معركة حضرموت مع القاعدة .. احمد بادباه : العملية العسكرية التي أطلقها الجيش لا تزال محدودة في نطاق عمليات تمشيط بعيداً عن مداهمة المعاقل الرئيسية للتنظيم
معركة جديدة يستعد لها الجيش اليمني في مواجهة تنظيم القاعدة، هذه المرة ستدور رحاها في محافظة حضرموت حيث يتوقع خبراء ومحللون عسكريون أن ينتهج الجيش اليمني في هذه المواجهة "إستراتيجية النفس الطويل"، نظرا لطبيعة المساحة الجغرافية الشاسعة بالمحافظة
يواصل الجيش اليمني تعزيز مواقعه في مدن عدة بمحافظة حضرموت بالتزامن مع وصول وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد إلى مدينة سيئون للإشراف على العملية العسكرية التي يشنها الجيش على مخابئ مسلحي تنظيم القاعدة في المحافظة.
وتأتي هذه الحملة بعد تعاظم نشاط القاعدة في الآونة الأخيرة بصورة غير مسبوقة حيث نفذ التنظيم عمليات عدة استهدفت مقار حكومية وعسكرية وأمنية، سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى.
ويتوقع خبراء ومحللون عسكريون أن ينتهج الجيش اليمني في هذه المواجهة سياسة تختلف عن تلك التي اتبعها خلال حربه ضد التنظيم في مايو/أيار الماضي بمناطق أبين وشبوة، وهي "إستراتيجية النفس الطويل" التي تراعي طبيعة المساحة الجغرافية الشاسعة التي تمتاز بها حضرموت، وما توفره من خصائص كملاذ آمن للقاعدة.
وقال الصحفي والناشط السياسي في مدينة سيئون أحمد بادباه إن قوات الجيش عززت خلال اليومين الماضيين من وجودها وإجراءاتها الأمنية بشكل كبير ونشرت عدداً من الدبابات والعربات المصفحة في النقاط الأمنية المنتشرة في الشوارع والطرق الرئيسية لا سيما على مداخل المدن الرئيسية.
وأكد في حديث للجزيرة نت أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش لا تزال محدودة في نطاق عمليات تمشيط ومداهمة واعتقالات لعناصر يشتبه في انتمائها للقاعدة، نفذتها وحدات خاصة في مدينة سيئون وما جاورها بعيداً عن مداهمة المعاقل الرئيسية للتنظيم.
وأشار إلى أن عناصر القاعدة لم تعد تنشط بالخفاء في أدغال الجبال والوديان بحضرموت وإنما أصبحت حاضرة بقوة وبشكل علني من خلال قياداتها ومسلحيها الذين يظهرون بين الحين والآخر في أسواق المدن الرئيسية وتؤخذ لهم الصور التذكارية في الأماكن العامة.
عوامل القوة
ويتركز نشاط القاعدة في خمس مديريات بحضرموت هي غيل باوزير وشبام والقطن وسيئون والشحر. وتعد منطقة وادي سر في صحراء حضرموت أحد أهم المعاقل الرئيسية للتنظيم.
ويعزو خبراء ومحللون تعاظم دور القاعدة وتوسعها إلى حصيلة تراكمية لوجودها السابق، بالإضافة إلى عوامل عدة، أبرزها أن مدن حضرموت أكثر نشاطاً لحركة الجيش والاقتصاد، وهي أهداف ثمينة بالنسبة للقاعدة، فضلاً عن عودة العشرات لمزاولة نشاطهم في التنظيم بعد نجاح فرارهم من سجن الأمن السياسي بالمكلا في يونيو/حزيران 2011.
ويرى الخبير العسكري المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة علي الذهب أن تراخي الجيش بعد المواجهات المسلحة التي شنها على أبرز معاقل التنظيم في شبوة وأبين تسبب أيضا في تعاظم نشاط القاعدة، وهي المواجهات التي عملت على إزاحة الكثير من عناصر التنظيم إلى حضرموت.
وقال في حديث للجزيرة نت إن مسلحي القاعدة موجودون في ثلث مساحة حضرموت ويتمركزون في المناطق الحدودية بين محافظات شبوة والجوف والمهرة، والجانب الشمالي المتاخم للحدود السعودية التي تعتبر مناطق تسلل لكثير من عناصر التنظيم الأجنبية.
وبرأي الخبير العسكري فإن ما عزز كثافة نشاط التنظيم واحترافية عملياته في أحداث الفترة الأخيرة هو امتلاك التنظيم أسلحة متوسطة نهبها من الجيش والشرطة، ويتمتع بمنظومة اتصال تساعده على تنفيذ الكثير من المهام بنجاح.
إمكانية السيطرة
ولا يستبعد علي الذهب أن يكون التنظيم قد عزز صفوفه بعناصر خارجية من جنسيات عربية لها خبرة كبيرة في القتال، ولربما جاءت من سوريا، كما أنه لا يستبعد وجود قيادة خفية تدير كل هذه الأعمال دون وصول أجهزة الدولة إليها.
من جانبه اعتبر الباحث بشؤون تنظيم القاعدة سعيد عبيد الجمحي تعاظم النشاط مؤشرا على امتلاكه بنية تحتية قوية وربما الكثير من الأتباع من أبناء المنطقة، وفي الوقت ذاته استبعد أن يكون ذلك مؤشراً على أن التنظيم أصبحت لديه حاضنة اجتماعية أو أنه بات قادراً على فرض السيطرة وإعلان إمارة في هذه المحافظة.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هناك العديد من أعضاء التنظيم ممن لديهم أقارب أو أسر في حضرموت قد يساعدونهم في عملية التستر، لكن الأمر لا يصل إلى مستوى أن تكون هذه الأسر حاضنة اجتماعية بحيث تستوعب جميع عناصر التنظيم وتؤويهم قناعة منها بما لديهم كما كان الوضع في أبين وشبوة.
وألمح الجمحي إلى أن هناك صعوبة لدى المحللين في إمكانية تحديد قوة التنظيم من حيث عدد أفراده نظراً لحالة الإرباك الكبير التي خلفتها التصريحات الرسمية المتناقضة خلال الحرب مع التنظيم في شبوة وأبين والتي قدمت أرقاماً كبيرة لأعداد من تم قتلهم تبلغ أضعاف ما كان المراقبون يعتقدون أن القاعدة عليه.