اخبار الساعة

عبد ربه منصور هادي يواجه تحديات كثيرة أبرزها أبناء الرئيس ، وتنحية صالح قد تكون الجزء الأسهل من الأزمة اليمنية

عبد ربه منصور هادي يتولي إدارة البلاد حالياً
اخبار الساعة - عبدالاله مجيد بتاريخ: 30-11-2011 | 13 سنوات مضت القراءات : (2365) قراءة

 

امتنع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن توقيع المبادرة الخليجية ثلاث مرات قبل أن يوقعها أخيرًا في 23 تشرين الثاني/نوفمبر. وكان التوقيع بحضور العاهل السعودي الملك عبد الله وشهود آخرين مبعث ارتياح بالغ بين اليمنيين الذين أنهكهم النزاع وعطلت حياتهم عشرة اشهر من سفك الدماء والطريق المسدود لحل الأزمة السياسية وارتفاع أسعار البنزين والمواد الغذائية والانقطاعات اليومية للتيار الكهربائي وانحدار الاقتصاد عموما نحو الانهيار.

واستقبل اليمنيون توقيع المبادرة بالمفرقعات وإطلاق النار في الهواء احتفالا فيما توافدت حشود على ساحة التحرير وسط صنعاء حيث أقام المتظاهرون المطالبون بالديمقراطية مخيمهم منذ شباط/فبراير.  ورفع آباء أطفالهم على الأكتاف لمشاهدة مجموعة من رجال القبائل تؤدي رقصة البرع اليمنية التقليدية على مسرح خشبي. 

وتتوجه الأنظار الآن إلى عبد ربه منصور هادي (66 عاما) نائب الرئيس اليمني الذي سيتولى المسؤولية خلال الفترة الانتقالية. 

وكان القائد العسكري السابق هادي وقف إلى جانب صالح في الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1994 ، رغم أصوله الجنوبية من محافظة ابين.  وأوصله وفاؤه إلى منصب نائب الرئيس الذي احتفظ به منذ ذلك الوقت.  وإذ تعين على هادي ان يعمل في ظل صالح فان مراقبين يرون انه لم يكن ذات يوم لاعبا قويا على المسرح السياسي اليمني وما زال كثير من اليمنيين ينظرون إليه على انه من أفراد الزمرة الجنوبية التي تحالفت مع صالح.  فهو ذكي، صاحب علاقات واسعة، لكنه ضعيف سياسيا بحسب المراقبين. 

وتولى هادي مهام رئيس الجمهورية حين كان صالح يقضي فترة نقاهة في الرياض بعد إصابته في هجوم استهدف المجمع الرئاسي في حزيران/يونيو.  وحاول مسؤولون غربيون أن يتعاملوا مع هادي وكأنه رأس السلطة في اليمن، ولكن سرعان ما اتضح من هو الحاكم الفعلي في غياب صالح عندما أبعده نجل الرئيس احمد صالح قائد قوات الحرس الجمهوري عن قصر الرئاسة واجبره على العمل من بيته، بحسب مجلة تايم.  وما دام أبناء صالح قريبين من هادي يراقبون تحركاته فانه سيلاقي صعوبة في فرض سلطته على البلد. 

وكان ضعف هادي، من بين عوامل أخرى، سببا لما اعترى مظاهر الفرح بتوقيع صالح على المبادرة الخليجية من شكوك وغضب.  ومبعث الشكوك أن نظام الحكم ما زال قائما من الناحية العملية بوجود صالح آمنا في قصره وابنائه وأبناء أخيه يتولون مناصب حساسة في قيادة القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات. وسبب الغضب أن الاتفاق، المدعوم من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، يشتمل على توجيه أعضاء البرلمان اليمني بمنح صالح وأفراد عائلته حصانة ضد الملاحقة القانونية رغم الاتهامات الواسعة بالفساد ومقتل مئات المحتجين بنيران قواته خلال الأشهر الأخيرة. 

وحتى الآن لم يتغير شيء على الأرض بعد الاتفاق بل اندلعت احتجاجات شعبية في سائر أنحاء اليمن.  والآن تتردد يوميا في شوارع صنعاء وأزقتها هتافات المحتجين مؤكدة أن "الثورة مستمرة" و"لا حصانة للقتلة".  ففي اليوم التالي على توقيع المبادرة الخليجية قُتل خمسة متظاهرين بنيران "بلطجية" من سطح احدى البنايات وأُصيب 30 آخرون خلال التظاهرات التي نزلت الى الشوارع مطالبة بمحاكمة صالح. 

في غضون ذلك، اقتُرح أن يكون 21 شباط/فبراير المقبل موعدا لإجراء انتخابات رئاسية.  وإذا جرت الانتخابات في هذا الموعد فأنها ستكون أول انتخابات منذ توحيد شطري اليمن قبل 21 عاما لا يكون صالح مرشحا فيها.  ولكن بدلا من أن تكون الانتخابات انتصارا للديمقراطية فأنها لا تعدو عن كونها ممارسة شكلية وآلية لتوصل النخب إلى توافق سياسي فيما بينها، على حد وصف مجلة تايم.

ومن المرجح ألا تكون للناخبين إلا فرصة اختيار مرشح واحد هو نائب الرئيس ولن تتاح لهم فرصة التصويت مرة أخرى إلا في الانتخابات البرلمانية التي ستجري بعد عامين.  وأعرب المحتجون عن معارضتهم لمثل هذه الانتخابات واصفين إياها بالمهزلة، وهددوا بحرق بطاقاتهم الانتخابية إذا لم يُعزل أفراد عائلة صالح عن مواقع السلطة. 

ولكن بخروج صالح من الصورة على ما يُفترض ينتقل الاهتمام بسرعة من الشارع الى النخبة السياسية.  ويجد تحالف المعارضة في اللقاء المشترك الذي يضم تشكيلة متنوعة من الاشتراكيين والإسلاميين والبعثيين انهم شركاء في حكومة وحدة وطنية مع خصومهم القدامى. 
 
وعُين بمنصب رئيس الوزراء يوم الأحد محمد باسندوة (78 عاما) وهو سياسي جنوبي مخضرم ناضل ضد البريطانيين من أجل الاستقلال.  وستتسع رقعة تمثيل اللقاء المشترك بعد تقاسم الحقائب الوزارية.  ولكن إذا استمر صالح في التصرف وكأنه ما زال رئيسا فان الاحتمال كبير بأن ينفرط عقد الائتلاف الهش أصلا. 

وبدأ اللقاء المشترك يفقد رصيده الشعبية من الآن بسبب تقاربه الجديد مع حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بقيادة صالح.  ونشأ خلاف بين حزب الإصلاح الإسلامي حسن التنظيم، اكبر أحزاب اللقاء المشترك، والشباب غير الحزبيين الذين أقاموا خيمهم في ساحة التغيير منذ كانون الثاني/يناير الماضي.  ويتهم شباب ساحة التغيير قوى المعارضة التقليدية بخطف ثورتهم وخيانتهم بالتوقيع على اتفاق يمنح صالح حصانة قانونية.  وطورد خطباء من حزب الإصلاح عندما هاجمت مجموعة من الشباب المسرح الرئيسي في ساحة التغيير بالحجارة والبيض وقناني البلاستيك هاتفين "انه مسرحنا، أنها ثورتنا، تسقط المعارضة". 

في هذه الأثناء يتابع اليمنيون بتوجس كيف سيرد خصوم صالح الرئيسيون وفي مقدمهم اللواء المنشق علي محسن الأحمر وقبيلة الأحمر القوية على أعمال العنف.  فان شوارع وسط صنعاء شهدت منذ اشهر اشتباكات بين قوات الحرس الجمهوري بقيادة احمد نجل صالح ومؤيدي اللواء محسن ورجال الأحمر الذين يقودون أقوى اتحاد قبلي.  فان حمل صالح على توقيع المبادرة الخليجية ربما كان المشكلة الأسهل على الحل في الوضع اليمني. 

اقرأ ايضا: