارضة, وبالمعارضة في الداخل والخارج, وعلاقته جيدة بالزمرة والطغمة والقوى التقليدية في الشمال والجنوب, وبقوى التغيير ورموز النظام السابق, بعلي محسن وعلي صالح, وبأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم, واحزاب المؤتمر وحلفائه الخ, كما انه من محافظة الرئيس الحالي (ابين) وقد تم استدعائه مؤخرا لأحدى دول الخليج العربي حيث التقى بممثلين للدول العشر الراعية لاتفاق التسوية السياسية في اليمن !؟ نعم الاجابة عن هذه الاسئلة وغيرها يعطي انطباع حقيقي ومؤشرات قوية عن سعي القوى الدولية والاقليمية منفردة ومجتمعة إلى دفع الأوضاع في اليمن إلى الانسداد وجر اليمن إلى الهاوية, وذلك لكي يسهل لها التدخل في اليمن من خلال فتح ملفات ساخنة جديدة تؤدي إلى تشرذمه وتشظيه على ذات الاسلوب والمنوال في تدخلهم في مناطق عربية واسلامية عديدة ومنها العراق وجنوب السودان .
والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق .
hvr_2009@yahoo.com