القصة الكاملة لجريمة مقتل منى مفتاح اليمنية في القاهرة قصة حب أنهت حياتها وهاتفها كشف اللغز
اخبار الساعة بتاريخ: 14-08-2016 | 8 سنوات مضت
القراءات : (20871) قراءة
عت أهلها في اليمن منذ أربع سنوات، وجاءت إلى مصر تطلب العلم في سبيل تحقيق حلم ظل يراودها وهي تدرس في كلية السياسة والاقتصاد... حلمت أن تصبح سفيرة لبلادها في الخارج، فاتخذت أولى خطواتها نحو هذا الحلم باستكمال دراستها العليا، إلا أن الأمل تلاشى عندما وقعت في شباك الهوى، ودفعت حياتها ثمناً له.
باختصار، كانت هذه هي قصة الباحثة منى مفتاح، اليمنية الجنسية، التي عثر على جثتها متفحمةً في مسكن كانت تستأجره في منطقة المنيل في جنوب القاهرة، بعد نشوب حريق، إلا أن المعاينة المبدئية كشفت وجود شبهة جنائية بعد مناظرة الجثة والعثور فيها على طعنات عدة في الظهر.
الجنرال اليمني
رغم وجود بعثرة في محتويات الشقة واختفاء بعض أغراض القتيلة، مما يشير إلى أن الجريمة قد ارتُكبت بدافع السرقة، إلا أن وظيفة والدها فرضت على الأحداث بعداً سياسياً، فالأب هو اللواء محمد مفتاح عبدالرب، القائد في الجيش اليمني إبان حكم علي عبدالله صالح. البعض صوّر الجريمة بأنها جاءت بدافع الانتقام من الأب، بسبب الأحداث السياسية التي تشهدها اليمن، الأمر الذي جعل الجميع يتعاطفون مع فتاة دفعت حياتها ثمناً لمواقف والدها، وكان أولهم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي قدم التعازي لوالد القتيلة، وكلف رئيس الوزراء اليمني ووزير الخارجية بمتابعة الموقف مع الجانب المصري.
وقفة احتجاجية
لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث دعت الجالية اليمنية في القاهرة إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام سفارة بلادهم للمطالبة بحق القتيلة وسرعة الكشف عن المتورط في الجريمة، خاصة بعد ما أُشيع عن اندلاع حريق وللمرة الثانية في مسرح الجريمة لطمس الأدلة. وفي سبيل تهدئة الموقف، أصدر السفير محمد الهيصي، القائم بأعمال السفير اليمني في القاهرة، ومندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية، بياناً أكد فيه أن السفارة لن تتوانى عن الدفاع عن حقوق رعاياها، ولذلك تم تشكيل لجنة عمل لمتابعة التحقيقات التي تجريها السلطات المصرية بشأن الحادث.
إثارة الرأي العام
كاد الموقف يتأزم، خاصة في ظل محاولات البعض المستميتة لتأجيج الأحداث وشحن الرأي العام ضد الجانبين المصري واليمني في الوقت ذاته، لكنّ جهوداً موفقة بذلها رجال المباحث في مصر نجحت في إسكات الجميع، من خلال كشف هوية الجاني وإلقاء القبض عليه في اليوم الخامس لوقوع الجريمة، التي كشفت التحقيقات فيها أنها لا تحمل أي أبعاد سياسية، وأن علاقة عاطفية بين القتيلة والمتهم كانت وراء الحادث. أحداث القصة بدأت في عام 2012، عندما أوفدت جامعة صنعاء الباحثة منى محمد مفتاح، وكانت وقتها قد حصلت على ماجستير في الاقتصاد والعلوم السياسية، وتبلغ من العمر 24 عاماً للحصول على دبلوم المفوضية من جامعة القاهرة، من أجل التقدم للعمل في الخارجية عقب ذلك. نجحت الفتاة في الحصول على مسكن تقيم فيه برفقة فتاة يمنية أخرى تدرس في كلية الطب، وذلك في منطقة المنيل التابعة لمصر القديمة في جنوب القاهرة، حيث تقيم كلتاهما في حجرة منفصلة، ورغم أنهما تنتميان الى الجنسية نفسها، كانت علاقتهما محدودة، حيث تستقل كل منهما بحياتها وعلاقاتها عن الأخرى.
اكتشاف الجريمة
يوم الجريمة كانت الفتاة الثانية تبيت ليلتها في مستشفى قصر العيني الشهير كطبيبة امتياز بعدما انتهت من دراستها في كلية الطب، وعادت في الصباح إلى المسكن لتكتشف فاجعة أفقدتها صوابها. اشتمّت الفتاة رائحة أدخنة تغطي المكان وهي تصعد سلالم المنزل الذي تقيم فيه بصحبة ابنة بلدها، من دون أن يخطر في بالها أن الرائحة تنبعث من داخل الشقة التي تسكنها، فارتفعت صرخاتها طالبة الاستغاثة بعدما عثرت على صديقتها جثة متفحّمة في الداخل. بعد لحظات، كان رجال الشرطة ينتشرون في المكان بناءً على بلاغ ورد من هنادي أحمد حسين، 27 سنة، يمنية الجنسية، باكتشافها مقتل صديقتها «منى» داخل مسكنهما عقب عودتها في الصباح من المستشفى.
شبهة جنائية
معاينة رجال المباحث كشفت من الوهلة الأولى وجود شبهة جنائية، رغم احتراق جسد القتيلة بالكامل في ما عدا قدميها، حيث تبين وجود طعنات عدة في الصدر والظهر، في الوقت الذي وجدت جثتها ملقاة على «كنبة» في صالة المنزل ومغطّاة ببعض ملابسها، في حين تبين وجود بعثرة في محتويات غرفتها واختفاء متعلقاتها. المشهد كشف أن الجريمة وقعت بدافع السرقة، خاصة بعدما تبين أن القتيلة كانت مسافرة وحضرت قبل الحادث بأيام ومعها مصاريف الدراسة والإقامة في القاهرة، لكن الأدلة التي عثر عليها في مسرح الجريمة أكدت وجود علاقة بين الجاني والمجني عليها سمحت له بدخول المسكن.
حيلة الجاني
عثر رجال المباحث على آثار كوبين فيهما بقايا مشروب كحولي، إلى جانب شموع في جوار الجثة وضعها القاتل للإيحاء بأن الفتاة غطّت في نوم عميق، فأمسكت الشموع المشتعلة بها لتحرقها، خاصة بعدما كشفت التحريات عدم انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة وقت ارتكاب الجريمة، مما يبرر عدم حاجة الضحية إلى إشعال الشموع. وضع الجاني أمام رجال المباحث احتمالاً آخر، حيث لجأ إلى بعثرة محتويات الشقة ليبدو الأمر كأن الجريمة وقعت بهدف السرقة، في حال اكتشاف أن الفتاة قُتلت قبل أن تطاول النيران جثتها، واستولى على هاتفها وجهاز «آي باد» خاص بصديقتها، لكن هذا الاحتمال صعب التصديق، خاصة أن المنطقة يقيم فيها عدد كبير من قيادات وزارة الداخلية ورجال المباحث الجنائية، وينتشر فيها أفراد الشرطة والحراس المرافقون لهم، فيخاف أي لص من الاقتراب بفضل الأمن المكثف فيها.
كشف الجريمة
ذكاء المتهم لم يمكّنه من معرفة أن هاتف القتيلة سيقود رجال المباحث إلى الإيقاع به بأسرع ما يتصور، حيث تمت مخاطبة شركات المحمول لمعرفة الاتصالات التي صدرت من هاتف القتيلة قبل وقوع الجريمة، لتتوصل المعلومات إلى انحصار علاقاتها في 30 شخصاً من أصدقائها وزملائها وأقاربها في القاهرة، إلا أن هناك أحد الأشخاص كانت تتصل به القتيلة بصفة مستمرة، وأن رقم هاتفه كان أول رقم تتصل به عقب عودتها الى القاهرة، فضلاً عن أنه الرقم الأخير الذي اتصلت به، وبتتبع هذا الرقم تبين وجود صاحبه في المنطقة ذاتها وبالتزامن مع وقوع الجريمة. صاحب الهاتف يدعى مصطفى أحمد، 29 سنة، حاصل على بكالوريوس سياحة وفنادق، وبالتوجه إلى محل إقامته في منطقة الجيزة، تبين أنه سافر إلى بلدته في إحدى محافظات الوجه البحري في مصر، فتم على الفور توجيه مأمورية نجحت في إلقاء القبض عليه. فور مشاهدة المتهم لرجال المباحث، أدرك أن أمره قد انكشف، وعليه الاعتراف بتفاصيل جريمته، التي بدأت منذ قدوم المجني عليها للإقامة في القاهرة، حيث تعرف إليها في جامعة القاهرة وارتبط بها بعلاقة صداقة، سرعان ما تطورت الى علاقة حب.
اعتراف
15 ألف دولار خاصة بالضحية استولى عليها المتهم، إلى جانب جهاز «اللاب توب» الخاص بها، وجهاز «الآي باد» الخاص بزميلتها وهاتفها المحمول، وفي الطريق ألقى المسروقات في النيل، في حين احتفظ بالأموال المستولى عليها. عثر على مبلغ 288 ألفاً و500 جنيه مصري، اعترف بأن بينها 165 ألف جنيه هي قيمة تصريف العملة الى المصرية، إلى جانب مبلغ 110 آلاف جنيه سبق أن حصل عليها من القتيلة على فترات لتنفيذ مشروع تجاري. قرر المتهم في اعترافه أنه ارتكب جريمته بدافع إنهاء علاقته غير الشرعية بالقتيلة، إلى جانب المبالغ المالية التي استولى عليها منها، فقرر التخلص منها بتلك الطريقة وإشعال النيران فيها لإخفاء معالم الجريمة.
المصدر : مجلة لها
اقرأ ايضا: