بعد تطوره جينيًا.. فيروس حمى الضنك يعود مجددًا لنشر الرعب في السعودية
بعد معاناة امتدت أكثر من عشرة أعوام حاولت السلطات السعودية خلالها مكافحة فيروس حمى الضنك والقضاء عليه، عاد الفيروس من جديد ليبث الرعب في الأوساط الداخلية بالمملكة، بعد أن تمكن الفيروس من التطور جينيًا وكسر حاجز المناعة.
وينتشر فيروس حمى الضنك عبر أنثى بعوض تعيش على تجمعات المياه الراكدة ومياه الأمطار والسيول، إذ تجد أنثى البعوض الحامل للفيروس في المسطحات المائية، بيئة مناسبة للتوالد.
وتظهر أعراض الحمى بعد حوالي خمسة أيام من الإصابة وتتضمن درجات حرارة مرتفعة كالأنفلونزا وقشعريرة وصداع وتعرق. وفي الحالات الأكثر خطورة، يمكن أن يحدثَ ألم شديد في العضلات مع طفح جلدي بلون أحمر فاتح أو بنفسجي، وهناك النوع الذي من المحتمل أن يكون قاتلًا ويدعى حمى الضنك النزيفية ويمكن أن تسبب نزيفًا داخليًا وفشلًا في الدورة الدموية. ويمكن أن يستمر الضعف والإعياء لأشهر بعد الشفاء.
مناطق انتشار الفيروس
وتعد مدينة جدة، غرب السعودية، أكثر المناطق تضررًا من هذا المرض الوبائي، وتزداد خطورته بشكل سنوي، عقب موسم هطول الأمطار، وشهدت جدة عقب كارثة السيول العام 2009، انتشارًا غير مسبوق للفيروس.
وتأتي مكة المكرمة في المرتبة الثانية من حيث انتشار المرض، كما تسجل المملكة إصابات في المناطق الجنوبية، حيث تكثر السيول.
حرب مستمرة
واجتهدت السلطات السعودية في مكافحة الفيروس في جدة عبر مكافحته من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة الزراعة، ووزارة الصحة.
وخصصت المملكة مبالغ كبيرة بالمليارات لمكافحته خلال الأعوام الماضية، منذ الإعلان الرسمي عن بدء مكافحته العام 2006.
وتتمثل آلية المكافحة في تكثيف رش المبيدات الكيميائية، ومتابعة مناطق توالد البعوض، عبر أجهزة رصد وقياس الكثافة الحشرية. والرش الوقائي للمبيدات حول المناطق السكنية، وفي المنازل، في حين يعد ردم المسطحات المائية الراكدة ومخلفات السيول من أهم طرق المكافحة.
آلاف الإصابات الجديدة
إلا أن الكاتب السعودي، سعيد السريحي، يؤكد عودة الفيروس للواجهة في جدة، ليتنبأ بانتشاره خلال الشهور القادمة، بعد أن شهد العام الماضي إصابات بالآلاف في جدة وحدها.
ويقول الكاتب في مقال نشرته صحيفة “عكاظ” السعودية، يوم الاثنين، إن “عدد الإصابات في أربعة أحياء فقط في مدينة جدة بلغت أربعة آلاف و100 حالة خلال العام المنصرم، ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة وقوع مزيد من الضحايا سواء ممن يصابون به لأول مرة أو ممن سبق لهم الإصابة به بعد أن تمكن البعوض من تطوير أدائه فتحور جينيًا”.
انتقادات
وينتقد السريحي أداء الجهات الحكومية المشرفة على مكافحة الفيروس، معتبرًا أنه مقابل تطور الفيروس جينيًا فإن “أداء كافة المؤسسات والأجهزة التي أعلنت حربًا شاملة على بعوض الضنك لم يتطور أو يتحور، وبقي البعوض هو المنتصر في الحرب الدائرة بينه وبين هذه الأجهزة منذ سنوات.
ويؤكد مختصون على أن طرق المكافحة التقليدية، المتجسدة في رش المبيدات لم تعد مجدية، وأن اليرقات الناقلة للفيروس قد تكون طورت مناعة من المبيدات.
غياب التخطيط الإستراتيجي
ولا تعد الانتقادات للجهات الرسمية المسؤولة عن مكافحة الفيروس جديدة، فمنذ العام 2009 أكد مختصون أن آلية تعامل الجهات الرسمية مع المرض تعتمد على ردات الفعل، مع غياب التخطيط، و”الرقابة الحقيقية على المناطق المتضررة”.
وتبقى المشكلة قائمة، في ظل مخاوف من تحولها إلى وباء، وسط تشاؤم مختصين، بعدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية تقتلعه من جذوره.
يذكر أن أول إصابة بحمى الضنك في السعودية، وقعت في جدة العام 1993، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ويستوطن المرض في المناطق المدارية وتحت المدارية في قارات أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا، وسبق أن انتشر في البرازيل العام 2008، ومدغشقر العام 2006، وإندونيسيا العام 2004، والهند العام 2003.