بعد كشف مخطط تقسيم اليمن لـ6 أقاليم.. كيف ستطبق؟ وأين تتجه الأوضاع؟ (قراءة وتحليل)
التفصيل الذي أوردته إحدى الصحف العربية حول مخطط تقسيم اليمن إلى أقاليم هو المرجح مع اقتراب نهاية الحوار.. ويبدو إنه يأتي وفق دراسة دقيقة كما ذكر المصدر الرئاسي، وكما صرح الرئيس عبدربه منصور هادي في لقائه بقبائل الشرق. وبهذه المناسبة، نضع المسارات المحتملة لمخرجات الحوار والأقاليم إذا ما سارت في هذا الطريق:
ملاحظات عامة:
أولاً. إن هذا التقسيم معدل من الخطة التي تم إعدادها برئاسة وزير الصناعة والمسماة الأقاليم الاقتصادية والتي وضعها مكتب "بناء القدرات الطارئة".
ثانياً. إن هذا التقسيم الذي ربط صنعاء وعمران وصعدة وفصل بقية المحافظات ، كشف عن أمر مهم وهو أن هناك مخططاً لتسليم صنعاء للحوثي قريباً. وطرد أبناء المحافظات الأخرى منها.
ثالثاً. إن ربط ذمار، البيضاء، مأرب، الجوف، في إقليم واحد، هو عمل أيضاً شديد الخطورة، لأن هذا الإقليم لن يلتئم وليس له مركز قوي وبالتالي هذه المحافظات ستكون دائرة فوضى وأشباح للنهب ورعاية الأزمات بباقي اليمن.
الأقاليم والوضع الذي يراد الانتقال إليه:
الإقليم الأول: صنعاء، صعدة، عمران
1- يستمر الحوثي بالزحف إلى العاصمة صنعاء وسوف يُدعم بكافة الوسائل من بعض من في السلطة والقوى الدولية وستمارس ضغوط هائلة على الجيش لمنعه من التدخل مع القبائل وسيجري إرباك للقوى السياسية وتهديدها تهديدات مباشرة، وتجري محاولة شراء ذمم لتسليم بعض المعسكرات للحوثيين.
وبالمثل يستمر العنف ضد الجيش والأمن في حضرموت وفي الضالع وفي لحج لإجباره على تسليم المعسكرات والانسحاب. ولا يستبعد فتح جبهات جديدة في شبوة ومأرب واستمرار جبهة البيضاء.
2- يؤدي الاحتقان السياسي الشديد لمغادرة الرئيس للعاصمة وسقوط الحكومة.. وفي تلك الأثناء، كما يُخطط، تكون القبائل قد أصيبت بالذهول فتسقط المناطق بيد الحوثي ويقترب من صنعاء.
3- في صنعاء سوف يتم فتح مخازن الأسلحة والعبوات الناسفة والمفخخات التي يجري خزنها منذ عامين وتفرغ من "الجيهانات"، وستجري محاولات شراء ذمم من قبل الحوثي للسيطرة على أحياء في العاصمة. وتؤدي المواجهات والتفجيرات إلى شلل في الحركة وهجرة إلى الريف.
هنا تكتمل معالم الإقليم الأول، ويبدأ الحوثي معارك تصفية ومحاولة لإخضاع ما تبقى من القبائل في حجة والجوف ليضمها إلى إقليمه. خصوصاً أن جزءاً من صمود القبائل هو أن وراءها جمهورية.. وستكون بموقف أضعف في حال سقوطها.
الإقليم الثاني: الجوف، مأرب، البيضاء، ذمار
تسقط الجوف بيد الحوثي تحت تأثير الرعب والنصر الذي حققه في السيطرة على العاصمة، وتسقط البيضاء بيد القاعدة وقبائل وستحاول التمدد إلى مأرب وتخوض مواجهات عنيفة مع القبائل المحسوبة على الإصلاح والرافضة لوجودهم.
تسقط ذمار في أيدي عصابات مدربة ستمنع الطريق إلى صنعاء، وتكون أيضاً منطقة مواجهات بين القبائل والموالين للحوثي. بالإضافة إلى مواجهات ستدور على حدود البيضاء.
الإقليم الثالث: حجة، الحديدة، المحويت، ريمة،
تسقط حجة والمحويت بيد الحوثي وقد تنضم قبائلها سلمياً وتكون الحديدة ساحة معركة بين الإصلاح والقبائل المسيطر على ريمة وما جاورها، وبين الحوثيين المسيطرين على الجهة الأخرى.
الإقليم الرابع: إب وتعز
المخزن البشري والعمق السكاني القوي وغير المسلح الذي من الممكن أن يكون سنداً قوياً لإعادة الدولة، لذلك سوف يتم محاصرتة بالجوع، فإما يقبل بحكم الحوثي، وإلا ستكون صنعاء أبعد على المواطن من روما، وعدن أبعد من غوانتاناموا، وستجري عمليات نزوح إلى البحر باتجاه الصومال والسودان. كما ستضطر الحاجة بعضهم لأن يكونوا جنوداً لدى أمراء الحرب في بقية الأقاليم.
الإقليم الخامس: عدن، أبين، لحج، الضالع
تُسلم قاعدة العند وباب المندب إلى قوات دولية، وتقتسم عدن بين الدول الأجنبية وحلفاء محليين يكونون في الصورة، وبدورهم سيخوضون مواجهات مع خصومهم في بقية المحافظات. كما ستدعم عصابات من بعض القبائل في المحافظات لتظل في مواجهة مستمرة مع الأقاليم المحاددة حتى لا يكثر عدد السكان أو يتسلل مواطنون من أقاليم أخرى.
الإقليم السادس: سقطرى، شبوة، حضرموت، المهرة
تسقط سقطرى بيد محتل أجنبي، وتأتي قوات دولية للسيطرة على المواقع النفطية والثروات في حضرموت وشبوة والمهرة ، وسترمي من فتاتها للقبائل والزعماء المحليين، وسيكون التقسيم هناك نوعاً مطوراً وأشد تشرذماً، من التقسيم الذي كان في عهد الاستعمار. فتكون شبوة، مثلاً، ثلاث دويلات مستقلة ذاتياً، من بعضها. وليس من المحتل.
وبالمجمل وعلى مستوى الأقاليم:
تتطاحن القوى والقواعد وبقايا الأحزاب والأقاليم، حتى لا يستطيع الحضرمي الهروب إلى صنعاء ولا صنعاني التوجه إلى حضرموت. قد يتم قتل أعداد كبيرة من أبناء وكوادر المناطق الصحراوية، فلا تبقى إلا مكونات ضعيفة لا تشكل خطراً على القوى الدولية المحتلة التي تزحف نحو السعودية.
يتم الآن استدعاء القبائل من مناطق الصحراء والأطراف لمحاولة إغرائها وشرائها لتساعد على إفناء ما تبقى من الدولة.
عصابات جاهزة ومدربة يُراد أن تشعل فتناً داخل كل مكون ومدينة ومحافظة... في محاولة هدفها النهائي اختفاء طويل لبلد اسمه اليمن.
سوف يستخدم حزام (صعدة، حجة، الجوف، مأرب، شبوة، حضرموت) لتواجد دولي عسكري وجماعات عنف مسلحة لضرب السعودية وإلحاقها باليمن.
وقد تكون هذه المناطق جزءاً من مناطق تشهد حرباً عالمية ثالثة.
**
البعض سيقول إننا مبالغون.. فتعالوا نسأل: أي إقليم سيكون في محافظات: ذمار، البيضاء، مأرب، الجوف.. أين المركز؟ أين القوة المركزية للإقليم؟ أين المؤسسات؟
الهدف فقط تفكيك النسيج الاجتماعي وفصل الأغلبية السكانية الجبلية عن هذه المناطق، حتى تكون صيداً سهلاً للأشباح الدوليين وجماعات العنف. ولو كانت بدون وجود تدخل دولي وفي ظل وجود دولة قوية للحفاظ على البلاد كان بالإمكان المناقشة.
على أنه من المتوقع أن يتم عمل تفجيرات وأعمال إرهابية في مأرب وحضرموت وغيرها، ويكون المتهم هو إقليم آخر، وشمال سابق.! حتى يتم تعميق الخلافات.. فحتى وأنت تبكي، وتقول: أين الجنة الفيدرالية الموعودة؟.. تأتي الإجابة؟ الذي منع من نجاحها هو فلول الجمهورية؟ الإجابة الثانية: الفيدرالية تحتاج صبراً طويلاً. تقول: ها نحن نهلك؟ وماذا سيبقى للمستقبل البعيد؟. يقولون: الثورة الفلانية استمر عشرات السنوات!
في هذا الجو الاتحادي المفعم بالأقاليم والغدر والخيانة والتدخلات الدولية والصراعات، سيجد أحد المواطنين في الشرق أو في الغرب، طير الجمهورية اليمنية مرمياً بين الركام، كان يوماً مطبوعاً أعلى جبهة جندي أو ضابط، أيام الجمهورية اليمنية، اغتالته أيدي الجهل والعمالة.. وهناك تتساقط الدموع من عينيه، لأنه لم يدافع يوماً عن الوطن.. سيتذكر كم فقد في صراعات الفتنة والتحرر من أخيه وبعض جسده، ومن دولة كانت بين أيدينا تعاني صعوبات وعراقيل نحتاج لمواجهتها وليس إزالة الدولة.. سيتذكرها كأنها سبأ وحمير التي غربت مئات السنين،. وكأي الدول التي عودتها تظل في الحلم.
**
هذا المخطط، هو الذي تتضح مؤشرات السعي لتطبيقه على الواقع.. لكنه ليس القدر المقدر.. لا يزال بأيدي اليمنيين أن يحافظوا على بلدهم وأن يواجهوا هذا الخطر الوجودي إن شاءالله .. فهو الحل الكارثة والدواء الداء والوصفة القاتلة المسمومة والتي يجب التحرك لمنعها.
* ملاحظة:
هذه القراءة من واقع دراستنا وبحثنا لأشهر في موضوع الفيدرالية في اليمن والتجارب الدولة والعربية.