أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

الأمن السعودي يترصد

- د. صالح بكر الطيار

حققت اجهزة الأمن السعودية انجازاً جديداً عبر كشفها مؤخراً 19 خلية تابعة لتنظيم " القاعدة " وأبطلت مخططاتها التي كانت تستهدف سياسيين واعلاميين ومنشأت نفطية ، لتضيف بذلك صفحة جديدة الى إنجازات كبيرة حققتها منذ نحو الشهر حين كشفت معلومات عن إرسال طرود مفخخة الى الغرب ، كما كشفت عن مخططات إرهابية كانت تستهدف تفجير اماكن سياحية في عدة دول اوروبية. وفي التفاصيل ان اجهزة الأمن السعودية تمكنت خلال الأشهر الثمانية الماضية من إيقاف ما مجموعه 149 شخصاً ممن لهم علاقة بالأنشطة الإرهابية بينهم 124 سعودي والباقي وعددهم 25 شخصاً هم من جنسيات مختلفة ، وقد توزعوا جميعهم على 19 خلية في عدد من مناطق المملكة، وعثر بحوزتهم على مبالغ نقدية مقدارها نحو مليوني ومئتي ألف ريال إضافة الى اسلحة ومتفجرات وأجهزة اتصال وكمبيوترات وأقراص مدمجة .

كما كانت هذه الخلايا تعمل على تجنيد المغرر بهم وترسلهم الى مناطق مختلفة من العالم حيث تسود بؤر التوتر بذريعة " الجهاد " .

 

 ولقد شكلت هذه الخطوة التي قامت بها الأجهزة الأمنية السعودية والتي تم الكشف عنها يوم الجمعة في 26/11/2010 ضربة قاصمة لتنظيم " القاعدة " الذي امضى وقتاً طويلاً في إعداد العنصر البشري، وإيصال التجهيزات، ورسم المخططات ، وتوفير الإمكانيات والتي كانت مرصودة بالكامل من الجهات الأمنية المعنية في السعودية الى ان اكتملت المعطيات فكانت مفاجأة القاء القبض على كامل عناصر الخلايا ومن ضمنهم عناصر نسائية عمل تنظيم " القاعدة " على استخدامها لتكون بمثابة تكتيك جديد في تحركاته ظناً منه ان الشبهة في مثل هذه الأحوال تكون بعيدة .

 

وسبق للسعودية ان برزت كلاعب كبير في المعركة العالمية ضد الإرهاب والتطرف من خلال توفيرها المعلومات الأساسية التي أماطت اللثام عن قضية الطرود المفخخة المرسلة من اليمن إلى الولايات المتحدة خلال شهر اكتوبر / تشرين الأول الماضي .وهذا ما يؤكده كلام جون برينان، وهو من كبار مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، بقوله إن الولايات المتحدة تشعر "بالإمتنان" للسعودية "على معونتها في تطوير معلومات ساعدت في تأكيد الخطر المحدق من اليمن".

وقال مسؤولون أميركيون آخرون أنه لولا المعلومات السعودية لوجدت العبوات الناسفة على الأرجح طريقها إلى طائرات الشحن المتجهة إلى شيكاغو، واحتمال تفجيرها في الجو. كما كانت السعودية وراء الكشف عن محاولات زرع متفجرات في اماكن سياحية في عدة دول اوروبية .

والمفارقة هنا انه بدلاً من أن تتضافر جهود الدول الأوروبية من اجل مواجهة موجة الإرهاب المتجددة على ايدي تنظيم " القاعدة " فقد حاولت كل دولة ان تؤكد لمواطنيها انهم بمنأى عن أي مخاطر وأن الدول الأوروبية الأخرى هي المهددة الأمر الذي كشف الى أي حد ان التنسيق الأمني بين الدول الأوروبية كان هشاً ودون مستوى التحديات المحدقة . والمفارقة الأخرى الهامة هي ان اجهزة الإستخبارات الدولية هي التي كانت دائماً تتحدث عن انها مصدر الكشف عن المخططات الإرهابية وتتهم نظيراتها العربية بأنها شبه نائمة ، ولكن اتت هذه التطورات الأخيرة لتثبت عكس ذلك تماماً حيث تبين ان اجهزة الإستخبارات الدولية غافية او مشغولة في ملفات أخرى اقل اهمية فيما اجهزة الأمن السعودية يقظة وتنشط ليس فقط من اجل حماية أمن السعودية بل ايضاً الأمن الدولي .

وهذه المسؤولية التي اخذتها اجهزة الأمن السعودية على عاتقها ليست بالأمر اليسير لأن مثل هذه المهام تتطلب دراية وحنكة وحكمة وقدرة لوجستية وتكتيك عالي الدقة ، كما تتطلب توفر معلومات شفافة وصحيحة عما يخطط له تنظيم " القاعدة " خاصة وأن الدراسات المختصة تفيد ان الخلايا الإرهابية ليست مترابطة وتخضع لقرارات مركزية بل تتمتع كل خلية او كل مجموعة خلايا بحرية اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً وبما يتوافق مع الإيديولوجية العامة التي تحكم مسار هذا التنظيم ، مما يعني ان الخرق من قبل الأمن السعودي يجب ان يحصل في عدة اماكن من العالم وعلى مستويات مختلفة ، وهذا على ما يبدو انه قد تم انجازه مما يبشر بأن القدرة على شل تنظيم " القاعدة " باتت متاحة تمهيداً للقضاء نهائياً عليه وإن استوجب الأمر بعض الوقت من منطلق ان مواجهة عدو متخفي اصعب بكثير من مواجهة عدو ظاهر ومكشوف .

 

 رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

Total time: 0.0631