الشعبي العام..ليس إرثاً لأحد
يبقى الشعبي العام تنظيماً له ثقله على الساحة الوطنية, هذا أمرٌ لا لبس فيه؛ لذلك حين يحدث فيه حوار وتصالح وتسامح على مستوى القيادات العليا فهذا مطلب كل اليمانيين لتحقيق الأمن والاستقرار وهو ما نرجوه فعلاً ونتمناه وأن يدرك المتصالحون مسؤولية عظمة الزخم الجماهيري فيما لو سُخرت في اتجاه البناء والتنمية وكان التصالح من أجل وطن يستعد للنهوض وليس بحثاً عن مصالح أخرى انتخابية أو عصا يتوكأ عليها قادة التنظيم ويهشوا بها على جماهيرٍ لطالما أخلصت لقياداته وعملت من أجلها وسخّرت كل إمكانيتها لأفراد فيه وليس لماهو مطلوب أساساً من التنظيم وهو الوطن أولاً وأخيراً؛ لذلك نحن هنا ننوه الى أهمية استحضار المسؤولية الوطنية والشراكة مع الآخرين والنأي بالتنظيم عن أن يُسخّر لأشخاص فقط جعلوه من أجلهم .ومن يقرأ الماضي القريب يجد أن قياداته لم تدفع به إلى العمل والبناء والى تحقيق الأمن والسلم الاجتماعي قدر ما استغلت الجماهير العريضة المنضوية فيه في الاتجاه الخادم لمصالح أفراد. ولعل المسيرات المظفرة التي ناصبت العداء للثورة الشبابية السلمية رغبةً في الانتصار لأفراد استفادوا من التنظيم سياسياً واقتصادياً لتبقى القاعدة الشعبية الكادحة مجرد بوق لـ(س)أو (ص) من أصحاب المصالح الذاتية, لعل ذلك شاهد حال .وهنا علينا أن نشير إلى أهمية التصالح الفوقي ولكن ليس من أجل المنفعة الذاتية والاستفادة التي يعول عليها من خلال جماهير المؤتمر المغيبة فعلاً عن كل مايجري في أروقة الشعبي العام وهو أمر معيب على تنظيم بحجم المؤتمر لا يلجأ إلى قواعده وأنصاره إلا لمسيرات تدعم وتسند فرداً أو أفراداً أو تعبّر عن هوى يخالط القيادات المؤتمرية أو من أجل الانتخابات والصندوق لتحقيق طموح استبدادي أو الإفراج عن أموال لرهانات قادمة تريد التنظيم مسخراً لها .لذلك لا بد أن ينتصر الشعبي العام لكيانه العريض وأن يراجع عبر المصالحة ماهو ضروري للانتقال به الى ما ينبغي العمل من أجله وطنياً وأن ينأى به عن التعصبات والموالاة لأفراد وأن يجعلوه تنظيما يضطلع بمهام هو اقدر عليها من غيرها إذا أخلص المتحاورون المتصالحون نواياهم بعيدا عن الكسب الذاتي والتمترس خلف جماهير تتوق إلى الحرية والعدالة والوطن معافى.. ويكفي هذا التنظيم معاناةً سبّبها له من هم عليه بفعل تطلعاتهم الذاتية وجره إما إلى تظاهرات لا هدف منها سوى الإعلاء من شأن الفرد أو اتخاذه بوقا كبيراً لمهاجمة القوى الوطنية من أحزاب المشترك أو الإثراء غير المشروع بالسفه في أمواله وعدم وجود استثمارات اقتصادية يقوم بها المؤتمر ليرفد التنمية وهو ما يُعاب عليه .ولو أنه بكل قواه الخيّرة اتّجه صوب التنمية بدلاً من جعله مجرد وسيلة لقضاء حاجة من لهم أطماع مالية أو مناصب ولو أنه قام بالمسؤولية المُلقاة على عاتقه على أكمل وجه يوم كان الرائد على الساحة لكان ثقله بحجم جبلي شمسان وعيبان؛ لكنها المصالح الفردية المنقرضة أخذته في مفترق طرق وصار تنظيماً أشبه بالأعمى .وما نريد الوصول إليه أن على المتحاورين المتسامحين الذين يقدمون تنازلات فيما بينهم لمكاسب هم أدرى بها وتخصهم قبل المؤتمر نقول :عليهم أن يثقوا في جماهير الشعبي العام وأن يخرجوا من الدائرة الضيقة وأن يدركوا جيداً أنه كتنظيم ليس إرثاً لأحد وليس بمقدور الأسرية فيه أن تأخذ بناصيته إليها وأن فشل من قادوه في إدارة دولة تضعهم وجها لوجه أمام مسؤولية الإخفاق كما أن من يريدون امتلاكه اليوم بتفاهمات ليست إلا مصالح لابد أن يعقلوا جيداً أن زمن الاستغلال والانتهازية والتوريث قد ولّى غير مأسوف عليه وأن الشعبي العام القوّة الخيّرة التي تناضل من أجل مستقبل الوطن هو اليوم يفتح فضاءه الكبير ليستعيد زهوه .ولكن ليس قبل أن يتعقّل من يريدونه استلاباً وجاهزاً لمكاسبهم التي ستتحطم على صخرة قواعده وأنصاره, فهم القوة الحقيقية وليس من يتفاوض على مالٍ وتعهدات شخصية وتسامح أجوف .والله المستعان.
المحرر السياسي