أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

عبدالله المغربي في قصته مع زميله: يستشهدون بالغارات ويموتون في الوطن من انعدام الدولارات ..!

- عبدالله المغربي
التقيت بصديقٍ لي لم نلتقي منذ فترة ..
يعمل مع والدة في محلٍ تجاري ..
"تاجر جملة" ليس بالكبير ولا بالبسيط ..
.
صاحب رأس مالٍ لا بأس به ..
كيف حالك ..؟!!
غبت ولم نعد نراك لكننا نقرأ ونسمع عنك ..؟!!
الحمد لله يا غالي ..
حال الدنيا مثلما اختفيت انت واختفى غيرنا من الزملاء ..
.
سألني عن الاوضاع ..؟!!
أجبته بأنها كما يرى .. لا يمكن لأحدهم ان يتنبئ بما يمكن حدوثه اليوم ولا في المستقبل .. تستطيع ان تتاكد اننا في أردئ الاوضاع التي يمكن لك ان تتخيل العيش فيها وما يجعلها كذلك اننا نعيش ونمضي ونبني ونطمح والقادم مجهول في ظل سياسة خونة وطن ومرتزقة عدوان وبوجود ساسةٍ منبطحون وأحزابٌ وجماعات ذات طابعٍ ديني مؤدلجٍ ومبرمجٍ تحمل أفكارا متحجرة واعتقادات متطرفة ..
.
ثم سألته عن حالة وجديد اخباره ..؟!!
فأخذ نفساً عميقاً وعيناه مغمضتان وبعد انتهاء شهقته زفر زفرةً كأنها القاضية عليه .. حاولت تهدءته ، يا رجل صَل ع النبي وآله .. الدنيا بما فيها لا تستحق ان تحمل كل هذا الهم وتجثم به على نفسك ..
إستجمع قواه ومن شدت ما به من الهم نسى الصلاة على محمد وآله .. ومضى يشكوا وكل كلمة تخرج غصة حزنٍ مؤكدة وألمٌ يكاد يُفجر قفص صدرة وقلبه ..
.
يا اخي وكأن غضب الاله وسخط الواحد الاحد قد حل بِنَا وكُتِب علينا .. اليوم التجار يتواصلون فيما بينهم وسعر الصرف ٣٠٥ ريالات يمني لكل دولارٍ واحد ..
.
البضائع ارتفع سعرها ونقل زادت تكاليفه وأجره العمال حتماً سيزيد مع الزيادة التي سيلحظها القاصي والداني في كل شيء ..
.
المواد الغذائية والادوية والقمح والأرز والسكر وتكاليف العلاج وتذاكر السفر والمستحقات الضريبية وإيجارات المخازن والمحلات وكل شيء يمكن ان تسعفك ذاكرتك لتتذكرة سيزداد سعره ويرتفع ثمنه ..
.
وكأن أهآته وهمه فيروس إنفلونزا سرعان ما أصبت به وعدوا سرعان ما ظهرت علاماتها عليا ..
.
هممت بإن أخفف من الهم لكني تذكرت حال الجندي محدود الراتب وموظف الشركة الخاصة الذي توقف عن العمل وعامل البناء الذي لم يعد يجد قوت يومه وملايين اعفاء شرفاء قوتهم الشموخ وزادهم العزة وسكنهم القناعة والرضى .. لا يسألون أحداً ولا ينتظرون الرحمة من احد .. ليس لديهم سوى ما كان ربنا كاتبه لهم ..
.
وحين وددت إنهاء مأساة نعيشها وحال شعبٍ كل الفجار يقفون اليوم ضدة ..
.
مرت سيارة احدهم مسرعةً من أمامنا لم نرى ممن في مقدمتها شيئا لكن رؤوس البنادق التي يحملها مراهقون مهووسون بما يفعلون هو ما رأيناه .. 
.
ابتسمت وقلت لزميلي لا عليك : لا تقلق ما دام الشعب في يد هؤلاء ولا تخف فلن يُصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا .. فقط تأمل لحالهم وستعرف مستوى إدارتهم وخبرتهم وستدرك حينها سبب كل شيء ..
.
يقول احد الحكماء من اجدادنا : "من يصرف من غير ما يحسب يفقر من غير ما (يدرى) بمعنى يعرف .. 
.
وهؤلاء يصرفون مليارات الريالات في اعلام ولوحات وملايين الريالات في صورٍ وشعارات .. تعيينات وترقيات .. صرفيات وتغييرات .. إقصاءٌ وتهميش وإدارة ما فيش ..؟!!
.
جميعهم قادة وكلهم مشرفون وكل منتميٍ اليهم رأسٌ لوحدة ..
.
ليس لديهم مشروع دولة ولا يملكون خبرة ادارة ومنقرضٌ عندهم فكر الساسة وكل من يعارضهم متهمٌ بالعمالة ..
.
الشعب يموت وأبناءه يشرد ابناءه ومرتزقة فيه يسحل اليمنيين بالبطاقة وزمرة تقاتل طغمة وطغمةً تثأر من زمرة .. أنظمة داعمة ودويلات ممولة والمرتزقة يتقاتلون والأبرياء يطاردون ومدنيين مشردون ومن دورهم البعض يهربون ومن الموت يفرون وبعضهم لا زال يؤكد ان كلة كلمة تقال شقٌ لصفٍ لا ندري اين هو .. وتمزيقٌ لنسيجٍ اجتماعيٍ احرقه المتقاتلون على السلطة .. 
.
افلا يستفز صاحب الصف المعوج والنسيج الممزق والروح المبعثرة واللُحمة التي لم يعد يذكره الا بعض الكبار فينا ..؟!!
.
صفٌ ليس فيه سوى قلة من ناهبي أموالٍ عامة ..
صفٌ به لجنة الجنون وثورة التلف والضمور  ..
صفٌ ليس به حاجة مواطن ولا يحافظ على وحدة شعبٍ وبلد ويضطهد كل من يحاول ان يعترض او يجادل ..
.
وحدة وطن مُزقت وشعبٍ أُتلِفت وتُتلف في كل يومٍ وحدته - حين تعدد فكرة وكثرت جماعات الدين به .. وتشتت شملها وأُضيع وعيٌ وطني لم نعد نجده سوى في القليل والقليل جداً بيننا ..
.
ما الذي تبقى لنا ولكل ابناء شعبنا ليُحذرنا المستفيدون وبعض المغرر بهم من ان لا نفعله او نقوله بحجة الحفاظ على الصف الذي لا نجده وكذا لأننا نمر بهذا العدوان الذي كان المتشددون بيننا هم من تسبب بذلك علينا ..؟!!
.
البيت دُمِرت والممتلكات فُقِدت والأرواح اُستشهِدت والآلاف من الجروح الغائرات نزفت .. الحياة تعطلت والمصالح العامة فُقِدت والمصانع نُسِفت وكل المشاريع في وطننا كانت مشيداتٍ بطائرات المعتدين قُصِفت ..
.
واليوم يطّلع علينا حفنة من المتنفذين ليتلاعبوا بأقواتنا ويعبثوا بارواح الفقراء فينا ويعيثوا الفساد في بلادنا ومبررهم وحجتهم والمظلة التي يستظلون بها عدوان المعتدين الذي يُشن علينا والقصف الذي يستهدفنا..
.
 
وانتهى لقاءنا الحزين بما انتهيت به ومشينا في خطين متعاكسين كُلٌ في حال سبيله وفي رأس كل واحدٍ فينا حكاية يمكن له ان يُحدث به من يشاء ..
.
اخيراً وليس بإخر .. ليعي السلطويون فينا اليوم ان ما يتعاملون معه هي ارواحٌ أناس واقوات موظفي دولة وجنود بلد .. هي اجورٌ ومرتبات ..
آلاف الريالات كانت او ملايين الدولارات ..
هي ملك خزينة البلد وعماد حياة ابناءه ..
فلا تستهينوا بعبثكم بها وصرفياتكم المهولة منها وأمثالها ..
.
وتذكروا المقولة التي نعرفها جميعاً : قطع الرأس ولا قطع المعاش .. ولتكونوا بذلك من المحافظين على رؤوس الجنود وحياة وعيش الموظفين ليحافظ هؤلاء ومن يعولونهم على بقاء رؤوسكم كما هي .. فوق أكتافكم ..!

Total time: 0.0575