أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ويكليكس و(1591) فضيحة يمنية !

- ماجد الداعري

أثارت وثائق موقع ويكليكس السرية -فضائح سياسية كبيرة- وصلت حد تعرية زعماء ومسؤولين عرب وتجريدهم من الوطنية واحترام شعوبهم وسيادة بلدانهم التي يباهون كل يوم أمام شعوبهم، باحترامها والذود عنها ممن يصفونهم بـ"الخونة والمتربصين والأعداء وغيرهم الكثير من المتآمرين والعملاء". حيث أوضحت سرية فحوى تلك الوثائق - التي لم تتجرأ أي من الحكومات العربية على نفي فضائحها- حقيقة تلك "المزاعم الوطنية" التي صم بها ذوي الفخامة والجلالة والسمو- مسامع مواطني شعوبهم باستهلاك روتينها كل يوم، ورغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي أحدثها مؤسس موقع ويكيليكس "جوليان أسانج" من خلال نشره للوثائق - وترشيحه بسببها من قبل أكثر من صحيفة ومركز دراسة- كرجل العام الحالي 2010م دون منازع ، إلا ان مصدر حصوله على تلك الوثائق التي تتسم "بالسرية التامة"، تعد سر البحث والتكهن العربي، ومصدر الخوف والقلق اليمني، سيما وان مسلسل تسريب الوثائق مايزال متواصلا من قبل مؤسس الموقع الخاص بنشر الاسرار السياسية وإن كان قد تحول إلى خدمة مدفوعة بعد ما احدثه من ضجة اعلامية تعد الحدث الأبرز في السنوات الاخيرة منذ أحداث هجوم 11 من سبتمبر إيلول على أمريكا، وخاصة وأن التهم التي وجهت له في بريطانيا بارتكاب مايمكن وصفه بانتهاكات جنسية- قد باءت بالفشل، بعد تمكنه من مغادرة السجن بضمانة مالية- وخروجه من معتقله بإرادة قوية وعزم أقوى على مواصلة نشر ربع مليون من الوثائق السرية المتعلق كثيرا منها بسياسات الدول الكبرى واسرائيل أيضاً، حسب تأكيده- لمئات  الصحفيين من مختلف الوسائل الإعلامية بالعالم- ممن كانوا يتجمهرون تشوقا لالتقاط صورة له وسماع ماسيقوله بشأن مواصلته نشر الوثائق السرية من عدمه بعد اعتقاله وتوجيه التهمة القديمة له- إضافة إلى تأكيده - لبرنامج بلا حدود الذي تبثه قناة الجزيرة - على تسريب السفارة الأمريكية بصنعاء لموقعه أكثر من 1590 وثيقة سرية تتعلق باليمن. بعد ان سبق لموقعه تسريب عددا من تلك الوثائق السرية التي كشفت عن معلومات خطيرة يتعلق بعضها بسماح  رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح للطائرات الامريكية بقصف مواقع القاعدة باليمن وفق صفقة سريّة عقدها مع الأميركيين تجيز ذلك وتشترط نسب العمليّة إلى القوات اليمنيّة، إضافة إلى كذب نائب رئيس الوزير رشاد العليمي على البرلمان، بخصوص ضربات جوية لطائرات أمريكية باليمن وغيرها من تلك الوثائق الخطيرة المتعلقة بتراجع طيار سعودي في اللحظات الأخيرة عن قصف موقع اللواء/ علي محسن الاحمر- قائد المنطقة الشمالية الغربية، وفق الإحداثيات الممنوحة له من قبل السلطات اليمنية، في جولة الحرب السادسة مع الحوثيين التي كان يقودها  بصعدة، إضافة إلى وثائق أخرى تعتبر ان الرئيس صالح أكثر المستفيدين عسكريا وسياسيا وماديا من دخول السعودية في جولة حربه السادسة مع الحوثيين بصعدة، وتوسع رقعة الحرب إلى خارج حدود اليمن ووثائق أخرى نشرتها وسائل الإعلام وفجرت من خلالها مخاوف وردود أفعال سياسية وقبلية متضاربة بين القيادات السياسية باليمن، قادت خطورة بعضها إلى قيام السلطة ومن خلال أكثر من مصدر - رسمي وأمني ومسؤول – إلى محاولة التقليل من صحة ما أوردته تلك الوثائق او التشكيك من دقة معلوماتها في أحيانا أخرى ومن خلال تلك التصريحات التي ظهرت على استحياء في وسائل إعلام السلطة، غير أن نفي خطورة ماجاء في تلك الوثيقة المتعلقة بالمؤامرة اليمنية ضد أكبر وأخلص القيادات العسكرية في البلاد- ظل طي النسيان وبعيدا عن متناول الصحافة، سواء من قبل السلطة أو اللواء الأحمر ذاته، رغم إظهار اليمن عتبها واستيائها الكبيرين من أمريكا على خلفية نشر ويكليكس لإسرارها السياسية وتوجيهها اتهاما غير مباشر لها إتضح من خلال – مانشرته مؤخرا صحيفة "الأهالي" اليمنية عن رفض رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح استقبال مساعد وزير الخارجية الأمريكي  فيلتمان أثناء زيارته الأخيرة لليمن لتفادي مايمكن تفاديه من تبعات الشرخ الدبلوماسي الذي يمكن لوثائق ويكلكس أن تحدثه في علاقات بلاده المميزة مع اليمن التي تعدها أحدى أهم وأوفى الحلفاء العرب، في حربها وحلفائها الغرب على ماتسميه بالإهاب وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب رغم حرصه على التأكيد - في المؤتمر الصحفي الذي عقده بصنعاء في زيارته الأخيرة الأسبوع الماضي لليمن- على أن الحكومة الأمريكية تشعر بنوع من الإحراج بشأن تداعيات وثائق ويكيلكس، التي قال أن هناك 185 دولة في العالم لابد أن نتواصل معهم ونعبر لهم عن اعتذارنا عما حدث، معتبرا أن الدبلوماسية – وفق تنظيره- تعتمد على الثقة التي قال أنه لابد لهم من المحافظة على خاصيتها"، ورغم هذا الاعتذار وحسن النية التي حاول المسؤول الامريكي الرفيع إبدائها نحو اليمن، وجاءت بعد أن سبق  للرئيس الامريكي باراك أوباما أن قدم اعتذارا للرئيس يحمل في طياته نوعا من  الثقة بقوة العلاقة الامريكية اليمنية وعدم تأثير تسريبات ويكليكس عليها، وتأكيده على ذلك من خلال ما كشفته وكالة روترز مؤخرا ، عن قيام كبير مستشاري الرئيس الأمريكي باراك اوباما لمكافحة الارهاب، بمطالبة اليمن بتحرك أشد ضد تنظيم القاعدة وتسريع تبادل المعلومات مع بلاده بشأن المشتبه بهم ممن تحتجزهم السلطات اليمنية. حيث قالت الوكالة أن "جون برينان -  المساعد الكبير لأوباما في قلب جهود المخابرات الأمريكية لإحباط الهجمات الإرهابية – أجرى اتصالا بالرئيس علي عبد الله صالح – أمس الأول الخميس- "للتأكيد على أهمية القيام بتحرك قوي ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بغية احباط خططه لشن هجمات ارهابية في اليمن وغيره من الدول بما في ذلك داخل الولايات المتحدة، بعد أن عززت حالة التأهب تحسبا لهجوم خلال موسم عطلة عيد الميلاد. وفي حين أبدى كثيراً من معارضي الرئيس صالح- سيما القيادات الجنوبية المعارضة بالخارج- نوعا من الترحيب والمطالبة بالتحقيق والمساءلة على خلفية مانشرته تلك الوثائق من معلومات تتعلق بالضربات الجوية الامريكية على المعجلة وشبوه ومارب وغيرها من المناطق اليمنية التي طالت أهلها تلك الضربات الجوية،

وتتوالى فضائح الوثائق التي ينتشرها ويكليكس تباعا في مايخص الزعامات العربية وعنترياتها المزعومة ، بعد أن كشفت عدة وثائق سربة للموقع- عن اختلاس الرئيس السوداني عمر البشير مبلغ 9 مليارات دولار من عائدات النفط السوداني الذي يتركز غالبيته في جنوب السودان المطالب اليوم بالانفصال عن الشمال، وقيام اسرائيل بتدمير مفاعل نووي سوري في 2007م وسط مخاوفها من ردة فعل سورية نتيجة غضب الرئيس السوري بشار الأسد الذي قابل الموضوع على مايبدو بسرية وتكتم سياسي خشية فضيحة الذل والعجز عن الرد الذي كانت اسرائيل تخشاه وتتوقعه منه. وهدد "جوليان أسانج" اسرائيل بنشر الاف الوثائق السرية عنها نافيا وجود أي صفقة معها مقابل عدم نشرها، ومؤكدا لبرنامج بلاحدود أن بحوزته حوالي 3700 وثيقة في هذا الشأن عن اسرائيل منها 2700 وثيقة فقط مصدرها إسرائيل وسينشرها تباعا في الشهور القادمة،. فيما قال أن لديه وثائق تحتوي معلومات حساسة عن عدوان اسرائيل على لبنان في تموز واغتيال القيادي البارز في حركة حماس محمود المبحوح بدبي ومقتل مسؤول سوري كبير برصاص قناص، إضافة إلى وثائق أخرى وصفها بالأكثر سرية عن مليارات الرئيس السوداني المودعة في إحدى بنوك بريطانيا، وكذا الاهتمام المثير من قبل هيلاري كلينتون وزيرة خارجية امريكا بحرص الرئيس الليبي معمر القذافي على إحاطته بالنساء الجميلات وتولعه بـ"ممرضة أوكرانية شقراء ومثيرة" إلى حد عدم قدرته على التنقل الا إذا ماكانت برفقته واضطراره لانتظارها في أكثر من مرة يسافر فيها، الأمر الذي يؤكد أن وثائق ويكليكس لاتقتصر على نوعية معينة من الفضائح السياسية وإنما قد تتعدى ذلك إلى الفضائح الاخلاقية والأمور الشخصية، مما يجعل من تصريحات مؤسس الموقع المثير للجدل مصدر خوف وقلق جميع الساسة في اليمن بشكل خاص، وبمن فيهم المعارضين السياسيين من القيادات الجنوبية المقيمة بالخارج - والتي لايستبعد أن يطال تاريخها السياسي أبان حكمها بالجنوب- نيران تلك القذائق"الويكليكسية" التي تفجر فضائحها اليمنية هنا وهناك، ولايمكن لأحدا الجزم أن كل ذلك الكم الكبير من الوثائق الخاصة باليمن، لن تتطرق لتلك الأحداث المأساوية المروعة التي شهدها "ساسة الجنوب" في ثمانينيات القرن المنصرم وكانت بالتأكيد "جرائم يندى لها جبين تاريخ الجنوب اليمني" وشكلت بفضاعتها منعطفا سياسياً خطيرا على خطى مسيرة التقدم والتطور التي كان جنوبنا يخطوها بنوع من التثاقل ووسط  موجة مخيفة من العواصف و الخلافات السياسية التي مالبثت وتفجرت ينابيع دمائها في وجه الجميع، ووفقا لأمان دخيلة وأطماع خارجية قادتها أياد أجزم أن أمريكا المتهمة بتسريب تلك الوثائق لوكليكس- لم تغفل يومها عن رصد خفاياها وأطماعها أو الاشتغال عليها، إن لم تكن صانعة للكثير منها وصاحبة اليد الطولى في تفجيرها، بحكم المزايا الاستراتيجية الهامة التي تميز "جمهورية عدن الجنوبية" الموالية حينها للإمبراطورية الاشتراكية المتمثلة بالاتحاد السوفيتي، ولذلك وبكل تأكيد فإن "الألف والخمسمائة والتسعون" وثيقة يمنية سرية، من تلك التي أعلن مؤسس موقع ويكليكس حصوله عليها، لن تبقي شيئا من تلك الضبابية الهلامية المقنعة المحيطة بكثير من ساسة اليمن، وإنما ستعري الجميع، وتخلق مادة صحفية مثيرة تكشف أوراق وتقلب طاولات ، يسيل لفضائحها لعاب الفضول لدى كل الصحفيين المنتظرين لموعد النشر على أحر من جمر، فهنيئاً للجميع، وتعازينا المسبقة لتلك الوطنية الهلامية التي يدعيها رجال الحكم ومعارضي السياسة اليمنية. وكان الله في العون لليمن التي نعلق على ضمائر حكامها، مسؤولية النهوض بواقعنا وطموحاتنا المتواضعة حتى ولو إلى مستوى العيش بأدنى مستوى من تلك العزة والكرامة التي كفلها دستورنا وأكدت عليها أهم أهداف ثوراتنا اليمنية المختلفة على مر التاريخ.ويبقى السؤوال مفتوحا عما تخبئه الـ(1591) وثيقة سرية لدى ويكليكس من فضائح عن اليمن وساسته.

تعليقات الزوار
1)
العامري -   بتاريخ: 06-01-2011    
لأمان دخيلة وأطماع خارجية قادتها أياد أجزم أن أمريكا المتهمة بتسريب تلك الوثائق لوكليكس- لم تغفل يومها عن رصد خفاياها وأطماعها أو الاشتغال عليها، إن لم تكن صانعة للكثير منها وصاحبة اليد الطولى في تفجيرها، بحكم المزايا الاستراتيجية الهامة التي تميز "جمهورية عدن الجنوبية" الموالية حينها للإمبراطورية

Total time: 0.0558