فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي في انتخابات المغرب التشريعية
اخبار الساعة - يحيى بن الطاهر وأيمن بن التهامي، وكالات بتاريخ: 26-11-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (6501) قراءة
اعلنت الحكومة المغربية السبت ان حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل فاز في الانتخابات التشريعية التي نظمت الجمعة.
واكد وزير الداخلية طيب شرقاوي في مؤتمر صحافي أن الحزب حصل على 80 مقعدا من مقاعد البرلمان ال395، وهو أكبر عدد من المقاعد التي يحصل عليها اي حزب في الانتخابات التي جرت الجمعة، بحسب نتائج اولية.
وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 45,5 بالمئة.
وذكر مسؤولون من حزب العدالة والتنمية في وقت سابق ان أرقامهم أظهرت فوزهم بأكثر من 100 مقعد في الانتخابات، التي تعد الاولى التي تجرى في البلاد منذ تعديل الدستور الذي يعطي مزيدا من السلطة للبرلمان ورئيس الوزراء.
وطبقا للدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه في استفتاء في تموز/يوليو الماضي، يتعين على العاهل المغربي الملك محمد السادس اختيار رئيس الوزراء من الحزب الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان بعد أن كان يعين اي شخص يختاره.
وكان عبد الاله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية الذي كان اعلن إحراز "فوز واسع" في الانتخابات التشريعية المغربية، قال السبت انه مستعد لتشكيل ائتلاف حكومي للدفاع عن "الديمقراطية" و"الحكم الرشيد".
وعلمت "إيلاف" من مصادر مطلعة في حزب العدالة والتنمية أن هذا الأخير تمكن من الظفر بـ 82 مقعدا في اللائحة المحلية، إلى جانب توقع الفوز بحوالى 30 مقعدا في اللائحة الوطنية، وهو ما يرجح حصول الإسلاميين على ما يفوق 110 مقاعد، في أول انتخابات تشريعية في ظل الدستور الجديد.
وقال عبد الإله بنكيران لـ"إيلاف" "نستنتج من النتائج المحققة أن الشعب المغربي سمع النداء واستجاب، كما نستنتج أن الدولة تبدو جادة في المسار الديمقراطي، وهذا خبر جد مهم بالنسبة إلينا".
وأضاف عبد الإله بنكيران "حسب ما حصلنا عليه حاليا فيظهر أننا سنتجاوز 100 مقعد في هذه الانتخابات".
العدالة والتنمية: مفتحون على الجميع
وفي تصريحات أخرى لمحطة فرانس 24 قال بن كيران "لقد سجلنا نجاحا. اما بشأن التحالفات فنحن منفتحون على الجميع ولم نكف عن قول ذلك".
واضاف "نحن مجبرون على اعادة النظر في البرنامج لنتفق على برنامج مشترك، لكن الامر الاساسي في برنامجنا وبرنامج من سيحكمون معنا يقوم على محورين هما الديمقراطية والحكم الرشيد".
وتابع "ما يمكنني ان اعد به اليوم المغاربة هو اني ساحاول انا والفريق الذي سيعمل معي، ان نكون اكثر جدية وعقلانية".
وبعد الاعلان عن النتائج النهائية يعين العاهل المغربي محمد السادس رئيس الحكومة الذي سيتولى تشكيل حكومة تحالف كما هي العادة في المغرب.
وفي حال تأكد فوز حزب العدالة والتنمية فسيكون على الملك تعيين رئيس وزراء من هذا الحزب، بحسب الدستور الجديد.
واكد بن كيران ان "المغاربة يحرصون على نظامهم الملكي لكنهم يريدونه ان يتطور معهم".
واضاف "لقد اصبح لدينا دستور جديد يعطي صلاحيات اكبر للحكومة ورئيسها الان يتعين العمل مباشرة مع جلالة" الملك.
وتابع "سيشعر المغاربة ان الدولة في خدمتهم وليس (العكس)، وهذا هام جدا بالنسبة الينا".
رئاسة الحكومة بيد العدالة والتنمية
فيما قال سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية في تصريح خاص لـ "إيلاف": "يمكن القول إن هذه النتائج لحد الآن يمكن لها أن تحقق لنا رئاسة الحكومة، لكن لا بد أن ننتظر النتائج النهائية، فنحن لا نملك الأرقام التي حصلت عليها الأحزاب الأخرى، وهناك عدد كبير من الدوائر لم تبين لنا نتائجها النهائية بعد".
وأشار العثماني إلى أن ظروف الاقتراع التشريعي المبكر الذي جرى يوم أمس الجمعة في المغرب هو "محطة انتخابية ذات أهمية، مرت بظروف جيدة من دون حوادث وبدون أي إشكال".
وأورد رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة: "إن هذا النجاح يأتي في سياق التحولات الديمقراطية في المنطقة."
وكان قد أجري يوم أمس الجمعة، اقتراع تشريعي مبكر لانتخاب برلمان مغربي جديد وصلت نسبة المشاركة فيه إلى 45 % بحسب بلاغ لوزارة الداخلية المغربية.
ولم يمنع هذا الفوز العريض لأكبر حزب إسلامي في المغرب من التصريح بوجود عدة خروقات مسّت عملية اقتراع أمس.
وقال العثماني لـ "إيلاف": "هناك العديد من المرشحين الذين حاولوا استعمال المال لأجل الفوز بهذه الانتخابات، كما حصل استغلال لبعض سماسرة المال المعروفين، كما كانت محاولات لاستعمال وسائل النقل العامة من بعض الجماعات، وأنا أعتبر بأن إرادة الشعب المغربي هزمت المال، حيث تمرد هذا الشعب على الاحتقار الذي حاوله بعض السماسرة ضد إرادتهم وضد تعبيرهم الحر."
|
أعضاء من حزب العدالة والتنمية مبتهجين لدى بدء ظهور النتائج |
وعن توقعاته حول التحالفات الممكنة لأجل تشكيل حكومة يرتقب أن يتحمل مسؤوليتها، قال العثماني خلال حديثه مع "إيلاف": "حزب العدالة والتنمية حزب وطني يمكنه أن يتحالف مع العديد من الأحزاب، مع يسار الوسط أو مع يمين الوسط، وبالتالي فخريطة التحالفات ستكون واسعة وستبنى على النتائج النهائية، لأن المقصود من التحالف هو تشكيل أغلبية برلمانية داخل مجلس النواب، وهذه الأغلبية تفرضها بطبيعة الحال الخريطة التي أفرزها الشعب المغربي."
نسبة مشاركة معقولة
من جهة أخرى، وصف الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية بنيونس المرزوقي، أن نسبة المشاركة المعلنة رسميا بـ "النسبة المعقولة".
وأوضح المرزوقي في تصريح لـ"إيلاف": " إن هذه النسبة ترجع أساسا إلى التعديل الدستوري الأخير الذي أعاد منصب رئاسة الحكومة إلى الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب".
وأضاف المختص في القانون الدستوري أن هذا الارتفاع من نسبة 37 % خلال انتخابات 2007 إلى 45 % خلال الانتخابات الحالية، "لا يعود إلى قناعات حزبية ولا إلى قناعات بالبرامج الانتخابية، ولكن إلى مدى قدرة هذا المرشح على تكثيف حضور الناخبات والناخبين المؤيدين له نسبيا، وهذا ما يؤشر إلى حتمية ارتفاع النسبة".
واعتبر المرزوقي في تصريحه لـ"إيلاف" أن أحزابا كالاستقلال والاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية لها نوع من الاستقلالية في قرارها السياسي.
وقال المرزوقي إن هذه الأحزاب "لديها هيئة ناخبة قارة ووفية، وما رفع هذه النسبة بشكل طفيف هي الأحزاب التي لا تمتلك الشرعية التاريخية، لكنها بالمقابل، تمتلك تلك الشرعية المرتبطة بالأعيان كحزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية."
واعتبر المرزوقي خلال حديثه مع "إيلاف" أن نتائج اقتراع يوم أمس "متطابقة بشكل ما مع نتائج الانتخابات الجماعية لسنة 2009، حيث اكتسحت خلال تلك السنة ستة أحزاب ما يفوق 80 % من المقاعد، وهي حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، العدالة والتنمية، التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية فيما سيتوزع الباقي من مقاعد بين الأحزاب المتوسطة والصغرى".
ولم يغفل المرزوقي، بصفته مختصا في القانون الدستوري، أن "الدستور الجديد قد ورد فيه تعديل مهم جدا، وهو أن الملك لا يعين، على غرار ما هو الحال في بريطانيا أو إسبانيا، رئيس الحزب الذي تصدر الانتخابات كرئيس حكومة، الدستور ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من داخل الحزب السياسي الذي تصدر الانتخابات التشريعية، وعبارة "من داخل" تعني أنه يمكن للملك أن يعين أية شخصية أو مسؤول من هذا الحزب، إذ لا يتعلق الأمر، كما يتصوره البعض بتعيين عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيسا للحكومة، ولكن إذا حصل هذا، فسيتعلق الأمر بتعيين شخصية متزنة رزينة ذات نظرة اقتصادية وبعيدة عن مراكز القوة أو المراكز الإعلامية أو مراكز المسؤولية داخل هذا الحزب".
ويعتقد المرزوقي أن أحسن إشارة يمكن أن تقدمها الدولة، "هي على مستوى تشكيل المؤسسات الجديدة، وخاصة الحكومة، حيث يجب تفادي ما كان يسمّى بـ "وزارات السيادة" كي لا يبقى الصراع ما بين الحركات الاحتجاجية والدولة المجسّدة في وزارة الداخلية، ولكن بين الأطروحات الحزبية عندما تكون هذه الوزارة في يد حزب سياسي، كما قال.
وحول التخوفات التي أبدتها عدة أطراف خلال التشريعيات المغربية من صعود الإسلاميين إلى الحكم، أورد المرزوقي لـ"إيلاف": "بصراحة، أرى أن المغرب لديه تجربة خاصة، كونه دائما لا يريد أن يتخذ موقفا ينسب إلى ما يجري في دول أخرى، هناك الرغبة الدائمة في الحصول على التميز تجعله يتفادى وصول الإسلاميين، ليس لأنهم قوة، ولكن حتى لا يقال إن المغرب، على غرار تونس أو تركيا، المغرب يحاول تجنب التشبيه، ولكن كقوة، هذا لا يمنعه من التواجد حتى ولو في شكل حقائب وزارية تحت إشراف رئيس حكومة من حزب آخر".
وتجدر الإشارة، إلى أنه ستطرح، مباشرة بعد صدور النتائج النهائية لاقتراع الجمعة، قضية تشكيل هياكل مجلس النواب، وهو ما سيجبر الحزب الذي سيتصدر الانتخابات على التشاور مع الأحزاب الأخرى على رئاسة البرلمان وعلى الحقائب الوزارية، وهي حسابات سياسية أخرى تتم في المغرب.
نتائج متوقعة
من جهته، قال ميلود بلقاضي، أستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الخامس في الرباط، إن "الكل كان ينتظر أن يحتل العدالة والتنمية الرتبة الأولى إذا ما احترمت الدولة الحياد ثم النزاهة لأسباب متعددة"، مشيرا إلى أن "حياد الدولة وإجراء الانتخابات في جو فيه نوع من الشفافية جعل الحزب يحقق ما تنبأ به العديد من المحليين السياسيين".
وذكر المحلل السياسي، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "تجاوز العدالة والتنمية نسبة 15 في المائة، أي الفوز بأكثر من 100 مقعد، لا يعني أن الحزب قوي بقوة هذه النسبة المرتفعة، لكنه يبقى مكون سياسي متواضع استفاد من ضعف وتراجع الأحزاب الأخرى، سواء تلك التي كانت تمثل المعارضة سابقا، وهي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أو التي كانت تنعت بـ (الإدارية)، وتحملت مسؤولية تدبير الشأن العام، وهي الحركة الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتجمع الوطني للأحرار".
وأوضح أستاذ القانون الدولي في جامعة محمد الخامس في الرباط أن "تراجع هذه الأحزاب، إلى جانب الاستقلال، كلها عوامل لعبت لصالح العدالة والتنمية"، مبرزا أن "هذه العوامل مرتبطة بظروف داخلية تتعلق بالنظام السياسي، بالإضافة إلى أن الشعب المغربي آمن بالتغيير، وهناك مواطنون عديدون صوتوا للعدالة والتنمية ليس اقتناعا بالبرنامج الانتخابي للحزب، أو إيديولوجيته، ولكن إما انتقاما من الحكومة الحالية، أو أنهم لم يجدوا البديل، أو قالوا لنعطي الفرصة لهذا الحزب ليدبر الشأن العام، ونرى كيف سيحول خطاباته وشعاراته إلى واقع".
وتشير توقعات المحللين إلى تحالف الإسلاميين مع أحزاب الكتلة، الممثلة بالاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، علما أن التقديرات الأولية تتحدث عن احتلال الاستقلال المرتبة الثانية بأزيد من 40 مقعدا.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين نحو 13.6 مليونا من بين سكان المغرب البالغ عددهم نحو 33 مليون نسمة. وحضر أكثر من 300 مراقب دولي عملية التصويت، إلى جانب 3500 مراقب محلي.
فرنسا تشيد
اشادت فرنسا السبت ب"حسن سير اول انتخابات تشريعية في المغرب منذ تعديل الدستور" في تموز/يوليو الماضي، وجددت التعبير عن دعمها للمملكة "البلد الصديق" دون التعليق على الاختراق الذي حققه الاسلاميون.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان "جرت الحملة في اطار احترام القواعد الديمقراطية عبر السماح بالعديد من الحوارات خصوصا في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية بمشاركة مجمل الاحزاب السياسية".
واضاف ان "فرنسا تشيد بالعملية الطموحة للاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي بدأها الملك محمد السادس، وهي تقف بشكل طبيعي الى جانب المغرب البلد الصديق والحليف الوفي، لمواكبته في اصلاحاته، وتعرب عن الامل في ان يواكب تشكيل الحكومة الجديدة في اطار الدستور الجديد، تقدم جديد ونجاحات جديدة".
المصدر : ايلاف
اقرأ ايضا: