قصة كلية المجتمع في ذمار بين تحويلها لسجن واستهدافها بالغارات (تقرير)
اخبار الساعة - ياسر الآنسي بتاريخ: 01-09-2019 | 5 سنوات مضت
القراءات : (5565) قراءة
تقع كلية المجتمع في شمال مدينة ذمار، بمسافة تبعد عنها ثلاثة كيلومترات، وحولت جماعة الحوثي هذا المكان إلى سجن سري تابع لها، تزج فيه بمخالفيها سياسياً، من الذين تختطفهم من الطرقات أو من مساكنهم أو أماكن أعمالهم، كما تستخدم هذا المكان كمخازن للأسلحة والإمدادات العسكرية لجبهات الحديدة وتعز والبيضاء.
مكونات كلية المجتمع
تتكون كلية المجتمع من العديد من المباني المتجاورة، والتي كانت مجهزة بقاعات دراسية ومكاتب إدارية و"بداريم"، حولتها جماعة الحوثي -بعد سيطرتها على محافظة ذمار في نهاية العام 2014- إلى مخازن أسلحة ومركز عسكري لتدريب عناصرها حتى مطلع العام 2015، ثم استهدفها طيران التحالف العربي بغارات جوية أحدثت فيها بعض الدمار، الأمر الذي دفع جماعة الحوثي إلى إخلائها من أي مظاهر للحركة، وحولتها إلى مخازن سرية للأسلحة وللإمدادات العسكرية لجبهات تعز والبيضاء والساحل الغربي، ووضعت فيها العشرات من السجناء وأخفتهم فيها بشكل سري ليكونوا دروعاً بشرية لحماية مخازنهم من استهداف طيران التحالف العربي.
من يدير كلية المجتمع؟
منذ تأسيس سجن كلية المجتمع، كلفت جماعة الحوثي القيادي في الجماعة عادل إسماعيل الموشكي المكنى "أبو عبد الرحمن" من أبناء محافظة ذمار مديرية مغرب عنس، وكان يعمل سابقاً موظفا لدى مكتب الأشغال العامة والطرقات بالمحافظة، ويعمل أيضاً رئيسا للجنة تبادل الأسرى بمحافظة ذمار من قبل جماعة الحوثي، وينوبه في إدارة السجن شخص آخر يكنى "أبو محمد"من أبناء محافظة صعدة، ويساعده أيضاً في إدارة السجن أحد أقربائه يدعى "بدر الموشكي"، والذي يقوم بإدخال وإخراج السجناء من وإلى السجن، والمشاركة في التحقيق معهم إلى جانب "أبو عبد الرحمن" و"أبو محمد".
ماذا كان يوجد بداخل هذا السجن؟
حسب شهادات وثقتها منظمة "شمول" للإعلام وحقوق الإنسان مع ضحايا خرجوا من هذا السجن، فإن سجن كلية المجتمع عبارة عن صالة تبلغ مساحتها 8×16 مترا، "مكتمة بصبات خرسانية"، ويتواجد بداخلها العديد من السجناء يتراوح ما بين مئة إلى مئتي مختطف، معظمهم من أبناء محافظة تعز، الذين تختطفهم المليشيات الحوثية من الطرق الرئيسية الرابطة بين المحافظات الخاضعة لسيطرتها، أو ممن تنقلهم الجماعة من سجن مدينة الصالح بتعز إلى سجن كلية المجتمع بمدينة ذمار، إضافة إلى أعداد أخرى متفاوتة من محافظات أخرى، نقلتهم الجماعة إلى هذا السجن بهدف التحقيق معهم، أو من أجل إجراء صفقات تبادل بين الجماعة وجهات تابعة للحكومة الشرعية.
وذكر المختطفون في شهاداتهم للمنظمة بأن العدد المتواجد في سجن كلية المجتمع من أبناء محافظة تعز كان يتراوح أحياناُ من (100) إلى (120) مختطفا، وكان يُعزى سبب النقص الذي كان يحدث في عدد المختطفين إلى الإفراج عن بعضهم بفدية مالية تدفعها أسرته، أو بصفقات تبادل، مما كان يضطر الجماعة إلى استقدام سجناء جدد من سجن مدينة الصالح بمحافظة تعز.
وأفاد الشهود بأنه مع حلول الليل كانوا يسمعون حركات مختلفة بينها حركة شاحنات في الجوار، ونقل أدوات من وإلى المباني، وكانت تستمر هذه الحركة حتى طلوع الفجر، ليعم الهدوء بعدها في المكان، إلا من أنين المعذبين الذين يقضون لياليهم تحت سياط التعذيب من قبل المحققين في السجن، وكانت "الجماعة" تستخدم بعض مرافق الكلية كغرف للتحقيق والتعذيب، والبعض منها زنازين انفرادية، تخفي فيها بعض المعتقلين لفترات متفاوتة.
من يستطيع الوصول إلى السجن؟
يقول (م.ن)، وهو مختطف تم الإفراج عنه من سجن كلية المجتمع في نهاية العام 2018، والذي قضى فيه مدة تزيد عن العام، يقول: "لم أستطع التواصل مع أهلي في ذلك السجن، ولم يستطع أحد الوصول إليّ طيلة تلك الفترة، ولم تزرنا أي منظمات حتى تم إخراجي من ذلك السجن بفدية مالية دفعتها أسرتي لمشرفين حوثيين".
وأضاف أن معظم نزلاء هذا السجن هم من أبناء محافظة تعز، بل كان يعتبر هذا السجن خاصا بالمختطفين من أبناء تعز، والذين يلاقون فيه صنوف التعذيب النفسي والجسدي، ومضى على احتجاز معظمهم أكثر من ثلاثة أعوام دون أن يعرف أحد من أهاليهم عن أحوالهم أو مكان احتجازهم شيئا إلا عن طريق من خرج من رفاقهم في السجن والذين كانوا يحملون معهم التطمينات لأهاليهم وذويهم.
توقيت القصف
قصف طيران التحالف العربي، مساء أمس السبت، سجن كلية المجتمع، وراح ضحية ذلك أكثر من (160) بين قتيل وجريح، بينهم (110) من أبناء محافظة تعز، وأثار هذا الاستهداف موجة تساؤلات عن سبب وتوقيت هذا القصف، خصوصاً أن السجن أصبح معروفاً لدى الرأي العام من خلال الشهادات التي وثقتها منظمات حقوقية مع مختطفين خرجوا منه وتناولتها تقارير حقوقية وإعلامية.
بل ومما زاد التساؤل لديهم هو قصف الطيران للمبنى الذي يتواجد فيه السجناء، وترك المكان المجاور له الذي يعتبر مركز عمليات ومخازن أسلحة للمليشيات الحوثية سليماً، وعزا بعضهم هذا القصف إلى أنه يأتي في سياق الإبادة الجماعية التي تنتهجها دول التحالف العربي بحق أبناء الشعب اليمني.
بينما عزا آخرون سبب وتوقيت الاستهداف إلى خروج شهادات مروعة من داخل هذا السجن، والتي وثقتها منظمات حقوقية مختلفة وعلى رأسها فريق الخبراء الأممي الذي التقى خلال الأشهر الماضية ضحايا خرجوا من هذا السجن ورووا للفريق بشاعة الإجرام في هذا السجن السري الذي تحتجز فيه مليشيات الحوثي المئات من المدنيين الأبرياء كدروع بشرية، للحفاظ على مخازن الأسلحة التابعة لهم في هذا المكان، ولم يكن من مليشيات الحوثي إلا الإسراع في التخلص من هذا السجن قبل صدور تقرير فريق الخبراء الذي سيدينهم ويحملهم المسؤولية الكاملة عن سلامة المحتجزين بداخله، وكان التخلص من السجناء فيه من خلال الإيعاز بإحداثيات مظللة مُررت عبر دولة الإمارات إلى غرفة العمليات المشتركة في إطار "التعاون" الإماراتي الحوثي لإغراق المملكة العربية السعودية بتبعات هذه الانتهاكات بحق أبناء الشعب اليمني.
اقرأ ايضا: