الرئيس يقود شعبه نحو الاقتتال والحرب الأهلية
يوم الحادي وعشرين من فبراير الحالي أي يوم الجمعة القادم تنتهي الفترة الرئاسية التي منحها الشعب للرئيس عبد ربه منصور هادي قبل سنتين يوم كان الشعب يحلم أن يمثل الاستفتاء على اختيار الرجل بوابة عبور نحو التغيير للأفضل.
لاشيء يوحي أن الرئيس كان يجهز لمثل هذا اليوم بل الواضح أنه صار متلذذاً بالبقاء على رأس الدولة حتى لو لم يتم تفويضه للبقاء حاكماً من قبل الشعب مالك السلطة ومصدرها الوحيد بحسب العبارة التي كان الشعب يظن أنها حقيقية يوم اختاره قبل سنتين ، فهو صار الحاكم بأمر الله وبأمر مجلس الأمن وبأمر ولي الله الصالح جمال بن عمر وأمين الموفنبيك وأعضاءه.
تفنن النظام منذ استلم الحكم في الظهور بمظهر المظلوم الذي أجبره الجميع على تحمل مسئولية عرضت على السموات والأرض والجبال فرفضن أن يحملنها وحملها هو ، لكنه لا يقول أنه كان ظلوماً جهولا، بل يعطي لكل من يطلب منه كشف حساب عن الحد الأدنى من واجباته إجابة واحدة هي (أنه هو من رفع المتارس وهو من وصل الكهرباء وهو من وصل الديزل وهو من حرر أبين من القاعدة) وفيما يتعلق بالاحتياجين الضروريين للمواطن اليمني وهما (الأمن والاقتصاد) تكون إجابة الرئيس هي القول أن ذينك الشيئيين ليس له أي ذنب في فقدانهما والسبب (شماعة الرئيس السابق علي عبد الله صالح) والذي لو خرج من اليمن لكان الرئيس عبد ربه قد نقل اليمن إلى مصافي الدول العشر الكبرى أو العشرين الكبرى تواضعاً وبعداً عن المبالغة.
حرص كل ماسحي البلاط الملكي على التمديد للرجل لأن بقاءه بقاء لهم وزواله زوال لهم ، ووصلت أخر تجليات ونفحات الولي الصالح جمال بن عمر إلى إفهام الجميع أن نص المادة 7 الفقرة ب من الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي تتحدث عن فترة مدتها سنتين لا يقصد بها أن مدة الرئيس تنتهي بعد سنتين كلا بل حين يتم نقل السلطة تماما منه إلى الرئيس الجديد ما يعني أن التزمين الدقيق الذي تغزل به ولي الله الصالح جمال بن عمر يوم إعداده لآلية المبادرة لم يكن يعني سوى أن مدة رئيس الجمهورية هي مدة حياة الرجل ، أو قل مدة دعوة النبي نوح عليه السلام أي ألف سنة إلا خمسين عاماً.
ليس لدى الرجل أي حسنة يمكن أن يداري بها سوءة اضطرارنا لتمكينه من الوصول لمنصب الرئاسة سوى الحديث عن الوهم المسمى (الأقاليم) والتي صار هو أستاذ علمها الجديد المسمى (علم الأقاليم) حيث سيتم افتتاح( قسم علم الأقاليم) بكلية الآداب جامعة صنعاء مثله مثل علم الاجتماع وعلم الفلسفة.
تعني الأقاليم بحسب تصريحات الرئيس الوحدة اليمنية بأحسن صورة وتعني المحافظة على الوحدة وتعني حل مشكلة السلطة والثروة وتعني اليمن الجديد وتعني الحل الأمثل لمشكلة الجنوب والحل الأمثل لمشكلة صعدة والحل الأمثل للانتقال من نظام الدولة الفاشلة على مدى 50عاماً الماضية وتعني الخلاص من الحروب والنزاعات والانقسامات ومشاركة الجميع في السلطة وتعني التوافق الوطني بأعلى صورة وتعني المعجزة التي فاقت التوقعات !!!.
حقيقة الأمور أن المطلوب تمديد بقاء الرجل في الحكم لأنه صار مهووساً حد الثمالة بالسلطة التي قال وهو بجوار سلفه بداخل دار الرئاسة أنه يتمنى أن يقف في مكان علي عبد الله صالح ويقف الرئيس الجديد في مكانه ويومها قال (بعد سنتين) ويبدو أنه قصد( سنتين ضوئيتين) وليس سنتين من سنواتنا نحن بني البشر .
لاشيء يمكن الرئيس من تمديد بقاءه في الحكم سوى ابتداع أي تغيير في شكل الدولة على (وريقات بن مبارك) المسماة (وثيقة الحوار الوطني) والتي يمكن التشكيك بأركان الإسلام الخمسة ولا يمكن التشكيك بأنها (وثيقة نالت الإجماع) وحتى مع عدم التصويت عليها بالاقتراع وحتى مع اعتراض الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي والحوثيين والسلفيين والحراك الجنوبي بجناحه المنسحب أو الحراك الجنوبي الانفصالي غير المشارك أصلاً وهو فصيل البيض، لكن كل ذلك ليس سوى نتوءات لا تؤثر في الإجماع الوطني على وثيقة مؤتمر الحوار، وظهر التوافق يقينياً ودون أدنى شك ليس بالتصويت الشعبي على الوثائق وفقاً لقواعد الديمقراطية ، وليس بتصويت الأعضاء ((غير المفوضين شعبياً أصلاً)) عليها بالاقتراع كما هي لائحة أمين الموفنبيك (بن مبارك) بل بالقيام والتصفيق والصياح ورفع الأيدي وبالروح بالدم وعلى عينك يا حاسد.
يعلم عبد ربه منصور هادي أنه رئيس الصدفة ولم يصل حتى إلى كونه رئيس الحاجة ، ويعلم أن شرعيته القانونية مشكوك فيها فقواعد اللعبة الديمقراطية - بل والدستور النافذ-يشترط أن يتم التنافس فيما بينه وبين شخص أخر على الأقل، لكن تم مخالفته وامتنعت الأطراف السياسية عن النزول أمامه بأي منافس وصارت عملية انتخابه مجرد استفتاء ينتهي المخرج فيه بمؤتمر صحفي للجنة الانتخابات تعلنه فائزاً بنسبة الأربع تسعات رغم أنه لا خصم له ينافسه على الواحد من ألف المتبقية في النسبة، لكنه مع ذلك حصل على أقل من الأربع تسعات، ونتيجة علمه بأنه الوحيد الذي جاء رئيساً في التاريخ اليمني بهذه الطريقة (الهجين) التي لا تجعل منه انقلابيا نال حب الشعب ولا ديمقراطيا صعد بطرق اللعبة الديمقراطية، فقد عمد الرئيس إلى البحث عن الوسائل التي تجعل خصومة ينشغلون بخلافاتهم فيما بينهم عن النظر إليه باعتباره فاقد الشرعية القانونية ثم فاقد المشروعية لعدم رضا الناس عملياً عن حكمه، وتعمد الرئيس إشغال الأطراف السياسية بسب الحكومة التي يتقاسمونها ويتحاصصونها وسب الماضي ورئيسه وبقاياه رغم أنه نائب الماضي وأمين عام حزب الماضي حتى اليوم ، وسب التيار الفلاني وسب الجماعة الفلانية ، بل وسب إبليس لأنه أغوى أبانا أدم فأخرجه من الجنة ولولا خروج أدم من الجنة لما كان اليمنيون يعيشون الآن حالات التعاسة (قمة التفكير المنطقي)!!؟؟
يشعر الرئيس بمنتهى السعادة حين يشاهد الأطراف السياسية تتقاتل فهي بتقاتلها تبتعد عن التفكير أنه كان يوجد رئيس لهذا البلد اسمه عبد ربه منصور بل تعتبر عبد ربه منصور مجرد (رئيس بنادق تحكيم) يقوم بتشكيل لجان وساطة وتحكيم تسمى مجازاً(اللجان الرئاسية) ، ويتعمد الرئيس أن ينشغل الجميع بالخوف من التفجيرات والانفلات الأمني والفقر الاقتصادي لأنه يعلم أن انشغالهم بتلك الأمور يجعل أخر ما يفكرون به هو وجود شيء اسمه الرئيس يقطن في (السنينة) منذ سنتين لا يتذكرونه إلا من خلال صور الشوارع التي يكتب أسفلها أنه رئيس اليمن.
إن قيادة الرئيس الحالية التي لا غرض منها سوى بقاءه على كرسي العرش الذي (بالكاد وصل إلى عنده) تخترع كل فترة وسيلة اقتتال جديدة في البلد لغرض إلهاء الجميع عن التفكير في مدة الرئاسة المنتهية ، وأخر ابتكارات الرئيس هي تكليف مدير مكتب رئاسة الجمهورية من الناحية العملية أي (جمال بن عمر) لكي يلهث منذ أسابيع للحصول على قرار من مجلس الأمن يحقق للرئيس عبد ربه أمنيته المثلى بتحارب اليمنيين عبر لجنة العقوبات التي تقرر دخول فلان الجنة وخروج فلان من النار وتفسير الانتقال السياسي على أنه بقاءه لمدة غير معلومة.
إن أخر مخططات عشق السلطة التي يقوم بها الرئيس عبد ربه عبر قرار من مجلس الأمن بصيغته تلك يدفع بيمنيين كثر بالتالي إلى تفجير الأوضاع في اليمن ويجعل كثير من اليمنيين يشعرون أنهم مضطرون للحرب بشكل أو أخر لأنهم معرقلون للتسوية السياسية التي لا يمكن أن يفسرها سوى علماء الأقاليم والتي تعني بحسب تفسير أولئك العلماء أن يظل الرئيس لحين أكمال مهام تدمير اليمن وإنهاك شعبه بالحروب المتفرقة ،وبقاءه حاكماً بأمر الله لحين إكمال مهام الفترة الانتقالية الثانية والثالثة والرابعة والخامسة إلى أخره.
إن السكوت من قبل كثير من اليمنيين على يومٍ إضافي لرئيس يقودهم يومياً نحو الاقتتال الأهلي والحرب الأهلية بزعم محاربة المعرقلين للتمديد له وبزعم الانتقال إلى دولة الأقاليم الستة ، سيصيب كل من سكت بشظايا الحروب القاتلة وسيبقى في حياتهم كابوساً من المشاكل ، ويمكن للجميع الخلاص من رئيس يريد (أن يكون اليمن مثل الدول الأخرى بفتح الألف) لو أرادوا ذلك وركزوا إلى أين يقودهم ، فالرجل مفتقد للشرعية الدستورية بعد أيام والمسألة بسيطة لو أن قومي يقررون نسيان انقسامهم والتركيز على مثير الانقسامات ومروجها ومتبنيها.