مفاجأة ما لم تحدث مفاجأة
اخبار الساعة - محمد حسين النظاري بتاريخ: 09-11-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (2432) قراءة
لى مدى ما يقترب من 300 يوم عشنا العديد من المفاجآت في يمننا الحبيب على قلوبنا جميعا معارضين ومؤيدين، وان اختلفت طريقة التعبير عن ذلك الحب، حتى سلك البعض طريق المثل القائل من الحب ما قتل، ولكن الأكيد أننا كلنا نلتقي في وادٍ واحد هو الخير للجمهورية اليمنية ولشعبها العزيز والمناضل.
إن المفاجأة الأكبر لكل المتابعين أن يستمر نضال اليمنيون على اختلاف مشاربهم السياسية كل تلك الفترة الطويلة، دون اللجوء لما يسمى بمصطلح الحرب الأهلية الشاملة وان ظهرت بعض الخروقات من هذه الجهة أو تلك ضد الدولة إلا أنها وبمقارنتها بالكم الهائل من الأسلحة التي يمتلكها حتى الأطفال، يمكن أن تعد مفاجأة لاسيما للأطراف الدولية التي تعتبر اليمن قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وهو ما لم يحدث ولله الحمد.
من المفاجآت أيضاً انشقاق اللواء علي محسن الأحمر عن السلطة التي عاش في كنفها طيلة 33 عاما، وهو ما كان حدوثه قبل هذه الأزمة ضرباً من الخيال بل من رابعة المستحيلات، لما للرجل من مكانة كبيرة لدى فخامة رئيس الجمهورية، ولكن المفاجأة الأكبر إلا يُحدث انشقاق الفرقة ذلك التأثير الذي كان ينتظره البعض، بل على العكس من ذلك أصبحت عبئاً ثقيلاً على أكتاف الشباب الغير متحزب والذي ينادي بالتغيير الحالمين به جميعاً.
من المفاجآت أيضا أن يُطل علينا أناس عرفهم حتى الطفل في بطن أمه بفسادهم المستشري، وبنفوذهم اللا متناهي وبملَكِيَّتهم أكثر من الملك (الرئيس)، وفي منظر يُرثى له خرجوا على الفضائيات ليتبرؤوا من فساد النظام على حد قولهم، مع أنهم هم أساس النظام الذي يتهمونه بالفساد، وكانوا لهم فيه اليد الطولي التي تبطش باليمنى وتفتك باليسرى، والسؤال المحيّر ألم تكن تلك السنوات كافية لتَطَهُرهم؟ أم أنهم كانوا فقط ينتظرون الشباب الذين داسوه وهم في الحكم ليجهزوا عليه تماماً في الساحات!.
من المفاجآت أيضا أن الشباب في الساحات والمطالبين بالتغيير صمدوا أكثر مما كان يُقلل منه البعض، وان كانت الأحداث المحيطة والدعم قد أفسح لهم هذا الباب، إلا أن الرؤية أو التصور التي كونها البعض في السلطة عنهم لم يكن دقيقاً بل لم يلامسها في كثير من الأحيان.
ومن المفاجآت السارة لليمنيين حصول الأخت توكل عبد السلام كرمان على جائزة نوبل للسلام، وهي مفخرة لليمنيين أن تكون أول امرأة عربية وإسلامية تنالها، وهو دليل على ما وصلت إليه المرأة اليمنية في الحقيبة التي تلت قيام الجمهورية اليمنية، فبالإضافة إلى تبوئها لجميع المناصب الحكومية الداخلية والخارجية، ها هو العالم يعترف بنشاطها ونضالها، وما نتمناه من الأخت توكل أن تكون فعلا على قدر الجائزة التي هي تاج على رأس كل يمني من خلال تحليها بقيم السلام ونشر الحب والمودة ونبذ العنف اللفظي الذي تتميز به، لأنها ستكون أجمل بدون تلك المفردات التي تستخدمها ويمكن لها ان تعبر بعبارات اقل حدة وأكثر تقبلا من جميع اليمنيين.
بل المقابل لم تغب المفاجأة ولن تغيب سواء عن الشباب أنفسهم أو الجهات الداعمة لها عن الصمود الذي أظهرته الحكومة ومن خلفها الفئة الصامتة، فالسقوط الدرامي في تونس ومصر، والمأساوي في ليبيا جعل البعض يتوهم أن الحال في اليمن سيأخذ وقتاً اقصر لن تتعدى الأسابيع، والدليل أن الجُمّع توالت حتى انتهت أسمائها، ومازالت الدولة صامدة والدليل أن الحوار الذي تنصل منه المعارضون علناً لم ينقطع في الخفاء وان تقطع في بعض الأحيان .
من المفاجآت كذلك حادثة مسجد دار الرئاسة والتي حملت الكثير من الدلائل، أولها خسة من أقدم على هذا العمل الإجرامي الجبان من حيث التوقيت ومن يحويهم ذلك الزمان والمكان من كبار رجال الدولة وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية حفظه الله، وثانيها سهولة اختراق ذلك المكان الذي ينبغي ألا يحدث فيه ما حدث لو الخيانة، ولكن الأفظع كان وللأسف ردة فعل الموجودين في الساحات من تهليل وتكبير وما تلاه من ذبح للأضاحي في منظر لا يقل تماما عن الأيدي الآثمة التي خططت له ونفذته، وتبرز خلف كل هذا المفاجأة الأكبر والتي تمثلت بنجاة الأخ الرئيس وكبار رجال الدولة، وتماثلهم بعد ذلك للشفاء ولله الحمد، ليكتب الله معهم لليمن واليمنيين عُمراً جديداً، فيعلم الله وحده ما كان سيحدث لو نجحت تلك المؤامرة الدنيئة.
مفاجآت كثيرة برزت في ثنايا الأزمة فكم من أخبار خرجت للشارع وأطلت علينا من الفضائيات وتلاقفتها الصحف والمواقع الإخبارية مثل: الرئيس مات، مشلول، مقطوع الأيدي، هارب ولن يعود، محبوس في السعودية. وعندما عاد بخرت مفاجأته كل تكهناتهم، وحتى الأخ المناضل نائب رئيس الجمهورية لم يسلم منهم، فخرجوا عليه بشائعات كثيرة لان مفاجأة تفويضه لم يكن يتوقعها البعض فقالوا: كان سيوقع والرئيس أبطل بعودته التوقيع، ابنه جلال يطلب حق اللجوء السياسي، سفّر عائلته إلى عدن ليشرع في اعتكاف طويل، هرب إلى أمريكا ولن يعود، ولكن عودته في الموعد الذي قالت عنه الحكومة كان مفاجأة للكثيرين.
من لم يراهن على الحوار، وراهن على الدمار فسيكون مع مفاجأة من العيار الثقيل والمتمثلة بالتوقيع على المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية وإقامة حكومة مشتركة بين الأطراف المتنازعة، وهو أمر دعى إليه الأخ الرئيس طويلا وتنصل منه الطرف الزاخر تارة بذريعة التشكيك وأخرى بالحصول على تنازلات رئاسية، وثالثة بكسب ود المجتمع الدولي، لكن المهم أننا أخيراً وصلنا إلى ما يمكن أن نسميها أم المفاجآت اليمنية، فنزع فتيل الأزمة أمر يحلم به كل وطني لان فيه الوفاق الذي ننتظره ما لم تحدث مفاجأة عكسية من بعض الأطراف التي لا تريد أن يحل اليمنيون أزمتهم لتنسف لا قدر الله كل الجهود الخيرية التي بذلها الإخوة في الداخل والأشقاء في المحيط والأصدقاء في العالم، إذا فاليمنيون موعودون بمفاجأة سارة في القريب العاجل بإذن الله تعالى.
باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com
اقرأ ايضا: