«حرب الفضائح» على تلفزيونات مصر تفتح جدلاً كبيراً حول معنى الحرية
فجر الإعلامي المصري المثير للجدل أحمد موسى والمعروف بقربه من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقربه أيضاً من نظام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، فجر فضيحة مدوية عندما نشر صوراً جنسية للمخرج السينمائي والنائب البرلماني خالد يوسف، ليعود المذيع وبرنامجه الى الواجهة مجدداً في مصر، ويفتح جدلاً موازياً عما إذا كانت الحريات الإعلامية تتيح لبرنامج تلفزيوني أن يتجسس على الناس وينشر خصوصياتهم على الملأ، فضلاً عن أسئلة كثيرة تداولها النشطاء على الانترنت والمراقبون من مثل ما هي الحرية التي تتيح التعدي على حياة الناس الشخصية، بينما لا تتيح انتقاد مسؤول حكومي واحد يقصر في عمله.
وفوجئ الجمهور في مصر بالإعلامي أحمد موسى يعرض خلال برنامجه (على مسؤوليتي) الذي تبثه قناة (صدى البلد)، مجموعة من الصور الجنسية الفاضحة التي يدعي أنها تعود للمخرج خالد يوسف الذي أصبح مؤخراً نائباً في البرلمان المصري، وهو أول برلمان بعد وصول السيسي الى الحكم في أعقاب الاطاحة بجماعة الاخوان المسلمين منتصف العام 2013.
وعرض موسى صوراً فاضحة في أوضاع مخلة مع سيدات، مؤكداً أنه يملك عشرات الصور الفاضحة والفيديوهات الخاصة بالنائب البرلماني. وطالب موسى يوسف بمواجهته والرد على ما يملكه من مقاطع مخلة والرد على مدى صحتها.
يوسف يرد
وجاءت المزاعم التي بثها أحمد موسى على فضائية «صدى البلد» بالتزامن مع ادعاءات تقدمت بها زوجة عميد كلية الآداب في جامعة الاسكندرية قالت فيها إن المخرج خالد يوسف تحرش بها جنسياً، وقالت السيدة إنها تقدمت ببلاغ للنيابة ضد يوسف بهذا الصدد، وهو ما يبدو أن يوسف ينفيه جملة وتفصيلاً، حيث ينفي واقعة التحرش وينفي صحة الفيديوهات والصور ويؤكد أنها مفبركة.
وقال في اتصال هاتفي مع الإعلامي عمرو أديب ببرنامج «القاهرة اليوم»: «لن أقول أي شيء في تفاصيل القضية إلا أمام النيابة»، وذلك فيما يتعلق بادعاء التحرش، لكنه أضاف قائلاً: «متأكد من براءتي وسآخذ حقي بالقانون، وأضع من اتهموني في السجون واتهامهم ليس عارياً عن الصحة فقط، بل من المنطق عموماً».
وأكد أن فيديوهات أحمد موسى مفبركة ولا أصل لها، وإن الهدف منها سياسي فقط، مضيفاً: «القضية ليست أخلاقية وإنما سياسية، والدليل على ذلك الربط بين قضية التحرش وفيديوهات فاضحة مفبركة، لذا فمن الواضح أن الموضوع غرضه التشهير ليس أكثر».
وحتى يُثبت يوسف أن الفيديوهات مفبركة قال: «طلبتُ مقطع فيديو من المنسوبة إلي وتعهدت بأن أضع شخصاً متوفى فيها، السينما المصرية تعمل على الخدع من الأربعينات».
ومن المعروف أن الفنان خالد يوسف هو أحد أبرع وأشهر المخرجين في مصر، كما يُنسب له القيام بترتيب وإخراج الصور والفيديوهات المتعلقة بتظاهرات يوم الثلاثين من يونيو/حزيران 2013، وهي التظاهرات التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي، ويقول الكثير من المعارضين لتلك التظاهرات أنه تم تضخيمها ومونتاجها بشكل سينمائي للترويج بأن الملايين خرجوا إلى الشوارع للمطالبة بإنهاء حكم مرسي.
إدانة واسعة
وأدانت 15 منظمة حقوقية في مصر ما قام به الإعلامي أحمد موسى من تشهير واعتداء على الحياة الخاصة ليوسف، ونددت بتعدي بعض الإعلاميين على حرمة الحياة الخاصة للشخصيات والأفراد، معلنة تضامنها مع ضحايا التجسس، في ظل عدم قيام الجهات الأمنية والقضائية بدورها في تعقب المجرمين ومعاقبتهم.
وقال بيان صادر عن المنظمات الـ15 حصلت «القدس العربي» على نسخة منه إننا «نعرب عن انزعاجنا البالغ من إذاعة قناة «صدى البلد» حلقةً يوم الاثنين 14 ديسمبر/ كانون الأول 2015 من برنامج يقدمه الصحافي أحمد موسى، نشر فيها صوراً من الحياة الخاصة لمن ادعى أنه أحد الشخصيات العامة وطالبه بشرح موقفه والخروج للرأي العام للبت في صحة أو خطأ نسبة هذه الصور له».
وأضاف البيان: «تأتي هذه الحادثة في سياقٍ أوسع يستمر فيه إعلاميون في التعدي على خصوصية الأفراد بنشر صور شخصية ومقاطع فيديو ومقاطع من مكالمات تليفونية لطيفٍ واسع من الأفراد، لا يقتصر على الشخصيات العامة أو المنشغلين بالشأن العام، لأغراض تتعلق بالتهديد والابتزاز أو لمجرد الفضح أو لتحقيق نسب مشاهدة عالية».
وشدد البيان على أن الحياة الخاصة للأفراد لها حرمتها وليست محلًّا للجدل العام ولا ينبغي لها أن تكون، وأن الخزي كله يجب أن يلحق بمن ينتهك الدستور والقانون ويحصل على معلومات عن حياة الناس الخاصة وينشرها على العموم.
وأضافت المنظمات الحقوقية: «الوضع لم يكن من الممكن له أن يصل إلى هذه الدرجة من السوء لو قامت الجهات الرسمية في الدولة، من الشرطة والنيابة العامة، بدورها في تعقّب المجرمين ومعاقبتهم بعد محاكمات عادلة بموجب مواد قانون العقوبات رقم 309 مكرراً و309 مكرراً (أ) والخاصة بالتجسس وإذاعة محادثات تليفونية وصور شخصية، والتي عقوباتها الحبس».
ودعت المنظمات الحقوقية نقابة الصحافيين المصرية إلى القيام بدورها في المحافظة على حِرَفية واستقلال الصحافة، وتعمل على محاسبة من يسيء إلى مهنة الخبر والرأي، ويضعف قدرتها على المساهمة في إقامة مجتمع ديمقراطي يحظى فيه الأفراد بالحماية والقبول والإشراك.
جدل على الانترنت
وأثارت الفضيحة التي قذف بها أحمد موسى في وجوه المشاهدين موجة من الانتقادات والجدل على الانترنت وفي شبكات التواصل الاجتماعي، كما أثارت الكثير من الأسئلة التي تتعلق بمسؤولية الصحافيين، وما يجوز لهم، وما هي الأمور التي يمكن تناولها فيما يتعلق بالشخصيات العامة.
وكتب الناشط المصري سامي كمال الدين معلقاً: «ليس من حقي محاسبته على حياته الشخصية لكن من حقي تحميله المسؤولية على ما آل اليه الوضع في مصر بعد انقلاب الثالث من يوليو /تموز لدوره فيه».
أما الكاتب الصحافي والناشط السياسي عمرو عبد الهادي فكتب على «تويتر» ساخراً: «انا مش متضايق ان فيه فيديو جنسي للمخرج خالد يوسف انا بس خايف يكونوا سجلوه في مجلس الشورى وهو بيكتب دستور السيسي في لجنة الخمسين».
أما ناشط آخر فطرح على «تويتر» السؤال التالي: «خدم خالد يوسف في بلاط 30 حزيران/يونيو، كأفضل ما يكون، فلماذا قرروا قطع رجليه، بهذه الوحشية غير الأخلاقية على باب البرلمان؟».
وكتبت إلهام من قطر: «قاع الانحطاط في الإعلام المصري.. بعد عرضه صوراً فاضحة على شاشة التلفزيون يقول: ما نقدرش نعرضها كلها».
ولفت الناشط وائل خليل الى جانب يغيب عن الكثيرين في هذه القضية قائلاً: «لا تدع موقفك من خالد يوسف – او الكتاتني- يعميك عن أن سكوتك على انتهاك حقوقهم بيقوي عصابة الداخلية وبيضرك شخصيا دلوقت وفي المستقبل» في اشارة الى ضرورة التضامن مع من يتم انتهاك حقوقه بغض النظر عن موقفه السياسي.
وقال أحد النشطاء راصداً عدة أحداث: «عبد الحليم قنديل اتمنع من السفر.. خالد يوسف يتم التشهير به إعلامياً.. الأسواني تم منع إقامة أي ندوات ليه.. الانقلاب بياكل طبالينه المتلونين».