بين نظرة تامل مجبورة...........وسهام بقلمي
مناخها ربيع يدوم... وهبوب صيفه دواء العليل... وشرر محرق خطير .... سهلها منبسط وظهر فرشة سواء ... يتوسطه تله كثبانها ناعمة ...طينية القوام...وباطنه يحفظ الماء داخل شقة وعلى ضفاف رافديه....
أطلس تضاريسها جمال أخاذ ...وجغرافية خواصها تستوقف العابر ...وتلهم الفنان...وتشد المصور ... وعورة سطحها خطيرة ...وأخاد يدها طرية ...المرور عليها يسقط في الغياهب...رمال صحرائها متحركة ...وجوفها معالمه مجهولة ...داخله مفقود ...والخارج منه مولود...
ربما تمر بعض لحضات الشباب بين طيش وغرور ...وقد يضن حينها انه ساحر ... القلوب... مرمل ... العذارى ... أستاذ العزف ...بالقوارير...
وما درى انه لازال يعيش تحت كنف أمه ، ومتى حدد العمر بالبلوغ وتخطي الهوى بكبر الشوارب ...وهو والحياة في صداقة مؤقتة لم تحن الفرصة أن تزج به في بحر الهوى وكأني بالحياة تطبطب على ظهره حتى لا يغص وهو مستغرق في الرضاع ولسان حالها يقول لقد حانت ساعة الفطام وما تلبث أن تنزع من فمه آخر موائد الحنان وتهوي به في سحيق الهوى وبحر الغرام ليمتطي( قطار النساء) ويحجز تذكرة المغادرة إلى دهاليز الفتنة لتحط به الرحال في (محطة سهام العيون) حاملاً معه حقيبتاً ليس بداخلها سوى قصاصات من الأوراق تدعى جواز سفر قد اكتسح البياض معالمها إلا خانة وحيدة قد لبست قناع رُسم على وجهه شخاميط وطلاسم سحرية يقال أنها تأشيرة عبور نظامية إلى (الولايات الأنثوية المتعددة) يتم إبرازها عند محطة المغادرة وأثناء لحظة الوصول من بوابة المحطة وتقيه من رشق سهامها التي برمجت إحداثياتها ليكون الفؤاد هدفها والعقل ملتقى شظاياها ، ومن حسن طالعة وبخته السعيد لوكانت تلك التأشيرة سارية المفعول غير منتهية الصلاحية ويظهر مفعول تلك الطلاسم والشخاميط السحرية ملهية قلبه وادراكة أن يقع تحت تأثير مجال العيون المغناطيسي حتى لوكان بصره في مرمى سهام محطة العيون فالعقل والقلب يجهلان ماهية الموقف بفضل تلك الطلاسم التي غشت عينه وسدت الأفق بين العين والعين ليستمر قدماً في اكتشاف ما يجهل من مناخ وتضاريس ... في تلك الولايات الجديدة التي لم يشاهدها على الطبيعة فكل معرفته بها لا تتعدى كونها أفلام أو مسلسلات ومقاطع غنائية تلفزيونية وبث فضائي ... وما هي إلا خيارات زمنية لتمارس الحياة مسلسلاتها الدرامية وتخلع ثوب الطيبة والمسكنة وتكشر عن مخالب وأنياب تنهش في جسد كل من قدر عليه أن يسلك مسار العشق ويتخرج من أكاديمية (قيس ليلى) وقد يحتل مراتب الشرف الأولى في العشق والغرام ، فنجدها تنسج له مقطوعة درامية على مستوى عال من المكر والدهاء وبجرعات متزايدة وصولاً إلى جرعة الموت .
وهذه هي الحالة الوحيدة التي لا يحبذ فيها صعود السلم خطوة بعد خطوة ... والعلاج جرعة ... بعد جرعة ... فان استطاع المدمن للهوى أن يحطم كل درجات السلالم ... فل يفعل ... وان استطاع أن يسكب جرعات العشق ... فلا يتردد ... أما خلاف ذلك فهذه قاعدة سليمة وحكمة رشيدة ... وربما يتناقل الناس فيما بينهم وداخل قاعات مجالسهم أن هذه الدورة من الحياة المتسبب الرئيس فيها الإنسان نفسه بعدها تخرج دورة الحياة عن مسارها الطبيعي إلى الشذوذ السلوكي ... وهذا السرد لا يمت للحقيقة بنسب من قريب أو بعيد.
فالطبيعة البشرية تحمل كل الجينات السليمة والشاذة ... فتسلسل الجنس البشري من بداية أبينا ادم إلى فتاء البشرية الجينوم البشري واحد من ادم وحتى أُمنا حواء جزء من نفس الجينوم ... وهنا الجينوم البشري ثابت والمتغير هي التركيبة المعيشية أو النمط المعيشي (وهذا المتغير هو الذي يعمل تحالفاً مع الحياة بمساعدة بعض الفرضيات تحت نمط من الخيارات السلوكية ... والشخصية ... والدينية ...وبالتالي تبدأ دورة الحياة تسلك مسلكاً آخر مغامياً تماماً عن المسار الطبيعي لدورة الحياة البشرية الطبيعية ... وهذه القاعدة تجري على كل الأمور ... أي أن كل مافي الكون سُير بنمط سليم ... وهذا هو "الجزء الثابت" في المعادلة ... والنمط المعيشي "هو المتغير" ... طبعاً بالتعرف على فرضيات ذلك المتغير ).
تلعب الحياة دورها الشرير على ملعب وهمي خيالي الضحية في المباراة ( الرجل) ... والممول الوحيد لهذه البطولة ( المرأة) ... سواءً بطريقة مباشرة ... أو غير مباشر ... استخدمت كأداة للإقصاء ... وتسديد الركلات ... وبالتالي الاعتزال من الحياة في سن مبكر ... بعد أن أصبح كجلمود صخرٍ لا يكاد يتعدى موقعة في المستطيل الذي تلعب فيه المباراة عاجز عن التفكير قد اسلم نفسه وقلبه وعقلة وهواه لغيره ... يتحكم فيه كيف يشاء وقتما يشاء وهو لا حول له ولا قوة ... وتكمن الخلطة السرية في الموضوع ... استخدام الحياة لعامل خفي لا احد يستطيع التحكم في ماهية عملة ... السيطرة على المشاعر ... وتملكها ... حيث ينفث عبر الأبدان ... ويدخل القلب ... دون استئذان ... ويجعل من العقل أجيرا لديه ... يستمتع بخدمته دون أن يفكر أو يكون له رأي ... وهنا تلعب الحياة دور (المالك) تبيع الجواري وذلك بالتحكم بكل معطيات المرأة ... وتبيع الرقيق أو العبيد حيث تجعل من العاشق والغريق في بحر الهوى أسيرا لهواه يسير أينما سار من استودع قلبه بين يديه ... ووثيقة رقة لديه .
تبدأ الحياة بعمل فلتره لزبائنها ومن هم ضمن قوائم زوارها لعمل التهيئة التي تناسب كل زبون من زبائنها وتحدد مقدار الجرعة الأولى بناءً على مالديها من معطيات عن زبائنها ثم تنفث الجرعة الأولى حسب التركيز المناسب مستخدمة في ذلك بعض الأنماط المعيشية من تقنيات وجعل كل الأنماط تستقر ضمن الذاكرة الأساسية للدماغ حيث يسهل استحضارها وقت الحاجة وبعدها يتم زيادة تركيز الجرعة لتبدأ العزف على أوتار المشاعر ولكن ليست المشاعر المتعلقة بالحب والغرام ، وإنما المشاعر ذات الطابع الغرائزي والتي تمثل الشهوة 70% منها ، لتهيج كل غريزة ساكنة وذلك باستخدام كل المعطيات المثيرة لدى ( الأنثى) ومن ثم استحضارها من قبل الشخص بالطريقة المتاحة لدية ... هنا ينتهي الجانب النظري داخل البيئات المغلقة الصغيرة كالمنزل وخلافة .
تزيد الحياة التركيز من الجرعات ... لينطلق إلى البيئة المفتوحة مستحضرا كل ما تم تخزينه من خلفيات عن المتعة وحتى يستطيع تطبيق كل الدروس النظرية يحتاج إلى ميدان يمارس فيه تطبيق تلك الدروس هذا الميدان الواسع ما يسمى ( سوق اللالالالالا ).
ليشاهد الحدث من قرب في بث مباشر وكأنه يسعى لإنتاج برنامج وثائقي هو الكاتب والمنتج والمخرج عيناه عدسة تصويره وذاكرته دماغه أو كأنه في كلية علمية يطبق الجانب العملي والتطبيقي لتلك المحاضرات النظرية كل هذا وأكثر وهو لا يدري من أين يبدأ وأين هو طرف الخيط ...
وخصوصاً عندما يبطل مفعول الطلاسم والشخابيط السحرية وينقشع الغمام عن ناظريه ليجد نفسه أمام مجموعة التحف الفنية والحضارات العمرانية والصور الجمالية قد امتزج اخمصها فناً وأوسطها سحرا وجمالاً واكتسى أعلاها عذوبة حتى أن الدر يتساقط على الورود رقراقا وما أن تهب الرياح حتى ترفف الأشجار وكلما اشتد حفيفها تطامي حبوب لقاحها وعانق الزهر بعضها لتحمل الثمار أكمامها وتنحني القناديل لتملأ الواجهات وان أزهر الرمان في حدائقها وأثمر فذاك طلع تشحم جوفه واصطف اللؤلؤ بين فراغاته قد تخثر الرحيق داخله ، ظاهرها ناعم الإحساس قوامها صلب طري المراس بقايا زهرها بارز إن تدلت كأنها أجراس تقرع وان علت قباب نصبت .
عندها يدور حول فلكه وينتشي فيه الغرور وليته يدرك ما قال الطب في حالته إنها البداية لمرض يصيب القلب وينخر العقل ويهلك البدن والنهاية وصفها الجنون .
في هذه المرحلة الحرجة يزداد تركيز الجرعات ... وتقوم الحياة بتغير الخطة واللعب بخطة تختلف جملة وتفصيلاً عن ذي قبل ... متخذة اسلوب ( الهجوم خير وسيلة للدفاع ) ، حيث تبدأ بإرسال ضربات في الزوايا الصعبة وتسديد الضربات بشدة وبقوة لتنفذ بشكل سريع وغير محسوس لشباك الخصم ليتم هتك شباكه وتقطيع روابط مشاعره ليشعر بالتفكك وتبدأ الروابط بين حوارحة تتباعد فيعمل كل جهاز لوحدة وتتشتت الجوارح وبالتالي يحدث طلاق بين القلب والعقل وتشترى المشاعر والأحاسيس في ( سوق النخاسة ) لمن يدفع ...
وهنا حدثت نقطة تحول مهمة ... عندما ينقلب السحر على الساحر ... فالبداية كانت البحث عن ميدان لتطبيق دروسه النظرية إلى نقاط عملية وتطبيقية ... والخروج إلى بيئة مفتوحة ... ســـوق اللالالالالا .
وما لبثت الحياة أن جعلت الأمور عاليها سافلها ... وامطرة مرماه بوابل من الهجمات ... حتى فرضت السيطرة على مشاعره واحاسيسة ... وتملكت كل نقطة شعور ... ومركز حس ... وسخرتها للعمل تحت سيطرتها ... فتارة ترسل ذبذبات تجاه القلب مباشرة فلا تجد أي شبكة مشاعر أو حس تتصدى لها وتزنها بميزان العقل ليفقها القلب ويعرض عن كل ما من شأنه يصيب البدن بزلزال تختل فيه موازين الحس ويصاب الجسد ( بمرض باركنسون ) فلا يستطيع السيطرة على العواطف ... وبالتالي تتحرك المشاعر بعكس التيار وتجعل من القلب فريسة سهلة لداء الهوى وذل العشق ... وبمجر ماترسل من المالك لتلك المشاعر إشارات وذبذبات تخاطب فيه ضعفه بلغة بالغة التعقيد على لسان الهوى ... يهتز البدن المصاب ( بمتلازمة باركنسون ) وكأن هذا التصرف أرقام لشفرة خزينة الأحاسيس في خلايا الجسد لينفذ الهوى سمومه عبر كل منفذ من منافذ الحس الجسدي لتمتصه تلك المنافذ ويستقر في كل أجهزة الشعور ومراكز الإدراك ثم يتم برمجتها بلغة عصبية شبيهة باللغة المرسلة بلسان الهوى على نفس مقياس التردد ... ويحللها العقل بصيغة فرض ديباجتها الهوى المحتل ... لتأتي الأوامر النهائية من مركز الإدراك والتحكم والسيطرة ( العقل ) مباشرة إلى القلب ... بأن يشرع أبوابة مفتوحة ويستقبل الهوى ... ويسكنه داخل أي حجرة من حجيراته شاء ... ولا يغلق أبوابة إلى الأبد ... ليسرح ويمرح الهوى داخله وبين أرجائه ويتغلغل بين أوردته وفي أحضان شراينة ... وما هي إلا بضع أيام وليال ليعلن الهوى ولادة سيد جديد ، وأمر القلب أن يحتضنه في حناياه ويترعرع في سويدائة ويتغذى من دمائه ... وأطلق علية اسم ( العشق ) ، وهنا يكون القلب في حالة من القلق والخوف على جنينه الذي يعتقد في قراره نفسه انه من بني جنسه وفلذة كبده ... والحق انه ... دخيل ... غازي ... ومحتل ....
يبدأ القلب بالمبالغة في خوفه على ( عشقه الصغير ) ويتعلق به ليكبر ويترعرع بين أحضانه وعلى ناضرية ... حتى يصل مرحلة عمرية معينة ليتطور ... عشقه الصغير ... ويلبس حلة تناسب سنه ... أطلق عليها ( الغرام ) ، والقلب بكل جوارحه يتفاني في خدمة ( غرامة ) ليصل بعدها ذلك القلب المسكين من حالة رعايته ... لعشقه وغرامة ... لمرحلة متقدمة من الشذوذ الجوار حي ... فيصاب بحالة نادرة لا يصل إليها القلب إلى بعد مرحلة من الإدمان العاطفي والعبودية لمن أحب ... لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل التحور هذه المرة ... يكون الراعي الرسمي لها ... اكبر الجوارح فقهاً واكثر ها إبصارا ... هذا الجارح تتعدى هيئته الهيئة الدموية والطبيعة البشرية المتكونة ... من لجم ودم ... لترقى إلى حالة بين الروح والنفس ... انه الفـــــــؤاد ... فيصاب الفؤاد بحالة مرضية ... تدعى ( الهيام ) ، لان الهيام حالة لها صفة الروحانية ولها سريان ... الخيال ... فهذه المرحلة من صميم تخصص الفؤاد ... يهيم مع محبوبة أينما رحل .... ويسكن معه أينما حل.
بعد أن تفرض الحياة جل سيطرتها تجعل من ذلك المخلوق آلة تسخرها لخدمتها ... وبإشارة من إصبعها الصغير تجعل منه قطعة جامدة كأن الروح قد سلبت منه ... فقد أصبح ... واضحي ... لا يحمل من هموم الدنيا ... وهمومه ... سوى إرضاء محبوبة ... حتى انه لايحد متسعاً ليحل مشاكل نفسه... وبدنه ...وصحته ... فالطعام إن وجد طريقاً إلى جوفه خطأ سد جوعه...وإلا فالزهد هوايته ...والتقشف طبعه ... والماء والهواء ...مائدته ...يشبع لشبع محبوبة ...ويحس بالجوع إن جاع ...أصبح مثل لوحة بليت لم يبقى من معالمها سوى إطارها المتهالك ...الجلد بالعظم ملتصق ... والشعر أشعث ... والتراب قد عفر هيئته ...العقل منه في زوال ...والرجفة بعض أوصافه ... والخوف والفجيعة طبعة ...من أصحاب القبور اقرب ... ومن الأحياء ابعد ...يعيبه الصبية ويرميه الغلمان ...قد تلبسه مس الهوى ...الجان لحاله مشفق ... والرقية بينها وبينه أمد بعيد... والدعاء له هو الحل الوحيد.
عجباً لتلك الحياة ... الغدر طبعها ...وسلب السعادة شعارها ... والابتسامة قليلها... والبكاء ...كثيرها...المخاليق عليها بين عابس ... وقنوط ...دوام حالها ...من المحال ... بعد كل هذه الشعارات البائسة ...ترمي الحياة حلولها اليائسة ...لكل عاشق بين أهلة يتيم ...عظامه سهلة العد ...هيكله سقيم .
أما أنت يامن دائه الهوى ... وعلته الهيام ...ودوائه الموت في سبات ...وقعت بين مطرقة الحياة ...وسندان سيدة من الإناث ، غرك العجب ...ونفشت صدرك بقوامة الرجال على النساء ...ونسيت كيدهن عظيم ... وتناسيت مكرهن نار تحرق الهشيم