أول تعليق من السفير الامريكي السابق في اليمن "فايرستاين": أحداث عدن عززت هذه المقاربة !
اخبار الساعة بتاريخ: 14-08-2019 | 5 سنوات مضت
القراءات : (4877) قراءة
ختلف المراقبون للشأن اليمني على تحديد الهوية والوجهة السياسية التي تحظى بإجماع كافة اليمنيين، ولكنهم يتفقون على أن انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية هو أكبر التحديات لليمن بسبب استخدام الجماعة الحوثية المدعومة من إيران لنقاط ضعف اليمن كأداة تخلق نفوذاً إيرانياً في منطقة مجاورة وهي المملكة العربية السعودية، وذلك على حساب دماء اليمنيين وأطفالهم الذين باتوا يحتلون المقدمة في أعداد الأطفال الذين يتم زجهم في الحروب بواسطة ميليشيات الحوثي.
وفيما يرى المحللون في واشنطن وعواصم غربية وجوب تركيز الأولويات في اليمن على تخليص مدنييها من الإرهاب والتطرف والوقوع كرهينة بيد الميليشيات الحوثية، فلا أحد يريد أن يتجاهل المطالبات السياسية المحقة لليمنيين والمتعلقة بتنوع هوياتهم وانتماءاتهم، وفي هذا السياق يقول السفير الأميركي الأسبق لليمن، جيرالد فايرستاين لـ"الرياض"، "إذا كان تعريض عدن واليمن لانفجار هائل جديد يستفيد منه الإرهاب والحوثي وإيران عشية ليلة العيد في عدن قد كان لأجل مطالبات سياسية محقة، فلماذا يعتقد المجلس الانتقالي الجنوبي أنه يجب أن يختزل كل الجنوب وتشعباته في مؤسسة المجلس الانتقالي، بينما إذا ذهبنا إلى المهرة وأبين وسقطرى سنرى طروحات وحدوية ترى في الوحدة والتماسك السياسي بمؤسسة يمنية حكومية معترف بها شرعياً ويكون التمثيل الجنوبي فيها واسعاً وعادلاً هو المسار الأفضل لانتزاع حقوق ومصالح شعب الجنوب، وهذا خيار له شعبية جنوبية أكثر من الانفصال المفاجئ بإشراف جماعة -أقدر أن أقول كسفير عمل في اليمن عن كثب- إن انتشارها والتأييد الذي تحظى به جنوبياً محدود للغاية، وما يؤكد كلامي أن صراع عدن الأخير كان جنوبياً جنوبياً وأكثر من أغضبهم هذا التحرك من (المجلس الانتقالي) ليس الشماليين ولا الحوثي الذي تفرّج بسعادة بل الجنوبيين".
ويضيف السفير فايرستاين؛ ما يطرحه المجلس الانتقالي ينظر إليه في واشنطن على أنه طرح ضيق جداً وغير مجمع عليه وانتهى في الماضي بسبب فشله الذريع، فالمجلس الانتقالي يقترح عودة "حرفية" لنموذج ما قبل الـ1990 والذي أجمع الجنوبيون أنفسهم في الماضي على فشله، ومن سنوات خدمتي لمصالح الولايات المتحدة في اليمن لم أرَ دليلاً واحداً على أن الجنوبيين يرغبون بنموذج ما قبل 1990".
ويقول فيرنستاين، بسبب هذه القناعة المتجذرة في واشنطن تجاه اليمن، لن تقدم الولايات المتحدة أبداً على التراجع عن دعم حكومة ترى في رؤيتها خارطة طريق تجمع ما بين معالجة المشكلات الأساسية لليمن وخاصة تحدي تفشي الحوثي في مناطق تصدّر الموت والدم لليمن والمنطقة، ومعالجة مخاوف السعودية الأمنية وعدم العودة لكابوس انتشار القاعدة وداعش في اليمن، حيث تعتزم الولايات المتحدة على الاستمرار بدعم السعودية وقرار الأمم المتحدة 2226 وإعادة الحكومة الشرعية للسيطرة على يمن موّحد.
وعن المسار السياسي يقول السفير فيرنستاين؛ بعد معالجة هذه المخاوف سيكون بناء مؤسسات حكم سياسية رشيدة منتخبة في اليمن مهمة اليمنيين وحدهم، وأقصد كل اليمنيين وليس فقط (المجلس الانتقالي) أو أي جماعة سياسية تتسلط على الناس لا لسبب معين إلا أن الصدفة وضعت بين أيديها تمويلات هائلة تمكنها من حكم الناس في البلد الذي يعيش واقع اقتصادي مأساوي وهو اليمن. ويرى فيرنستاين، أن ما تم ارتكابه من فوضى في عدن أتى من عديمي الخبرة والقدرة على التقييم السياسي فالفوضى التي شهدتها عدن ليلة العيد أعطت الولايات المتحدة أسباباً جديدةً لدعم الخيارات السعودية الحكيمة وتعزيز الثقة بنوايا المملكة في اليمن حيث تنشد الأمان والسلام والتوحيد وليس الشقاق.
عودة الإرهاب
تقول ايليزابيث كيندال، الخبيرة في الشأن اليمني في جامعة "اوكسفورد" إن المجتمع الدولي يدعم الاستقرار في اليمن ومن يوفر تحسن الأوضاع الإنسانية ويقاتل القاعدة وداعش في بلاد كانت أول أرض عربية تستقبل مقاتلي القاعدة من أفغانستان لتصدير رسالتهم إلى مجتمعات جديدة.
وترى كيندال أن مثيري الشغب والفوضى وتجار الحروب في اليمن هم بنظر الحكومة البريطانية الوصفة المرعبة التي ستعيد خلايا الارهاب من داعش والقاعدة لامتلاك أرض وقواعد تنطلق بعملياتها منها من أرض اليمن بعد أن خسر "الإرهاب" قواعده في سورية والعراق.
وتضيف إليزابيث؛ عودة الهجمات الإرهابية للقاعدة في الجنوب اليمني لأول مرة منذ العام 2018 هو ناقوس خطر يدق في الغرب وبالتأكيد الرد عليه لن يكون بتمزيق اليمن، خاصة أن الإرهاب في اليمن يتداخل ويصعب تحديد انتماءاته وبالتالي الشوط الكبير الذي قطعته السعودية في مكافحة الحوثيين والارهاب سيستمر دعمه والتمسك بالمكاسب المحققة.
وتقول كيندال المراقبة للوضع اليمني، بأن للجنوبيين حقوقاً سياسيةً مشروعةً، ولكن إذا أردنا أن نعطي كل ذي حق حقه في اليمن، فيجب أن نستمع أكثر من الجماعات المختلفة وننظر في مدى شعبيتها على الأرض فـ"المجلس الانتقالي" وما يصبو إليه ليس بالضرورة معبّراً عما يريده الجنوبيون.
الحوثي يسرق قوت الأطفال
يقول ديفيد هاردن، المبعوث السابق لـ USAID" في اليمن، والذي فضح قصصاً عن فساد الحوثي عبر سلسلة من المقالات والتصريحات في الاعلام الأميركي، أنه وفقاً لخبرته وما حدث خلال سنوات الحرب اليمنية فإن أكبر تحدٍ يواجه اليمنيين هو استمرار وقوع جزء كبير من المساعدات لليمن في قبضة الحوثيين الذين يستخدمون التجويع كأداة حرب وبالتالي تجاهل الخطر الحوثي الآن يعني بقاء هذه المساعدات بيد الحوثيين واستمرار استخدامها كأداة ضغط وبالتالي اليمني المدني هو من سيدفع الثمن.
ويقول هاردن، إن ما قدمته السعودية من مساعدات إنسانية لليمن كان كفيلاً بحل أكبر المشكلات الإنسانية في بلد يفوق حجم اليمن ويزيد عدد سكانه عن اليمنيين، إلا أن المساعدات لن تحل المشكلة أبداً مهما كان حجمها، فاليمن بحاجة لحكومة شرعية ومؤسسات دولة معترف بها ترى مكاناً داخل أراضي اليمن لتحكم من خلاله وتوفر تأمين وإيصالها للمحتاجين وإدارة الموارد بشكل يلبي حاجات الجميع، أما المزيد من السقوط لشرعية حكومة هادي يعني أن الفوضى والتجويع وتجنيد الأطفال هم من سيحكمون اليمن.
ويستبعد هاردن أن يقوم أي بلد من بلدان المجتمع الدولي بالاعتراف بـ"المجلس الانتقالي" حاكماً للجنوب فالمجتمع الدولي يرى في أي انقلاب جديد فرصة لحروب جديدة داخل الحرب الكبرى في اليمن.
ويناقش هاردن؛ "واقعياً.. السعودية في نهاية المطاف لاعب خارجي ويقدر أن يؤمن مصالحه في اليمن بأيام عبر التفاهمات المنفردة لتأمين المخاوف السعودية وهكذا ينتهي الأمر من الجانب السعودي، إلا أن السعودية تستمر برؤية المشهد في اليمن بشكله الكلي دون اتخاذ حلول أنانية و ترقيعية".
المملكة مفتاح الحل
يشرح الدكتور تشارلز شميتز، الباحث في الشأن اليمني في معهد "الشرق الأوسط" في واشنطن المسار الزمني للمواقف الأميركية من اليمن، حيث يقول إنها تخبرنا عن المبدأ الأميركي في اليمن، بالنسبة لواشنطن، مفاتيح اليمن وحلول مشكلاته تعتمد على الموقف "السعودي" وهذا بدا جلياً من خلال مواقف إداراتي ترمب وأوباما.
مردفاً "لو نظرنا إلى جذرية موقف إدارة أوباما الديمقراطية في دعم المخاوف السعودية المشروعة لحماية أمنها وحدودها من الاعتداءات الإيرانية حتى دون أن يكون لإدارة أوباما أي استراتيجية مركزة ضد إيران، لعرفنا كم هو متجذر الاقتناع الدولي وتحديداً الأميركي بأحقية السعودية بحماية مصالحها في تلك المنطقة".
ففي مارس 2015 أعلنت إدارة أوباما أن أولويات الولايات المتحدة في اليمن هي الاستقرار ومكافحة الارهاب وحماية يمن موحّد والدفاع عن الحدود الجنوبية السعودية وإعادة الشرعية لليمن وبناءً على هذا كله، قدمت إدارة أوباما دعماً وتأييداً للسعودية في اليمن.
ويرى شميتز، أن الدعم الأميركي للسعودية في عهد ترمب وفي حرب اليمن، يأخذ أبعاداً جديداً خاصة في سياق مكافحة نفوذ إيران، فالسياسات الخارجية لترمب تجاه إيران والتطرف والإرهاب تعتمد على التنسيق مع السعودية لتحقيق أهداف مشتركة ضد النفوذ الإيراني ومنع استخدام ميليشياتهم الحوثية "اليمن" كمحطة لعرقلة حرية الملاحة وسوق الطاقة العالمي.
ويشير شميتز إلى إجماع في المؤسسات الأميركية على التمسك بحل اليمن الواحد المتماسك في مواجهة كل أنواع الإرهاب، حيث يقول "هناك قناعة متجذرة بأن الحرب الأهلية داخل البلاد (الجنوبية المنفصلة) برعاية المجلس الانتقالي ستكون جاهزة للاندلاع منذ اللحظة الأولى للانفصال".
ويشرح شميتز توجهات السياسات الخارجية الأميركية فيما يتعلق بالاعتراف بكيانات منفصلة، قائلاً "في اليمن هناك أسباب كثيراً لدعم الوحدة، ولكن ما يعزز هذا التوجه في أميركا مبدأ أميركي بعدم دعم دول جديدة وليدة بعد أن قادت كل تجاربها في هذا الصدد إلى حروب أهلية دموية، وإذا نظرنا الى أكثر حلفاء الولايات المتحدة قرباً، وهم الأكراد العراقيون المنظمون، ورغم اعتراف واشنطن بسفارتهم وممثليتهم الخاصة في واشنطن، ورغم وحدة الدم بين "بيشمركة" و"الجيش الأميركي" في قتال الإرهاب، ورغم أن الجيش الكردستاني يفوق في بعض المناحي في قدرته وفاعليته لجيش الدولة العراقية، ورغم أن أميركا أعطت الأكراد في التسعينات نوعاً من الاستقلالية عن صدام عبر الحظر الجوّي، فإن واشنطن بذاتها وقفت ضد الاستفتاء على انفصال كردستان ومنعته بكل السبل، وبالتالي أميركا لن تدعم اقتطاع أراضي من دول ولن تدعم أي انفصالات حتى لو كانت ضرورية، أما تجربة "الانتقالي الجنوبي" غير المجمع عليها حتى جنوبياً فلا تحظى بالفرص".
المملكة وإنقاذ اليمن
يقول براء شيبان، مستشار السفارة اليمنية في بريطانيا لـ"الـرياض" إن سقوط اليمن برمته في يد الشرك الإيراني وخسارة المكتسبات التي حققها التحالف سيكون الخاسر الأول منها الجنوبيون أنفسهم.
مضيفاً "تجاهل الخطر الحوثي يعني تعريض الأمن القومي لليمن والأمن القومي العربي لمخاطر مستقبلية هائلة، فالحوثي اليوم لا يحتل المناطق ويستغلها فقط بل ينشر مخيمات وقواعد للأدلجة حيث يجبر الأطفال في شمال اليمن على الانضمام لها لخلق جيل يمني يشكل قنبلة موقوتة ضد الجنوبيين وغيرهم من أبناء اليمن وهذا لن يمنعهم فقط من حقهم السياسي بتقرير المصير ولكنه سيحرمهم حتى من لقمة العيش وأبسط مقومات الحياة".
ويعرب شيبان عن أسفه لعودة الفوضى إلى عدن بعد أن كانت السعودية قد بذلك جهداً كبيراً في دعم ميزانية الحكومة فكانت المرتبات قد عادت لتصل اليمنيين وحال الخدمات في البلاد بات أفضل ليعود العبث لتعريض الحكومة ومصالح اليمنيين للانهيار مجدداً.
ويقول شيبان، نثق كيمنيين أن مصالح السعودية وأهدافها في اليمن متسقة تماماً مع مصالح الإنسان اليمني الذي لا يفكر في تحويل الحرب الى أداة تدر عليه الأموال والمكاسب على حساب يمنيين آخرين، ويكفي أن يكون أكثر من ثلاثة ملايين يمني في السعودية لندرك النوايا الحسنة للشريك السعودي تجاه بلادنا.
ويختتم شيبان، السعودية لم تتآمر علينا للحظة منذ دخولها البلاد، ومدت شعبنا الذي يعاني بكل ما يحتاجه من دعم إنساني وسياسي وإدراك دولي لمعاناتنا، بينما أوغلت إيران في تخريب اليمن عبر تزيد الحوثيين بكل متطلبات الموت والفوضى والتآمر وتدمير الدولة، وبالتالي لا تراجع عن وحدة المصير والهدف مع السعودية حتى تطهير اليمن من أكبر آفة ضربتها وهي ميليشيات إيران.
اقرأ ايضا: