حزب الإصلاح الجديد..!!
اخبار الساعة - زكريا السادة بتاريخ: 10-11-2014 | 10 سنوات مضت
القراءات : (4671) قراءة
هذا العنوان الذي يفترض أن يكون لحزب سياسي جديد ينبثق من حزب الإصلاح اليمني الذي عاش فترات سياسية مختلفة متنقلاً بين المعارض السياسي البارز صاحب الإيديولوجية الدينية وبين الشريك في الثورة والسلطة مؤخراً ، إن قراءة المسيرة الكاملة لهذا الحزب الثاني بعد حزب المؤتمر في اليمن والذي يختلف في التوجه والتنظيم عن أي حزب آخر يرجع ذلك لعوامل بدأت بالتأسيس وانتهت بعدة مراحل ، مرحلة التأسيس التي جاءت من وأقع جديد في البلاد وكنوع من إظهار الديمقراطية حينها كان لأحد الحلفاء القبليين للرئيس السابق دور بارز في ترأس الحزب وهو الشيخ الراحل عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب حينها هذا ما خلق تناغم سياسي بين الحزبين البارزين وضم تحت جناحه شخصيات دينية بارزة ، وكانت هذه المرحلة التأسيسية هي الخطوة الأولى لممارسة العمل الحزبي الذي بدأ تجربة ديمقراطية جديدة حالت بين واقع الحاكم وحلفاءه الجدد على التجربة السياسية ، ومن الطبيعي أن تتفتح آفاق جديدة أمام هذا الحزب الناشئ سياسياً وحزبياً مع بقاء من يقود أمر هذا الحزب ضمان عن أي تصرف قد يضر بالحزب الحاكم ، ولهذا كان الضمان السياسي مكفول بتلك الشخصيات التي عملت وارتبطت "بصالح" وهي على أعلى مستويات الحزب تنظيمياً ، الجانب الأخر في الحزب الإيديولوجية الدينية التي جاءت من ارتباط شخصيات دينية بارزة بأعلى الحزب ولتكون هي الصفة السائدة على طابع هذا الحزب ، نستطيع أن نوجز مكونات مرحلة تأسيس هذا الحزب بثلاثة القبلية والدين والسياسية ، أما المرحلة الثانية فامتدت منذ بداية عام الواحدة 90م حتى صيف حرب 94م وهي المرحلة التي شكلت من الحزب قاعدة شعبية جعلت منه الحزب الديني أكثر مما هو سياسي بغرض الوقوف إلى جانب "الرئيس" في الشمال لمواجهة الحزب الاشتراكي الذي أعلن التراجع عن الوحدة بقيادة الرئيس علي سالم البيض ، وكانت النتيجة أن جُيش لهذه الحرب وأنتصر الحزبين الحاكم السياسي والشريك الديني (الإصلاح) ، لم يكن "صالح" بغنى عن هذا الحزب فقد سمح له بمواصلة عمل المعاهد العليمة وتدريس كتب دينية مكثفة وإنشاء جامعة دينية تحتضن ذلك ، تأتي المرحلة الثالثة من فصل هذا الحزب الذي بدأت تتشكل فيه المرحلة السياسية إلى جانب الدينية الموجدة ، ولأن الانزعاج من تشكل حزب ديني سياسي يهدد خطر المنظومة الجديدة بعد صيف 94م ظهر جلياً من تصرفات "الحاكم" وجاء قرار إلغاء المعاهد العلمية لإيقاف التوسع التنظيمي الحاصل عن العملية التربوية لهذا الحزب ، وبقت جامعة الإيمان الجانب الثاني التي ترفد المساجد بخطباء غالبيتهم يحمل الفكر الحزبي لينبثق عن ذلك الجمعيات الخيرية والمراكز الصيفية ، وعلى رغم أن جامعة الإيمان كانت تدرس الكتب الشرعية وبعض المواد التي تدرس في جامعات الشريعة والقانون إلا أن طلابها لم يمنحوا الالتحاق بمعاهد القضاء ، فيما مُنحت جامعة شرعية تابعة للصوفية بإحدى المحافظات مقاعد سنوية للالتحاق بمعاهد القضاء بأمر من "صالح" لعدم وجود تلك الجماعة في أي حزب بل كان الهدف كسبها أو ضمها لصفه في أي عملية انتخابية تنافسية ، هذه المرحلة بالذات تشكل فيها الوعي الحزبي بعد ظهور أحزاب جديدة أو قديمة إلى جانب حزب الإصلاح وكانت الانتخابات تسير وفق عملية تنافسية بسيطة من قبل هذا الحزب الذي بات يمتلك شبة الشراكة عبر فرض نفسه في مناصب الدولة ومقاعد مجلس النواب ، تلك التحالفات القديمة التي نسجها "الحاكم" طيلة سنوات مكنته من إدارة المعارضة الحزبية ابتدأ من أعلى هرم في تلك الأحزاب التي بدورها أثرت على التوجهات السياسية في تلك المرحلة ، لتكون المناصب والأموال الوسيلة الأسهل للتحكم في أي حزب يحاول العمل الحزبي خارج إطار ما خطط له وتفريخ الأحزاب كانت الوسيلة الناجعة لذلك في آخر المطاف ، الفصل الرابع والأخير تضخم القاعدة الشعبية لحزب الإصلاح بعد تجارب سياسية مع بقاء أعلى هرم في الحزب يمارس سياسات خاطئة وعشوائية بل ومخترقة ضد توجهات الحزب نفسه ، هذه المرحلة التي جاءت بعد الانتخابات الرئاسية 2006م حتى العام 2011م استطاعت أن تثبت مدى الجمود التنظيمي الذي وصل إليه الحزب عبر تلك الشخصيات التي باتت تتوجه وفق أهواء شخصية خارجة عن إرادة الإجماع الحزبي والتشاوري وخاصة بعد رحيل الشيخ الأحمر الذي كان واجهة الإصلاح والحاضنة القبلية والسياسية ، هذه المرحلة بالتحديد أقصت قيادة الحزب الجانب الديني والجانب السياسي الحر داخل هذا الحزب ورضخت للحاكم بل وامتدت لتسبق الحاكم في تحالفات دولية وسياسات إنبطاحية ، ولأن البيروقراطية المملة قد شملت كل الدوائر التنظيمية للحزب فقد بقى الولاء الشخصي والاعتبارات التنظيمية تحجم من العقول في القاعدة الحزبية ، وهذا ما يجعلنا أمام توريث حزبي للقيادات الصغيرة والكبيرة مما يختفي جانب الكفاءة والتجديد في مواقف سياسية تطرأ على الساحة ، ولهذا ظهرت قيادات في الحزب تمتلك المال والنفوذ بدلاً من الحكمة والحنكة السياسية التي تكفل استمرار الحزب وبقاءه كحزب معارض أو شريك في العملية السياسية ، ما بعد ثورة 2011م كان مرحلة الشيخوخة بالنسبة لهذا الحزب وأدارت تلك السياسات الخاطئة ضد نفسها وبعواقب وخيمة كانت أولها تمكين رقاب الحلفاء السياسيين والعسكريين من انتقام الحزب الحاكم بعد مطالبات بإسقاطه وتاليها التبرؤ من وجهات نظر أعضاء الحزب .
المفهوم الحزبي في اليمن ينقصه الكثير في ظل عوامل عدة تحجم من الممارسة الحزبية أو الانخراط تحت قيادة حزبية تمارس العمل الحزبي وفق رؤية واضحة وأهداف محددة ناهيك عن حزب خضع لسياسات تراكمية شوهت من كينونته وعمله السياسي ، ولأن تراكمات تلك العملية بات من المستحيل معالجته في ظل تشويه المستقبل السياسي الذي أرتبط بشخصيات أثقلت كاهل هذا الحزب ولازالت هي الوريث الشرعي بلا منازع ولا نستبعد أن يُحارب أي رأي أو فكرة يخالف وجهات نظر تلك الشخصيات المعتقة ، ورغم تلك العقول النشطة والمؤهلة التي باتت ضمن قواعد هذا الحزب والتي أصبحت هي الأخرى تعاني الكساد لاستئثار شخصيات على كل مقدرات الحزب أو مناصب حصل عليها من أي صفقة سياسية ، هذه المحسوبية هي إرث من الحزب الحاكم الذي تعامل مع شخصيات في حزب "الإصلاح" بعينها وعلى قدر قوة تلك الشخصية ، ولن يستقيم حال تلك الأحزاب بشكل عام إلا عندما يعي الفرد الحزبي دوره في الانتماء وهدفه الوطني في التنافس الشريف الذي يمكنه من خدمة المجتمع باسم الحزب ، وما لحظناه بعد ثورة 2011م أن شخصيات حزبية تجنبت أي مواجهة سياسية بشكل مباشر فكانت البيانات الحزبية غالبيتها لا تكشف عن مصدر بعينة هذا ما يقودنا إلى حسابات خفية تخشاها تلك الأطراف .
ما أجده في هذه الكلمات القليلة التي أتمنى أن تكون محل نظر لجميع من ينتمي لهذا الحزب أن تكون رسالتي إثراء لواقع الحزب الذي أحتفظ بانتقادات كثيرة في هذه المرحلة وخاصة من أعضاء الحزب نفسه ، هذا ما يجعلنا نقرأ الكثير عن سياسة مخترقة لتحركات حزب يصف نفسه تارة بالمعارض وأخرى بشريك الجرعة والسلطة معاً ، دون نكران أن شخصيات تنتمي لهذا الحزب يفوق وصفها بالوطنية ولن نرمي عليها تلك الانتقادات الموجهة للحزب لأنها خارج دائرة صنع القرار في هذا الحزب ، ولأنني أمقت الحزبية ولا أحبذ الانتماء إليها والواقع برهن فشل التجارب الحزبية التي كانت ضمن مسلسل استغلالي لحال الوطن والمواطن ، وليس من العدل أن نصف المجتمع اليمني بالجاهل بمفهوم الحزبية في ظل وجود أحزاب عمدت على ممارسات حزبية خاطئة غاب عن سياساتها الرؤية والهدف وبقت أشبه بمنظمة خاصة تعلم لصالح شريحة محددة .