الحوثيون وعصفور القفص
في كل معركة طرفين أو أكثر وكل طرف في هذه المعركة له إستراتيجية يعمل ها لتحقيق أهدافه.. فسنأخذ هنا ثلاث أطراف في هذا الصراع على اعتبار أن علي صالح والحوثي في طرف والأخوان المسلمين بكافة جماعاته - القبلية والعسكرية والجهادية - في الطرف الآخر .. وسنسعى جاهدين لفك طلاسم تلك الاستراتيجيات الخفية لتحقيق أهدافها بناء على بعض المعطيات والحقائق الماثلة أمامنا حتى نتوقع ما سيكون في المستقل.. .
إستراتيجية علي صالح :
بعد أن سلم علي صالح كرسي الحكم لأيادي أمينة وحصد الحصانة من عدم الملاحقة فلم يبقى أمامه سوى تحقيق مسعاه الذي تم إحباطه وهو "توريث السلطة"
فلتحقيق توريث السلطة وبناء على توافق القوى السياسية وشهادة دول الجوار ومصادقة المجتمع الدولي عليها يلزمه مدة زمنية قدرها (عشرة سنوات) هذه الفترة يجب أن لا تستقر الأوضاع فيها ولا يتقدم اليمن أي خطوة للأمام وابتداء العد التنازلي لهذه الفترة منذ أن خلع نجل صالح (احمد) بزته العسكرية وبالتالي هنا سنجد صالح في كافة التحالفات التي ستعيق التقدم تارة مع القاعدة وأخرى مع الحوثي وقد يصل إلى الحراك الجنوبي .. لذلك سيسعى أن يصدم هذا بذاك حتى يضعف الجميع لذلك فان إستراتجيته قد تكون ذات إستراتيجية القاعدة سابقا (الكلب والبرغوث) .
إستراتيجية الحوثيون :
لا يخفى على أحد أن الحوثيين طرفا عقائدي لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالدولة المدنية وان ادعى ذلك .. وهو طرفا يؤمن بأن موقعه وثورته لن تكون إلا ما تنبأ به في التمهيد للمهدي المنتظر ... .
فمن كتاب عصر الظهور لعلي الكوراني نستشف أن "اليماني" الذي ربما يكون عبدالملك هو المقصود ستكون ثورته كما وصفها بأنها ثورة هادئة .. تلك الثورة التي رأيناها جميعا ولم يستوعبها جمال بن عمر استلام وتسليم دون حروب وقتال .. وفعلا استلم الحوثي صنعاء وما جاورها بكل هدوء وأريحية وكأننا نرى تنبئ علي الكوراني قد صار حقيقة .. لذلك نسميها إستراتيجية (الثورة الهادئة) .
إستراتيجية الأخوان المسلمون :
رأينا بعد تسلم الإخوان المسلمين الحكم لم يستمروا طويلا فيه لا في مصر أو ليبيا أو اليمن فقد تحالفت دول الإقليم على إزاحتهم وساندتهم الشعوب العربية في ذلك بسبب ضعف أداء الإخوان المسلمين .. فبعد انهيار الأخوان في مصر وليبيا اعتمد أخوان اليمن على إستراتيجية جديدة تمنع الانهزام عنهم وترهق خصمهم حتى يتحالف معهم ويقبل بشروطهم مستسلما وهنا دعونا نسميها (عصفور القفص) .. سنوصفها في الختام .
ما الذي جنت عليه تلك الأطراف ؟
من الواضح للجميع أن الأخوان المسلمين في اليمن عندما وصلوا للسلطة عبر المبادرة الخليجية تيقنوا إنهم لن يستطيعوا أن يقدموا شيئا لذلك تحاشوا الاصطدام بأي أطراف أخرى تكسر شوكتهم نهائيا وتنهيهم لذلك أمام تحالف صالح والحوثيين ضدهم عمدوا إلى تجنب الهزيمة وبالتالي خصمهم لا ينتصر عليهم ولكنه سيكون مكرها أن يؤمن حياتهم وممتلكاتهم فتحقق للحوثي ما اعتقد انه من كتاب حكيم صحيح لا يشوبه شائب فقد سيطر على صنعاء وما حولها فتوسع أكثر وأكثر .. حتى وصل اليوم للبيضاء ويريد أن يمتد للجنوب .
ذلك التوسع الذي اعتقد الحوثي بأن ما يجري له أمرا طبيعي تتهاوى الحصون سريعا وينتصر بثورة هادئة قد سبق لي يوم استلم صنعاء أن كتبت مقالا عنه في صحيفة الحقيقة في عددها (( )) الصادر يوم 26 سبتمبر تحت عنوان مكاسب وخسائر جماعة الحوثي من أحداث صنعاء .. وتناولت فيه ان هذا الاستلام الذي اعتقده طبيعي مجرد لعبة ستكون بعدها في مواجهات في جبهات عدة .. هذه المواجهات التي تناولها الحوثي في خطابة الأخير قائلا " كل ما كان من تحرك في محافظة البيضاء أو محافظة إب أو محافظة الحديدة التي لا يزال فيها هناك أذيال .. أذيال لعلي محسن الأحمر يحاولون أن يثيروا الشغب ، أضف إلى ذلك النشاط الذي لهم في بعض المحافظات كمأرب والجوف وتواجد خلايا كثيرة لهم في صنعاء ومحيطها ومناطق أخرى"
من هذا الخطاب هنا نرى أن إستراتيجية علي صالح هي التي قد تحققت فعلا فقد ضمن أن هذا الصراع سيستمر لفترة قد تفوق العشر سنوات .. وألان نوضح إستراتيجية عصفور
عصفور القفص مستوحاة من مسلسل كرتوني "الكابتن ماجد" وهي خطة تقوم على تناقل الكرة بين أفراد الفريق المحيطين بالكابتن ماجد "الخصم" الذي يظل يجري بين اللاعبين حتى ينهك تماما ويستسلم .
هـــــــــــــــل شعر الحوثيين أنهم في عصفور القفص ويستسلمون أم سيستمرون حتى يقضى عليهم !!