صالح وهادي... المركز القانوني
لايتوقف الجدل في اليمن حول الرئيس السابق صالح ومدى تأثيره على المشهد السياسي في اليمن، هادي أكثر من يتحمس لرمي كل مشكلات اليمن على سلفه حتى صارت (شماعة صالح) هي النظرية الحاكمة التي يدير بها عبدربه اليمن!!!(عقدة المؤامرة) اللصيقة بتفكيرنا تسهل له كثيراً رمي كل شيء على الماضي وعلى الغير وعلى الخارج ليكون لنا بعد ذلك النوم هنيئاً فكل شيء نشاهده على الأرض لادخل له به ولاطاقة له على مقاومته فغيره يتأمر عليه وكل المشاكل بالتالي يتم تعليقها على شماعة الماضي، وللتذكير فقد اعتبر ارنولد تومبي أستاذ علم الاجتماع في أشهر نظرياته أن الشعوب التي تتغير تقرر دوماً البدء بحل المشكلات بدل رميها على الجيل القادم ولاتكتفي برمي كل العيوب على الماضي وتحميل الجيل القادم واجب حلها كما تفعل الشعوب المتخلفة، وبتطبيق ذلك فإن يمن عبدربه بسنواته الثلاث العجاف ترك الكثيرين فيه من أقسم اليمين على احترام الدستور والقانون وحماية الشعب والحفاظ على الجمهورية والحفاظ على مؤسسات الدولة والقتال بالجيش حفاظاً على الجمهورية بكامل أراضيها ورعاية مصالح الشعب رعاية كاملة، ويُتجهُ إلى غيره وأفضل الغير ممن يتم تعليق كل المشاكل عليه هو صالح فهو النظام السابق والفاسد والسيء وكأن رئيس الحاضر لم يأتي من الماضي ولم يكن نائب الماضي بل ولم يظل 17 سنة يحلف الأيمان ويبرر في كل مقيل حين يسأله صالح عن رأيه كنائب للرئيس مردداً نفس العبارة (والله ماقاله الأخ الرئيس هو الصحيح)!!! صار هادي هو المهدي المنتظر الذي نزل من السماء ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلما، مهزلة مابعدها مهزلة وسطحية في التفكير لايفسرها سوى المال المسروق من الخزينة الموجه للمشاعر من قبل هادي ونجله لمرتزقة إعلامهم الذي صاغ ويصيغ الأفكار تنفيذاً عملياً لخطة (وإعلام يصور كل لصٍ ..حكيماً محسناً حراً أمينا)!!.
يتحدث القانونيون عن المركز القانوني باعتباره أهم ماينبغي عدم العدول عنه أثناء تكييف الأفعال وتحديد المسئوليات للأشخاص، المركز القانوني يبين بدقه الموقع الذي ينبغي وضع الشخص فيه ليتم بموجبه محاسبته، فمثلاً المركز القانوني لرئيس الدولة الحالي يختلف تماماً عن المركز القانوني لرئيس سابق، المركز القانوني لمن أنتخبه الشعب لحمايته من المجرمين والفاسدين والمخربين يختلف تماماً عن المركز القانوني لمن لم ينتخبه الشعب لذلك، المركز القانوني لمن أقسم اليمين الدستورية على حماية اليمن واليمنيين يختلف تماماً عن مركز من يمارس المماحكات السياسية أو يسعى للسلطة ولو بطريقة خاطئة أو إجرامية حتى، المركز القانوني لمن أعطاه الشعب سبعة ملايين صوت في 2011 ليحكم لفترة انتقالية مدتها سنتان يحافظ من خلالها على الحد الأدنى من ملامح الدولة يختلف عن غيره ممن لم ينتخبه الشعب لهذه المهمة ويسعى للوصول للسلطة أو العودة لها.
دون استيعاب الجميع وتطبيقهم لمفهوم المركز القانوني لرئيس الدولة وماهي واجباته فإننا نظل ندور في حلقة مفرغة ونبرر للرئيس جريمته المصنفة قانوناً بأنها أعلى الجرائم أي (خرق الدستور والخيانة العظمى).
إن المركز القانوني لهادي كرئيس انتخب لسنتين يستوجب أن يصبح أمامنا هو المسئول الأول والأخير عن كل ما حصل في سنتي حكمه من تدهور وتدمير وخراب وحروب وفساد ومؤامرات وانهيار للدولة الهشة وتحولها إلى دولة منتهية تماماً، وبحسب القواعد القانونية فإنه لاعبرة بالباعث على ارتكاب الجريمة فإن كان عبدربه متعمداً لكل الأفعال السابقة – وهو ماصار يقينياً- فهذا يستلزم معاقبته كمجرم عمدياً وبأفعال إيجابية، وإن قيل (بحسب المفرطين في عقدة المؤامرة أو في حبه) أنه لم يستطع الحفاظ على البلد وأن الجرائم التي وقعت من نظامه لم يتسبب هو بها فإنه يعاقب أيضاً باعتباره أرتكب جرائم سلبية، وحده هادي من يجب محاسبته وتحميله كل ماحصل في البلد فلو كان عاجزاً غير متعمد فمن أرغمه على البقاء في منصب ليس أهلاً له وليس قادراً على أداء واجباته فلم تعجز النساء أن يلدن غيره ممن يستطيع حمايتنا من المسيئين، وأما خزعبلات تحميل صالح أو الحوثيين أو القاعدة أو الحراك أو..أو ..المسئولية فلا قيمة لها قانوناً فكل أصحاب المشاريع الخاصة لا يحمينا منهم سوى الدولة ممثلة برئيس نظامها ومن يجب عليه معاقبة المسيئين هو رئيس الدولة فالمسيء عمله تحقيق مشروعه الخاص في اليمن ورئيس النظام اليمني عمله حمايتنا من المشاريع الخاصة ومعاقبة كل أصحاب المشاريع الخاصة، وغير ذلك ليس أكثر من مخالفة لبديهيات كونية واستمرار في جحيم نظام فاق التوقعات !!.