اخبار الساعة

وزير خارجية عمان: عبدالله الأحمر عد اتفاقية اليمن والسعودية مثل المطر

اخبار الساعة بتاريخ: 31-12-2016 | 8 سنوات مضت القراءات : (9622) قراءة
ذهبنا إلي السياسي الدبلوماسي يوسف بن علوي صاحب أكبر تجربة ثرية في هذا المجال الدبلوماسي علي مستوي العالم، لكنه انحاز إلي دور الفيلسوف الذي يري المشاكل والتحديات التي تواجه العالم والمنطقة العربية بمنظور أشمل وأوسع وأرحب.
 
هو عميد الدبلوماسية في العالم بعد وفاة المرحوم الأمير سعود الفيصل، في منصبه كوزير لخارجية سلطنة عمان منذ سبعينيات القرن الماضي رسخ صورته كرجل الوساطات بامتياز في أزمات تبدو مستحكمة بين أطراف متنافرة فإنه البطل في إتمام الاتفاق النووي بين إيران ودول الغرب عندما استضافت السلطنة اجتماعات واشنطن وطهران.
واقعي ويؤمن بالجغرافيا ويستفيد من التاريخ، فيري ان إيران بحكم الجغرافيا جار لابد من التعامل معه وهي النقطة الخلافية مع دول عديدة، كما يري أن بلاده لم تغرد خارج السرب الخليجي لكن يستشعر أن الجيل الحالي غير قادر علي الاتحاد.. يقول ان العالم يمر بحالة »هياج» وأن استمرار النظر إلي الماضي دون التطلع إلي المستقبل أكبر تحديات الذهن العربي.
يؤكد أن ما بين القاهرة والرياض ليس أكثر من تباينات في وجهات النظر بشكل صحي وأن أي خلاف مصيره إلي زوال، ويري أن تدخلات » إبليس» في الشأن السوري هي من حولت وجهة الخلاف من ناحية سياسية إلي »طائفية» استطاع الأكراد أن يكونوا المستفيد الأكبر منه، هذه حصيلة حوار استمر أكثر من ساعة ما بين ما سمح الوزير يوسف بن علوي بنشره وما طلب ان يكون معلومات خاصة بنا في حضور الدكتورعلي العيسائي سفير سلطنة عمان بالقاهرة والمندوب الدائم للسلطنة بالجامعة العربية.. وإلي نص الحوار:
 
>  كيف تقيم العلاقات المصرية العمانية في الوقت الحالي ؟
- العلاقات بين البلدين علي قدر كبير من الثقة والفهم المشترك، وبغض النظر عن الأحداث التي تمر بها المنطقة إلا أن هناك تباينات في الاراء تحدث بين الأشقاء العرب كل فترة وهذا طبيعي أن تتغير الأحوال ولكن بالنهاية ترجع المياه لمجاريها، ودائما ما نراقب الأحداث التي تمر بها المنطقة ونري أن التباينات الموجودة تمثل حالة نفسية عربية، فإذا كانت الحالة النفسية جيدة تكون العلاقة بين الاخوة طبيعية وجيدة والعكس.
حالة صحية
> هل نفهم من ذلك أن هناك اكتفاءً بمراقبة الخلافات فقط دون الدخول علي خط الوساطة، نقصد بذلك الخلافات المصرية - السعودية؟
لا، الخلافات حالة صحية وليست سلبية، وفي تعريفي لمفهوم الوساطة وجمع ذات البين، أنها قياسا إذا أنت تعرف مشكلتي معك وأنا أعرف مشكلتي معك فما هو دور الوسيط؟ لكن إذا كان هناك تباين حول مصالح حقيقية فالطرفان يسعيان لحلها بأسرع ما يمكن، ولكن في النهاية أي خلاف سيعبر لأن العلاقة بين الأشقاء أكبر بكثير من ذلك، وكثيرا ما يخالف الإنسان نفسه ويتعب ويكتشف انه مخالف لنفسه، فالخلاف مصيره إن شاء الله الزوال وحسب ما رأيت من كلام وزير الخارجية سامح شكري فإن العلاقة جيدة.
المشكلة في المنطقة العربية أن الجميع لا يزال يري الأمور بمنظور الماضي علي الرغم من حالة »الهياج» التي تمر بها المنطقة ولا ننظر إلي المستقبل ولو كنا ننظر إليه ما وصلنا لهذه المرحلة الحالية.
> هل تعتقد أن حالة »الهياج» التي تمر بها المنطقة حاليا مرتبطة بثورات الربيع العربي؟
لم أقصد الهياج الزمني ولكن أقصد به الحالة النفسية، الفرد يشعر بالحزن ويشكل في نفسه حالة الهياج، عندما يحدث أي شيء خارج الوطن العربي لا يؤثر بنا، ولكن ما يحدث في الوطن العربي نشعر به ويسبب حالة الحزن، وعندما تناقش أي مواطن عربي بشأن الأزمة السورية مثلا تري أن هناك خلافا في الرأي وهو ما يمثله »الهياج»، والعرب طبيعتهم ومصلحتهم وتاريخهم واحد وعندما نري من يحاول تغيير هذه الحقيقة ننزعج.
> هل تعتقد أنه تمت مراعاة رغبة عمان في عدم إعلان الوحدة الخليجية خلال أعمال قمة مجلس التعاون الأخيرة في البحرين ؟
الإعلام هو من خلق وتحدث عن الوحدة الخليجية وليس القمة.
> لكن هناك دعوة رسمية من الراحل الملك عبد الله خلال قمة الرياض في 2010 ؟
نحن اليوم في عام 2016.. هذه مسألة الكل يحبها وكل المواطنين يحبونها، لكن لابد أن يكون لها هدف وليس مجرد واقع أو بسبب أن العرب في الماضي كانوا موحدين، ونحن ليس لدينا مانع في الاتحاد أو أي شيء، ولكن نحن في عمان لدينا أسباب كثيرة مثل أننا في عمان منذ ألفي سنة، لا نريد أن نذهب إلي مكان وبالنسبة لنا في دول مجلس التعاون الخليجي مفهوم الاتحاد مختلف عن مفهوم الآخرين، وهذا الجيل سواء مجلس التعاون أو في البلاد العربية ليس مؤهلا للاتحاد ولكن سيأتي وقت سيكون هناك عرب مؤهلون سيصلون بمصالحهم، لأن كل واحد منا لديه نظرته الوطنية.
> هل تعتقد ان عمان تغرد خارج السرب الخليجي؟
نحن لا نغرد ولا احد يغرد.. نحن لدينا مصالح مشتركة مع الجميع ونحافظ عليها لتحقيق الغايات لكن كل دولة لديها طريقتها الخاصة لتحقيق تلك المصالح والاهداف.. ولكن طريق الأسراب او السراب تمثله حالة الهياج الإعلامي، ليس لدينا مفهومه في دول الخليج.
> ولكن هناك رصدا لتباين العلاقات مع دول الجوار.. بالأخص العلاقات العمانية - الإيرانية ؟
 
 
»في إحدي المرات الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وقع اتفاقية حدود لليمن مع السعودية وبعد التوقيع خرج صحفي يمني وقال للشيخ عبد الله: نحن في اليمن غير موافقين علي هذا الاتفاق، فرد عليه وقال له: يا ولدي هذا الاتفاق مثل المطر هناك من يحبه وهناك من لا يحبه».. نحن في العالم العربي بعيدون عن قبول الحقيقة ـ وهي ان عواطفنا تتحكم في عقولنا أمام الحقيقة المطلقة ونريد ان نكون موحدين ولكننا لا نريد أن نضحي من أجل ذلك ولسنا مؤهلين لأننا لم نستكمل البناء الوطني، التاريخ نفسه يذكر أن الوحدة دائما ما تكون عن طريق تضحيات كبيرة.. إيران جوار حقيقي لابد من الاعترف به.
> هل تعتقد أن هناك دورًا مفقودًا من سلطنة عمان في تهدئة المخاوف الخليجية من إيران ؟
إذا كانت مخاوف كيف لها أن تهدأ، هذا ليس فقط محصورًا في منطقتنا، ولكن في كل مكان عندما يكون الجوار لديه جوار أكبر لابد أن تظهر تلك المخاوف وتختفي كل فترة.
> وكيف تقرأ تصريحات كبار المسئولين الإيرانيين التي تؤكد أن هناك مطامع إيرانية في المنطقة ؟
في حالة عدم الوفاق تستخدم كل هذه الأشياء، إسرائيل كانت تقول دولتها من النيل إلي الفرات هل تحقق ذلك ؟.. ولماذا نحن في المنطقة نأخذ كل تصريح علينا.
> ولكنها تصريحات واضحة ومحددة وصريحة تجاهنا ؟
لا يجب أن نأخذ كل تصريح ونعتبره حقيقة، عالم اليوم أصبح محكوما ما عاد مثل الأول بإمكانك أن تدخل علي بلد تقلب عاليه سافله ما عاد أحد يقدر علي تغيير شيء.
> ولكن بصمات إيران واضحة في كثير من دول الجوار ؟
لأنها كما تقول دول جوار، ولابد أن يكون لديها بصماتها في الجوار وبإمكان كل دولة ان تحدد طبيعة تلك البصمة لديها.
> هل حضورك اجتماع الرباعية المعنية بالشأن اليمني يمكن الاستنتاج منه أن هناك فهمًا خليجيًا لدور عمان في الأزمة اليمنية؟
هذا التطور من أجل السلام وإخراج اليمن من الحرب.
تهريب السلاح
> ولكن من أقل من شهر عمان كانت متهمة بتهريب الأسلحة لليمن؟
الاتهام ما له حدود ويمكن لأي شخص أن يتهم الآخر، ولم يتم التواصل معنا في الأمر لأنها ليست حقيقة ولا يوجد ما يثبت ذلك، ليس كل ما يُقال صحيحا.. نحن العرب في مرحلة أعتقد أنها انتقالية وستأخد وقتا طويلا وأهم ما فيها أن النمو السكاني غير مسبوق وهو من أكبر الأسباب التي تحدث حالة »الهياج» التي تمر بها المنطقة وإلي هذا الوقت ليس هناك أحد لديه القدرة علي معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلي الربيع العربي، ولا أحد يريد أن يدخل هذا الباب خوفا من الحقيقة.
> هل الاجتماع الأخير يمكن الشعور بالارتياح لنتائجه وأن الحرب قاربت علي الانتهاء ؟
الحرب سارت في اليمن لأن أوضاعه لم تكن علي ما يرام، والجيران عند إثارة القلاقل التي تمثل الخطر عليك يجب عليهم التصرف، وهي ليست المرة الاولي في التاريخ الحديث وصارت مع تنزانيا وأوغندا عندما شكلت اوغندا خطرا علي تنزانيا بشكل كبير فدخلت تنزانيا بجيشها واطاحت بالرئيس الأوغندي، وحالة ثانية أخري عندما تطورت الخلافات بين الهند وباكستان أخذت الهند المبادرة ودخلت باكستان الشرقية.
> هل الشراكة الخليجية-البريطانية التي تم الإعلان عنها خلال قمة التعاون الأخيرة، يمكن الاستنتاج منها أن هناك حالة فراغ يمكن ان تملأها بريطانيا بموافقة خليجية ؟
هذه الأمور لا تخضع للمنطق، موقف بريطانيا من الخليج ايجابي ولديهم مصالح كبيرة وهذه ليست المرة الأولي التي تتنافس فيها دول الغرب علي الخليج، وهو امر طبيعي.
> هل تري أن الولايات المتحدة الامريكية بدأت ترفع يدها عن الخليج وتغادره تدريجيا ؟
نحن العرب في عقولنا نقيس الأمور علي ما نعتقد وليس علي الواقع، الدول الكبري مصالحها في كل العالم وبالتالي فإن الناس عرفت أن العالم محكوم بالقوة ولكن بطريقة قانونية ولم يعد هناك من يتصرف بمفرده.
لسنا متخوفين
> هل هناك تخوف من الإدارة الأمريكية الجديدة ؟
نحن لسنا متخوفين، ومن أي شيء نتخوف ؟، ليست أول إدارة أمريكية يقال إنها غير مناسبة، ولكن ربما تكون مناسبة، واللغة الجديدة من واشنطن بغض النظر عن لهجتها قد يقبلها البعض وقد يرفضها الآخر مثلها مثل المطر.
> ولكن ترامب وصف الخليج بأنه برميل بترول ؟
هذا صحيح.. ولماذا التخوف من التصريح والبترول في العالم يباع ويشتري، في بعض الأحيان تكون هناك حقائق ولكنها غير مقبولة.
> هل بذلت عمان جهدًا للتعرف علي الإدارة الأمريكية الجديدة ؟
كل دولة لها وجهة نظر وليس بالضرورة أن تتطابق وجهات نظر كل الدول، أمريكا دولة عظمي وبالتالي مصالحها واسعة جدا مع كل الدول والعالم العربي كله مربوط بالدولار، وحتي عمليات التحويل التي تتم بين الأشخاص في العالم تتم عن طريق عملة الولايات المتحدة.
> كيف تري الأزمة السورية ما بعد حلب ؟
حجم التدخل الخارجي بهذا الشكل الكبير كان متوقعا له أن يستفيد الأكراد منه في النهاية.
> ومن المسئول عن تحول الصراع السوري إلي طائفي ؟
إبليس »الشيطان» هو الذي حول الصراع في سوريا من الناحية السياسية إلي الطائفية عن طريق استغلال ضعف النفوس الذي زين بعض الأشياء في العقول علي أنها طيبة ودخلت كل الأطراف في مسار لا تعرف كيف تخرج منه، الله خلق الشيطان لهذه المهمة ولذلك خلق الجنة والنار وهو المستفيد من مقتل الآلاف من الناس، ليثبت مقولته أنا احسن منهم وهم بشر يسفكون الدماء.
> كيف تري الأزمة الليبية بعد أن تدخلت عمان علي الخط واستضافت اجتماعات وضع الدستور ؟
الأطراف الليبية طلبت توفير المكان المناسب وهم لديهم الإرادة لتحقيق ذلك ولكننا لم نتدخل في شئونهم، وكل ما قمنا به هو توفير المكان، والصراع الليبي الآن أصبح باطنيا وغير ظاهر عن طريق مذاهب وقبائل ولكن سيأتي الوقت الذي يشعرون فيه بالتعب ويبدأون في البحث عن الحل.
> هل يمكن أن نعول انتهاء الصراعات العربية علي الشعور بالتعب ؟
ما دام الجميع يشعر بقوته وأنه قادر علي الفوز أمام الخصم ستظل الصراعات قائمة وعند الشعور بالتعب يبدأ البحث عن الهدوء وهذه سنة الحياة.
> التجربة العمانية من التجارب المميزة في المنطقة ولكن هناك مخاوف من المراحل المستقبلية؟
الخوف لابد أن يكون مقننًا وليس مبررًا، لأن الوضع العماني مستقر والسلطان قابوس أرسي قواعد الاستقرار وأسس لفترة طويلة لما بعد الزمن عن طريق المؤسسات، ولكن الناس لا يريدون أن يقتنعوا بأنها مفصلة بأن هناك طريقة محددة.
> هل تعتقد أن الدول العربية جزء من الأزمة في ظل عدم وجود المناعة الذاتية ؟
المناعة موجودة ولكن المشكلة في الأهواء، كل علي هواه، لو نظم الوطن العربي المصالح المادية بطريقة صحيحة وبإخلاص لن يوجد احد عنده أزمة.
مظاهر الإرهاب
> كيف تري تعدد مظاهر الإرهاب في العالم ؟
نحن بشر وهؤلاء الناس الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، صورت لهم الحياة بطريقة معينة بأن مصلحتهم في الاخرة والجنة وما فيها، وإلي درجة أنهم اقنعوهم بأن اللحظة التي يدخل فيها النعيم عندما يفجر نفسه.. الناس في الهند مثلا وصلوا لدرجة كبيرة من التطور والعلم ورغم ذلك يعبدون البقر، بالتالي هذا ليس شيئا غريبا لأن هناك فراغا بالمعني البشري.
> هل أنت متفائل أم متشائم بمستقبل المنطقة ؟
فكرة غير مفيدة أن تحكم علي نفسك بشيء وأنت لا تعلمه، الله خلق الناس ليعيشوا حياة طيبة وأعطاهم ما لم يعطه لأحد من خلقه، خلف لنا السلف مكتبات مليئة بالكتب هل يقرؤها أحد؟! لا احد ينظر إليها، السياسة للناس الكبار المتخصصين، يحصرون ذهنهم لتمحيص الأمر حتي تصل إلي حقيقته حتي تتصرف بطريقة مريحة.
اجتماعاتنا مع الوزراء الأوروبيين تكشف ذلك لأنهم يتحدثون في المفيد والأهم، ولكننا نتحدث في العموميات » لما كان ولما كنا وعندما نكون » والحديث بلا أي داع.
> ومن المسئول عن ذلك ؟
الثقافة.. نحن أهل شعر ونثر، لكن هذا لا يعني اننا لا نستطيع أن نتحكم بلغتنا بطريقة إيجابية، نستطيع ولكن نحتاج إلي تغيير ثقافتنا والمشكلة في بلادنا العربية وفي مصر بالدرجة الأولي بصفتها أم الدنيا هي غياب مراكز الأبحاث أين هي الآن؟ نحن نبحث عن الشاي والقهوة بينما الثروة ليست في الفلوس نفسها ولكن الثروة الحقيقية في عقول الناس.
المصدر : عدن الغد
اقرأ ايضا: