أخبار الساعة » الاقتصادية » عربية ودولية

حجم خسائر الاقتصاد الإيراني بمقاطعة الدول العربية لها

- روان الوافي
يعيش المشهد السياسي العربي حالة من التوتر خاصة بعد أن قطعت المملكة العربية السعودية كل ما يربطها بدولة إيران جراء اعتدائها على السفارة السعودية بحجة تنفيذ حكم القصاص للمحرّض على الفتنة نمر النمر، وما حدث لم يكن مستبعدًا على إيران التي اعتادت أن تقحم ذاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية كما حدث في سوريا والعراق، لكن يبدو أن جريمتها الأخيرة ضد السعودية كانت الشعرة التي أطاحت بعلاقاتها السعودية والبحرينية والسودانية إلى مقبرة التاريخ بينما ارتبكت مع دول أخرى ليبقي السؤال؛ ما حجم التأثر الاقتصادي لإيران بالمقاطعة بينها وبين الدول العربية أو الإسلامية المحيطة؟
 
الأكاديمي علي التواتي تحدث لـ”عين اليوم” حول طبيعة العلاقات التي تربط إيران بدول الخليج وبالدول العربية قائلًا إن أهم ما يميزها هو الجانب الاقتصادي الذي لا يعتقد أنه سينقطع حتى في حالة قطع العلاقات السياسية الدبلوماسية، كما تعتبر تلك العلاقات الاقتصادية بين هذه الدول وبين إيران في مرحلة متقدمة جدًا.
 
وطرح التواتي أمثلة على ما سبق بقوله إن نسبة كبيرة من صادرات جبل علي تذهب إلى الإمارات، بل إن الإمارات استفادت من المقاطعة الاوروبية والأمريكية لإيران فأصبحت هي منفذ البيع لها، وكذلك الأموال الإيرانية التي تعمل في التجارة تتواجد بوضوح في بنوك الإمارات ومن المعتاد أن ترى رجال الأعمال الإيرانيين في الإمارات ولهم شراكات وممتلكات، ولذلك ليس من السهولة أن تتأثر هذه العلاقات بما يدور سياسيًا؛ لذلك الإمارات لجأت إلى تخفيض تمثيل القائم بالأعمال وهو ما لا يقطع العلاقات التجارية.
 
*تأثيرات متباينة عربيًا:
 
أما العلاقات السعودية الإيرانية الاقتصادية فيقول عنها التواتي: لا توجد علاقات تجارية واقتصادية ذات قيمة وبالتالي حينما تم اتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية لم تكن المملكة تأمل في إيران خيرًا، بل هي تخشى على مواطنيها الذين يذهبون إلى إيران أن يعودوا مجندين للعمل ضد بلدهم كما حدث في الكثير من الحالات.
 
وبالنسبة لقطر يقول التواتي إن هناك شراكات في حقول نفطية مغمورة وتداخل في الحدود البحرية يتطلب تعاونًا تجاريًا و اقتصاديًا وسياسيًا بشكل أو بآخر، ولذلك فإن أقصى ما تستطيع أن تفعله قطر هو أن تقتدي بالإمارات، أما العلاقات الاقتصادية مع الكويت فنسبة كبيرة من الشعب الكويتي من أصول إيرانية يعتنقون المذهب الشيعي الذي تدين به إيران كما أن التوازنات الداخلية في الكويت لا تسمح بالتصعيد مع أي دولة محيطة سواء كانت إيران أو غيرها.
 
* الدور التركي والوساطة:
 
وعن تركيا يقول التواتي إن بينها وبين إيران علاقات نفطية وحركة أموال وتجارة كبيرة جدًا يصعب جدًا على تركيا قطعها مع عدم وجود سبب مباشر يخص الأمن القومي التركي لقطع العلاقات، ومع ذلك فإن تركيا تستطيع أن تقوم بدور آخر وهو الوساطة والإصلاح بين السعودية وإيران خاصة أن تركيا وقفت مع إيران أيام المقاطعة وكانت منفذًا آخر للتجارة الإيرانية أو العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع العالم الخارجي، وبالتالي فإن تركيا لها مكانة مقبولة لدى الإيرانيين رغم الأحداث في سوريا وخاصة أنها دولة إسلامية مؤثرة في المنطقة.
 
* مقاطعة الإمارات وتركيا هي الأخطر:
 
أما الباحث محمد النجيمي فيري أن ما يربط المملكة بإيران جوانب ضيقة جدًا، حيث إن إيران عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي، كما يأتي منها ملايين المعتمرين وما يقارب مائة ألف من الحجاج، وأيضًا هناك منتجات إيرانية تسوّق في المملكة ولها وكلاء داخل المملكة وبعض المواطنين الشيعة يذهبون إلى مناسبات دينية في إيران بينما السنة يذهبون لتجارة السجاد وما إلى ذلك.
 
وعن تأثير المقاطعة التي من الممكن أن تضعف إيران على جميع الأصعدة، أوضح النجيمي أن الدولة الوحيدة التي ستضعف إيران في حال قطعت العلاقات أو جمدتها هي دولة الإمارات العربية المتحدة أما الدول الأخرى سواء كانت السودان أو البحرين أو المملكة العربية السعودية فليس لها علاقات اقتصادية قوية مع إيران يمكن أن تؤثر عليها، حيث إن الإمارات تعتبر متنفسًا اقتصاديًا كبيرًا جداَ لإيران في الخليج والعالم العربي وتحديدًا مدينة دبي، وتتبعها في التأثير جمهورية تركيا التي لها علاقات تجارية واقتصادية كبيرة جدًا، وكذلك الجمهورية الباكستانية والجمهورية الإسلامية الأفغانية التي لهما علاقات قوية جدًا مع إيران.
 
* مستقبل العلاقات الاقتصادية:
 
وعن مستقبل العلاقات الاقتصادية الإيرانية في المنطقة؛ علّق النجيمي بأنها لن تتأثر ومن الصعب جدًا على الإمارات أن تقطع العلاقات ولا أتوقع من دولة الإمارات العربية المتحدة المغامرة لأن هناك استثمارات ضخمة جدًا لإيران في دبي وكذلك هناك جالية إيرانية كبيرة في دبي، والإماراتيون يستفيدون كثيرًا من الترانزيت الذي يعبر المطارات الإماراتية للذهاب إلى إيران.
 
أما عن تركيا وباكستان وأفغانستان فيقول النجيمي: لا أعتقد أنها ستقطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران ودعمها للمملكة سيقتصر على تقليص العلاقات السياسية والدبلوماسية مع إيران مع دعمها في المجالات السياسية والعسكرية لأن النظام الإيراني يتدخل في سوريا وفي اليمن بشكل سافر، أما جميع الدول العربية التي لها علاقة تجارية بإيران فستدعم المملكة سياسيًا وعسكريًا ودبلوماسيًا كما هي عادتهم مع المملكة.

Total time: 0.062