اخبار الساعة

لماذا تظهر السعودية استعدادا أكبر للتفاوض مع الحوثيين؟

اخبار الساعة - وكالات بتاريخ: 19-03-2016 | 9 سنوات مضت القراءات : (8468) قراءة
على مدار أشهر، أجرى الحوثيون والسعوديون مباحثات في الرياض وليس فقط في الآونة الأخيرة على النحو الذي قدمته تقارير الأسبوع الماضي. لكن محادثات السلام الرسمية فشلت، حيث أصرت المملكة على تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برقم 2216 الذي يدعو إلى الاستسلام الكامل للحوثيين. ما الدافع إذا وراء صفقة تبادل الأسرى بين الحوثيين والسعوديين، ووقف القتال على الحدود السعودية والتطورات التي يجري الحديث عنها مؤخرا؟
 
أحد هذه الدوافع قد تكون اقتصادية. في أعقاب توارد الأنباء حول حدوث تقدم في المحادثات السعودية الحوثية، جاء الإعلان أن المملكة العربية السعودية تستعد للقرض الأول لها منذ أكثر من 10 سنوات بقيمة 6-8 مليارات دولار. تجاوز عجز الميزانية في المملكة 100 مليار دولار في العام الماضي، ورغم أن المملكة لا تبدو في تلك الورطة الاقتصادية التي يوضحها طلب القرض، إلا أن مواردها ليست بلا حدود.
 
أحد الأسباب أيضا قد يكون هو ذلك الطوفان من الضغوط والانتقادات التي تتعرض لها المملكة لأسباب عدة، بداية من قيامها بقصف مواقع مدنية في اليمن إلى سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان وقيامها بإعدام المعارضين السياسيين. خلقت الحرب في اليمن أزمة إنسانية واسعة النطاق: حوالي 85% من اليمنيين بحاجة ماسة إلى الماء والغذاء والدواء، والوقود، بإجمالي تعداد يبلغ 21.2 مليون شخص منهم 9.9 مليون طفل. ويتم تداول تقارير تفيد بأن اليمن قد صار على حافة المجاعة منذ أكثر من 6 أشهر.
 
هذه المشاكل ليست جديدة. وقد سعت العديد من المجموعات للتصدي لها. فقط في الخريف الماضي، نجحت المملكة في خنق محاولة هولندية لتشكيل بعثة لحقوق الإنسان إلى اليمن، بدعم من الولايات المتحدة على ما يبدو. أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني أن حملة القصف السعودية قد أسفرت عن هجمات واسعة النطاق ومنهجية ضد أهداف مدنية. سعت الأمم المتحدة كذلك جاهدة لاحتواء الأزمة الغذائية الطائرة في البلد، ولكن رفض المملكة العربية السعودية التعاون حيال الأمر قد جعل الاستجابة الدولية تجاهه محدودة بشكل عام.
 
خلال الشهر الماضي، ومع ذلك، تزايدت الانتقادات الموجهة للمملكة بخصوص الأزمة الإنسانية في اليمن وحول القمع الداخلي في البلاد لتصل إلى مستويات سياسية مرتفعة. فتح مجلس الأمن الدولي مؤخرا مناقشات حول قرار لمعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن، على الرغم من إظهار القليل من الاهتمام تجاه الأمر منذ بضعة أشهر فقط. ورغم أنه لا يزال قيد النظر، فإن هذا القرار قد يشمل حماية المستشفيات وتقديم المساعدات الإنسانية، وتيسير سبل ذلك من جميع الأطراف. إذا تم تمرير مثل هذا القرار فإنه سوف يشكل ضغطا كبير على المملكة العربية السعودية نظرا لأنه يمثل خروجا على قرار مجلس الأمن السابق والذي يكتفي بإدانة الحوثيين. تبدو المملكة منزعجة بشكل واضح من اهتمام مجلس الأمن باليمن. وقال السفير السعودي لدى الأمم المتحدة أنه لا حاجة لمثل هذا القرار نظرا لأن المملكة العربية السعودية تشن حملتها لاستعادة الحكومة الشرعية ولا تستهدف أي مواقع مدنية.
 
ولكن ذلك لم يبد أنه أقنع أيا من الدول الأخرى. في المملكة المتحدة، بدأ أعضاء البرلمان تحقيقا لتحديد ما إذا كانت الأسلحة التي باعتها بريطانيا إلى المملكة العربية السعودية قد استخدمت في ارتكاب جرائم حرب في اليمن، الأمر الذي يشكل انتهاكا للرقابة على الصادرات البريطانية. وقد دعمت الحكومة البريطانية بشدة تشكيل لجنة الأمم المتحدة التي من شأنها أن تبحث في وقائع قصف الأماكن المدنية.
 
وقد نجح الضغط المنظم من المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في أوروبا في إجبار البرلمان الأوروبي أن يدعو إلى فرض حظر لتوريد الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية ضمن نطاق دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى الحاجة الملحة إلى إجراء تحقيق كامل في جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي. ورغم أن القرار ليس ملزما من الناحية القانونية، فإن المزيد من المبادرات تجعل من الصعب على الدول بيع الأسلحة إلى السعودية دون أن تتعرض إلى انتقادات سلبية.
 
في الولايات المتحدة، فإن السيناتور «كريس ميرفي» من لجنة الخدمات في مجلس الشيوخ قد كسر جدار الصمت حول التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية، وأثار قضية وقف الدعم العسكري لقوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن، مشيرا إلى الأدلة المتزايدة حول سقوط قتلى من المدنيين، وقال إن دعم الولايات المتحدة للحملة الجوية السعودية قد ساهم بشكل مباشر في الأزمة الإنسانية وسهل الظروف لتوسع التطرف الإسلامي.
 
ولعل أبرز ما أعرب عنه الرئيس «باراك أوباما مؤخرا» هو شعوره بالإحباط لكونه مضطرا أن يتخذ المملكة العربية لسعودية كحليف لأسباب جيوستراتيجية. وتأتي تعليقات «أوباما» في السنة الأخيرة من ولايته لتضع المزيد من الضغوط على المملكة العربية السعودية في مساعيها للاحتفاظ بدعم واشنطن. وكان الافتراض التقليدي أن المنطق الجغرافي الاستراتيجي سوف يربح دائما في مواجهة نداءات إنهاء تلك التحالفات التي طال أمدها في المنطقة بدافع الاستقرار.
 
ولكن مع السيناريو الكارثي للحروب الأهلية وانهيار الدول وتصاعد التطرف، فإن المملكة العربية السعودية تتعرض لانتقادات متزايدة بسبب دورها في هذه الصراعات. على الرغم من أن الملك «سلمان» ونجله وزير الدفاع الأمير «محمد بن سلمان» يبدوان عازمين على لعب دور عسكري نشط في المنطقة، فإن الانتباه العالمي إلى تكاليف طويلة الأمد للحرب في اليمن والقمع داخل المملكة قد ولد ربما دافعا لإنهاء الحرب خلال الأشهر المقبلة، حتى وإن كان ذلك يعني منح مقعد للحوثيين.
المصدر : أتلانتيك كاونسل
اقرأ ايضا: