غزة والتخاذل العربي...
اخبار الساعة - سليمان الشيخ بتاريخ: 17-07-2014 | 10 سنوات مضت
القراءات : (2850) قراءة
ما يندى له الجبين ومايجب ان نحزن عليه حقيقة أن أعداؤنا تجمعهم أحقادهم تجاهنا على بذل المزيد من الجهود للسيطرة والاستحواذ، وغالبا ما ينجحون .. أعداؤنا يعرفون طريقهم جيدا في الوقت الذي نتلمس في طريقنا ونتحسس فيه سبيلنا للخروج من بوتقة الظلام والفشل العربي حول قضية فلسطين ككل دون جدوى.
في وسط هذا المستنقع العربي الآسن كانت «حماس» .. وما أدراك ما حماس.
هذه الحركة الأبية من الرجال الشجعان ومن النساء المداويات للجرحى بل وإقول المقاتلات في زمن الانبطاح العربي التي أزعجت عدوها الصهيوني على الرغم من آلة حربة الجبارة، وأثلجت صدور قوم مؤمنين بربهم وقضيتهم.
حماس التي قالوا عن صواريخها أنها عبثية وأنها لا تثقب جدارا، فما فت في عضدها تخذيل المخذلين، ولا يأس المنهزمين، ولا اقتراحات المطبعين .. بدأت رحلة المقاومة، ولأول مرة يخرج من العرب من يتجاوز حدود التصريحات والتنديدات والاستنكارات، ويعلنها صراحة أن ما أخذ بالسيف لا يرد إلا بالسيف، فكفرت بطاولات المفاوضات، وناورت سياسيا لكن أصبعها على زناد البندقية، وقدمت شهداء ودماء وأشلاء في مسيرة التضحية الحقيقية الصادقة.
وها هي اليوم رغم الشهداء والخراب تبهر العدو قبل الصديق، وتطلق صواريخها النوعية إلى قلب إسرائيل، أقولها بكل فخر «صواريخها» .. ليست صواريخ أمريكية ولا روسية كما هو الحال في كافة الجيوش العربية بلا استثناء.
«إسرائيل» أخطأت مرتين في هذه الحسابات، الخطأ الأول يتمثل بالتعجل المخل بقراءة المشهد، فموقف الجماهير العربية والإسلامية مختلف كثيراً عن موقف الأنظمة العربية، حيث إن الجماهير العربية ملتفة حول القضية الفلسطينية بشكل جارف، وتؤيد بقوة المشروع الجهادي للشعب الفلسطيني، وهي في الوقت نفسه ملتفة حول مشروعها الحضاري الإسلامي الكبير، بغض النظر عمن يحمل هذا المشروع ويعمل على نشره وتجذيره، لأن الالتفاف الجماهيري العربي الواسع حول مشروع النهوض الإسلامي وحول مشروع تحرير فلسطين ليس مرتبطاً بأشخاص أو أحزاب أو أسماء محددة، فهي لا تساوم على هويتها وثقافتها، ولا على أرضها ومقدساتها، بالإضافة إلى وجود تحول عالمي واسع باتجاه عدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على أرضه مثل كل شعوب العالم.
ومن هذا المنطلق فإن العدوان «الإسرائيلي» على غزة سوف يسهم إسهاماً واضحاً في إفشال خطة المتحالفين العرب على وأد ثورة الشعوب على أنظمة الاستبداد والفساد، وسوف يكشف المؤامرة الخفية على محاصرة قطاع غزة من أجل إفشال برنامج التمكين الجاري في غزة من خلال قطع الصلة مع العالم الخارجي عن طريق سيناء والأنفاق.
الخطأ «الإسرائيلي» الاستراتيجي الثاني يتمثل بالارتكاز على القوة العسكرية الساحقة والعصا الآلية الغليظة في إخضاع الشعب الفلسطيني وقهره، التي لم تتوقف بعد الاتفاقيات السلمية مع منظمة التحرير، حيث ما زالت النظرة الإسرائيلية المتغطرسة تقضي باستخدام السلطة الفلسطينية للتنسيق الأمني فقط، ولم يفكر الساسة الصهاينة في إعطاء الفلسطينين حقوقهم الإنسانية بحدودها الدنيا، وثمرة هذا الخطأ القاتل تتجلى في تطوير القدرات الذاتية للمقاومة الفلسطينية الذين وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه أمام معركة الفناء المفروضة ومعركة الحصار الشامل بلا نهاية، مما يدفع الفلسطينين دفعاً نحو الاستماتة في كسر الطوق وامتلاك أدوات الدفاع عن النفس، حيث أثبتت المواجهة الأخيرة قدرة المقاومة في غزة على جر اليهود جميعاً إلى الملاجىء وتعطيل حركة الطيران، وإطلاق صفارات الانذار في 70% من الأراضي التي يسيطر عليها الصهاينة وتعطيل حركة السياحة، وإثارة الذعر بين السكان بطريقة مذهلة لها أثرها الحتمي على القرار السياسي «الإسرائيلي».
اقرأ ايضا: