اخبار الساعة

رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر يكشف عن الاتجار بالبشر في اليمن، وأسبابها، ودور القانون فيها (الحوار)

اخبار الساعة - عصام فاخر بتاريخ: 13-05-2014 | 11 سنوات مضت القراءات : (4661) قراءة

لا يجدون ما يأكلون فيقومون ببيع أعضائهم البشرية، أو تجدهم متسولين في الجولات، أو قد يصل بهم الأمر إلى الانخراط بجماعات لا يعرف توجهاتها؛ المهم أن يحصل على مال يسد به جوعه فنتج عن هذا ظاهرة الاتجار بالبشر، وتعتبر هذه الظاهرة من الجرائم الشائعة في العالم لكن في اليمن ينجو مرتكبوها لعدم وجود قانون يجرمها، تفاصيل أكثر في هذا اللقاء مع رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر أ. نبيل فاضل:

الجريمة الثالثة

<.. ما طبيعة نشاطكم وما هي المجالات التي تقوم بها المنظمة ؟
المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر هي أول منظمة يمنية متخصصة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، و الاتجار بالبشر مجموعة من الجرائم صنفتها الأمم المتحدة من الجرائم المروعة والتي هي استغلال الأطفال بكافة أشكاله، استغلالهم في الجنس واستغلالهم في التسول وفي التهريب والأعمال غير المشروعة، والأعمال الشاقة، أيضاً استغلال النساء في الدعارة وكذلك الزواج السياحي و الزواج القسري، وتدخل من ضمنها تهريب الهجرة غير الشرعية للخدمة في البيوت وذلك بالنسبة للنساء، وهذه مجموعة من أخطر وأكبر الانتهاكات ضد الإنسانية جمعتها الأمم المتحدة ووضعت لها أنماطاً ووضعتها تحت مسمى جريمة الاتجار بالبشر، وصنفتها بالجريمة الثالثة والخطرة على الإنسانية في العالم فهي الجريمة الثالثة من الجرائم الدولية المنظمة بموجب بروتكول “بلا رامو” المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر الصادر عام 2000م.

<.. كيف جاءت فكرة إنشاء منظمة مكافحة الإتجار بالبشر ودخولك في هذه المسألة ؟
الفكرة جاءت بحكم عملي في قضايا الاتجار بالبشر، وكذلك عدم وجود أية جهات إنسانية تدافع عن هذه الشريحة من الناس الذين يتعرضون لانتهاكات واستغلال من قبل بعض ضعاف النفوس، وأيضاً لعدم وجود قانون في اليمن يُجرم الإتجار بالبشر، كل ذلك دعا إلى أن نؤسس منظمة لمكافحة الإتجار بالبشر، ولتوضيح الأمر لكثير من الناس فإن جرائم الإتجار بالبشر لا تنحصر على الأعضاء البشرية كما يعتقد البعض وإنما هي متعددة الأنواع تتعلق بالاستغلال الجنسي للنساء والأطفال وكذلك تهريب الأطفال واستغلالهم جنسياً وما إلى ذلك، حيث كانت البداية مع مجموعة من قضايا الاتجار بالأعضاء البشرية وهي ظاهرة بيع الكلى يتم فيها الإتجار بالأجسام اليمنية إلى جمهورية مصر بأرخص الأثمان لكي يتم بيعها في أحد المستشفيات المصرية يسمى مستشفى وادي النيل بـ 4 آلاف دولار بينما يتقاضى من 65 إلى 98 ألف دولار، فانتشرت هذه الظاهرة ولا يوجد قانون يجرمها حتى الآن حتى الأجهزة الأمنية والقضائية وقفت عاجزة أمام هذه الحالة باعتبارها من الجرائم الحديثة لعدم وجود قانون.

اليمن الأكثر تضرراً

<.. ما مدى انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر في اليمن من خلال رصدكم لها عبر المنظمة، وما هي الأسباب التي أدت إلى انتشارها؟
تعتبر اليمن من الدول العالم المتضررة من جرائم الاتجار بالبشر لأن كل المتسببات للاتجار بالبشر كالفقر والصراعات والحروب والضعف الأمني هو أكثر الأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة، ونحن في اليمن نعتبر تقريباً أكثر الدول فقراً في المنطقة، فالفقر يؤدي إلى تعرض الفقير إلى الاستغلال، فالاتجار بالبشر هو استغلال للإنسانية وكما هو ملاحظ من يقومون ببيع كلاهم لمصر هو يبيعها لغرض أن يأكل ويشرب، وكذلك الأطفال الذين يتم تهريبهم إلى المملكة العربية السعودية بموافقة أهلهم يتم تأجيرهم أحياناً أو بيعهم لغرض الحصول على المال.

<.. وما هي أهم القضايا التي استطعتم رصدها؟
للأسف تنتشر جريمة الاتجار بالبشر في أوروبا وأمريكا وروسيا بأنماط محددة لكن في اليمن لو قلت لي ما هي أنواعها لقلت لك هي كل الأنواع الموجودة، فقد رصدنا 18 ألف حالة تم الاتجار بهم من الأشخاص الكبار العمال عن طريق الهجرة غير الشرعية، وقد تعرضوا للاتجار من ضمنها الخدمة بدون راتب والاسترقاق بالعمل الشديد، وأما الاتجار بالأعضاء البشرية فقد رصدنا إلى الآن 600 حالة بيع الكلى، وعندنا معلومة أنهم تجاوزوا أكثر من 2000 حالة، ولا نستبعد بيع أشياء أخرى لعدم وجود إمكانيات لعمل فحوصات لهم كاملة، وقد تم التواصل مع وزير الصحة ولكن للأسف وزارة الصحة لا تعرف ما هو واجبها نحو المواطن اليمني خاصة وأن لدينا ملحقاً صحياً في مصر والقانون المصري يجرم الاتجار بالبشر.. وكذلك من ضمن الحالات تهريب الأطفال إلى السعودية والتي تتم عبر شبكات منظمة ما بين اليمن والسعودية، ويتم أحياناً بيع الأطفال، كما اعترف بعض الأشخاص أنه دفع للأب 10 ألف ريال سعودي، وأحياناً يتم اختطاف بعض الأطفال وتهريبهم إلى السعودية، وفي العام الماضي في مركز الإيواء بحرض رصدنا 562 حالة، وفي مطار صنعاء تم استقبال حوالي 70 حالة، وهناك حالات كثيرة تمر ، ولا يتم قيدها، ولكن هناك الكثير من حالات الاتجار بالأطفال وهم عبارة عن فئة عمرية ما بين 8 إلى 13 سنة ذكوراً وإناثاً، وكذلك تم رصد بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية أكثر من 300 فتاة هربن من منازلهن وتم استدراجهن واستغلال 50 % منهن جنسياً.

مشروع قانون

<.. هل هناك تشريع يجرم أو يحرم الاتجار بالبشر، وأين القانون اليمني من هذه الظاهرة؟
أنشأت الحكومة اليمنية اللجنة الوطنية الفنية لمكافحة الاتجار بالبشر برئاسة وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور ونحن أعضاء فيها، وقامت اللجنة بإعداد مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر وعرض على رئاسة الوزراء والشئون القانونية، والآن في أدراج مجلس النواب منذ شهر سبتمبر 2013 م، وحتى الآن لم يتم مناقشته حتى يتم إقراره كقانون يجرم هذه الظاهرة. باستثناء قانون بعض الجرائم مثل استغلال الأطفال جنسياً، لكن كظاهرة تهريب الأطفال والاتجار بالأعضاء البشرية، ولا يوجد مواد تجريمية أيضاً عندنا من الحالات التي رصدناها استغلال الأطفال في تنظيم القاعدة، كثير تم استغلالهم في تفخيخ السيارات، ولا زال هناك بعض الأطفال محجوزين في الإصلاحيات كانوا يستخدمون من ضمن القاعدة، وهذا يعتبر تجنيداً للأطفال، وكذلك وجدت حالات كثيرة يتم استغلال الأطفال مثل السرقة، وتم ضبط الكثير منهم فكان وراءهم عصابات تم استغلال الأطفال من قبلهم مثل سرقة السيارات حيث يتم تدريب الأطفال على مراقبة الأشخاص وسرقة مفاتيح السيارة مقابل 100 ألف ريال، ومن ضمن الحالات استغلالهم في بيع المخدرات.


<.. ما هي الآلية التي تتبعها المنظمة لرصد حالات الاتجار بالبشر وكيف يتم التعامل بما قمتم برصده؟
لدينا مصادرنا في المنظمة والتي نتلقى منها المعلومات أيضاً سُمعة المنظمة حيث وأن كثير من أولياء الأمور يتواصلون بالمنظمة، كما لدينا شراكة مع الأجهزة الأمنية في الحصول على المعلومات، إلى جانب ما ينقل عبر وسائل الإعلام، وعند معرفتنا بأي حالة نقوم بتقديم لكثير منهم العون القضائي، كما نقدم أحياناً وبحسب إمكانياتنا من المال فيما يساعد بعض الحالات.

ومآذا عن قضاياء الآداب
رصدت المنظمة 73 فندقاً يوجد فيها قنوات مشفرة وهي قنوات مخلة بالآداب (جنسية) فبعض الفنادق يوجد فيها من 6 ـ 7 قنوات وهذه الفنادق فتحت أصلاً لغرض تجاري وهي الجنس، وبعض هذه الفنادق تمتلك فتيات يمارسن الجنس، فقمنا بالرفع إلى النائب العام بهذا الخصوص وقام بالتوجيه لنيابة الصحافة والمطبوعات، كما قمنا برفع رسالة إلى مدير البحث الجنائي ولكن إلى الآن لم يتم أي شيء، ومازالت هذه الفنادق في عمل بوضح النهار يتم من خلالها استغلال الأطفال جنسياً داخل الفنادق وكذلك الفتيات، وقد سبق للأجهزة الأمنية ضبط الكثير من الحالات وعادت من جديد لعدم وجود تنسيق ما بين النيابة ووزارة السياحة، لأن العاتق يقع على وزارة السياحة بالدرجة الأولى، لأنها تمنح التصاريح إلى جانب الأجهزة الأمنية لامتلاكها مندوبين في الفنادق، إلى جانب نيابة الصحافة والمطبوعات لأنها مختصة ولكن لا يوجد تنسيق فيما بينهم فتشعر أن هناك تواطؤاً.

<.. هل هناك جهات خارجية تواصلت معكم بخصوص ظاهرة الاتجار بالبشر، وهل هناك منظمات شبيهة بمنظمتكم، وما مدى التعاون بينكم للحد من هذه الظاهرة ؟
وقعت المنظمة مع جامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الأمريكية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تعزيز حماية حقوق الطفل خاصة في مجالات الحد من استغلال الأطفال والزواج المبكر والتسول القسري، والعنف ضد الأطفال، و كذا تحسين أوضاع الأحداث في نظام العدالة الجنائية والتي ستنفذ خلال الأشهر القادمة، كما أن هناك اهتماماً دولياً كبيراً حول قضية الاتجار بالبشر، فهناك كثير من المنظمات الدولية تعمل في هذا المجال، وقمنا بزيارتهم وتم الاتفاق للبدء بمشاريع لكن إلى الآن لم نبدأ بسبب طموحنا لعمل مشاريع يستفيد منها الضحية لا مشاريع توعوية فقط، لأن هذه الظاهرة تعد الجريمة الثالثة عالمياً بعد المخدرات والسلاح .

<.. وما هي أكبر دولة توجد فيها هذه الظاهرة؟
أكثر الدول دائماً الفقيرة ولا يوجد لدينا إحصائية محددة.

<.. ما هي الصعوبات التي تواجه المنظمة خاصة في رصد أي ظاهرة؟
هناك صعوبات مالية بالدرجة الأولى، إلى جانب أن هناك عادات وتقاليد تحد من المعرفة، إلى جانب عدم إصدار القانون الذي يجرم هذه الظاهرة، وأكبر صعوبة عندما يتم القبض على 85 شخصاً متهمين بالاتجار بالأعضاء البشرية وإحالتهم للنيابة والنيابة تقوم بالإفراج عنهم لعدم وجود القانون الذي يجرم الاتجار بالأعضاء، إلى جانب مسألة السرية التي تمارسها بعض الأجهزة الأمنية وعدم الكشف عن قضايا كثيرة ،بالرغم أن الأمن لم يعد مسئولية الأجهزة الأمنية لوحدها، اصبح الأمن مسئولية الجميع والجميع شركاء، صحيح أن هناك البعض يحاول الترويج لمعلومات كاذبة أو يقوم بتضخيم الأحداث، لكن هذا ليس مبرراً للتكتم على قضايا الاتجار بالبشر، لهذا في آخر حادثة حصلت المنظمة على معلومات حول اختفاء 128 فتاة في صنعاء خلال الفترة الماضية، وقمنا بالحديث عن هذه الظاهرة الخطيرة ونشرها وللأسف أصبحت بعض الأجهزة تنظر إلى المنظمة بعد هذا الأمر كأنها عدو للأجهزة الأمنية وليست شريكة في إيجاد المعالجات لهذه الظواهر، وهذا قصور في الفهم لأن عملنا وهدفنا مكمل لبعض، ونعمل من أجل الحد من هذه الجرائم في المجتمع، وهذه طبعاً من ضمن المشاكل التي نعانيها، إلى جانب انه لا يوجد في بلادنا بنية قانونية واضحة للحد من الاتجار بالبشر، ولا قانون ولا دور إيواء ولا أجهزة أمنية متخصصة كما هو الحال في دول العالم.

<.. هل هناك قدرة للقضاء على هذه الظاهرة خاصة في ظل الأوضاع الراهنة والتي يمر بها البلد؟
مسألة القضاء على هذه الظاهرة صعب جداً في ظل الأوضاع الحالية، لكن هناك قدرة للحد منها إذا وجد الأمن والاستقرار وتمكنت اليمن من استثمار ما لديها من مشاريع وتشغيل العمالة والحد من البطالة وإيجاد القوانين الرادعة لهذه الجرائم، ستكون هذه حلولاً جذرية لأن الفقر يعتبر العامل المساعد الأول في انتشار مثل هذه الجرائم، وكذلك اذا وجدت النية الصادقة ومهما وجدت الصعاب نستطيع عمل خطوات كثيرة جداً للحد منها، مع العلم أنه في الفترة الأخيرة ظهر ما يسمى بالسوق الإلكتروني على الإنترنت حيث بدأ بعض الشباب اليمنيين بنشر إعلانات عن رغبتهم لبيع كلاهم ويقومون بوضع أرقامهم للتواصل معهم، فنحن نستطيع أن نحد لكن أن نعالج فيما بعد صعب جداً، فالمسألة في الدرجة الأولى اقتصادية وقد ازدادت هذه الفجوة نتيجة الصراعات والمشاكل، فهذا الذي يريد بيع كليته لو وجد له فرصة الدخول مع القاعدة أو مع أي مجموعة لن يتوانى في الدخول معهم مقابل المال.

قطع غيار

<.. كلمة أخيرة ؟
يجب تكاتف المجتمع الدولي والمحلي لمكافحة هذه الجريمة من خلال تقديم مشاريع لاستيعاب العمالة والعاطلين، كما ندعو رجال الأعمال والمال والخيرين أن يقدموا ما استطاعوا لمساعدة هؤلاء الضحايا، كما ندعو القادة القبليين أن يضعوا السلاح جانباً وأن يتقوا الله في هذا الشعب والذي أصبح يباع كقطع الغيار بأرخص الأثمان وهم يتقاتلون على الكراسي، كما أدعو الإعلام التوعية الناس فالإعلام له دور كبير في توعية الناس حيث استطاع أن يحد من الجرائم مثل جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية فكان له دور إيجابي لأن الجريمة كانت تدار بالخفاء فاستطاع الإعلام أن يظهرها وأن يوصلها إلى كل الأماكن حيث كان يتم استدراج الأشخاص بصورة سرية لتسفيرهم إلى الخارج للعمل وبعدها يتم بيع كلاهم، فالإعلام أثار الموضوع ووضح مدى خطورة بيع الكلية وما ينتج عنه فللإعلام دور كبير بقدر دور المنظمة ودور الأجهزة الأمنية، فنحن نشكر الإعلام على توضيح مثل هذه المسائل.

المصدر : الجمهورية نت
اقرأ ايضا: