أخبار الساعة » شخصيات ومشاهير » قصة نجاح

مناضل فلسطيني.. تحدى الجدار وحفر قبره بيده!!

-
لم يحترف العمل بالسياسة، ولم يكن من نجوم الإعلام، لكنه استطاع أن يخطف الأضواء بنضاله ورفضه التخلي عن أرضه، متحديًا وهو الرجل المسن بعزيمة الشباب الجدار الذي أقامه الاحتلال في العام 2004، حيث ظلّ صامدا في أرضه يدافع عن الخربة ونجح في وقف جدار الاستيطان.
في خربة سكاريا قرب معسكر عتصيون، جنوب بيت لحم بالضفة الغربية عاش وتوفي إبراهيم عطالله عن عمر يناهز (101 عاما)، وقد شارك في جنازته حشد غفير من سكان القرى والبلدات الفلسطينية المجاورة، فيما برز بين الحضور النائب والوزير السابق صلاح التعمري- محافظ بيت لحم سابقا - الذي اعرب لوكالة "معًا" الفلسطينية عن حزنه الشديد لوفاة هذا المناضل الكبير.
واستغرب التعمري عياب المسئوليين في السلطة والتنظيمات الفلسطينية في جنازة هذا المناضل الكبير، حتى أن أحدا من المحافظة لم يشارك في تشييعه رغم أنه يستحق وسام القدس بجدارة أكثر من رجال أعمال ومسئولين حصلوا على هذا الوسام.
وتقول الوكالة، إن الحاج عطالله صاحب قصة مهمة وسبق أن لفت انتباه العديد من وكالات الأنباء الأجنبية و"الإسرائيلية"، بعد أن تمكن من البقاء في أرض الخربة التي تحاصرها المستوطنات من كل جانب، وظل مع أولاده يعيش فيها بالرغم من كل الضغوطات ورفض أن يأخذ تصريح عبور لأرضه من الإدارة المدنية للاحتلال، وقبل أن يموت ذهب بنفسه وحفر قبرا له في تلك الارض أمام الجدار ودفن فيه.
وتروي صحيفة "القدس" الفلسطينية قصة عطالله مع قريته التي بقيت منازلها مسقوفه بـ "الزينكو" ومبنية منذ العهد البريطاني، حيث ظل  الرجل المولود في العام 1910 صامدا بهذه القرية الواقعة على تلة جبلية مرتفعة جدا ويستطيع المرء رؤية قبة الصخرة بالقدس وخيال البحر المتوسط.
ولدى احتلال الضفة الغربية عام 1967 كان عدد سكان القرية نحو ألفي نسمة لكنهم اضطروا إلى الرحيل عنها بعد جملة الممارسات "الإسرائيلية" ضد السكان هناك، ولم يتبق في القرية سوى هو وأولاده وإخوانه وأولادهم جميعا الذين رفضوا الخروج، فكانوا حينها لا يتجاوزون خمسين شخصا لكنهم مع تكاثرهم وتشعبهم أصبح عددهم اليوم 510 أشخاص، ولا زالوا يعيشون في خربة بيت سكاريا وسط ظروف صعبة للغاية.
إذ أن مساحة الاراضي التابعة لعائلة عطا الله كانت تبلغ نحو 800 دونما ولكنها مع مرور الأيام تقلصت الى خمسين فقط لا زالت في عهدتهم بعد أن تم الاستيلاء على باقي الأراضي من قبل الجنود والمستوطنين على حد سواء.
وكان يقول "لولا وقوفنا بشكل شديد في وجه الجنود والمستوطنين لما تمكنا من ابقاء هذه الاراضي معنا، ولما تمكنا من ان نبقى في منازلنا شبه المهدومة إذ لم أترك طريقا وسبيلا للحفاظ على وجودنا هنا إلا واتبعته. وكذلك حكومة إسرائيل برمتها إذ سبق وأن عرض عليه موشي دايان وزير الأمن في حينه عرضا مغريا، حيث اقترح عليه أي قطعة أرض يختارها عطالله باي مكان ليبني عليها فيلا كبيرة مقابل أن يترك مكان سكنه.
لكنه رقض وقال: "حتى لو اعطيتني كل فلسطين مقابل أن اترك هذه القطعة ما فعلت هذا عدا عن محاولات عديدة من قبل الإسرائيليين الذين كلفوا مخاتير للتوسط لدى الحاج عطالله كي يتنازل عن ارضه، إذ جاءه أحد مخاتير قرية مجاورة، وطرح عليه بوضوح اقتراحا موجها من قبل قيادة الحكم العسكري في بيت لحم وذلك في العام 1980 بأن يحصل على 300 ألف دينار أردني مقابل إخلاء المكان".
وقد توالت العروض مرارا من الوسطاء -وجميعهم من الفلسطينيين الذي كانوا من اتباع الاحتلال الاسرائيلي- ، حسب قوله وهو غير متحفظ على أسمائهم على الإطلاق إذ وصلت العروض إلى ما يربو عن مليوني دولار وكان رده دوما الرفض، وترافق ذلك مع الملاحقات والمضايقات العنيفة من قبل الجنود والمستوطنين على حد سواء "فالمستوطنون الذي يحيطون بنا من كل جانب كانوا يتوجهون الى حيث نسكن ويبدأون بالقاء الحجارة باتجاهنا وباتجاه منازلنا، كما استخدموا أساليب أخرى ألا وهي السطو على أملاكنا من دجاج وغنم وإتلاف المزروعات. أما الجنود فقد أقدموا في العديد من المرات على هدم منازل لنا وهدم أكشاك نبنيها نحن حتى أصبحت حياتنا كلعبة القط والفار، فهم يهدمون هذا الكشك ونحن نبنيه ولا زالت الحالة كذلك، الى جانب اعتقاله هو وأبنائه اكثر من مرة، حيث كان ضباط الحكم العسكري يحاولون مساومته ما بين بقائه في السجن أو ترك أرضه، وكان الجواب دوما بالرفض القاطع حتى لو تم قطع رقبته".
كما كان الشيخ يؤكد مرارا وتكرارا أمام زواره مفتخرا كثيرا بصموده -أن أرضه ومكان سكنه أغلى من روحه وروح أبنائه وأحفاده، وسيبقى هناك حتى يدفن فيها، وهذا ما حصل مع اثنين من ابنائه اللذين توفيا قبل عدة سنوات، وقد دفنهما في الأرض.

Total time: 0.057