أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ألبطش بالشيشان يؤذي الشعب السوري

- عباس عواد موسى

 

ألبطش بالشيشان يؤذي الشعب السوري

بقلم : ياسمين الرجبي

ترجمة : عباس عواد موسى

 

عندما نريد إدانة العنف في أي مكان من العالم . كمثل الذي يقع في الساحات الرياضية التي لا يؤمّها الساسة في العادة , فإن علينا وضع السياسة جانباً. فملاعب الرياضة تنبذ العنف ولا تصلح للهجومات لأنها ليست منبراً للسياسيين وليست لأهدافهم . فالهجوم عليها إنما يستهدف المدنيين فقط وعلينا شجبه . وقد شاهدنا عبر التاريخ اقتحام العسكر للملاعب في اليونان الإثنية , وقت الألعاب الأولمبية .

إن ضحايا بوسطن لا يختلفون عن ضحايا الشيشان نفسها أو سوريا , فلسطين , العراق , أفغانستان , باكستان , بورما , ألفلبين وغيرها . والفرق الوحيد هو ما تظهره وسائل الإعلام فبعضها يصور مآسي المجتمعات وويلاتها وبعضها الآخر يبرزه في بيانات إحصائية فقط . وبغض النظر عن نوايا هذه الوسائل , فإن الإسلام هو دين السلام لا دين العنف . وقد علّمنا وأعلمنا أننا متساوون أمام الله وأن علينا إنصاف المظلوم لا محاباة الظالم . وأوجب علينا مناصرة الضعفاء والمضطهدين .

ولو نظرنا في ماضي هذين الشابين اللذين نفذا هجومات بوسطن , لوجدنا طفولتهما المرعبة وانعكاساتها على كل منهما . تلك الطفولة التي مرت عبر حروب جعلتها غير مستقرة ومآلتها المزعجة عليهما .

بدل ذلك , كان يمكن استغلال العلاقات بين تركيا وحلفائها والولايات المتحدة للضغط على روسيا كي يتم منح حكم ذاتي موسع لبلدٍ كالشيشان أُشبِع معاناة واضطهاداً واستعباداً ولزمن ليس بالقصير . بل إن ما جرى , كان تأييداً لسياسة بوتين العنيفة وإساءة لعلاقة المعارضة الشيشانية لحكمه بالإتحاد الأوروبي .

ونفس الشيء وتحت علامة استفهام يجب تحليل الدوافع لارتكاب الفعل وربط ذلك بمحاكمة الشاب إن كتبت له الحياة سواءً تمت في محكمة مدنية أم عسكرية .

ألبطش بالشيشان يؤذي الشعب السوري
قبل كل ذلك , علينا العودة إلى بلدهما الأصلي . ألذي أرّخته رواية حجي مراد لتولستوي لحربٍ تجاوزت الثلاثة قرون ونضال شعبه لا يزال يتواص لتحقيق الإستقلال . هذه الرواية تتبّعت شخصية هذا الشعب القوقازي الأصيل والأقدم في القوقاز والذي قاوم كل المحتلين والغزاة عبر التاريخ : ألبيزنطيين , ألمغول , ألعثمانيين والروس . واعتنقوا الإسلام في العهد العثماني ولم يتخلوا عن أساطيرهم وعاداتهم وتقاليدهم القديمة .

أولى مراحل حروب استقلالهم بدأت منذ القرن السادس عشر واشتدت في القرن التاسع عشر وهي مرحلة التخلص من العثمانيين لتستعر وصولاً إلى الثورة البلشفية .

ثاني مراحل حربهم جاءت بعد الحرب العالمية الثانية عندما اقتاد ستالين نصفهم إلى سيبيريا ليبيدهم ثأراً من حربهم في العشرينيات ولوقوفهم إلى جانب هتلر في الحرب الثانية .

ألمرحلة الثالثة والتي بدأت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي حيث أعلنوا استقلالهم عنه عام 1991 ليتحقق لهم ذلك عام 1995 بعد عام من عهد يلسين . ثم غزتهم القوات الروسية عام 1999 – 2000 لتعيدهم تحت السيادة الروسية . ورغم إعلان الغزاة الروس إلغاء الحكم العسكري عام 2009 إلا أنه لا يزال يحكم من خلال الحكومة العميلة التابعة . نجد أنهم مُهجّرون في شتى أصقاع المعمورة ولا يقطن بلدهم سوى مليون ومائتا ألف شيشاني فقط ونفطها ومناجمها بيد بوتين من خلا يد قادريوف التابع للسلطات الروسية .

زاد ذلك من شهية الشيشان لاستقلالهم . ولكن وسائل الإعلام تركز على هجماتهم على الروس ولا تتطرق للقرى التي أبادها الروس على رؤوس أصحابها .

هو ذاته ما تقوم به الولايات المتحدة مستخدمة الطائرات بلا طيار في العراق وأفغانستان وباكستان فلم يعد للبشرية مكان آمن في العالم بأسره وليس فقط في أوطان الشعوب المضطهدة .

ولكن الفرق الواضح هنا . هو أن عدد الضحايا جراء العدوان الروسي يبلغ أضعاف ضحايا الطائرات الأمريكية .

ألإعتداء الذي تم في بوسطن ليس بناجم عن علاقات عدائية بين الشيشان والولايات المتحدة . بل إنه قد يقلص التفاهمات السائدة بين الجانبين وهو لمصلحة روسيا البوتينية ولمصلحة بشار الذي يحظى بدعم بوتيني مطلق في حربه الغاشمة على شعبه . ولعل ما وقع سيزيد من تغاضي الغرب وأمريكا عما يجري في الأرض السورية من جرائم يندى لها الجبين .

لا نبرر الإرهاب , ولكن نكتب عن دوافعه . كي لا يستغلّه إرهابيون يقودون دولاً , ويهدفون لإشاعة فوضى إرهابية لتمرير أهدافٍ تعنيهم . ونحن لا نقبل أن نكون ضحايا لإرهابٍ مُفتعل .

المصدر : عباس عواد موسى

Total time: 0.0677