"أهم اكتشافات التاريخ" تختفي من الأردن وتظهر بإسرائيل
منذ 5 أشهر تقريباً، والأردن يخوض معركة بأسلحة صامتة مع إسرائيل، ولم
يكن يدري بها إلا القائمون على الهيئات والدوائر المعنية بالآثار في
البلدين، إلى أن قررت دائرة الآثار الأردنية الكشف عن بعض تفاصيلها قبل
يومين، وزادت عليها الآن أكثر حين تحدث مديرها العام، الدكتور زياد السعد،
ليلة الإثنين 4-4-2011 إلى "العربية.نت" شارحاً الكثير عما يعتبره هو وسواه
"أهم اكتشاف في التاريخ" فيما لو صح تماماً ما سنرويه.
كل المعركة الصامتة كانت، وما تزال، على رقاقات معدنية عمرها 2000 عام وكل
منها بحجم وسماكة البطاقة الائتمانية، وهي من الرصاص وبعضها من النحاس،
واختفت من الأردن حيث تم العثور عليها في أحد الكهوف قبل 5 سنوات، إلى أن
ظهرت بأواخر العام الماضي في إسرائيل بعد بيعها بالسوق السوداء، وفق ما
ذكره الدكتور السعد.
منذ ذلك الوقت أسرع الأردن ليخوض معركة معقدة ليستعيدها، خصوصاً أنها
"الدليل المادي الوحيد" على وجود جماعة مسيحية في القرن الميلادي الأول،
وإحداها تشير إلى ارتباط ولادة المسيح بشجرة النخيل، أو لنقل "بجزع النخلة"
طبقاً لما ورد في القرآن، بل تشير الرقاقات المتضمنة إحداها حفراً لوجه
رجل ملتح وغير معروف، إلى العام الذي ظهر فيه المسيح أيضاً.
وكان الدكتور السعد عقد ندوة صحافية السبت الماضي بعمان شرح فيها ذيول
وملابسات اختفاء الرقاقات التي اعتبرها أهم من مخطوطات البحر الميت،
الشهيرة باسم لفائف وادي القمران، ووصف الرقاقات بأنها كتيّبات صغيرة فيها
من 5 إلى 15 رقاقة بالكتيّب، وكل منها مقفل من حوافيه بمماسك وحلقات معدنية
يصعب معها فتحه للاطلاع على ما فيه من عبارات بالآرامية ورموز دينية كتبها
أعضاء أول جماعة مسيحية ظهرت مع المسيح قبل 20 قرناً من الزمان.
الأردن علم بأمر الرقاقات من الخبراء البريطانيين
وقال إن بعض المنقبين عن
الآثار قاموا قبل 5 سنوات بتنقيب غير مرخص في الكهف الواقع في منطقة
بالشمال الأردني، وفيه عثروا على 70 كتيباً، ثم قاموا بتسريبها إلى إسرائيل
عبر تاجر آثار ومقتنيات إسرائيلي، وتابعوا عملية التمويه بطريقة استقر
معها الكنز الأثري في يد شاب بالثلاثينات من عمره، واسمه حسان سعايدة، وهو
بدوي من عرب 48 ويقيم في قرية "أم الغنم" بمحافظة الناصرة في منطقة الجليل
بالشمال الإسرائيلي.
ومع "العربية.نت" ذكر الدكتور السعد عبر الهاتف أن السلطات الأردنية ما
زالت تحقق لمعرفة الطريقة التي تم فيها تسريب الرقاقات من الأردن إلى
إسرائيل، واعترف بوجود حلقة مفقودة بين اكتشافها ووصولها إلى تاجر الآثار
الإسرائيلي الذي قام بإرسال كتيّبين منها إلى بريطانيا ليقوم خبراء بإجراء
فحوصات على ما فيهما من صحائف، فقام الفاحصون البريطانيون بإخبار الجانب
الأردني بحقيقة الكتيبين وأهميتهما التاريخية والأثرية.
ورفض مدير عام دائرة الآثار
الأردنية أن يذكر المزيد من المعلومات عن المنطقة التي يقع فيها الكهف،
وقال: "لو كشفت عنها الآن فسيزورها المئات للبحث فيها عن الآثار، مع أننا
نراقبها وضربنا عليها حراسة خاصة لمنع أي كان من القدوم إليها بهدف
التنقيب"، بحسب تعبيره.
وكانت المنطقة كما فهمت "العربية.نت" من الدكتور السعد ملجئاً لمسيحيين
ويهود فروا إليها هرباً من اضطهاد الرومان، خصوصاً بعد العام 70 ميلادية،
حيث تذكر تقاليد اليهود بشكل خاص أنه العام الذي أقدم فيه الرومان على هدم
معبد كان لهم في القدس، كما هو العام الذي تذكر فيه تقاليد الكنيسة
المسيحية أنه شهد كتابة أول إنجيل، وهو إنجيل متى.
في إحدى الصفحات عبارة: مخلّص إسرائيل
وفي الكتيبات المعدنية دلائل
كثيرة تربطها بالأناجيل، ومنها بشكل خاص إنجيل يوحنا المتضمن في نهايته
"سفر الرؤيا" المتضمن بدوره إشارات على وجود تعاليم سرية خاصة بالديانة
المسيحية مكتوبة على صفائح معدنية مغلفة. كما هناك رقاقة كتب عليها عبارة
"مخلّص إسرائيل" بالآرامية، في إشارة ربما إلى المسيح كنبي لإسرائيل.
كما أن الاختبارات التي تم إجراؤها بجامعة كامبريدج البريطانية على طبقة
الـ"باتينا" المتكونة بعامل الزمن على سطح الرقاقات، بينت أنها تكونت عليها
بشكل طبيعي ولم يتم إحداثها عمداً. إضافة إلى أن فحوصات أجريت بالكاربون
14 على عينات من رقاقات جلدية تم اكتشافها مع الكتيبات المعدنية بالكهف
أعطتها عمراً يقدر بحوالي 2000 عام.
وذكر الدكتور زياد السعد، الذي
يفكر بالسفر إلى لندن لمرافقة عمليات الاختبارات على الكتيبين، أن دائرة
الآثار الأردنية ستحتكم إلى القانون الدولي لاستعادة هذا الكنز الآثري،
وذكر أنه شبه متأكد من أصالة الرقاقات "مع أننا لا نعرف الكثير عنها لأنها
اختفت منذ العثور عليها ولم تكن بين أيدينا طوال تلك السنوات".
أما البدوي حسان سعايدة فيقول إن الرقائق هي مما ورثه عن جده، حيث كانت في
بيته منذ أكثر من 100 عام. كما ذكر السعايدة أنه لا يريد بيعها ولا عرضها
بل الاحتفاظ بها لنفسه كميراث من جده الأكبر.