هذه هي الخمسة التحديات المعقدة التي ستواجه محمد بن سلمان اولها الحرب على اليمن
لا شكّ أنّ تعيين ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز لنجله “محمد” ولياً للعهد، وضعَ الأخير في مواجهة جملةٍ من التحديات سواء على الصعيد الداخليّ أو الخارجيّ، فما هي أبرز تلك التحديات؟!.
اليمن
منذ انطلاق العملية العسكرية السعودية في اليمن وشن حملة قصف جوي مكثف على الأهداف العسكرية لتحالف الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح قبل أكثر من عامين والمعارك مستمرة ولا يبدو أن نهايتها وشيكة سواء عبر العمل العسكري أو السياسي.
وقد كلفت هذه الحرب السعودية مليارات الدولارت حتى الآن دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى قرب نهايتها، كما جلبت لها انتقادات دولية واسعة بسبب سقوط عدد كبير من المدنيين نتيجة الغارات الجوية السعودية وتدمير البنية التحية للبلد الذي كان يعتبر من أفقر البلدان في العالم حتى قبل الحرب.
كما أدت الحرب إلى نمو الجماعات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة أو ما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية” بسبب حالة الفوضى والحرب السائدة.
ورغم نشر قوات برية إماراتية وسعودية في اليمن لمساعدة قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي فشلت السعودية والتحالف العربي الذي تقوده في تحقيق نصر عسكري يرغم الطرف الآخر على تقديم تنازلات وقبول مطالب السعودية.
وينظر محمد بن سلمان إلى الصراع في اليمن باعتباره جزء من المواجهة الأوسع مع إيران ويرى أن الحوثيين هم أداة ايرانية لا يمكن التساهل معهم أو منح إيران موطىء قدم في اليمن.
ايران
كان تصريح محمد بن سلمان عن إنعدام امكانية إقامة علاقات طبيعية بين بلاده وإيران وأن السعودية لن تلدغ من إيران مجددا تصعيدا غير مسبوق في الموقف السعودي من إيران مما يؤشر الى أن علاقات البلدين قد تشهد مزيداً من التوتر والتصعيد وينذر بتصاعد الصراع بين المحور السعودي والمحور الايراني في المنطقة وخاصة في سوريا واليمن.
الموقف السعودي من إيران انتقل من الخلاف السياسي على ما يجري في اليمن وسوريا والخليج بشكل عام إلى الخلاف المذهبي وهو أمر غير مسبوق في علاقات البلدين. فقد تساءل محمد بن سلمان في مقابلة له مع قناة الاخبارية السعودية قبل بضعة اسابيع : “كيف أتفاهم مع نظام لديه قناعة مرسخة بأنه نظام قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري؟”.
ولا يبدو أن السعودية قادرة على الحد أو التقليل من النفوذ الايراني المتصاعد سواء في سوريا او في العراق حيث باتت أيام ما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية” معدودة في سوريا و العراق حيث تتولى طهران دورا فاعلا في هذه المعركة.
الأزمة مع قطر
هناك اعتقاد واسع بأن العقل المدبر للحملة على قطر هو ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي يعتبر الحاكم الفعلي للإمارات وبالتنسيق الكامل مع محمد بن سلمان الذين تربطهما علاقات شخصية وثيقة. ومع تولي محمد بن سلمان منصبه الجديد من المرجح أن تستمر الأزمة الناشبة في علاقات البلدين مع قطر.
وفي ظل إصرار قطر على إلغاء كافة الإجراءات التي اتخذتها السعودية والامارت قبل النظر في شكاوي هذه البلدين ضدها، لا يتوقع أن يخف التوتر الخليجي وقد يؤدي في النهاية إلى انسحاب قطر من مجلس التعاون الخليجي وبروز محور جديد يضم قطر وتركيا.
وقال موقع بلومبيرغ الإخباري قبل أسبوعين إن تحت تصرف الأميرين ثروات هائلة يستخدمانها لترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط بما يناسبهما عن طريق دعم بعض الزعماء والقادة والمجموعات المقربة منهما ومحاربة الاطراف والجماعات المناوئة لهما.
ويقول الموقع أن الاميرين أوصلا رسالة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد والبالغ من العمر 37 عاما مفادها: في هذه المنطقة نحن ندير دفة الأمور. ويقول مدير شمال افريقيا والشرق الأوسط في مجموعة يوراسيا ايهم كامل “يمكن تسمية ما يجري في الخليج بأنه صعود للثنائي باعتبارهما مهندسا السياسات الاقليمية”.
ومن المعروف أن الأميرين يكنان العداء الشديد لكل جماعات وقوى الإسلام السياسي السنية منها والشيعية.
الاقتصاد
أطلق محمد بن سلمان مشروعه الاقتصادي “السعودية 2030” عام 2016 و يهدف إلى الاقلال من اعتماد المملكة على النفط وخلق مصادر دخل أخرى والحد من الانفاق الاستهلاكي ورفع الدعم تدريجيا عن الكثير من الخدمات والسلع مثل الماء والكهرباء والوقود وحتى فرض الضرائب على بعض السلع لأول مرة في تاريخ السعودية.
وقد بدأت السعودية مؤخرا بتمويل العجز في الموازنة عن طريق استهلاك جزء من احتياطيها النقدي بسبب تدهور أسعار النفط خلال السنوات القليلة الماضية.
ومن المقرر أن تبيع السعودية بعض أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة، التي تعتبر الاغلى في العالم، وإقامة صندوق سيادي يتولى استثمار الأمول الناجمة عن ذلك في مجالات متنوعة وخلق مزيد من فرص العمل.
لتحقيق الأهداف التي تتضمنها الرؤية تحتاج السعودية إلى الانفتاح أكثر على العالم الخارجي والسماح للأجانب بالاستثمار في السعودية واتباع مزيد من الشفافية وتعديل قوانينها لتتماشى مع القوانين الدولية ولا يمكن تحقيق ذلك دون معارضة المؤسسة الدينية وبعض أفراد العائلة الحاكمة الذين قد تتعارض مصالحهم الاقتصادية مع أهداف الخطة.
الأمن
تواجه السعودية تحديات أمنية على الصعيدين الداخلي والخارجي، فداخليا تركز السلطات السعودية جهودها الأمنية لملاحقة جماعات اسلامية متطرفة لها صلة بما يعرف بتنظيم “الدولة الاسلامية” أو القاعدة.
وقد شهدت البلاد مؤخرا هجمات انتحارية استهدفت أغلبها مساجد للشيعة في المنطقة الشرقية. واتهمت السلطة تنظيم الدولة بالمسؤولية عن هذه الهجمات.
كما أن الفوضى التي خلقتها الحرب في اليمن قد خلقت البيئة المناسبة لنمو وتقوية الجماعات المتطرفة على ابواب السعودية.
ويقاتل مئات السعوديين في صفوف”الدولة الإسلامية” في سوريا والعراق ولاشك أن السعودية تشعر بالقلق من إمكانية تسلل عدد منهم الى البلاد مع اقتراب النهاية الحتمية للتنظيم.
كم أن هناك حراكا شيعياً ومواجهات أمنية، وإن كانت على مستوى أقل عنفاً في المنطقة الشرقية حيث تقع مواجهات بين الحين والآخر بين قوات الأمن ومطلوبين من الشيعة تتهمهم السلطات بـ”القيام بأعمال عنف والارتباط بجهات خارجية”.
ومع الإطاحة بولي العهد محمد بن نايف ذو الباع الطويل في التعامل مع المتطرفين والمسلحين في الداخل والخارج لا بد أن العالم ينظر بعين الترقب إلى كيفية تعامل السلطة السعودية مع هذا الملف.
المصدر: BBC