صالح في خطاب جديد يوجه رسائل للداخل والخارج عن الشراكة والسلام والإيرادات والرواتب (نص الخطاب)
اخبار الساعة بتاريخ: 15-08-2017 | 7 سنوات مضت
القراءات : (7269) قراءة
القى رئيس المجلس السياسي الاعلى صالح الصماد، خطابا سياسيا هاما في الحفل الكبير الذي اقيم اليوم بالقصر الجمهوري بصنعاء، بمناسبة الذكرى الأولى لتولي المجلس السياسي الأعلى إدارة البلاد.
وتناول الرئيس الصماد القضايا التي يمر بها اليمن حاليا ومستجدات وتطورات الأوضاع على كافة الصعد ومستقبل العمل الإداري للدولة والعمل السياسي والعمل من أجل السلام والإستقرار وإستمرار مقاومة العدوان السعودي الأمريكي.
وتطرق إلى العمل من أجل الحفاظ على الجبهة الداخلية والنسيج الإجتماعي التي تواجه هجمة شرسة من قبل العدوان الذي فشل في الجبهات في مواجهة رجال الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبية وتماسك وقوة المؤسسة الأمنية.
وفيما يلي نص الكلمة :
الحمد لله القائل في محكم كتابه “وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين “.. صدق الله العظيم
والقائل جل وعلا “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا”.. صدق الله العظيم
والصلاة والسلام على رسول المحبة والسلام محمد بن عبدالله الصادق الأمين وعلى آله ورضي الله عن صحابته الأخيار.
في البداية، اسمحوا لي أن أنتهز هذه الفرصة بمناسبة مرور عام على إتفاق الشراكة السياسية بين المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه وأنصار الله وحلفاؤهم، وتشكيل المجلس السياسي الأعلى لقيادة البلاد وتسيير شؤون الدولة.
وأوجه بإسمي ونيابة عن جميع أعضاء المجلس السياسي الأعلى، ومن خلال الحاضرين جميعاً أطيب التحايا وأسمى آيات العرفان والتقدير إلى جماهير شعبنا العظيم المناضل والصابر في الداخل والخارج، وإلى أبطال الجيش واللجان الشعبية الذين يسطرون بدمائهم الزكية أروع الملاحم والبطولات، ويتصدون بكل شموخ وكبرياء لأعتى وأشرس هجمة إقليمية ودولية وعدوان بربري غاشم لم يشهد له التاريخ مثيل ,,
الأخوة والأخوات الحاضرون جميعاً
لقد كان إتفاق الشراكة السياسية الذي تم التوقيع عليه قبل نحو عام وتأسس بموجبه المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون البلاد سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً وإدارياً واجتماعياً وفقاً للدستور، استجابة لرغبه جماهيرية عارمة، وبناءً على توافق وطني واسع وعريض بين كافة القوى والمكونات السياسية والمجتمعية المناهضة للعدوان، وذلك استشعاراً منها بالمسؤولية الوطنية والحاجة الملحة لملء الفراغ السياسي والدستوري الذي حاول وما يزال تحالف العدوان النفاذ منه، واللعب على وتر الشرعية لإضعاف صمودنا وضرب وحدتنا وتماسكنا الداخلي، بعد أن عجزوا على مواجهة رجال الرجال في ميادين الشرف والبطولة والذين مرغوا أنوف المعتدين والغزاة والمرتزقة في التراب، ولقنوهم أروع الدروس في الوطنية والتضحية والفداء.
ولقد كان لإنعقاد مجلس النواب واستئناف جلساته، وممارسة مهامه وصلاحياته الوطنية والدستورية، كمؤسسة سيادية شرعية ومنتخبه، وتأييده ومباركته لتشكيل المجلس السياسي الأعلى، ومن ثم منحه الثقة لحكومة الإنقاذ الوطني بالغ الأثر في تحصين وتماسك الجبهة الداخلية وتثبيت وتعميد شرعية الداخل التي تكتسب قوتها وحضورها من دعم وصمود أبناء الشعب اليمني ووقوفهم إلى جانب قيادتهم السياسية ومؤسساتهم الدستورية، وجيشهم ولجانهم الشعبية في مواجهة صلف العدوان السعودي الأمريكي وتحالفه واستمرائه قتل شعبنا وتدمير مقدراته وبناه التحتية، واستهداف وحدته ونسيجه الإجتماعي.
نجتمع اليوم في الذكرى الأولى لإستلام المجلس السياسي الأعلى إدارة شئون البلاد والتي سبقها في 28 من يوليو توقيع الإتفاق السياسي التاريخي بين أنصار الله وحلفاءهم والمؤتمر وحلفاؤه، ثم إشهار المجلس السياسي الأعلى في السادس من أغسطس 2016م ثم أداء اليمين الدستورية في 14 أغسطس 2016م ثم استلام السلطة من اللجنة الثورية في 15 أغسطس التي نجتمع اليوم في هذه الذكرى.
لم نجتمع اليوم بهجة بهذه الذكرى أنها مثلت إنفراجه أو مكسب شخصي أو حزبي أو أننا جئنا لنستلم السلطة وهي في وضع يتنافس عليها المتنافسون، لا إنما جئنا لنتحمل مسئولية كبرى في إدارة شئون البلاد في ظل عدوان عالمي وحصار خانق مضى عليه سنة وخمسة أشهر حتى استلام المجلس السياسي الأعلى زمام الأمور وعام كامل بعد تشكيل المجلس السياسي الأعلى.
كان العدوان قد فتك بكل مقدرات الشعب وحاصر كل مصادر دخله التي كانت تمثل الحد الأدنى لتوفير احتياجات الشعب في الظروف الطبيعية, ناهيك عن تغطية احتياجات الشعب في ظل العدوان والحصار.. نعلم أن الدولة ومنذ العام 2011م ودخول حزب الإصلاح كشريك أساسي في ما سمي حكومة الوفاق تحملت إضافات والتزامات ضاعفت من حجم نفقاتها ففي الوقت الذي كانت أجور ومرتبات موظفي الدولة تراوح حول (الخمسمائة مليار) قفزت من عام 2011م حتى عام 2014م إلى الضعف أي ما يقارب (ترليون) وذلك بسبب التنافس غير الشرعي في إرهاق مؤسسات الدولة وتحميل كاهلها مزيداً من الأعباء، هذه أرقام معروفة غير قابلة للمزايدة والكذب والافتراء.
كما أن بقية التزامات الدولة تساوي أو تزيد على التزاماتها في الأجور والمرتبات وكانت هذه الموازنة يغطى منها 80% من إيرادات النفط والغاز و20% منها من بقية الموارد من ضرائب وجمارك وزكاة وغيرها .. فإذا افترضنا أن موازنة الدولة بلغت أكثر من 14 مليار دولار فإن 80% منها معتمدة بشكل أساسي على النفط والغاز و20% من بقية الموارد أي أن ما يزيد عن 11 مليار دولار تم تعطيلها بسيطرة قوى الغزو والاحتلال على منابع النفط والغاز وأن أكثر من ملياري دولار تتم من بقية موارد الدولة من ضرائب وجمارك وغيرها ومعلوم أن أغلب المنافذ الحيوية تحت سيطرة قوى البغي ومرتزقتهم وأغلقت بعضها نتيجة الحرب والحصار كمنفذ علب والبقع والطوال ومطارات صنعاء والحديدة وبقية الموارد الحيوية أيضاً تحت سيطرة الاحتلال ومرتزقته من موانئ ومنافذ في المحافظات الجنوبية والشرقية.
وهذا يعني أن العدوان سيطر على مقدرات البلد ولم يبق سوى ميناء الحديدة الذي يخضع للحصار والمضايقة والتفتيش من دول تحالف العدوان وهذا المورد لا يمثل 5% من إجمالي الـ 20% المتبقية بعد السيطرة على النفط والغاز والتي أيضاً تقع كلها تحت سيطرة العدوان وذلك يعني أن الدخل القومي لا يساوي 5% من التزامات الدولة والتي يقع تحت سيطرتها 80% من هذه الالتزامات سواء المرتبات أو بقية الالتزامات بينما العدوان المسيطر على كل المقدرات لا تتعدى التزاماته في المناطق التي سيطر عليها 20%.
إذاً ومن خلال هذه النبذة البسيطة نستطيع أن نعرف كيف كان الوضع في حين تسلم المجلس السياسي الأعلى إدارة دولة منهكة ومثقلة بالأعباء المالية والالتزامات تعاني شحة الموارد وصعوبة تحصيل الإيرادات في ظل العدوان والحصار.
من خلال هذه النبذة التوضيحية يدرك الجميع أن السلطة مغرم وليست مغنم ولكن نحن كنا أمام خيارات صعبة إما أن نترك أمور البلد تتجه إلى المجهول ومؤسسات الدولة تتجه إلى نقطة اللا عودة أو أن نقفز لتحمل مسئولية الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة.
حتى أن اللجنة الثورية العليا واجهت نفس هذه التحديات في البداية واستطاعت بتكاتف جميع المخلصين ملء الفراغ السياسي بعد استقالة هادي ورئيس الحكومة، وبفضل الله وتضحيات الشهداء العظماء والجرحى الصابرين وجهود المخلصين استطاعوا امتصاص الصدمة بداية العدوان وتجاوزوا كل الصعاب وحافظوا على مؤسسات الدولة وحفظوا الأمانة وتركزت جهودهم في تلك الفترة في توحيد وتنظيم الجبهة الوطنية لمواجهة العدوان وكسر الحصار وحشد الموارد والتعبئة العامة وبناء خطوط الدفاع وتعزيز الجبهة الداخلية وضمان استمرارية الخدمات العامة واستقرار أسعار السلع الأساسية وحماية الاقتصاد الوطني من الانهيار ونجحت في إدارة الأزمة ببراعة يشهد لها العدو قبل الصديق بالرغم من حجم الاستهداف الكبير والقيود المفروضة على اليمن من تحالف البغي والعدوان على اليمن.
كان دور اللجنة الثورية العليا هو تسيير أمور البلد حتى تتفق القوى السياسية على ترتيب الوضع السياسي للبلد وكان لهم الفضل سواءً الثورية العليا والقائمين بالأعمال بالحفاظ على المؤسسات حتى يأتي من يرتب وضع البلد سياسياً, وجاءت الفرصة بالإتفاق السياسي ليشترك الجميع في إدارة البلد وبالذات القوى الفاعلة المؤثرة ممثلة بالمؤتمر وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم وتوج ذلك بالمجلس السياسي الأعلى ثم تشكيل الحكومة.
لذلك يجب على الجميع أن يكونوا في صورة التعقيدات الخطيرة والمشاكل الجمة التي جاء فيها المجلس السياسي الأعلى والذي خرج الشعب كل الشعب في 20 أغسطس لتأييده ومباركته وعلق عليه الآمال في توفير الحد الأدنى من مطالب الشعب والتي لم تتوافق مع توقعات الشعب الكبيرة نظرا لتكالب الدول الأجنبية والعربية علينا .
فقد علق الشعب على المجلس السياسي الأعلى آمالاً كبيرة عبًر عنها بخروجه ومباركته لخطوة الإتفاق السياسي وتشكيل المجلس السياسي الأعلى والتي منها أسباب منطقية ومبررة كما وضحت لكم حول الوضع الإقتصادي آنفا, وكذلك ما أقدمت عليه قوى العدوان من خطوات تلت تشكيل المجلس السياسي الأعلى مباشرة ومنها نقل البنك المركزي إلى عدن والتي ضاعفت آثار الحصار والمعاناة.
كما أن هناك الكثير من التحديات والمنعطفات التي مرت بها هذه التجربة خلال عام من عمر المجلس السياسي الأعلى والتي لا نخفي شعبنا أن القوى السياسية لم يكن واقعها مشجعاً ومساعداً للمجلس السياسي الأعلى بالشكل المطلوب للقيام بدوره بل حصلت عدة أزمات وعدة محطات كادت أن تعصف بالمجلس السياسي الأعلى وشلت من قدرته على أداء مهامه واستغرقت وقتاً وجهداً كبيراً لتجاوزها حرصاً منا على تعزيز عوامل الصمود والحفاظ على تضحيات الشعب, وكان منها أربعة أشهر حتى تم تشكيل الحكومة والتي جاءت على مؤسسات عانى كوادرها من انقطاع رواتبهم لأشهر لولا وطنيتهم واستشعارهم لمسئوليتهم لكان الوضع أسوأ, وتعرضت بنيتها التحتية لكل أنواع الاستهداف من قبل العدوان.
كذلك ترافق طيلة عام من عمر المجلس تصعيد للعدوان على كل المستويات العسكرية والاقتصادية والأمنية والإعلامية وفتح خلالها مسارات جديدة لاختراق الجبهات ومحاولات كثيرة لاحتلال البلد.
هذا الشرح البسيط للتحديات التي واجهت المجلس السياسي الأعلى خلال عام من العدوان غابت عن أذهان الكثير فتضاءلت الآمال التي كان الشعب يؤملها في هذا الاتفاق.
لكن أمام ذلك نستطيع أن نقول أن الوعي والنضج الذي وصل إليه شعبنا وحجم التضحيات التي بذلها أبناء الشعب قاطبة أسهمت بشكل كبير في إستمرارية المجلس في القيام بدوره رغم التحديات والتي لا تخلو من إيجابيات كبيرة لو لم يكن منها إلا الحفاظ على تماسك الوضع العسكري في الجبهات وتثبيت ذلك وإيقاف العدوان من التهام أي أراضي جديدة وكذلك تماسك الوضع الأمني والحفاظ على الأمن والسكينة التي تنعمت بها كل المناطق التي لم تطأها أقدام الإحتلال بفضل الجهود التي تبذلها المؤسسة العسكرية والأمنية جيشاً ولجاناً سواءً عسكرية أو أمنية.
كما كان تماسك مؤسسات الدولة وقيامها بدورها في ظل الإمكانات والظروف الصعبة شيء مهم لهذا البلد والذي في المقابل نشاهد العدوان ومرتزقته الذين يملكون الإمكانات الهائلة والدعم الإقليمي والدولي اللا محدود ويسيطرون على كل مصادر وموارد البلد لم يستطيعوا أن يفرضوا أبسط شيء في جميع المجالات فلا مؤسسات ولا أمن ولا استقرار ولا خدمات وهذا شيء يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار عند الجميع خاصة أولئك الذين يطالبون المجلس والحكومة بفعل المستحيل.
لو سلمنا وقلنا فليتفضل الإحتلال لدخول صنعاء وبقية المحافظات هل سيسلم رواتب الشعب وهو لم يسلمها لمن في سيطرته وهم لا يتعدوا 20% من إجمالي الموظفين وتحت يده 80% من إيرادات الدولة؟ هل سينشر الأمن والاستقرار وهو لم يؤمّن قصر المعاشيق لعودة هادي وحكومته؟ بل أصبحت المحافظات الجنوبية والشرقية ملغومة بالجماعات الإجرامية من القاعدة وداعش, هل سيمكن اليمنيين من إدارة شئونهم وهو لم يمكّن أدواته في المحافظات المحتلة وفرض عليهم مشرفين في كل مفصل من مفاصل الدولة في تلك المحافظات ليكون هو المندوب السامي للإمارات أو السعودية على اليمنيين, هل سيوفر دبة البترول بـ خمسة آلاف وهو لم يوفرها بـ 20 ألف في عدن؟ هل سيقدم الخدمات والكهرباء والمياه وهو لم يؤمنها في عدن؟.
ما أريد أن أصل إليه هو أننا جميعاً علينا مسئولية كبيرة أن ندرك المؤامرة التي يراد تمريرها على شعبنا وأن معاناة شعبنا وتضحياته كانت وستكون سواء وقفنا ضد العدوان أم استسلمنا وأنه ينبغي علينا تقييم عام من أداء المجلس وثمانية أشهر من أداء الحكومة للإستفادة من الإيجابيات وتلافي الأخطاء والسلبيات وأن نعد رؤى ناضجة تعمل على تحسين الأداء وتلبية مطالب الشعب وأمامنا كثير من التجارب على مستوى المنطقة والعالم فدول وصلت إلى نقطة الصفر ثم أعادت النظر في سياستها والتفتت إلى واقعها وانتعشت في ظل صراعات كما يعيشه شعبنا, هناك فيتنام وكوبا وماليزيا وغيرها.
إذا وجدت الرؤية والإرادة والعزم والصدق واليقين فهناك أشياء كثيرة وآفاق واسعة ومتاحة يمكن أن تسهم بشكل كبير على المستوى المتوسط والبعيد في تلبية إحتياجات الشعب وتوفير مرتباته وهذا ما ينبغي على حكومة الإنقاذ التوجه الجاد فيه.
لا تراهنوا على صحوة ضمير العدو ولا إنسانية المجتمع الدولي المزيفة لوقف العدوان والحصار عليكم ولا تراهنوا على أي دعم خارجي، بل يجب أن تضعوا الخطط الطارئة القريبة والمتوسطة والبعيدة المدى لنصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي, حسنوا الإيرادات العامة, ابتكروا وأبدعوا الحلول وستنجحون بالعزم والإرادة، اهتموا للجانب الزراعي, للصناعة لأشياء كثيرة لا يمكن سردها في هذا المقام.
أيضاً ونحن هنا وفي هذه الذكرى يجب أن تصل رسالتي لكل الأخوة في هذا البلد من المكونات السياسية لا وقت للمزايدة على أحد هذا هو حالنا أي طرف لديه الحلول ولديه القدرة يأتي الآن نحن مرحبون وسنتحرك جنوداً مجندة لدعم أي مسار ناجح, لن نأنف, أما أن كل طرف يزايد على الآخر ويحاول يضع العراقيل أمام أي محاولات لإصلاح ما يمكن إصلاحه فهذا غير مقبول ولا يليق بي شخصياً ولا بقية زملائي في المجلس أن نكون مظلة لتعطيل إصلاح الأجهزة القضائية لرفع الظلم عن الشعب الذي فقد كل شيء من ماديات الحياة ولا ينبغي أن نفقده أمنه وتوقه للعدل.
لا يمكن أن أكون مظلة للفساد من أي شخص كان سواءً في حكومة أو أي مؤسسة أو جهاز من أجهزة الدولة, لا يمكن أن أكون مظلة لتعطيل دور الأجهزة الرقابية من القيام بدورها.
لا يمكن أن نكون مظلة لأي تحرك مشبوه يصرف الشعب عن أولوية مواجهة العدوان أو يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية والوضع الميداني أو أن نصبح مظلة لاستغلال مؤسسات الدولة في غير ما بنيت له, وعندما أقول هكذا لا أقصد مكوناً بعينه ولا شخصاً بعينه بل أقولها لكل من وصل إليه خطابي.
من يريد أن نكون مظلة لشرعنة ما يريد سواءً من الأنصار أو المؤتمر أو من أي طرف فليأتي ويتحمل المسئولية بشكل مباشر ويكون هو المسئول أمام الشعب عن أي إختلالات ويتحمل أمام الله وأمام الشعب.
ما بعد العام لن يكون كما قبله أنا مضطر كرئيس للمجلس السياسي الأعلى وواجهة أمام الشعب أن أقول إن المجلس السياسي الأعلى بجميع أعضائه معنيون أكثر من أي وقت مضى بالتحرك الجاد والمسئول لتعزيز دور السلطة القضائية وتفعيل مؤسساتها لنحقق العدل وتعالج إختلالات بإعادة النظر في كل من يقف عثرة في سبيل ذلك من أي انتماء كان من رأس الهرم الوظيفي حتى آخره وفقاً للدستور والقوانين النافذة, نحن معنيون بإصلاح الأجهزة الرقابية وتفعيل منظومة الرقابة الشاملة وإزالة كل العقبات التي تقف أمام هذا التوجه وفقاً للدستور والقانون, نحن معنيون بإعادة النظر في برنامج الحكومة وعدم السماح لأي طرف بالمزايدة على أداءها وعلينا أن نضع لها البرامج التي تواكب التحديات وتتلاءم مع الظروف وفق خطط مزمنة ومتابعة وتقييم مستمر ورقابة فعالة, وأي عضو فيها لا يلتفت لا إلى هذا الطرف ولا هذا الطرف عليه أن يلتفت لمهمته ويتحرك لتنفيذها وإلا فليغادر غير مأسوف عليه.
فمن أراد أن يتحرك معنا وفق هذه المسارات فنحن سنكون أقرب الناس للتفاهم والتنسيق والتوافق لما فيه مصلحة البلد, ومن يرى أن هذه مسارات لا حاجة لها ويريد أن نكون مظلة للترهل والفساد والضعف والانهزام ويرى أن الوضع الحالي هو الذي ينبغي أن يكون فليأتي اليوم قبل غد لاستلام رئاسة المجلس السياسي ويتصدر المشهد ويتحمل المسئولية ويثبت جدارته وهذا مطلب مهم لنا ولكل فرد في هذا الشعب.
ومن أراد أن يعطل أي مسارات للإصلاح فسأقولها بالصوت العالي لن نرضى وسنمضي من موقع مسئوليتنا لإصلاح ما استطعنا إصلاحه ولو انزعج من انزعج فالخيارات أمامه مفتوحة ولم نفرض أنفسنا على أحد.
وسنكاشف شعبنا بكل خطوة وهو الحكم فكل ما نقصده ونسعى إليه هو مطلب كل يمني حر من أي انتماء كان ولن يطغى انتماءه على القبول بغير العدل ومحاربة الفساد وتعزيز عوامل الصمود في جبهات القتال للحفاظ على تضحيات شعبنا.
إن شعبنا اليمني العظيم بذل أغلى التضحيات في سبيل عزته وكرامته وتحمل أشد أنواع المعاناة من أجل حريته وكرامته ولا ينبغي إلا أن نكون بمستوى تضحيات هذا الشعب للوصول إلى نيل كرامته واستقلاله.
ونحن هنا قطعنا على أنفسنا عهداً أن نكون حيث كان شعبنا وأن يجدنا حيث يجب ويفتقدنا حيث يكره وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره وسيادته ونحن على هذا العهد سنظل ولن نكون إلا خداماً لهذا الشعب بكل أطيافه ومكوناته وما نقوم به من خطوات هي لهذا الهدف الشريف بشرف هذا الشعب وعظمته.
أختتم كلامي بالتأكيد على أننا على العهد الذي قطعناه مع شعبنا وسنبذل أقصى الجهود والطاقات على كل المسارات التي تحقق لشعبنا ما يصبوا إليه من العزة والنصر والتمكين والاستقلال, فالمسار العسكري سيظل أولوية في اهتمامات المجلس السياسي الأعلى ولن نتوانى في أي خطوات وإجراءات تعزز هذا المسار.
وكذلك المسار الإقتصادي وأهميته في تعزيز كل عوامل ومسارات الصمود وكل ما يعزز هذا المسار لن نتوانى في سبيل ذلك من خلال الاستعانة بكل الخبرات والكفاءات التي ستسهم في اقتراح وابتكار الرؤى والخطط التي يمكن العمل عليها على كل المستويات, وسنعمل على معالجة كل الاختلالات والسلبيات التي ظهرت في السابق وقد تظهر في المستقبل بعيداً عن الاستغلال أو التجيير سنعمل على تقويمها بكل حيادية ومسئولية بغض النظر عن انتماء القائمين عليها ممن كان متفانياً عززنا من دوره ومن لديه إشكالات أعاقت أداءه سنعمل على معالجتها ومن لديه أجندة أو ضعف أو عدم كفاءة سنعمل على إيجاد البدائل لما فيه مصلحة البلد.
نحن نعيش في مرحلة تاريخية ومفصلية غاية في الخطورة، ولا يخفاكم حجم التحديات والمؤامرات التي تحاك ضد الوطن من خلال هذا العدوان الغاشم الذي يسعى منذ أكثر من عامين ونصف في محاولة يائسة وبائسة إلى إخضاع الشعب اليمني والنيل من عزة وكرامة أبنائه، وسنكون غير واقعيين إذا قلنا أن الأمور والأوضاع تسير على أحسن حال، وكل شيء على ما يرام، فالهجمة كبيرة وشرسة، والمخاطر والتحديات مازالت قائمة على كافة المستويات، والرهان والعمل مازال مستمر على ضرب الشركة الوطنية والتماسك الداخلي، غير أننا والحمد لله تجاوزنا الكثير من المطبات في هذا السياق والفضل بعد الله سبحانه وتعالى يعود للقيادات والمرجعيات السياسية العليا في أطراف الشراكة ومكوناتها الذين يتميزون بالحكمة ورجاحة العقل ويغلبون المصلحة الوطنية العليا على ما سواها، فسر قوتنا يكمن في وحدتنا، وعلى نفس هذا المنوال فإننا نعيد ونكرر ليسمع القاصي والداني من أن المساس بالوحدة والشراكة والتماسك الداخلي خط أحمر لن نسمح لأي طرف كان داخلي أو خارجي على تجاوزه.
وفي هذا المقام أقدم كل الشكر والاحترام لقيادة المكونات الوطنية الفاعلة وفي مقدمتهم سماحة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي والأخ الزعيم علي عبد الله صالح على حرصهم وتفانيهم في تذليل أي صعوبات واجهتنا خلال الفترة الماضية.
ولا يفوتني في هذه الفرصة السانحة أن أوجه التحية والتهنئة لحزب المؤتمر الشعبي العام، هذا الحزب الوطني الكبير بمناسبة مرور خمسة وثلاثين عام على تأسيسه، ونتمنى له النجاح والتوفيق دوماَ كأحد الشركاء الأساسيين والفاعلين في إدارة الوطن والتصدي للعدوان.
كما سنستمر في المسار السياسي في مد يد السلام لمن أراد السلام الحق السلام العادل السلام المستدام سواءً على المستوى الداخلي من خلال تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في الداخل بين كل المكونات والقوى لتفويت الفرصة على العدوان في استغلال حالة الشقاق لتدمير هذا الشعب ونأمل أن يلقى هذا النداء آذاناً صاغية ممن وقفوا في الاتجاه الآخر إن كان قرارهم بأيديهم فهذه أيدينا ممدودة تعالوا اطرحوا مخاوفكم ونطرح مخاوفنا ونضع التصورات التي تبدد كل المخاوف عند كل الأطراف فالعدوان سيستخدمكم فقط لخدمة أجندته وأهدافه وإذا استمريتم في غيكم فشعبكم سينفذ صبره وتصلون إلى نقطة اللا عودة.
كما نؤكد على حرصنا واستعدادنا لأي تفاهمات مع قوى البغي والعدوان تفضي إلى وقف العدوان واحترام كرامة الشعب واستقلاله وحريته, كما نؤكد أن أي محاولات جديدة من الأطراف الإقليمية والدولية تحاول صرف أنظار العالم عن وقف العدوان ورفع الحصار إلى جزئيات تخدم العدوان فإنها محاولات مرفوضة ومن حقنا أن نرفض كل تلك الخزعبلات والألاعيب, وسنظل دوماً مع أي فرص للسلام العادل والمستدام يفضي إلى وقف العدوان ورفع الحصار والدخول في حوارات جدية إن وجدت النوايا لذلك.
كما لا أنسى أن أقدم كل الشكر والإعزاز والإجلال لرجال الجيش واللجان الشعبية الذين لولا صمودهم لكان اليمن في طي الفوضى والاحتلال والامتهان ونشد على أيديهم لمواصلة الصمود والدفاع عن الوطن.
كما أوجه شكري لرجال الأمن وما تحقق على أيديهم من إنجازات وأمن واستقرار في ظل العدوان والحصار. وأحيي كل موظفي الدولة الذين حافظوا على استقامة المؤسسات وحيويتها رغم الظروف الصعبة التي عايشوها بانقطاع مرتباتهم ومع ذلك قدموا رسالة جهادية أن كل رجل وامرأة في هذا الشعب هو في خندق الدفاع من موقفه, كما نحيي دور القبيلة اليمنية التي كانت وستظل هي الضمانة الحقيقية لهذا الشعب في الدفاع عن كرامته واستقرار وضعه الداخلي رغم قساوة الظروف وحجم التضحيات.
وأحيي كل فرد في هذا الشعب من كل الفئات أكاديميين ـ إعلاميين ـ علماء ـ مثقفين ـ حقوقيين كل في ميدان جهاده ونأمل أن يستمر هذا الصمود وهذا التفاني حتى الوصول إلى النصر والعزة والسؤدد بإذن الله تعالى.
وفي الختام أشكر شعبنا اليمني العظيم على جزيل تضحياته وعظيم صبره وتحمله للمعاناة التي فرضها العدوان عليه ونعدهم أن نبذل كل ما في استطاعتنا لردع العدوان وتوفير احتياجات الناس وصيانة تضحيات الشعب ودماء شهدائه الابرار وتحقيق الانتصار الموعود من الله تعالى والمستحق لشعب قدم الغالي والنفيس في سبيل ذلك ولا مساومة أو تفريط في هذه الثوابت، ونعدهم ببذل المزيد والمزيد في سبيل خدمتهم وتحقيق العزة والحياة الكريمة التي يستحقونها أو نفنى دون ذلك، وأدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إيقاف العدوان الغاشم على شعبنا والتخفيف من معاناته ورفع الحصار الجائر عن منافذه البرية والبحرية والجوية وتمكينه من منابع ثروته ومكتسباته وإعادة صرف المرتبات وإدخال الدواء والغذاء للبلد وليعلموا بأن التاريخ لن يرحم أحد.
نستمد من صمودكم بعد الله العون في مهمتنا، ونسأل الله أن يوفقنا ويعيننا على خدمتكم وتمثيل شعب عظيم ومشرف كما يليق به، ونسأل الله لشعبنا النصر القريب والفرج العاجل إنه وحده على ما يشاء قدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
اقرأ ايضا: