برزخ التاريخ السياسي في اليمن!
كم هو مظلوم تاريخنا السياسي ..وكم هم الرجال الذين خذلهم التاريخ ؟! .قبل ثلاثة أسابيع جمعتني أنا وأحد الزملاء جلسة مقيل مع أحد أحفاد الشيخ الشهيد أحمد سيف الشرجبي -رحمة الله عليه- أثناء ذلك تبادلنا الحديث عن حياة الشيخ وأدواره النضالية...
كان اللقاء بالنسبة لي فرصة ذهبية للتعرف عن الراحل الشرجبي من أحد أحفاده ..عملت جهدي كي أمسك بزمام الجلسة وتهديفها للغرض ذاته... كنت أهرول بين المحاور التي أتصورها عن الشيخ تتوارد علىّ الأسئلة...كل سؤال من الأسئلة المطروحة كي تجيب عليه تحتاج إلى نبش مقبرة بأكملها ! البحث في تاريخنا السياسي أشبه بالبحث في عالم البرزخ لكي تفهمه لابد أن تُدخل الجزء الأكبرمنه ضمن الإيمان الغيبي!ما تجهله أنت عن أحد الرموز الوطنية -كالشرجبي أو الحمدي مثلا- تجد أن أحفاده وأقاربه أشد جهلا منك به ..والجواب الوحيد الذي يمكن أن تحصل عليه عند سؤالك عن رمز من هذه الرموز أشبه بذلك الجواب الذي كتبه أحد الطلبة لمعلمه عندما طلب منه أن يكتب عن حياة أحد الشعراء فأجاب الطالب هو: شاعرعاش ومات !.من قتل الشرجبي ؟ سؤال ما زال الأبناء ومن بعدهم الأحفاد يطرحونه لكنهم لم يلقوا له جوابا!
من قتل مشايخ تعز ؟! من قتل الحمدي ..و ..من..؟؟ !هل يعقل أن الشعب كان بهذه الدرجة من السذاجة يقتل مشايخه ..وقادته ورموزه ..وتسير الأمور هكذا ويبقى عرضة للشائعات والأقاويل دون أن يتساءل من وراء ذلك! أم أن السماحة والطيبة هي التي أوصلت أبناء الشعب إلى هذه الدرجة من التبلد !
عشنا هذا الأسبوع ذكرى استشهاد الرئيس إبراهيم الحمدي - رحمة الله عليه-هذه القامة الوطنية ورمز الدولة المدنية الذي يردد الشعب ذكره ويحنون إلى حكمه كل يوم كيف سمح الشعب لتلك الأيادي الغادرة كي تغتاله وتغتال معها
تاريخه؟
ونحن نعيش ذكرى ثورتي سبتمبر وأكتوبر كم من الأبطال الذين غيبهم التاريخ ولم تذكر أدوارهم في الوقت الذي تصم أذاننا بالكلام عن بطولات وانجازات لشخصيات بينها وبين البطولة والانجاز مسافات تقاس بالسنين الضوئية !
نقولها وللأسف الشديد إن نصف تاريخنا السياسي مجهول ..، والنصف الأخرتختلط فيه الحقائق بالشائعات والأكاذيب ويستحيل إذا أردنا السير نحو المستقبل أن نترك تاريخنا السياسي في البرزخ دون بعث أو إحياء....!