مشاريع اقليمية بأياد يمنية إزاحة الاسلاميين من المشهد الحوثي والثورة ... البداية المؤلمة والنهوض الملغم بالغدر
جاءت الذكرى الثالثة لثورة الربيع العربي هذا العام بمتغيرات ومستجدات معاكسة للربيع الذي كان ، تحولات وتبدلات ومؤامرات ، غادرت مصر الربيع عبر صيف ساخن وليبيا على الطريق وسوريا التي لم يكتب لها تنفس الربيع اتت ذكرى ثورتها الثالثة بحصيلة كارثية تصدرت اكبر مآساة للانسانية في هذا القرن ، تونس تقاوم وتتصارع للحفاظ على نسمة من ربيعها ، اليمن ربيعها من نوع اخر وله خصوصية محلية واقليمية ودولية
تفاجأت القوى الكبرى بأن الاسلاميين هم الشريحة التي تصدرت ثورات الربيع العربي في حين كانت آمالها معقودة على القوى اللليبرالية التي تحظى بالمنح والدعم المالي والسياسي والاعلامي منذ سنوات وكان لهذه القوى حضور اعلامي على المستوى المحلي والدولي ، ثورات الربيع العربي مثلت ورطة كبيرة للقوى الدولية الكبرى حين تصدرت القوى الاسلامية المشهد السياسي
صارت القوى الكبرى امام واقع جديد فرض نفسه بدعم الارادة الشعبية واصبحت هذه القوى امام خيارات صعبة للاطاحة بالاسلاميين من المشاركة بالقرار السياسي ، كخطوة اولى للعمل على الاطاحة بهم اعلنت القوى الغربية مباركتها بوجود الاسلاميين في السلطة لكسب مشاعرهم لتعطي فرصة كافية لتبني مخطط يعمل على ازاحتهم من المشهد السياسي ومراكز صناعة القرار بطريقة ذكية وبأدوات غير الادوات السابقة التي فشلت وخير دليل على فشلها هو صعود الاسلاميين كقوة رئيسية في دول الربيع العربي
الاعلام الغربي ومعه الاعلام العربي الذي يتوافق معه هيئوا الرأي العام بضرورة تقبل الاسلاميين في الحياة السياسية بإعتبار هذا التيار لم يجرب في تولي السلطة من قبل ، وشجع الاسلاميين على ممارسة حقوقهم السياسية وكان لهم ذلك والبداية من مصر الدولة الرئيسية في المنطقة ومعها باقي الدول ، الوضع الجديد عمل على رفع القيود المفروضة على الاسلاميين وعادت القيادات المهاجرة الى الوطن
عنفوان الربيع العربي الذي ارعب باقي الحكام وخاصة حكام الخليج العربي " منبع النفط الأول " ودفعهم لمواجهة خطر انتقاله الى مجتمع الخليج وهذه النقطة هي التي التقى عندها المال والقوة والتكنولوجيا والتقت عندها الغايات والاهداف وكل طرف وجد ضالته عند الطرف الآخر واصبح القاسم المشترك واحد لدول الخليج والقوى الكبرى التي تعتمد على النفط ، مع اعلان فوز مرسي رئيسا لجمهورية مصر السلام مع اسرائيل بدأت ملامح ظهور مخطط القضاء على الاسلاميين وبدأت بوادر هذا المخطط تعلن عن نفسها من الامارات العربية ولندن وباريس وواشنطن وغيرها
الحرب هذه المرة مختلفة بالادوات والاسلوب ، كان الاعلام هو اهم هذه الادوات وخاصة الاعلام المرئي ، برزت فضائيات محلية في كل دول الربيع العربي وبإمكانيات هائلة وتمويل قوي فقامت بالمرحلة الاولى من المخطط وهو تشويه صورة الاسلاميين وتتبع كل صغيرة وكبيرة وتحولت العناصر الليبرالية التي فشلت بالصعود بديلا عن الاسلاميين الى وقود اساسي للحرب عليهم ،
العدوان الاسرائيلي على غزة في اول فترة حكم الرئيس مرسي كان الفاصل وهو الذي دفع بضرورة الاسراع لازاحة الاسلاميين وتحجيمهم من المشهد ، دخل مرسي وسيطا بين الاسرائيليين والفلسطيين في غزة ومناصرا للمقاومة في ان واحد وهو موقف جديد وغير معهود من مصر بوابة امن اسرائيل وفقا لمعاهدة كامب ديفيد للسلام
الاسلاميين بنظر القوى الكبرى هم كيان واحد ولا يوجد لديهم شيء اسمه وسطي وهذا متطرف وهذا معتدل وهذا تكفيري وهذا جهادي ، هذه المسميات اختلقت من اجلنا نحن كمنفذ للعلاقات العامة بين الاسلاميين والنخب الغربية والفكرية والاستخبارية والمهتمة بمراقبة الشأن الاسلامي ، والدليل ان الغرب لا يوجد لديه فصل اسلامي يتعامل معه بقناعة ثابتة ، مثلا ، اخوان الاردن معتدلين بنظرهم لكن اخوان الصومال ارهابيين ، سلفيي مصر وسطيين لكن سلفيي المغرب متطرفين شيعة ايران ارهابيين بينما شيعة العراق تمام التمام ، وقيس هذا على بقية التيارات ، الغرب يتعامل مع الاسلاميين بمختلف تياراتهم الفكرية والتنظيمية على انهم مسلمين هذه هي الحقيقة التي يدركها الكثيرين الان
الاسلاميين هم اعداء اسرائيل التي سيزيلونها يوما وبعد ازالتها يعتقد الغرب بعودة الفتوحات الاسلامية وبأسلوب جديد ايضا ، تابعنا جميعا المشهد المصري من اول يوم غادر فيه حسني مبارك الى اليوم الذي غدر فيه بمحمد مرسي وما بعده وهو الما لفظاعة الانتهاكات ، النتيجة هي ازاحة الاسلاميين مع مراعاة ظروف كل بلد من بلدان الربيع العربي ،
اليمن واحدة من دول الربيع العربي مع ان ربيعها بدأ مبكرا وتتميز عن باقي دول الربيع بخصوصيات انفردت بها لذا نجد ربيعنا اليمني غير الربيع الاخر عربيا ، وهو الهدف من هذا الموضوع الذي احاول من خلاله قراءة المشهد اليمني وعوامل التأثير المحلية والاقليمية والدولية واثرها على الوضع الذي وصلت اليه اليمن
النائب رئيسا ثوريا بأجندة مؤتمريه :
كان اختيار النائب عبد ربه منصور هادي للقيام بمهمة الرئيس الانتقالي من عامين واصرار دول الخليج عليه هو الاختيار الذي لم يفهم دوافعه القوى التي رشحته وأحسنت الظن فيه ، قام اللواء علي محسن الاحمر قائد الفرقة الاولى مدرع قائد المنطقة الشمالية الغربية والرجل القوي في اليمن حينها بتزكية هادي لدى القوى السياسة المؤيدة للثورة والقبول به رئيسا للفترة الانتقالية خلفا لعلي صالح ، كان ينظر لهادي كرجل مقبول عند الكل ولم يعلم الكل بأنه يختبئ بداخله شيطان المؤامرة
الثورة اليمنية قامت للقضاء على حكم صالح ممثل بحزب المؤتمر الشعبي العام ولم يعلموا انهم نقلوا الحكم الى حزب المؤتمر بقيادة هادي النائب الاول للرئيس المخلوع وامين عام الحزب ، احيطت ثورة الشباب في اليمن بقيود ناعمة من خلال المبادرة الخليجية التي تسللت منها قوى مقاومة الثورة والتغيير
ثورة اليمن هي الوحيدة التي لاقت اهتمام اقليمي ودولي نظرا لموقع اليمن الجغرافي وبوابة الخليج الجنوبية ، الاسلاميين في اليمن تصدروا المشهد السياسي بعد ان كانوا يتصدرون المشهد الشعبي من سنوات عديدة والتيار الاسلامي في اليمن يمتاز بقيادة سياسية ناضجة وحكيمة هي التي اهلته للعب دور اساسي في التأثير على مراكز القوى القبلية والعسكرية للانظمام الى الثورة واستجاب له اغلب القوى الرئيسية في اليمن
امتازت الثورة اليمنية كأفضل ثورة الربيع العربي لسلميتها وعدم القبول بجرها الى صراع مسلح كما كان يسعى رئيس النظام السابق علي صالح ، تغلبت القوى السياسية المؤيدة للثورة وفي مقدمتها التيار الاسلامي على كل المحاولات والارهاصات وتحملوا اعباء الصمود في الميادين وساحات الثورة اكثر من عام وهو وقت طويل جدا قياسا بزمن الثورة في مصر وتونس ولبيبا وسوريا التي بعضها انجر الى العمل العسكري
التيار الاسلامي في اليمن يعتبر من انضج تيارات الحركة الاسلامية العربية والاسلامية وخاصة حزب التجمع اليمني للاصلاح وذلك بسبب تماسك قيادته خلال القرون الماضية وتماشيهم مع الحكام وهو السبب الذي ابعدهم عن الاقصاء والحظر والملاحقة والتنكيل
المبادرة الخليجية التي وضعها قادة الخليج كحل لما سمي خليجيا بالازمة السياسية ويمنيا بثورة التغيير ، رحبت القوى السياسية المؤيدة للثورة بالمبادرة وهي خطوة سياسية ذكية لسحب البساط من تحت اقدام علي صالح الذي كان يحاول لاستفزازهم عسكريا وكان صالح يعتقد ان هذه القوى سترفض المبادرة لايجاد مبرر ضرب الساحات الثورية عسكريا
المبادرة الخليجية دم دعمها دوليا من خلال اشراك الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي التي تنظر لليمن كبؤرة تنتج الارهاب لاستهداف المصالح الحيوية للقوى الكبرى وعلى رأسها دائمة العضوية ، مصالح دول الخليج في اطفاء الثورة اليمنية التقت عند مصالح الدول الكبرى في تأمين اليمن وتأمين الملاحة البحرية وضمان عدم انتقال الثورة الى منابع النفط الخليجي
تم تكليف الدبلوماسي المغربي جمال بن عمر مبعوثا امميا من الامم المتحدة ومشرفا على تنفيذ المبادرة الخليجية ، هذا الاجراء هو عبارة عن عامل مساعد لهضم ازاحة القوى الثورية من المشهد وخاصة حزب الإصلاح الذي يستند الى مراكز قوية في اليمن اهمها علاقته باللواء علي محسن الأحمر وهو الرجل صاحب اكبر النفوذ على مستوى القبيلة والمؤسسة العسكرية والامنية اضافة الى علاقة الحزب بكبار مشائخ اليمن وعلى رأسهم ال الأحمر وهذا يعني ان للحزب مكانة تجعله متفردا ويصعب ابتلاعه كما جرى لحركة الاخوان في مصر
المبادرة الخليجية نصت على توزيع السلطة مناصفة بين حزب الرئيس السابق والحالي وبين قوى المعارضة الممثلة باللقاء المشترك ومكونات الشباب وأنصار الثورة ، هذه المناصفة كانت اول بوادر الظلم وأول مراحل الإزاحة ، الثورة اندلعت على نظام علي صالح وحزبه والمبادرة أبقت الحزب شريك فاعل ، حصة القوى الثورية بمختلف تشكيلاتها تملك مانسبته اقل من 5% من مفاصل السلطة واجهزتها وهذا بسبب الرئيس الذي تم التوافق عليه ليؤسس لمرحلة انتقالية على اساس التغيير ومطالب الثورة ، كل النتائج التي قام بها هادي تؤكد تعميقه للماضي بأدوات الحاضر
انقلب هادي على قوى الثورة واظهر حقيقة نواياه تدريجيا حتى استسلم لمطالب قوى اقليمية تؤدي دور نيابة عن القوى الكبرى وهو تحجيم التيار الاسلامي وازاحته من موقع صناعة القرار ، هذا محور الدور الذي دفع بهادي الى السلطة وبسبب هذا الدور المعزز بمخطط متكامل توج اخيرا بالقرار الاممي 2140 الذي منح هادي حق اتخاذ القرار الذي يراه مناسب
30 زيارة تقريبا للمبعوث الاممي جمال بن عمر وتقارير وجلسات لمجلس الامن ومؤتمرات مانحين واصدقاء اليمن وشركاء المرحلة وهيلمان واهتمام باليمن ومستقبل اليمن والوضع عمليا يتدهور الى الاسوأ على مختلف الجوانب ، الدعم الدولي والاقليمي ايضا لم يستطيع وقف ارهاب وتخريب علي صالح والتوسع العسكري لجماعة الحوثي الذي استحوذت بالقوة على خمس محافظات خلال حكم هادي فقط
ذكرت سابقا ان القضاء على التيار الاسلامي في اليمن سيكون عبر ادوات ناعمة ويختلف عن أي بلد اخر ، في اليمن تنفذ مؤامرة ازاحة التيار الاسلامي عبر وسائل عدة وتحت اشراف الرئيس هادي الذي منحه التيار الاسلامي ثقته وفرض على شركاؤه وانصاره القبول به
اليوم هادي وبعد القرار الاممي 2140 بدأ بتنفيذ المخططات التي تأتي من ابو ظبي التي تتزعم ضرب التيار الاسلامي في دول الربيع العربي وباقي الدول وبالمناسبة ان تعيين نجل المخلوع علي صالح سفيرا لليمن في ابوظبي لم يكون بناء على رغبة السفير نفسه ولكنه بناء على طلب بعض دول الخليج الذي رشحت احمد على ان يكون غطاء للعمل وقام هادي بتلبية الطلب الخليجي رغم انه يعلم انه يستهدف الاضرار ببعض القوى والمراكز المحلية
ابو ظبي يوجد بها مركز مقاومة الثورة والتغيير ومنها يأتي المال والدعم ، يوجد بها شخصيات استخبارية عربية وغربية ويمنية خاصة بقمع ثورة اليمن وتضم خبراء في صناعة الازمات والدعاية المضادة والاعلام ، المال يحول من ابوظبي بشكل يومي وبأسماء رجال اعمال افراد وشركات ومغتربين وبعلم الامن القومي والبنك المركزي ، تعيين احمد علي سفيرا في ابوظبي هو اغلاق السفارة اليمنية في الامارات وتحييد دورها لصالح القوى المضادة للثورة .
سياسة القضاء على التيار الاسلامي والثورة اوكلت المهمة لجماعة الحوثي التي استحوذت على دعم كامل من المؤسسة العسكرية والرئاسة وسمح لها المشاركة بمؤتمر الحوار بالتزامن مع سياسة التوسع العسكرية وبدعم من هادي وبتغطية من رعاة المبادرة وتمويل اصحاب المبادرة واشراف داخلي من هادي
الحوثي كان يصنف عدو الخليج لارتباطه بإيران وعدو تاريخي للتيار الاسلامي مذهبيا ، لقى مناصرة التيار الاسلامي في اليمن والقوى المتحالفة معه إيمانا منهم بمظلوميته على يد علي صالح
عبد ربه هادي نائب صالح في السلطة والحزب مجرد اداة لتنفيذ اجندة خاصة برئيس المؤتمر ويتصرف بالسلطة كأنها مهمة تنظيمية لتنفيذ سياسة صالح وكل الذي ينشر في وسائل اعلام الحزب وتظهر بأن هناك خلافات بين رئيس المؤتمر ونائبة وبين النائب والحزب ما هي الا تغطية تسهل عملية تنفيذ المخططات
الحوثي والثورة : البداية المؤلمة والنهوض الملغم بالغدر :
مهمة الحوثي مابعد 2011م في اليمن تشبه مهمة السيسي في مصر بعد 3يوليو 2013م كواجهة محلية للقيام بتنفيذ اجندة اقليمية ضد التيار الاسلامي من ناحية ، ويمثل يد الرئيس السابق التي يضرب بها خصومه الذين دعموا ثورة الشباب الشعبية التي خلعته من الحكم وابرز خصوم صالح هو التيار الاسلامي وحلفائه من القبائل والقيادات العسكرية والوطنية ، الاجندة الاقليمية وعلي صالح التقت عند هدف مشترك ، وجاء اختيار الحوثي لتنفيذ المهمة ، هدف الاجندة الاقليمية وعلي صالح هو ازاحة التيار الاسلامي وحلفائه ( الاصلاح وجزء من السلفيين اضافة الى انصار الثورة ممثلة بشقيها العسكري والقبلي الذي يعتبر اهم عامل في خلع علي صالح من الحكم ) من المشهد السياسي وابعادهم من المشاركة والمساهمة بالقرار السياسي ، التيار الاسلامي في اليمن يختلف عن كثير من التيارات الاسلامية في المنطقة نظرا لوجوده وتأثيره وارتباطه بعلاقات متينة بقوى محلية ومراكز هامة أهمها القبيلة بمفهومها الواسع ومكوناتها وليس بمعناها المحدود ، القبيلة في اليمن هي الكيان الذي ينتمي اليه الشيخ والقائد العسكري والسياسي ورجل الأعمال والمثقف والأكاديمي ورجل الدولة ، خاصة في المناطق الشمالية والشرقية لليمن تطغى القبيلة بمعناها الواسع على المدينة وفي اغلب المناطق نجد المدينة جزء تابع للقبيلة ، ولهذا يلاحظ حروب الحوثي تتركز على المناطق القبلية بالدرجة الأولى لانها الامتداد الاستراتيجي للقوة ، وهو ما يؤكد على ان مهمة الحوثي تأتي تنفيذا لأجندة اقليمية حيث تمثل المناطق التي يخوض الحوثي حروبه العسكرية فيها ويتوسع الى مناطق اخرى هي مراكز الثقل للتيار الاسلامي وهذه المناطق هي مراكز وجود ونفوذ حلفاء التيار الاسلامي ، فلا يمكن اضعاف التيار الاسلامي الا اذا تمت السيطرة على هذه المناطق ، كانت البداية سيطرة الحوثي على كامل محافظة صعدة ثم انتقل الى السيطرة على المركز الذي يعتبر نواة للتيار السلفي في منطقة دماج وبالمناسبة وللتذكير ايضا ان الحوثي لم يستطيع السيطرة على منطقة دماج التابعة للسلفيين عسكريا وتمت السيطرة عليها بموجب ضغوط من الرئيس هادي وبالتنسيق مع مراكز نافذة بالسعودية وبموجب ما سمي اتفاق صلح هو الاول من نوعه في التاريخ المعاصر حيث قضى اتفاق الصلح ( الغدر) بمغادرة السلفيين من دماج وتم عمليا تهجيرهم وتشريدهم الى مناطق اخرى داخل اليمن ، ازاحة مركز نفوذ السلفيين بدماج له علاقة بالتوسعات العسكرية للحوثيين والاتجاه جنوبا وشرقا ، والجولة التالية للقضاء على مركز نفوذ السلفيين كانت مع قبيلة حاشد اكبر قبائل اليمن والامتداد الطبيعي للثورة اليمنية الاولى عام 1962 م وحاشد هي معقل آل الاحمر الذي يعد اكبر مرجعية للقبيلة على مستوى الجزيرة العربية ، ومعروف ان آل الاحمر هم حلفاء التيار الاسلامي حيث كان الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر رحمه الله على راس قيادة التجمع اليمني للاصلاح ومن بعده اولاده وفي مقدمتهم رجل الاعمال الشيخ حميد عبد الله الاحمر الذي يعتبر المهندس الاول للثورة الشباب الشعبية ضد حكم المخلوع علي صالح ومعه باقي اخوانه الذين اعلنوا تأييدهم للثورة والوقوف بجانب اخيهم الشيخ حميد وكان الشيخ صادق الاحمر شيخ مشائخ حاشد اول من اعلن تاييده للثورة وكذلك باقي اخوانه وباقي مشائخ القبائل اليمنية ، نتيجة انضمام ال الاحمر ( مشائخ حاشد ) ومشائخ القبائل الاخرى جاء اعلان اللواء علي محسن الاحمر ومعه قيادات اغلب المناطق العسكرية وكبار العسكريين في الجيش والامن للانظمام للثورة الشبابية الشعبية هو الضربة التي قصمت حكم علي صالح لان اللواء علي محسن الاحمر كان بمثابة الشريان الرئيسي الذي كان يحمي حكم علي صالح ، تاريخ اعلان اللواء الاحمر الانظمام للثورة كان اخر ايام حكم علي صالح الحقيقية التي تحول بعد هذا التاريخ الى زعيم عصابات
الاهتمام الاقليمي الخليجي بثورة اليمن تسارع كثيرا وتحول من السعي بالوفاق الى السيطرة على الدولة نتيجة صدمة الرعب التي ظهر بها التيار الاسلامي في اليمن وعلاقته الايجابية مع القوى الوطنية الاساسية في اليمن
كان الحوثي ضمن المتواجدين في ساحة الثورة الرئيسية بصنعاء وبدعم قوي من ال الاحمر وحزب الاصلاح ولم يمضي على وجودهم في الساحات الا فترة قليلة واذا بهم تحولوا تدريجيا من ثوار ضد حكم علي صالح الى "شقاة " بيد علي صالح (الجلاد الاول لهم ) انظمامهم للثورة لم يكون بريئا ولم يكون هدفهم هو انهاء الظلم والتطلع لمستقبل يسوده الحريه والعدالة والمساواة كما هي شعاراتهم التي تبخرت وصارت مع الايام الى رأس حربة الظلم والقتل ، للحوثيين اهداف فكرية وسياسية بإعتبارهم امتداد للمشروع الايراني الذي يسعى للسيطرة على الخليج والاستيلاء على الحرمين الشريفين ، الصراع الايراني يقوم على اساس المذهب الشيعي الاثنى عشري وايران تنظر للخليج ومعها اليمنعلى انها المنطقة الجغرافية السنية الاقوى في العالم بل منبع السنة وراعيها الاول ، فالصراع الايراني الخليجي صراع مذهبي شيعي سني ، واليمن الجار الاقرب للخليج السني والبعيد عن ايران الشيعية كتب له ان يكون له امتداد للصراع الشيعي السني من خلال سعي ايران لسنوات طويلة حتى كتب لها النجاح بتأسيس جماعة .... على يد حسين بدر الدين الحوثي كجماعة تربوية بداية وتحولت بدعم من علي صالح وايران الى جماعة عسكرية ، دعم علي صالح للحوثي المؤسس كان نكاية بالسلفيين ورسالة يحتاجها علي صالح عند الطلب للضغط بها محليا على حزب الاصلاح وخارجيا على السعودية وبفضل دعمه المالي تحولت الى جماعة مسلحة اعلنت تمردها عام 2004 وتم القضاء عليها في مهدها واعلن مقتل مؤسسها وتم تشريد انصارها وقتلهم وملاحقتهم وسجن من بقي منهم حيا ، الجولة الاولى من الحرب كانت بريئة ولكن علي صالح نظر اليها كأداة عملية للتخلص من خصومه محليا وتقوية جيشه الخاص من خلال الدعم والتمويل الخليجي حين قدم نفسه حامي الديار السنية وحارس الخاصرة الخليجية من التغلغل الايراني لم تأتي الجولة الثانية من الحرب في صعده الا وقد تم شيطنة الحوثي لغايات خاصة بحكم علي صالح ومتطلبات التوريث التي لاقت رفضا واسعا من قطاعات الشعب وكان في مقدمة الرافضين اللواء علي محسن الاحمر القائد العسكري القوي وصاحب النفوذ الكبير على مستوى المؤسسة العسكرية والامنية والاستخبارية والسياسية والقبيلة ، ونتيجة هذا النفوذ وموقفه الرافض لتولي الشبل عقيد ديجتال احمد علي عبد الله صالح رئاسة حكم الجمهورية اليمنية بالوراثة اقتضت الضرورة الى صنع كمين يتم القضاء على كل مراكز النفوذ والمعارضة لتوريث حكم الجمهورية فكانت الحوثية الشيعية الاثنى عشرية هي الكمين الاضمن للقضاء على كل شرفاء اليمن وابطالها ورجالها واحرارها وكانت حروب الحوثي هي المحرقة التي تخلص علي صالح بواسطتها من كثير من القيادات العسكرية والامنية والقبلية وكان هو الذي يوقد هذه الحرب دون ان تعلم تلك القوى ما لهدف من هذه الحروب التي تندلع فجأة وتتوقف بإتصال تلفوني بين قائد مليشيات الحوثي وعلي صالح
كانت حروب صعده الستة هي مقبرة القادة ومقبرة الاسرار ومفتاح التطلع للحوثي ولعلي صالح انعكست عليهم تلك الحروب بتحقيق منجزات ، الحوثي توسع وتمكن وتقوت اذرعه فبدل ان كان في جبل واحد في مران اثناء الجولة الاولى من الحرب اصبح يسيطر على محافظة ومديريات اخرى من محافظات الجوف وصعده وعمران ، هذا هو المكسب الذي تحقق للحوثي من جولات الحرب الستة بموجب اتفاق غير معلن بين عبد الملك الحوثي وعلي صالح ولا يعلم بهذا الاتفاق احد من المحيطين بالرجلين ، مكاسب علي صالح تمثلت بالقضاء على قيادات عسكرية كثيرة ومشائخ ورجال امن ومخابرات وحققت له اضعاف الالوية العسكرية التي لا تنتمي للحرس الجمهوري " العائلي" الخاص به وبأولاده ، وتحقق له تجهيز الوية الحرس الجمهوري العائلي بأحدث العتاد العسكري النوعي نتيجة تقديم علي صالح حروب صعده مع الحوثي على انها حرب مع ايران وبدعم شقيقتها القاعدة واجبر الخليج وركعهم امام رغباته من خلال سياريوهات كان يصطنعها مع الحوثي ، كان علي صالح يعمل على نقل الألوية العسكرية من المحافظات لقتال الحوثي وهذه الالوية مغظمها الوية خاضعة للفرقة الاولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن الأحمر الرجل الذي يصعب ابتلاعه بسهولة ، وكانت تلاقي هذه الالوية الخيانة والحصار وضربها من مجموعات تم تجهيزها بعناية داخل الحرس الجمهوري بدأت تتلاشى وتضعف هذه الالوية تدريجيا مع اشاعة من مطبخه الإعلامي بقيادة علي حسن الشاطر بأن الفرقة الاولى مدرع عبارة عن وهم وليس لديها جاهزية وكل هذه مبررات لقبول ضربها من قبل تلك المجموعات التي يعلن عنها اعلام علي صالح انها جماعات تابعة للحوثي ويكون بهذا الغدر قد ضرب عصفورين بحجر واحدة ، خصم قوي في الداخل ممثلة باللواء علي محسن ومن ورائه تجمع الاصلاح وال الاحمر وهدف خارجي هو البقرة الحلوب السعودية ودول الخليج لحلبها ماليا بمئات الملايين من الدولارات واعطاء نسبة بسيطة منها للحوثي عبد الملك شخصيا وبين هذا الطرف وذاك يقنع الامريكان والغرب بضرورة بناء وحدات لمكافحة الارهاب وعند كل طلب يتقدم به يسبقه تنفيذ عملية تعلن سلطة علي صالح القاء القبض على العناصر التي نفذت العملية واحضار مندوبي الاستخبارات الامريكية من الفندق لمشاهدتهم وحركة اخرى مماثلة تحقق نفس الهدف من خلال الاعلان عن الكشف عن خلية ارهابية هي الاخطر وبمعية هذه الخلية عدد من المخططات والاسماء والاهداف من بينها السفارة الامريكية والسفير ومنشأت امريكية اخرى اضافة الى السفارة السعودية واهداف اخرى امريكية وسعودية واماراتية وبريطانية ويعر عليهم المقبوضات ويستدعي رجال التحريات الخاصة بهم ويعمل من هذه الخلية بعبع رهيب والنتيجة دعم مالي بمئات الملايين من الدولارات من الخليج واسلحة ومعدات عسكرية واستخبارية وتدريب ودورات خارجية للامن القومي الذي انشأ كجهاز خاص بالعائلة بديلا عن جهاز الامن السياسي الذي بدا بالتهالك مثله مثل بقية وحدات الجيش البعيد عن الوصاية العائلة والولاء العائلي بديلا للولاء الوطني
وصل موضوع الحرب في صعده الى قناعات مسدودة لدى السعودية والخليج ودول الغرب وامريكا والراي العام المحلي ، عمل علي صالح الى نقل المعركة الى داخل الاراضي السعودية والى جوار السفارة الامريكية واستطاع اجبار السعودية وامريكا بخطر الحوثي وايران عليهم حينها تدخل الطيران السعودي في الحرب بشكل مباشر ونفذ عشرات الطلعات وكانت احدى هذه الطلعات مخصصة لقتل اللواء علي محسن الاحمر لولا ارادة الله وحده وعلاقات اللواء فتم كشف العملية وحينها عرفت السعودية وعرف اللواء الهدف من الحرب وكانت تلك الجولة هي الجولة الاخيرة
تحالفات جديدة ومهمات قذرة : إزاحة القيادات المحسوبة على الثورة
إفصاح المؤتمر الشعبي العام عن تحالفه مع جماعة الحوثي لم يكون غريبا بل جاء ليؤكد ما كنا نقوله بأن جماعة الحوثي عبارة عن غطاء للمؤتمر الشعبي العام وانها احد اجنحة صالح والمؤتمر المسلحة ، الإفصاح عن التحالف جاء بعد تصنيف السعودية لجماعة الحوثي جماعة إرهابية واعلان المؤتمر وصالح عن هذا التحالف يأتي للادوار التي يلعبها الحوثي مع الخليج كواجهة للحرب على التيار الاسلامي وخاصة حزب الاصلاح
هادي الرئيس المؤقت هو الرجل الثاني بقيادة حزب المؤتمر واعلان المؤتمر صراحة بتحالفه مع الحوثي ما هي الا تبادل ادوار في وجه الاصلاح وقوى الثورة القابعين تحت سوط 2140 ومن يرفع صوته منهم يدرج ضمن المعرقلين للمرحلة
غير مقبول ولا معقول بقاء هادي في حزب ارهابي تصنيفا وممارسة لو لم يكن الامر مقصود ومرتب له ، العرقلة واضحة للعالم بأكمله وتنقل يوميا على شاشات الفضائيات وكان اخرها التدمير الارهابي لمنازل المواطنين في همدان دون ان يقوم الجيش بأي عمل بل تم اعادة الكتيبة التي كانت متوجهة الى مناطق الصراع ، لكن حين نرى منهم الضحايا وما طبيعة انتمائهم السياسي والذي يستهدفهم الحوثي ويقوم بتفجير منازلهم كجريمة جديدة على الصراعات المسلحة يثبت لنا يقينا بأن المهمة تحت رعاية هادي
سكت هادي على جريمة تفجير منزل الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر رحمه الله في حاشد دون ان يكون له موقف على الاقل من باب الحفاظ على تاريخ الشيخ الاحمر النضالي كونه رمز من رموز ثورة سبتمبر ، دور هادي الحالي ومن خلال مراجعة لمواقفه خلال الفترة الماضية كافية بالاقتناع بدوره بتدمير قوى الثورة والتغيير والقضاء على رموزها ومكوناتها وان سياسة القمع الناعم تبدأ من السيطرة على المناطق والتوسع في المحافظات حتى تضعف مكانة هذه القوى وتصبح تحت سيطرة الحوثي وصالح ومكبلة باتفاقيات عن طريق اللجان الرئاسية وعلى رقبتها سيف القرار الاممي 2140
تحالف المؤتمر والحوثي وبدعم خليجي يمثل علي صالح حلقة الوصل بين الخليج والحوثي انطلاقا من الارض الاماراتية التي عين فيها نجل صالح سفيرا لليمن ماهي الا تغطية على انشطة قمع الثورة والاسلاميين والقوى المتحالفة مع هذا التيار ، ابو ظبي هي المكان الحاضن للنشاط المعادي لليمن ومنها يسرح ويمرح وملتقى العناصر السياسية والمخططة والممولة لهذا العمل وبعلم هادي الراغب في لهذا النشاط الذي سيمنحه اكثر فترة من الزمن للبقاء حاكما على اليمن المتدهور الضعيف لاستثمار ضعفه والامه وجني العائدات المادية لصالحه نتيجة هذا الضعف
المرحلية القادمة ستشهد ازاحة القيادات المدنية المحسوبة على الاصلاح وانصار الثورة فقط وسيخضع هادي للزوبعة التي يقوم بها صالح والحوثي ووسائل الاعلام التابعة لهما ومن خلال مسيرات وبعض التصرفات العنفية والفوضوية يتجاوب هادي مع تلك المطالب ويقوم بإزاحة هذه العناصر واحد تلو الاخر
سيزيح محافظ عمران ومحافظ الجوف وعدن وسيزيح بوزراء مثل وزير الكهرباء والمالية والعدل والتربية وسيزيح اخر المشوار رئيس الوزراء محمد باسندوة تحت ذريعة حملة نور الجروي المدعومة والممولة من فخامته وبعد ازاحة باسندوة سيتم ازاحة القيادات العسكرية والامنية المحسوبة على اللواء علي محسن الاحمر لإتمام حلقة الغدر وربما تتطور الامور بعد هذا التفريغ الى الملاحق والمضايقات وما بعدها ، سيكون لهذه الإزاحات أسباب ومتطلبات مختلفة مرة عن طريق الشارع ومرة عن طريق الهجوم الاعلامي من قبل وسائل الإعلام المملوكة لحزب هادي ومرة عن طريق سفراء العشر ومرة عن طريق بن عمر هكذا
قد يتوقف هذا السيناريو في حال اتخاذ خطوات هامة من قبل هذه القوى المستهدفة في الوقت الذي يمكنها من فرض رؤيتها واذا لم يتداركوا هذا فإن أي خطوات متأخرة لن يكتب لها النجاح لانها ستنطلق من موقع ردة الفعل الضعيف دون مراكز قوية لإسنادها
ثورة التغيير الان انحصر وجودها بمواقع بسيطة في هيكل الدولة بعضها شرفي اكثر منه عملي وهذا هو احد أساليب التحجيم لهذه القوى التي يجب ان تعرف ان القرار الاممي والرعاية الخليجية والاهتمام الدولي ليس من اجل اليمن كما هو معلن وانما له علاقة بتخليص اليمن من الوجود الاسلامي واستبداله بوجود هزلي ، وان القرار الاممي لن يمس مراكز انتاج التخريب والقتل والارهاب لان هذه في الاخير هي التي هيئت لصدور هذا القرار وانها احد وسائل استدراج اليمن الى مربع البند السابع ليستدرج قوى ومراكز غير هذه التي اهلكت اليمن ودمرت بنيته ومكوناته الحيوية
لم يكون مفاجئا لنا حين يكتشف البعض دور هادي في العملية كلاعب في الخط الأول وانما ستكون المفاجئة صبر هذه القوى على قيامه بهذا الدور دون ان يقوموا بموقف يحد من هذا التدهور الممنهج ، المفاجئة الحقيقية هي صبر هذه القوى واستسلامها لأوهام الرعاية والاهتمام الاقليمية والدولية
ختاما جات ذكرى ثورة الربيع العربي باليمن هذا بالتزامن مع وصول اليمن الى مرحلة خطيرة تكاد تودي به الى الهاوية نتيجة الاستسلام للاملاءات ومحاولة قمع الثورة تلبية لرغبة اقليمية وتحديدا الجارة الشقيقة الشاقة السعودية التي ترى في الثورة والتغيير قلقا لها ومصدر ازعاج على حكم العائلة الحاكمة من قرون ولاجل هذا صنفت ثلاث ارباع المسلمين كإرهابيين ولم تفرق بين صديق او خصم ولم يبقى سوى الاعلان بأن الحج شعيرة داعمة للإرهاب
اليمن ستتجاوز هذا المخاض بحكمة ساستها واصحاب المشاريع الواضحة حين يلتقوا عند كلمة سواء هي اليمن ومصلحتها