أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

(1) د.الحروي لماذا يجب أن تتحول اليمن إلى دولة بحرية عظيمة على مستوى النظام السياسي

- د.طارق الحروي

نرد على ذلك بالقول لوجود عدة اعتبارات مهمة يغلب عليه الطابع الاستراتيجي والمرحلي تتعلق هنا بالجانب الرسمي، أي باليمن كـ(نظام سياسي)، حيث أن متغيري الحدود البحرية الطويلة والموقع الاستراتيجي وضعت اليمن كدولة أمام خيارين مصيرين حاسمين لا ثالث لهما، فإما أن تسعي بقوة وجدية وراء إعادة استيعابهما في خياراتها المطروحة ضمن إطار إستراتيجية وطنية طموحة جدا ترمي إلى تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة لها شأنها وليس أقل من ذلك.

  • مستفيدة في ذلك- إلى أقصى حد ممكن من طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الفرصة التاريخية الاستثنائية المتاحة أمامها في تاريخ العلاقات الدولية قاطبة، التي تعيشها البلاد منذ النصف الثاني من العام 2011م، جراء الحالة التوافقية الاستثنائية بأبعادها الوطنية والإقليمية والدولية التي تجسدها أهم وثيقة تاريخية بهذا الشأن (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة) .
  • وإما أن تتجاهلهما أو تتجاوزهما كما كان حاصلا في العقدين الماضيين، بصورة تفضي إلى تحولهما إلى أشواك حادة ومسمومة في جسدها ومن ثم نقاط ضعف مميتة وخطرة في خاصرة الدولة تحول دون وجود أية إمكانية لانتقالها لمصاف الدولة المدنية الحديثة المنشودة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها ليس هذا فحسب.
  • لا بل وتفتح الباب واسعا على مصراعيه أمام تجزئة ترابه الوطني وتمزيق كيانه القومي إلى أشلاء من خلال ترتيبات داخلية معقدة ترجح سيناريو التفتيت للأراضي اليمنية- وفقا- لما تقتضيه أولويات المصالح الحيوية الأطراف الإقليمية والدولية المعنية صاحبة المصلحة في ذلك، كي يتسنى لها إشغال هذه الأجزاء بنفسها حفاظا على مصالحها الحيوية    من خلال ترتيبات عسكرية وأمنية تتيح لها المجال واسعا للحصول على تسهيلات وقواعد عسكرية ضخمة و....الخ.
  • وتأسيسا على ذلك فأنه لا توجد أية فرصة حقيقية لليمن لإمكانية إحداث أية نقلة نوعية منشودة في أوضاعها باتجاه الانتقال الأمن إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة ودولة النظام والقانون ومن ثم إمكانية ولوج بوابة أهم مرحلة من مراحل العمل الوطني التي تمثلها مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة إلا من خلال إحكام سيطرتها على حدودها البحرية (ومن ثم البرية) ضمن إطار منظومة وطنية أمنية متكاملة الأبعاد يساهم فيها الجميع عسكريين ومدنيين.
  • تضمن من خلالها تركيز الجزء الأكبر والمهم من الاهتمامات الرسمية وغير الرسمية القادمة ذات الطابع التنموي فيها- أولا- وإعادة توزيع الجزء الأكبر والمهم من قواتها المسلحة عليها- من جهة- والكتلة البشرية الضخمة المتركزة في المرتفعات الجبلية (85% من سكان اليمن) فيها- من جهة أخرى- ثانيا.
  • بهدف محوري يضمن لها تأسيس ارتباط عضوي وثيق بين الإنسان والأرض في طول البلاد وعرضها، ثم بين الإنسان والإنسان بإعادة دمج وتوحيد النسيج المجتمعي، وأخيرا بين الأرض والأرض، بصورة تفضي إلى قطع الطريق كليا أمام أماني وأطماع ومن ثم دعاوي أشكال الانفصال الجديدة النتنة المفزعة بشكلها الحالي أو المستقبلي- أولا.
  • وصولا إلى ضمان إعادة توزيعها في مناطق حضرية عالية التأثير تسهم في تذويبها وصهرها بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة (حيث يتوزع سكان اليمن (ريف/حضر) ما بين 73 % و27 %)- ثانيا- ضمن إطار إستراتيجية أمنية وسكانية وإسكانية وطنية شاملة طموحة جدا يغلب عليها الطابع التنموي.
  • بحيث ينتقل- في نهاية المطاف- الجزء الأكبر والمهم من اهتمام اليمن نظاما وشعبا إلى الشريط الساحلي وما يجاوره والمياه الإقليمية لتأسيس نواة الدولة المدنية الحديثة المنشودة الواقعة على البحر- وفقا- لأحدث المعايير العالمية، ومن ثم تحويلها إلى دولة بحرية عظيمة لها شأنها كغاية استراتيجية بكل ما يحمله هذا الأمر من معاني ودلالات ومن ثم أبعاد ومضامين.
  • أما عن السبب الجوهري وراء ذلك فيمكن إيعازه إلى أن بقاء هذه المناطق التي يمثلها إقليمي الشريط الساحلي والجزر وما يجاورهما خارج الاهتمامات الرسمية بالصورة التي ذكرناها من الآن وصاعدا في اعتقادي كخبير استراتيجي له انعكاسات وتداعيات ومن ثم آثار سلبية متعاظمة خطيرة جدا منظورة وغير منظورة على قدرة وإمكانية اليمن ضمن إطار منظومة أمنية متكاملة الأبعاد على استكمال مقومات أمنها القومي الهشة والأمن القومي للدول والقوى الإقليمية والدولية صاحبة المصلحة المشتركة، يصعب تصورها مهما كانت التوقعات.

                                                                                                                                         والله ولي التوفيق وبه نستعين



([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.

 

المصدر : الكاتب

Total time: 0.0919