واشنطن تواصل تناقضاتها بلوم السعودية وضرب أعدائها في اليمن !
لم يكن القصف الأميركي المحدود لمواقع حوثية إلا إشارة جديدة إلى حالة الارتباك التي تعيشها الولايات المتحدة وتناقض مواقفها في قضايا الشرق الأوسط. ولم يعد بوسع المراقب أن يعرف مع من تقف واشنطن وضد من تتحرك في اليمن أو سوريا.
وقال متابعون للشأن اليمني إن الصواريخ الأميركية التي طالت ثلاثة مواقع للرادار على ساحل البحر الأحمر كان الهدف منها الرد على استهداف الحوثيين المدمرة “يو أس أس نيتز”، أي الدفاع عن صورة الولايات المتحدة حتى لا يعمد أي كان مستقبلا إلى استهداف سفنها.
لكنّ الردّ محسوب بدقة ويحمل رسالة إلى الحوثيين وإيران من ورائهم بأن القصف لا يعني انحيازا للسعودية في الحرب ضدهم، وذلك حتى لا يبدأ الإعلام الموالي لهما بالاستثمار في الأمر كما يفعل حزب الله اللبناني الذي يلتقط أي إشارة تبرر عداءه لأميركا ليردد خطابه الدعائي التقليدي للتغطية على تآكل شعبيته.
ويجسد حادث القصف حالة جديدة من التناقضات الأميركية تشبه إلى حد كبير التناقضات في سوريا، فهي تلوم السعودية على قصف قوات التحالف العربي مواقع للحوثيين، وتلوح جهات أميركية بتجميد صفقة بيع أسلحة للمملكة قيمتها 1.15 مليار دولار على خلفية محاذير استهداف المدنيين.
لكنّ واشنطن التي تضغط على الرياض، تقصف أعداء السعودية في نفس الوقت بدعوى تهديدهم لأمنها بما يوحي بتجاهلها لأمن السعودية.
والأمر نفسه يتكرر في سوريا، حيث تظهر واشنطن دعمها للمعارضة السورية، لكنها تمنعها من الحصول على الأسلحة الفعالة وتوقف عنها الدعم المالي الذي سبق أن أعلن عنه أوباما.
وقصفت واشنطن للمرة الأولى مواقع للحوثيين في اليمن، ردا على استهداف مدمرة أميركية في البحر الأحمر للمرة الثانية خلال أربعة أيام بعد أن أجاز الرئيس الأميركي باراك أوباما العملية.
وأتى القصف بعد استهداف صاروخي للمدمرة “يو أس أس ماسون” الأربعاء، هو الثاني منذ الأحد. ولم تصب المدمرة في المرتين. ووضع المسؤولون الأميركيون الرد في إطار “الدفاع عن النفس”.
وقالت مصادر عسكرية يمنية إن المواقع المستهدفة أميركيا تقع قرب ميناء المخا (60 كلم شمال مضيق باب المندب)، والخوخة وراس عيسى.
وأتى استهداف المدمرة الأميركية في المرة الأولى، بعد أيام من إصابة سفينة إنقاذ وإغاثة إماراتية بصاروخ، في هجوم تبناه المتمردون.
واعتبر المحلل السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب أن الضربات المحدودة لرادارات الحوثيين تعد بمثابة رسالة أميركية واضحة بأن أمن باب المندب غير قابل للابتزاز السياسي.
وقال غلاب إن أمن البحر الأحمر يرتبط بمنظومة المصالح الإقليمية والدولية ومحاولة الحوثيين وإيران تهديد السفن وحرية الملاحة مغامرة غير محسوبة العواقب، وإن رد الفعل الأميركي مازال في حدوده الدنيا.
ورجح رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات أن تتصاعد الضربات الأميركية إذا استمرت المقامرة الحوثية، ففشل واشنطن في المنطقة واضح ورضوخها في الملف اليمني للخيارات الإيرانية قد يفاقم فشلها.
ويرى غلاب أن البحر الأحمر وأمنه وممراته ذات أهمية جيواستراتيجية وإذا ضعفت الولايات المتحدة فإن قدرة الروس على تغيير المعادلة في الشرق الأوسط ستمكنهم من محاصرتها ليس في المنطقة فحسب بل في مناطق أخرى.
ووصف المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل إقدام الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر بأنه انعكاس لفكر الجماعة باعتبارها أداة لتنفيذ مشروع إيراني.
وأضاف إسماعيل “ما يحدث محاولة للعب على الأوراق الإقليمية وإيجاد توازنات في المنطقة يمكن أن تحقق أهداف إيران في العراق وسوريا باستخدام الأزمة اليمنية”.