اليمن بين المسار السياسي والمسار الثوري
اخبار الساعة - * د. عبد الله الفقيه بتاريخ: 12-12-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (3350) قراءة
هناك مساران في اليمن اليوم: الأول هو المسار السياسي المتمثل في المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية والإتفاقات العلنية والسرية الملحقة بهما؛ والمسار الثاني هو المسار الثوري الذي يبدو ان الشباب في الميادين والساحات يراهن عليه اكثر مما يراهن على المسار السياسي. وفيما يلي تحليل للمسارين وفرص كل منهما في النجاح.
المسار السياسي
تتمثل اهم خطوات المسار السياسي في اليمن في الاتي:
- توقيع علي صالح بنفسه على المبادرة الخليجية
- قرار نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بالدعوة الى انتخابات رئاسية مبكرة في فبراير 2012 يكون فيها هادي مرشح التوافق الوطني للأحزاب الموقعة على المبادرة الخليجية
- تشكيل اللجنة العسكرية والأمنية التي ستتولى فض الإشتباك بين قوات صالح والقوات المناصرة للثورة
- تشكيل حكومة محمد سالم باسندوة ومباشرتها لأعمالها ابتداء من الـ10 من ديسمبر الحالي.
ويعاني المسار السياسي العديد من نقاط الضعف التي تجعل الشباب في الساحات والميادين وحتى الأحزاب غير قادرة على المراهنة عليه. وتتمثل اهم نقاط الضعف تلك في الاتي:
- استمرار صالح منذ التوقيع على المبادرة الخليجية في حشد البلاطجة وتسليحهم
- توظيف صالح وسائل الإعلام العامة في ارسال اشارات الى مناصريه بان لا شيىء تغير وان ما تم لا يزيد عن كونه تقاسم للسلطة بينه وبين خصومه
- ما زال صالح يمارس عملية القتل لليمنيين في تعز وصنعاء وارحب ونهم
- فرض صالح على قوى الثورة التي تقبل بالمبادرة الخليجية حكومة يبلغ عدد وزرائها 35 وزيرا في خطوة تهدف الى افقاد الحكومة ثقة الناس بها وشل قدرتها على العمل وتصوير خصومه امام الدول المانحة بانهم ليس دعاة اصلاح بل دعاة تقاسم وفساد.
- حشد صالح البلاطجة الموالين لأسرته في حكومة الوفاق الوطني وبرهن صالح من خلال الخطوة ان الشراكة التي تدخل فيها قوى الثورة هي مع اسرته وليس مع المؤتمر الشعبي العام لإنه من وجهة نظر صالح لا يوجد حزب اسمه المؤتمر الشعبي العام فهو المؤتمر والمؤتمر صالح. وعندما واجه صالح معارضة لمرشحيه الى الحكومة من قبل اللجنة العامة للحزب دعا صالح الى اجتماع استثنائي للجنة الدائمة التي تزيد العضوية فيها عن الالف وتمكن من خلال اللجنة الدائمة من تمرير مرشحيه بسهولة ودون اي نقاش حقيقي.
- سعى صالح الى تجريد نائبه من مسئولياته الحزبية كامين عام للحزب عن طريق ايكال موقع الأمين العام للحزب الى الدكتور علي محمد مجور الموالي لأسرته وقد واجه معارضة شديدة من هادي الذي بدا واضحا بالنسبة له ان صالح يريد خصخصة المؤتمر في اسرته وتجريده من دعم الحزب في الإنتخابات الرئاسية القادمة في فبراير 2013 واذا كان صالح قد رضخ لهادي واجل تولية مجور حتى اواخر فبراير فان الدارس لطريقة عمل المؤتمر الشعبي العام يدرك ان الحزب ليس سوى مراكز قوى مرتبطة بصالح وسيعمل على توظيفها لإفساد كل شيىء عندما يريد بما في ذلك انتخابات فبراير 2012.
-
حشد صالح كل انواع الأزمات لحكومة الوفاق واهم تلك الأزمات:
- تفجير انابيب النفط ووقف عملية الإنتاج وبحيث ستتزامن عملية بدء حكومة الوفاق لعملها مع تفاقم ازمة المشتقات النفطية
- تجفيف الموارد المالية للدولة ومخزونات المواد والإحتياطيات
- لم تستلم قطاعات واسعة من موظفي الدولة مرتباتها عن الشهر الماضي حتى الان
- عمل صالح على توظيف عشرات الالاف خلال فترة الأزمة لسحب البساط من تحت اقدام الثورة ولم يخصص مرتبات للموظفين الجدد وبعد التوقيع على المبادرة الخليجية وجه رغم عدم قانونية توجيهه ومخالفته للمبادرة الخليجية بصرف مرتبات تلك الالاف ابتداء من شهر يناير القادم
- دمر صالح وبلاطجته ونهبوا معظم الوزارات في الدولة التي ستئول الى المعارضة وفي مقدمتها وزارتي الإدارة المحلية والداخلية
- منع صالح وسائل الإعلام من تغطية حفل اداء حكومة الوفاق اليمين الدستورية امام نائبه ليفقدها الشرعية وعمل على التشويش على الحدث في وسائل الإعلام العام عن طريق اعطاء الصدارة في نشرات الأخبار لقصة لقائه برئيس الوزراء المقال علي محمد مجور.
- ستجد الحكومة القادمة صعوبة بالغة في ممارسة اي سلطة نظرا لإستمرار صالح واسرته في السيطرة على قوات الجيش والأمن وتوظيف تلك القوات لإرهاب الثوار بدلا من حفظ الأمن وحماية امدادات الطاقة والنفط وبالنسبة للجيش المناصر للثورة فانه سيجد صعوبة بالغة في الحركة نظرا لتربص قوات صالح واسرته به وسعيها الى تفجير الموقف عسكريا.
- ستجد حكومة الوفاق الوطني صعوبة بالغة في الحصول على دعم اقليمي ودولي في ظل استمرار الأوضاع القائمة على حالها وكبر حجم الحكومة والتهديد المستمر للبلاد بالحرب الأهلية من قبل صالح واسرته وحتى لو حصلت الحكومة على دعم فلن يكون مجديا في ظل استمرار صالح واسرته والخطر الذي يمثلونه على البلاد.
- اجلت المبادرة الخليجية عملية اعادة بناء الجيش الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية وهو ما يعني استمرار ازمات البلاد في التصاعد حتى ذلك الوقت واذا حدثت الإنتخابات الرئاسية فان ذلك قد يؤدي الى تفجير الحرب الشاملة وليس الى توحيد الجيش.
يبين التحليل السابق بان فرص المسار السياسي في النجاح في اخراج اليمن من ازماته المتفاقمة والتي تهدده وجيرانه بالفوضى تبدو محدودة ان لم تكن منعدمة في ظل بقاء صالح واسرته في مواقعهم مع ما يمثلونه من تهديد لليمن وللإستقرار الإقليمي والدولي. وفي ظل وضع كهذا فان المسار الثوري يعتبر الطريق الأقل تكلفة وان كان بدوره لا يخلو من مخاطر طالما ظل صالح واسرته يلبسون الأحزمة الناسفة التي يهددون بها اليمن وجيران اليمن والمجتمع الدولي بشكل عام.
وصحيح ان المبادرة الخليجية تحظى بدعم اقليمي ودولي وان الكل حريص على تنفيذها الا انه يجب الإقرار بان مخرب واحد سيغلب الف عمار وان صالح معروف للجميع بمراوغاته وكذبه ونكثه للعهود والإستماتة في سبيل الإحتفاظ بالسلطة. وقد اثبتت الفترة التي بدأت من تاريخ توقيع صالح على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر ان سلوك صالح لم يتغير ولن يتغير.
دور المجتمع الدولي
اذا كانت الدول المجاورة والمجتمع الدولي حريصون على تجنيب اليمن المزالق الخطرة التي يواجهها فان عليهم التفكير بشكل مختلف وتوجيه رسائل واضحة الى صالح واسرته والضغط عليهم لمغادرة البلاد وتجنيب اليمن ويلات الحروب والدمار. فقد سبب صالح واسرته حتى الان لليمن ما يكفي من قتل وخراب ودمار واي سماح لهم بمواصلة جرائمهم ضد الشعب اليمني وممتلكاته متسلحين بالمبادرة الخليجية وما جاء فيها من حصانات تجعلهم في حماية من الشعب الى ما لا نهاية وبدون تحديد تاريخ بداية ونهاية سيكون خطاء كبيرا بلا شك وسيعني انهيار تام للدولة ولن يستطيع ايا كان بعد ذلك المساعدة في انتشال اليمن من الوضع الذي ستؤل اليه.
اذا كانت الدول المجاورة والمجتمع الدولي حريصون على تجنيب اليمن المزالق الخطرة التي يواجهها فان عليهم التفكير بشكل مختلف وتوجيه رسائل واضحة الى صالح واسرته والضغط عليهم لمغادرة البلاد وتجنيب اليمن ويلات الحروب والدمار. فقد سبب صالح واسرته حتى الان لليمن ما يكفي من قتل وخراب ودمار واي سماح لهم بمواصلة جرائمهم ضد الشعب اليمني وممتلكاته متسلحين بالمبادرة الخليجية وما جاء فيها من حصانات تجعلهم في حماية من الشعب الى ما لا نهاية وبدون تحديد تاريخ بداية ونهاية سيكون خطاء كبيرا بلا شك وسيعني انهيار تام للدولة ولن يستطيع ايا كان بعد ذلك المساعدة في انتشال اليمن من الوضع الذي ستؤل اليه.
وفي يد مجلس الأمن الدولي ان توفرت الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء فيه لحماية الشعب اليمني من صالح واسرته الدموية المجرمة ان يبني على القرار رقم 2014 وان يبدأ في جلسته القادمة البداية الصحيحة ويوظف اللغة التي يفهمها صالح جيدا وذلك بان يقرر الاتي:
- تشكيل لجنة اممية للتحقيق في جرائم صالح واسرته ضد الشعب اليمني وفي مخالفاته للشرعية الدولية المتمثلة في المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم 2014
- ان يصدر قرارا بتجميد ارصدة صالح وافراد اسرته وكبار معاونيه وممتلكاتهم واستثماراتهم في الخارج
- فرض حظر على سفر صالح وافراد اسرته وكبار معاونية الى الخارج.
* استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء
اقرأ ايضا: