وفاة كيم جونغ ايل تترك كوريا الشمالية في حال من الفوضى
اخبار الساعة - لميس فرحات من بيروت بتاريخ: 19-12-2011 | 13 سنوات مضت
القراءات : (2886) قراءة
تثير وفاة كيم شكوكاً عدة حول مستقبل واستقرار كوريا الشمالية، التي تعتبر واحدة من الدول الأكثر عزلة في العالم، والتي حكمتها أسرة كيم لستة عقود متتالية. لكن على الرغم من ذلك، شكل نبأ وفاة الرئيس صدمة للشعب، ووصفته وسائل الإعلام الرسمية بأنه "القائد العزيز"، ونعاه مذيع النشرة الإخبارية بالبكاء والدموع.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "واشنطن بوست" إلى أن وفاة كيم جونغ ايل تشكل تهديداً على البلاد والحلفاء في آن واحد، لا سيما في ظل قرار العائلة بتمرير السلطة لنجل الزعيم الراحل، كيم جونغ وون، الذي يعتبر شاباً (في العشرينات من عمره) ولا يتمتع بالخبرة الكافية.
أعلن التلفزيون الرسمي في كوريا الشمالية وفاة زعيم البلاد كيم جونغ إيل عن تسعة وستين عاماً. وجاء في البيان إن كيم جونغ إيل توفي السبت بسبب الإجهاد في العمل بدنياً وذهنياً .إلا أن وكالة الأنباء الرسمية في البلاد أفادت في بيان منفصل بإصابته بنوبة قلبية حادة أثناء سفره بالقطار يوم السبت.
حكم كيم جونغ إيل بلاده الشيوعية الفقيرة منذ وفاة والده كيم إيل سانغ عام 1994 .وكان قد أصيب بجلطة دموية عام 2008، وغاب عن الحياة العامة منذ عدة أشهر. ويتوقع أن يخلفه في حكم البلاد ابنه الثالث كيم جونغ وون الذي يعتقد أنه في نهاية العشرينيات من عمره.
حتى أواخر العام الماضي، عاش "كيم الأصغر"، نجل الزعيم الراحل حياته كلها تقريباً في سرية مطبقة، لكن صراع والده مع المرض بات الموقع الرئاسي محل جدل في البلاد، ما دفع بكيم جونخ ايل في أواخر سبتمبر/أيلول 2010 ، بتسمية نجله كيم جونغ وون ليتولى وظائف مرموقة في المجالين العسكري والسياسي.
ويقلق العديد من خبراء الأمن الكوري من أن يواجه كيم الابن معارضة من كبار المسؤولين الكوريين الشماليين، بما في ذلك جانغ سونغ تايك، الذي يتولى البلاد في الفترة الانتقالية. في السنوات الأخيرة، حاول كيم جونغ ايل الحد من سلطة أقدم أعضاء الحزب، وتخفيض صلاحياتهم، وأحياناً طردهم و إقصائهم إلى الأرياف، حتى لا يتحالفوا ضده.
قالت وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية انه "في طليعة الثورة الكورية يوجد حالياً كيم جونغ وون، الخليفة الكبير للقضية الثورية للزوتشيه والزعيم المميز لحزبنا وجيشنا وشعبنا".
"زوتشيه" او "جوتشيه" هو الاسم الذي يطلق على العقيدة الرسمية للنظام الستاليني والتي وضعها مؤسس الجمهورية الشعبية لكوريا الديموقراطية كيم ايلسونغ والد كيم جونغايل، وهي عقيدة تجمع بين الشيوعية والاكتفاء الذاتي.
واضافت الوكالة ان "زعامة كيم جونغ وون هي الضمانة الاكيدة لنا كي نضمن بقاء القضية الثورية للزوتشيه للأجيال المقبلة، القضية التي اسسها كيم ايل سونغ وقادها الى النصر كيم جونغايل".
واضافت الوكالة "على كل افراد الحزب (حزب العمال الحاكم) والجيش والشعب ان يخضعوا بكل امانة لسلطة الرفيق كيم جونغ وون وأن يسعوا بحزم الى حماية وتعزيز وحدة الحزب والجيش والشعب".
منذ توليه السلطة من والده كيم ايل سونغعام 1994، أطبق كيم السيطرة المشددة على المجتمع الكوري الشمالي، وفقاً لعقيدة "جوتشيه" لترشيد حملات صارمة على المعارضة السياسية. وأرسل الرئيس الراحل جميع معارضيه إلى معسكرات الاعتقال، برفقة عائلاتهم وأطفالهم.
أبقت قيادة البلاد على الحظر المفروض على معظم الاتصالات، فمعظم الكوريين الشماليين، حتى الآن، لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت. ويملك بضعة آلاف من الكوريين الشماليين الآن الهواتف المحمولة، لكن باستطاعتهم إجراء المكالمات المحلية فقط.
نتيجة لذلك، تمكنت كوريا الشمالية من محاصرة المعارضة والقضاء عليها تقريباً، وهذا تناقض صارخ مع الدول العربية التي ثارت ضد حكامها هذا العام. ومنذ ما يقرب العقدين حتى الآن، نجحت كوريا الشمالية في تحدي التوقعات بزوالها، لكن وفاة كيم أثارت مخاوف جديدة من أن البلاد يمكن أن تصبح أقل استقراراً.
في طوكيو، عقد الزعماء اليابانيون اجتماعاً أمنياً طارئاً. ووضعت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية موظفيها على خط المواجهة العسكرية في حالة تأهب استعداداً لحالات الطوارئ، لا سيما في ظل القلق المتزايد حول استفزاز على طول الحدود البحرية المتنازع عليها. وتراجع سوق الأسهم في سيول أكثر من 4.5 في المئة فور إعلان نبأ وفاة كيم.
في السنوات الأخيرة، خصوصا منذ السكتة الدماغية التي أصابت زعيم كوريا الشمالية في آب/أغسطس 2008، كانت وكالات الاستخبارات الاميركية ترصد حالة كيم الصحية عن كثب. وحذر محللون في وكالة الاستخبارات المركزية والوكالات الأخرى من أن وفاة كيم قد تزعزع استقرار البلاد وتجعلها أكثر خطورة مما هي عليه.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "وفاة زعيم كوريا الشمالية يترك البلاد في مهب رياح التغيير ويسبب حال استثنائية من عدم اليقين لهذا البلد الذي شهد تغيراً طفيفا في عقود"، مضيفاً أن هناك ما يبرر القلق في كوريا الجنوبية، "فانعدام الأمن في كوريا الشمالية يعني أن هذه البلاد يمكن أن تشكل خطراً على الدول الأخرى".
وتوالت ردود الفعل الاقليمية والعالمية على وفاة زعيم النظام الستاليني. ففي سيول، وضعت كوريا الجنوبية جيشها في حالة تأهب وعززت الرقابة على حدودها مع كوريا الشمالية، كما طلبت من حليفتها واشنطن التي تنشر 28500 جندي اميركي على اراضي كوريا الجنوبية تعزيز المراقبة عبر الاقمار الاصطناعية والطائرات، بحسب ما اوضح متحدث باسم رئاسة اركان الجيش الكوري الجنوبي.
والغى الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغباك كل التزاماته ومواعيده ودعا الى اجتماع لمجلس الامن الوطني في القصر الرئاسي في سيول (البيت الأزرق). وقال المتحدث باسم الرئاسة ان "كل موظفي البيت الازرق وضعوا في حالة تأهب".
ولا تزال الكوريتان رسمياً في حالة حرب منذ الهدنة التي وقعها الطرفان اثر حرب 1950-1953.
من جهتها وفي اعلان مفاجئ اعربت الحكومة اليابانية عن تعازيها لبيونغ يانغ اثر اعلان زعيم البلد الذي لم تقم طوكيو علاقات دبلوماسية معه ابدا. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية اوسامو فوجيمارو خلال مؤتمر صحافي ان "الحكومة تعرب عن تعازيها بعد الاعلان المفاجئ عن وفاة رئيس لجنة الدفاع الوطني لكوريا الشمالية كيم جونغ ايل".
بدروه بحث الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال اتصال هاتفي مع نظيره الكوري الجنوبي لي ميونغباك الاثنين في التعاون الامني الوثيق بين واشنطن وسيول بعد الاعلان عن وفاة زعيم كوريا الشمالية.
وقالت الرئاسة الاميركية في بيان ان اوباما "جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة القوي ضمان استقرار شبه الجزيرة الكورية وامن حليفتنا القريبة الجمهورية الكورية".
واضاف البيت الابيض ان "الزعيمين اتفقا على البقاء على اتصال وثيق بينهما واصدر كل منهما اوامره لاجهزته المسؤولة عن الامن القومي بمواصلة التنسيق الوثيق بين الطرفين".
وكان البيت الابيض اعلن ان الولايات المتحدة تراقب "من كثب" الوضع اثر اعلان وفاة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغايل، مؤكداً رغبة واشنطن في "استقرارشبه الجزيرة الكورية".
وصف كيم جونغ ايل بأنه واحد من أكثر قادة العالم غموضاً وكان زعيما لدولة أحاطتها السرية وتعرضت لعزلة دولية. وتعرض جونغ ايل لانتقادات واسعة خلال فترة حكمه لوقوع "انتهاكات صارخة لحقوق الانسان إضافة إلى تهديده لأمن المنطقة بأسرها بسبب برنامج بيونغيانغ النووي".
أما نجل الزعيم الراحل، كيم جونغ وون، فيصفه زملاؤه في سويسرا حيث كان يتابع تعليمه في مدرسة ناطقة بالألمانية، بأنه "صبي خجول لكنه يتمتع بتصميم كبير ومهووس بكرة السلة الاميركية وشراء الاحذية الرياضية"، كما أنه يتكلم الألمانية بشكل جيد، وله بعد الاصدقاء السويسريين، لكن تحركاته كانت تراقب عن كثب من قبل موظفين من السفارة الكورية الشمالية في برن-سويسرا.
اختفى كيم جونغ وون في منتصف السنة الدراسية في عام 2000، وعاد الى بيونغ يانغ. ولم يظهر علناً حتى السنة الماضية، بصفته خلفاً لوالده.
المصدر : ايلاف
اقرأ ايضا: