ميدل إيست آي: انهيار نظام السيسي مسألة وقت لا أكثر
“يستخدم نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي كل الفرص من أجل البقاء في السلطة، ولكنه على وشك الانهيار في أي لحظة. هذا ليس تمنيا، بل هو قراءة للوضع المتدهور لهذا النظام الذي فشل حتى الآن في جميع المهام الموكلة إليه. وهو فشل تضاعف بسبب أنه منع وسائل الإعلام من الحديث عن الأشياء السلبية وظل الإعلام ينشر موضوعات كاذبة بهدف صرف الأنظار عن الكارثة التي تنتظر البلاد”.
وأكد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في تقرير ترجمته وطن أن انهيار نظام السيسي ليس سوى مسألة وقت، معتبرا أنه علامات الانهيار بدأت تظهر بالفعل مع فشل الفكرة الرئيسية التي استند إليها، وهي أنه جاء ليحل محل النظام الفاشل لجماعة الإخوان المسلمين ولكن تشير الأدلة إلى أن فشل السيسي قد تجاوز فشل الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي لم يعط فرصة للحكم. وهناك فرق واحد بين الأثنين أنه على الرغم من أن السيسي لا يزال لديه دعم من جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في البلاد، بما في ذلك المؤسسة العسكرية والداخلية والقضاء والإعلام وكذلك دعم القوى اليمينية واليسارية المعارضة من مختلف الأطراف. وعلاوة على ذلك، كان نظامه يتمتع بالدعم الإقليمي والدولي الذي لم يكن متاحا لأولئك الذين سبقوه، بما في ذلك حسني مبارك، وتم غمره بالمال من الشرق والغرب، ولكن على الرغم من كل ذلك، فشل فشلا ذريعا في توفير الحياة لملايين المصريين. ومؤخرا رأينا كيف أحرق شاب نفسه لأنه قد وصل إلى طريق مسدود، ونحن ما زلنا نسمع قصص بشكل يومي عن المواطنين يشكون من ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية.
ولفت الموقع البريطاني إلى أن الأصوات الصاخبة تتزايد الآن في انتقاد السيسي، وخاصة في الأوساط الشعبية التي أعطته دعمها قبل عامين. فهم نفس الأصوات اليوم الذين يحاول نظام السيسي قمعهم. ولكن ما فعله السيسي على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية يذهب إلى ما هو أبعد مما فعله باقي الرؤساء الذين حكموا مصر منذ نهاية الحكم الملكي في أوائل الخمسينات.
و يعتقد البعض أنه يشبه جمال عبد الناصر، ولكن الأخير كان لديه مشروع وطني للتطوير والتحديث الذي من خلاله تمكن من تغيير أسس وبنية النظم الاقتصادية والاجتماعية لصالح الملايين من المصريون، على عكس السيسي الذي لا يفوت فرصة كي يسأل المصريين لدفع المال من جيوبهم حتى يتمكن من البقاء في منصبه. ويحاول السيسي رسم صورة قوية ومهيمنة لنظامه، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك. فالنظام الذي يتأثر بانتقادات لاذعة من سائق توك توك هو نظام فاشل. وعندما لا يتحمل النظام السخرية من الشباب مثل فرقة “أطفال الشوارع” ويعتقلهم فهو نظام ضعيف جدا. أيضا النظام الذي يشتري الكثير من الأسلحة، ولا يمكنه أن يحمي جنوده من رصاص الجماعات الإرهابية هو نظام ضعيف جدا. وعندما يكون الجنرال الحاكم يدعي امتلاك المعرفة والحكمة والفلسفة وينزعج من الانتقادات فهو تافه.
وخلافا لمعتقدات بعض الناس فإن نظام السيسي يمثل حاجة إقليمية ودولية، بسبب الوضع السائد في المنطقة، وهناك بعض الدوائر الأوروبية التي لا تزال تعبر عن مخاوفهم أن وجود السيسي في السلطة وقد يؤدي إلى انهيار كامل للمنطقة. والتقارير الغربية التي ظهرت مؤخرا حذرت من إمكانية اندلاع انتفاضة الفوضى في مصر إذا ظلت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية كما هي الآن. لذا الغرب قد راهن خطأ على قدرة السيسي لتحقيق الاستقرار في مصر، ولذلك دعمته دبلوماسيا وسياسيا، واعترف بشرعيته تحت ضغوط.
وأوضح ميدل إيست أنه في الآونة الأخيرة، بدأت العواصم الغربية مراجعة استراتيجياتها تجاه مصر، ووفقا للدوائر الغربية، يتم توجيه انتقادات لاذعة للمسؤولين المصريين، في لقاءاتهم مع نظرائهم الغربيين، الأمر الذي يتطلب من السيسي تغيير اتجاهه الحالي. وإلا فإن الوقت لن يكون في صالحه. لذا الدوائر الإقليمية تدرس حاليا ضرورة البدء في التفكير في بديل للسيسي قبل أن يطيح بمصالحهم.