اخبار الساعة

تقرير غربي: الحوثي سعى للتصالح مع الإصلاح خوفا من فتح الحزب جبهات صراع ضده (نص التقرير)

اخبار الساعة - صنعاء بتاريخ: 06-01-2015 | 10 سنوات مضت القراءات : (3511) قراءة

اعتبر تقرير مؤسسة جيمس تاون للأبحاث والتحليلات العالمية قبول قيادة جماعة الحوثي باليمن التصالح مع حزب الإصلاح اعترافا للجماعة من أنها تواجه في الوقت الحالي مجموعة تحديات معقدة، وأنها باتت متخوفة من تحمل مناخات الصراع المفتوحة مع حزب الإصلاح.
وأشار التقرير إلى أن الحوثيين يفرضون «دولة داخل الدولة» كما هو الحاصل في لبنان- حزب الله، وهو ما يمنحهم مستقبلا التأثير الكبير على كل مجريات الأوضاع, والذي سيظهر من وراء الكواليس.
نص التقرير:
الحوثية من الغموض إلى الهيمنة
على الرغم من أن الحملة العسكرية والتوسع الحوثي الأخير قد مر بسلام, إلا أن حركة الحوثيين تواجه عددا من التحديات كونها ببساطة تسعى إلى تعزيز مكاسبها الإقليمية والسياسية، ولعل أكبر هذه التحديات تعمد الحركة الواضح, استهداف شخصيات ومجموعات من النخب اليمنية التي نزحت, وربما غادرت البلاد.
من غير المعقول للقوى السنية وزعماء القبائل التقليدية، الاستمرار في التوازن الحاصل الآن بعد نجاحات الحوثيين غير متوقعة، لكنها في الطريق إلى إعادة تنظيم نفسها تدريجيا، والتخطيط للعودة ثانية, والتركيز في خطوط المواجهة، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك بشكل عام.
وتشير عددا من الحوادث والاشتباكات المسلحة المختلفة-عادة-, من أنها محصلة إصرار المسلحون الحوثيون في استخدام قوتهم المكتشفة, التي تأتي في خدمة تصفية حسابات قديمة، مع عدد من النخب المحلية خصوصا تلك التي تقف ضد التوسع والنفوذ الحوثي, كما تأتي أيضا نتيجة لقيام الحوثيين بتحييد المصادر المحتملة للمعارضة. على هذا النحو، من المرجح أن تستمر مثل هذه الاشتباكات وحوادث العنف في صنعاء ومناطق متفرقة من أنحاء البلاد على حد سواء.
اليمن.. محاولة لقراءة المستقبل
خلال السنوات الثلاث الماضية، أنجزت الحركة الحوثية تحولا ملحوظا، وتطورت من حركة غامضة- نشأت على حرب العصابات في محافظة صعدة، واحدة من المحافظات النائية والمتخلفة في اليمن- تقودها أسرة من الشيعة الزيدية, لتصبح هي الجيش السائد في البلاد والقوة السياسية المهيمنة. وخلال الأشهر الستة الماضية على وجه الخصوص، استطاع جناح حركة الحوثي العسكري، أنصار الله، التخطيط والسيطرة على العاصمة صنعاء والتوسع في معظم المناطق المأهولة، والمرتفعة في الشمال، في حين لا يزال هذا التوسع يشمل حتى مدينة عدن في الجنوب ومأرب في الشرق والحديدة في الغرب من البلاد. في صنعاء، أنهت القيادة الحوثية إكمال مهمة نزوح الأسرة السنية البارزة من آل عبدا لله الأحمر أحد الدعامات الرائدة للسلطة في اليمن.
على الرغم من صعوبة التنبؤ بالمستقبل في بلد مضطرب كاليمن, أود أن أشير هنا إلى أن هذه المادة التحليلية ما هي إلا محاولة بسيطة لتتبع مسار حركة الحوثي الملحوظ مؤخرا، كما تلخص أيضا الأحداث الأخيرة وتضع لمحة مختصرة لما قد تجلبه بعض التطورات المستقبلية المحتملة.
الحوثية.. تحديات التوسع
وعلى الرغم من توسع الحوثيين مؤخرا في أنحاء كثيرة من المرتفعات اليمنية, والذي مر بسلام نسبيا، إلا أن الأسابيع الأخيرة شملت سلسلة من الاشتباكات على المستوى المتوسط, ويتضح من ذلك أن حركة الحوثيين تواجه عددا من التحديات لعل أبرزها إصرار الحركة في تعزيز مكاسبها الإقليمية والسياسية، خاصة وأنها تعمدت في استهداف مجموعات من النخب اليمنية التي نزحت بسبب الحركة.
في صنعاء، يشتبك المسلحون الحوثيون مرارا مع مجموعة من المنافسين. في 26 تشرين الثاني، اندلعت اشتباكات في المدينة بين الحوثيين ومجموعة من أنصار عائلة آل الأحمر
وتنطوي مسببات العنف الناتجة عن ذلك، على اندلاع اشتباكات عنيفة يتم فيها استخدام الرشاشات الثقيلة والقذائف الصاروخية، وهو ما يؤدي إلى حدوث عدد من القتلى والجرحى.
وتشير هذه الحوادث والاشتباكات المسلحة المختلفة عادة, من أنها محصلة إصرار المسلحون الحوثيون في استخدام قوتهم المكتشفة حديثا من أجل تصفية حسابات قديمة، مع عدد من النخب المحلية خصوصا تلك التي تقف ضد التوسع والنفوذ الحوثي, كما تأتي أيضا نتيجة لقيام الحوثيين بتحييد المصادر المحتملة للمعارضة. على هذا النحو، من المرجح أن تستمر مثل هذه والاشتباكات وحوادث العنف على حد سواء في صنعاء ومناطق متفرقة من أنحاء البلاد.
الحوثية القاعدة صراع دوري
يستمر الصراع الدوري بين المسلحين الحوثيين ومقاتلي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد اتخذت بعض الاشتباكات الأخيرة مكانها في مدينة رداع، جنوب شرق ذمار، وهي منطقة ذات غالبية سنية, تغيب عنها سلطات الدولة؛ وكانت الاشتباكات العنيفة قد دارت في رداع, أوائل ومنتصف نوفمبر تشرين الثاني قد أسفرت عن مقتل أكثر من 85 شخصا في مواجهات مسلحة شديدة العنف انطوت على استخدام الأسلحة الثقيلة ومنها الدبابات والمدفعية الثقيلة. وحسب وسائط الإعلام الاجتماعية فقد أعلنت القاعدة في جزيرة العرب أن المقاتلين القبليين ساندت عناصر التنظيم في هجومها على الحوثيين. مثل هذا الموقف من المساندة يعطي مجالا للتوقف أمام تلك الاتهامات التي روجت لموضوع تصاعد الشعور السني القوي بين القبائل المحلية ضد الحوثيين الشيعة, بالنظر إلى أن القاعدة, عملت سابقا في المنطقة. في أوقات سابقة وقعت هجمات منسقة –فيما يبدو- جمعت القبائل والقاعدة, على سبيل المثال، في أواخر سبتمبر، هاجم انتحاريا من القاعدة قوات الحوثيين في مأرب، مما أسفر عن مقتل حوالي 15 من الحوثيين، كما ادعت القاعدة في جزيرة العرب عن نيتها لشن هجمات على الحوثيين في الحديدة في تشرين الثاني.
بين الإصلاح والحوثية
من منظور سياسي وطني شامل، فإن الأكثر أهمية هو ذلك التنافس الشديد بين الحوثيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا مع عائلة آل الأحمر؛ وخلال السنوات القليلة الماضية كان الناشطون من الحوثيين وحزب الإصلاح قد اشتبكوا مرارا, آخر تلك الاشتباكات المسلحة حدث أوائل نوفمبر تشرين الثاني في مدينة إب, عقب اغتيال شخصية قيادية في الجناح السياسي لحزب التجمع اليمني للإصلاح. الخصومة بين الجانبين تظهر تمسك الحوثيون بحقيقة دور حزب الإصلاح في الحروب الستة ضدهم خلال فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ ومع أنه من غير المفيد , تأطير الصراع بين طرفي حزب الإصلاح والحوثي من خلال “السنة مقابل الشيعة” يبدو أن كل الشخصيات العشائرية والتقليدية وغير الطائفية والعناصر السلفية على نطاق واسع تدخل في صف حزب الإصلاح في صراعه مع الجماعة الحوثية.
في 29 تشرين الثاني، توصل حزب التجمع اليمني للإصلاح وجماعة الحوثي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة جمال بن عمر، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن ومجلس التعاون الخليجي. وكان الاتفاق الأخير والتفاوض بين الطرفين قد جرى في مدينة صعدة, الموطن الأول للمتمردين الحوثيين ، وبحسب ما ورد تضمن الاتفاق مجموعة من النقاط المهمة التي من شأنها إنهاء القتال، وإطلاق سراح الأسرى وإعادة الممتلكات المنهوبة مع الالتزام بالاحتفاظ على استمرار بقاء قنوات التواصل بين الطرفين مفتوحة.
أن أي صفقة مع الحوثيين – في الممارسة العملية- هي مجرد مساحة نفعية مؤقتة لحزب الإصلاح؛ مع العلم أن شخصيات قبلية داخل الحزب ترغب في استعادة نفوذها السياسي المفقود, كما أن عناصر الحزب ستواصل استياءها من استمرار الخضوع والعيش تحت الحكم الشيعي الحوثي.
في الجانب الآخر يمكن للحوثيين النظر إلى الاتفاقية على أنها بمثابة تحول للجماعة, التي تحاول التخفيف من وطأة بعض الخلافات القديمة مع عدد من الأطراف السياسية. إن أي تفسير لقبول القيادة الحوثية التصالح مع حزب الإصلاح لا يخرج في اعتراف الحركة من أنها تواجه في الوقت الحالي مجموعة تحديات معقدة، إضافة إلى أنها باتت متخوفة من تحمل مناخات الصراع المفتوحة مع حزب الإصلاح.
حركة الحوثي جدول سياسي
إن أي محاولة لفهم حقيقة الحركة الحوثية تكون محاولة معاقة وقاصرة دائما بسبب عدم وضوح أهدافها والتجدد باستمرار في المسار؛ وباعتبارها حركة زيدية شيعية تركز في عبورها وتقدمها في الوقت الحالي من الاحتجاج السلمي على الحكومة, فإن الحركة تتخذ من (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل …) شعارا عالميا لها، على الرغم من عدم وجود اتصال بين المظالم الفعلية أو الأهداف.
ومنذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر، تحاول الحركة على تقديم نفسها لليمنيين باعتبارها حركة غير طائفية ترتدي الرداء «الثوري» وهو ما يجعلها في المسار متناغمة مع الوضع الراهن ويكسبها قسطا من المصداقية أمام المجتمع الدولي الذي رعى مؤخرا اتفاقية. صالح السماط، أحد كبار المسئولين الحوثيين والذي عين مؤخرا كمستشار سياسي للرئيس هادي، جسد هذه التناقضات في مقابلة أجريت معه مؤخرا، واصفا لأول مرة وبطريقة شريرة من “المشروع الأمريكي مشروع قائم يهدف إلى احتلال اليمن”، كما يدعي أنه بعد سيطرة الجماعة المسلحة على صنعاء, إلا أن أنصار الله يعرضون أعلى درجة من التسامح؛ ويزيد على ذلك من أنهم لم يهاجموا مؤسسات الدولة التي كانت جزءا من ستة حروب ضد أنصار الله. كما أن الحركة لم تهاجم خصومها السياسيين، سواء الأحزاب السياسية أو غيرها.
على الرغم من اتخاذ بعض الخطوات لتقديم نفسها باعتبارها, حزب سياسي غير طائفي منظم، إلا أن الحركة الحوثية مع ذلك قد عملت بسرعة في تعزيز قوتها وترسيخ نفسها في المؤسسات الرئيسية في البلاد، على سبيل المثال، نجاح الحوثيون في تحقيق البعض من مطالبهم, مثل دمج مسلحيهم مع الجيش الوطني. وزير الدفاع اليمني، محمود الصبيحي في 24 نوفمبر تشرين الثاني قال إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تتم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية السلم والشراكة الوطنية الموقعة عليها في 21 أيلول بين الحوثيين والحكومة.
من الواضح أن الهدف المرجح للحوثيين يكمن في محاولتهم الدؤوبة في توطيد نفوذهم السياسي، ومنع الجيش اليمني من الاستخدام ضدهم, والاطمئنان من الوصول إلى وسائل ممكنة تدفع تكاليف الحفاظ على ميليشياتهم المسلحة في المرحلة القادمة، إضافة إلى ذلك، فقد تم إدراج مجموعة من الحوثيين في مؤسسات الدولة الهامة مثل تعيين «المستشارين» في الإدارات الحكومية الرئيسية، صالح السماط ، على سبيل المثال، أصبح مستشارا للرئيس، ما يؤهل الحوثيين إلى فرض نوعا من حق الفيتو على قرارات الحكومة، الإستراتيجية التي تتبعها الحركة الحوثية في تقوية نفوذها, تذكرنا بقضية فرض «دولة داخل الدولة» كما هو الحاصل في لبنان- حزب الله، وهو ما يمنح الحوثيين مستقبلا التأثير الكبير على كل مجريات الأوضاع, والذي سيظهر من وراء الكواليس.
توقعات أخيرة.. طريق العودة
على الرغم من سعي حركة الحوثي في زيادة سيطرتها على الحكومة اليمنية من دون أخذ المسؤولية المباشرة عن إدارة الدولة اليمنية، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت قادرة على تحقيق هذا التوازن. في الواقع، ورث الحوثيون تلك التحديات نفسها, التي واجهت علي عبد الله صالح خلال عقود حكمه لليمن والذي وصفها ذات مرة من أنها تشبه “الرقص على رؤوس الثعابين”، بما في ذلك وجود دولة مفلسة وغير فاعلة، وبيئة قبلية منقسمة، يتصاعد منها دخان تمرد تنظيم القاعدة، والحراك الانفصالي في الجنوب والقوى الإقليمية التي تظهر مستعدة يوما بعد آخر في التدخل وتعزيز مصالحها الخاصة. قد يكون بإمكان الحوثيون النأي جانبا عن بعض إخفاقات الحكومة تحت توقعات متقدمة تقول إن أي انهيار قادم للقانون والنظام، أو السقوط الاقتصادي هو ما قد يثير الاستياء الشعبي ضد الحركة.
من غير المعقول للقوى السنية وزعماء القبائل التقليدية، الاستمرار في التوازن الحاصل الآن بعد نجاحات الحوثيين غير متوقعة، لكنها في الطريق إلى إعادة تنظيم نفسها تدريجيا، والتخطيط للعودة ثانية, والتركيز في خطوط المواجهة، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك بشكل عام. ويتعرض قادة التجمع اليمني للإصلاح لمحاولات إجبارية من طرف دول الخليج, من شأن نجاح هذه المحاولات تأجيج الصراع الطائفي ومحاربة الشيعة في الداخل, ما يمنح هذه الدول عددا من المكاسب السياسية الخاصة.
التنبؤ في معرفة ما سيكون عليه الوضع في اليمن مستقبلا, يعتمد بدرجة أكبر في معرفة ما يخطط له, ويود الحوثيون القيام به وتنفيذه خلال الأيام القادمة، هنالك قبول لدور الحركة كأحد أطراف الحكومة, لكنها بدرجة أكبر ستمارس التركيز في الاتجاه صوب تحقيق الفيدرالية الرسمية لمعاقلها شمال اليمن. وهنالك أيضا ما يؤكد رغبة الحوثيون الملحة وإصرارهم في تحقيق طموحات أعظم, تبهرنها حاليا, المحاولات الأخيرة في إعادة دمج الحركة داخل المشهد اليمني كحركة وطنية “ثورية”، إضافة إلى إصرارهم المستميت في دمج مسلحي الحركة في قوات الجيش، وتنفيذ غزوات وحروب جديدة في الحديدة ومأرب وعدن – سواء خارج حدود الزيدية التقليدية, معاقل الحوثيين أو داخلها.
بغض النظر عن أي تفسير آخر لمجريات الأحداث والتطورات في اليمن, أو النظر في المكائد السياسية للحوثيين، والصراع مع أطراف قوية أخرى مثل حزب التجمع اليمني للإصلاح وجماعات أخرى, يبقى من الواضح أن الشعور العميق بالضيق الاقتصادي والوضع المالي الكارثي، وتضاعف مؤشرات انخفاض عائدات النفط، ونقص المياه, والارتفاع الحاد في عدد السكان، يفرض على البلد مؤشرات عدم الاستقرار لسنوات قادمة.
- مؤسسة جيمس تاون للأبحاث والتحليلات العالمية/ ديسمبر 2014
- جيمس براندون
- ترجمة: أمين الجرادي
هامش:
- عنوان المادة الاصلي: الحوثية من الغموض إلى الهيمنة
- جيمس براندون محلل وصحفي متخصص في قضايا المخاطر السياسية والأمنية.
– مؤسسة جيمس تاون للأبحاث والتحليلات العالمية مؤسسة تهدف إلى توعية وتثقيف صانعي السياسات والمجتمع الأوسع حول الأحداث والاتجاهات السائدة في هذه المجتمعات التي تعتبر استراتيجيا أو تكتيكيا مهمة للولايات المتحدة وتتميز بصعوبة الوصول المعلومات المهمة التي يحتاج الوصول إليها. ويتم استخدام المصادر الأصلية والأولية، وتسليم المواد إلى جيمس تاون دون تحيز سياسي. جيمس براندون محلل وصحفي متخصص في قضايا المخاطر السياسية والأمنية.

اقرأ ايضا: