آن للجنوب أن يصنع الوحدة
مع مرور الوطن بمخاض صعب أجدها فرصة بعيداً عن أي تشاؤم قد يعتري هذه المرحلة التي سبق وأن شابها الكثير من اﻷخطاء حتى كاد الجميع يفقد الوطن بأكمله ، ها نخن اﻻن أمام عملية جراحية تطبيبية تشفي الجسد المعتل وتعيد الجروح كي تندمل ، ﻻ أجد الحل بيد المجتمع الدولي أو دول الجوار بل الفرصة بيدنا ابتداء من يد أبناء الجنوب ، ولن يقتصر ذلك النجاح على إعادة الوحدة إلى مسارها الصحيح بل إلى إعادة الدولة برمتها بمؤسساتها وجيشها وثقافتها ونهوضها ، هذه الفرصة التي يمتلكها أبناء الجنوب دون غيرهم من ثقافة راقية وحضارية في التعامل مع الجميع ، هذه المرحلة ستبدأ منذ وصل الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عدن خروجاً من ميليشيات ﻻ تطمح لبناء أي دولة في العاصمة صنعاء وصولاً إلى إعادة اعتبار الجنوب والشمال في مهمة سيكون الجميع تواق للمشاركة فيها ودعمها ، لا أجد للرئيس "هادي" إلا هذه الفرصة التاريخية لصناعة دولة موحدة قوية تعمل على استعادة الجيش والأمن إلى جميع أرجاء الوطن ، وإحلال الأمن بدل الخوف لتكون الشرعية التي منحه الجميع في محلها في ثاني تجربة عاناها الرئيس والشعب ، ولن تتكرر هذه الفرصة لجميع الأطراف السياسية للمشاركة مع إخواننا في الجنوب لقيادة المرحلة انطلاقا من العاصمة "عدن" ووصولاً إلى بقية المحافظات في الشمال .
الرئيس "هادي" لن يكن في مأمن إذا لم يصدر قرارات حازمة بحق الميليشيات التي صادرت ممتلكات الدولة والجيش واستعادة المؤسسات الإعلامية الحكومية من يدها ، ولن يكون ذلك إلا بالتشاور المستمر مع جميع القوى السياسية الوطنية للخروج بحوار موحد يعمل على تسيير المرحلة وفق رؤية واضحة تؤسس لشراكة وطنية دون إقصاء ، يأتي التوجه الدولي الذي يدعم هذه المرحلة وسيرها في سبيل إستقرار اليمن وفق شرعية الرئيس "هادي" والعمل على استعادة العلاقات الدبلوماسية والعودة إلى عملها انطلاقا من العاصمة عدن ، الأهم إعادة التعيينات في المناصب الحكومية وخاصة المحافظين وفق توافق سياسي ومعايير وطنية واستبعاد الشخصيات الهزيلة التي سيكون دورها سلبي وتكون عبئ على هذه المرحلة ، يأتي سحب العناصر المسلحة من تحت يد الميليشيات وإعلان باب قبول الانضمام إلى السلك العسكري عبر معسكرات تتمركز وسط اليمن الحل الناجع لمواجهة استغلال البطالة وفاقة الناس من قبل تجار الحروب ، فيما يجب فيها مراعاة الجانب الأمني لتحاشي الاختراقات التي قد تصل من مراكز تواجد المسلحين إلى المناطق المستقرة ، من ضمن ذلك مراقبة تدفق الأموال والأسلحة من الدول الداعمة للميليشيات ومحاصرة المنافذ البحرية والسيطرة عليها وإلغاء التعيينات المشبوهة عليها .
جميعنا في هذه المرحلة سنقف إلى جانب الوطن والسير به بر الأمان ولن تخذلنا الشخصيات الوطنية الجنوبية التي نتمنى أن تدعم "هادي" وتقويه ليكون بها صاحب قرار وطني يسجله التأريخ لكل من يساهم في استقرار اليمن والخروج بنا من فضاء ألا دولة التي نعيشها في ظل نهب أسلحة الجيش وتقويض العملية السياسية بالمذهبية والاستفراد بالسلطة والثروة ، ما يجعلنا نتفاءل هي تلك الثقافة الجنوبية العدنية الخالية من العنصرية والمناطقية والإرث العلمي الذي نشأ عليه معظم أبناء عدن ، يستوقفنا تأريخ الوحدة ليؤكد أن الجنوب كان سباق في إرساء دعائمها وباستطاعته مجدداً أن يعيد الدولة والوحدة في هذه المرحلة ، وقبل أن يخوض الرئيس "هادي" هذه المرحلة عليه أن يختار بناء الدولة التي يطمح إليها الجميع تحت ما أبقى له التاريخ من فرص أو زرع حقل من ألغام وحروب تطول فصولها بين متآمرين وأعداء نهوض هذه المرحلة .
ما بقي في هذا المقام إلا أن تعي تلك الدول التي تحيك خيوط الحروب وانتقالها إلى اليمن بأن هذه المرحلة سيخرج منها جميع أبناء اليمن بسلام وتوافق رغم تلك الأموال والأسلحة التي تتدفق وتلك الوسائل الإعلامية التي أنشئوها لتبث الحقد والكراهية وتبث العنصرية والطائفية وتقضي على وحدة الوطن وأمنه ، ولن نتردد كما اعترفنا بمظلومية أبناء الجنوب أن نعترف بأحقيتهم في إدارة البلاد في هذه المرحلة بطريقة تمكنهم من تسيير شؤون البلاد من العاصمة اليمنية عدن ، هذه الفرصة التاريخية سيقف معها جميع أبناء الوطن بل سيناضل من أجلها الشرفاء في الشمال والجنوب إن صدقت النوايا واكتفى الرئيس "هادي" بتلك التجارب التي مرت عليه في ظرف لم يكاد ينجو منه لولا عناية الله بشرفاء الوطن المتمسكين بمبادئ الثورة والنضال السلمي والرافضين لتكل الميليشيات التي باتت تلغم العاصمة صنعاء من كل جانب .