واشنطن تنقل المقر الإقليمي لاستخباراتها من صنعاء إلى مسقط
اخبار الساعة - العربي الجديد - الخليج الجديد بتاريخ: 15-02-2015 | 10 سنوات مضت
القراءات : (3343) قراءة
كشفت مصادر سياسية وأمنية أمريكية وثيقة الاطلاع، بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA» نقلت محطتها الإقليمية في جنوب الجزيرة العربية من اليمن إلى سلطنة عمان، وذلك بسبب الظروف الأمنية المتوترة وغير الملائمة في اليمن، وسط تهديدات إرهابية شبيهة بما شهدته بنغازي الليبية في 11 من سبتمبر/أيلول عام 2012.
وقالت المصادر الأمنية، في تصريحات لموقع «العربي الجديد»، بأن التهديدات التي تسببت في إغلاق السفارة الأميركية وسفارات دول غربية أخرى في صنعاء، تتعلق بالأنشطة المحتملة لتنظيم «أنصار الشريعة» الموالي لتنظيم القاعدة، بقيادة «ناصر الوحيشي» المكنَّى بـ«أبي بصير»، وليس أنشطة «أنصار الله» الذين يقودهم «عبدالملك الحوثي» المكنَّى بـ«أبي جبريل».
هذا وتقع السفارة الأميركية في منطقة الشيراتون شمالي العاصمة اليمنية بالقرب من حي سعوان، الذي تعتبره الأجهزة الأمنية الأميركية معقلا مهما لتنظيم القاعدة وأنصار الشريعة. وترددت في الآونة الأخيرة أنباء في الصحافة اليمنية عن اختباء القائد العسكري للقاعدة، «قاسم الريمي»، في المنطقة التي ظلت تمثّل هاجسًا أمنيا للسلطات اليمنية وبعد ذلك للحوثيين وأنصارهم من اللجان الشعبية.
وتفيد المعلومات المستقاة من المصادر نفسها، أن المسؤولين الأمنيين في السفارة الأميركية لدى اليمن، كانوا يخشون من إقدام القائد الميداني للقاعدة وأنصار الشريعة «قاسم الريمي»، المعروف كذلك باسم «أبوهريرة الصنعاني»، بمهاجمة محطة الاستخبارات المركزية في السفارة الأميركية أو مجمّع المباني التابع للسفارة في المنطقة المحيطة بفندق شيراتون، الذي أصبح مؤجرا بصورة حصرية للسفارة الأميركية.
وكانت الوكالة قد أنشأت محطتها في صنعاء في أواخر عهد الرئيس اليمني الأسبق «علي عبدالله صالح»، وفقًا لما كشفه الأخير قبل اندلاع ثورة 2011 ضده.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية يوم الخميس الماضي، عن مسؤولين أمنيين أميركيين حاليين وسابقين، أن «CIA» أجلت العشرات من عناصرها في اليمن، من ضمن حوالى 200 عنصر مدني وعسكري، كانوا يعملون في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء قبيل إغلاق السفارة.
وقال هؤلاء المسؤولون إن «من بين من تم إجلاؤهم محللون وضباط استخبارات كبار كانوا يعملون بصورة لصيقة مع أجهزة الأمن اليمنية لإحباط الخطط الإرهابية التي تستهدف الولايات المتحدة».
وفي الوقت الذي رفضت فيه وكالة «CIA» التعليق على ما ذكرته الصحيفة الأميركية، أكدت مصادر في الخارجية الأميركية أنه تم تغيير مكان عمل من تم إجلاؤهم ولم يعودوا إلى واشنطن.
هذا ويسود الاعتقاد لدى بعض الدبلوماسيين الأميركيين، أن «زملاءهم في صنعاء انتقلوا إلى عدن، لكن مصادر أكدت أنه جرى نقلهم إلى مسقط في سلطنة عمان، كمحطة جديدة دائمة لهم».
وكان «صالح» قد كشف للمرة الأولى عن وجود محطة للاستخبارات المركزية في بلاده أثناء نشوب أزمة الطرود المشبوهة المرسلة على متن الخطوط القطرية من اليمن، قبل أكثر من 4 أعوام، وضُبطت تلك الطرود في دبي ولندن، قبل أن تصل إلى العناوين المستهدفة في الولايات المتحدة.
وفي مؤتمر صحافي عقده أواخر من أكتوبر/تشرين الأول 2010، لإيضاح موقف نظامه من الأزمة المشار إليها، قال «صالح»: «تم التواصل مع مسؤولي محطة الاستخبارات الأميركية الـCIA في السفارة الأميركية لدى اليمن، ولم يكن لديهم معلومات، ومن ثم جاءت المعلومات من واشنطن، وتلقى جهاز الأمن القومي اليمني رسالة تفيد أن هناك رقم هاتف لامرأة قامت بإرسال وشحن الطردين».
وكانت تلك هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن وجود محطة للاستخبارات المركزية في صنعاء، وجاء الكشف عن ذلك في وقت كانت فيه علاقة صالح بالأميركيين في بداية اهتزازها.
وعقب سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة اليمنية في 21 من سبتمبر/أيلول الماضي، حيث نشب جدل بين كبار الدبلوماسيين الأميركيين بشأن مسألة بقاء السفارة الأميركية مفتوحة أم إغلاقها.
وأوضحت مسؤولة في الخارجية الأميركية رفضت الكشف عن اسمها، لصحيفة «العربي الجديد»، بأن الخوف من تكرار تجربة الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي، كان يمثل مصدر قلق لدى صنّاع القرار في واشنطن. ولم تكفِ تطمينات الوكالات الاستخبارية لصنّاع القرار بأن السفارة الأميركية ومحطة الاستخبارات بمنأى عن الخطر. ومع ذلك فقد دام الجدل بين الراغبين في الإبقاء على السفارة والساعين لإغلاقها من سبتمبر/أيلول الماضي حتى مطلع فبراير/شباط الحالي، حين اتُخذ القرار بإغلاق السفارة وإحراق كافة الملفات المهمة، خصوصًا تلك المتعلقة بأنشطة الاستخبارات.
وفي العاشر من الشهر الحالي، شوهدت سُحب الدخان تتصاعد من الأسوار الداخلية للسفارة الأميركية، فظن بعض السكان القاطنين في المنطقة بأن السفارة قد تعرّضت لانفجار أو اقتحام مسلح، ولكن القيادي الحوثي «أسامة ساري»، قال على صفحته على موقع فيسبوك إن السفارة الأميركية في صنعاء تتخلص من ملفات ووثائق أرشيفية كبيرة لعملائها وجواسيسها، مشيرا إلى أن إحراق الملفات يتم لليوم الثالث على التوالي.
وكانت عناصر المليشيات المسلّحة التابعة للحوثيين، قد فرضت قبل ذلك طوقًا على السفارة الأميركية، وأرسلت تعزيزات كبيرة إلى المنطقة المحيطة بالسفارة، ولم يتبادر إلى أذهان الجيران بأن تطويق الحوثيين للسفارة يجري ضمن عملية صديقة لتوفير الحماية لعمليات الإجلاء والإخلاء. حيث أن تطور لاحق روى شهود عيان أن حوالى 30 سيارة مصفحة تحمل عددًا غير معروف من الرجال والنساء انطلقت من السفارة الأميركية تحت حماية الحوثيين باتجاه مطار صنعاء الدولي، وغادرت في طائرة قيل إنها عُمانية باتجاه غير معلوم.
كما كشف عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» الحوثيين «علي ناصر البخيتي»، بأن آخر دفعة من الموظفين ورجال الأمن الأميركيين العاملين في السفارة في صنعاء، غادرت مطار صنعاء فجر الأربعاء 11 الحالي، وأنهم سلّموا أسلحتهم الشخصية كهدايا للسائقين والمودّعين اليمنيين، ولكن عناصر اللجان الشعبية التابعة للحوثيين صادرت السيارات من سائقيها بما فيها من حمولة وأسلحة ومنعت السائقين من العودة بالسيارات المدرعة إلى السفارة الأميركية.
وطالب «البخيتي»، الذي تشير تصريحاته في الأيام الأخيرة إلى أنه قد انشق عن المليشيات الحوثيين، الحركة بإعادة ممتلكات السفارة الأميركية والاعتذار عما حدث حتى لا ينظر العالم إلى الحوثيين على «أنهم ليسوا أهلا لتولي مقاليد حكم دولة، وأنهم مجرد مجموعات مسلّحة تتصرف كالعصابات التي لا تحترم أي اتفاقات وتعهدات ومعاهدات دولية».
وحذّر من أن ذلك «سيلقي بظلاله على علاقاتنا الدبلوماسية مع الكثير من دول العالم، كما أنه سيؤدي إلى عواقب وكلفة اقتصادية عالية ستنتج عن تعامل الدول الأوروبية ودول أخرى كثيرة مع اليمن، وبالتالي ستنشأ عن ذلك مشاكل اقتصادية جمة ناتجة عن الإيقاف المتوقع للتعاملات المصرفية ومختلف الضمانات التي تقدمها المصارف لتسهيل التعاملات التجارية».
ونصح «البخيتي» زملاؤه في قيادة المليشيات الحوثية، بإرسال رسائل إيجابية للعالم تخترق ما وصفه بالأجواء التحريضية ضدهم وتغيير نظرة الكثيرين إليهم، بالقدر الذي يمنح بقية السفارات دافعا للبقاء، قائلا إن لديه معلومات عن ضغوط بدأت الدول التي أغلقت سفاراتها في صنعاء تمارسها على الدول التي أبقت سفاراتها مفتوحة لاتخاذ اجراءات مشابهة.
وعلّق البعض على ما طرحه «البخيتي» بالقول، إن الأميركيين كانوا يُعرفون بالمصير الذي ستذهب إليه السيارات المدرعة التي يتجاوز ثمن الواحدة منها ربع مليون دولار.
اقرأ ايضا: