أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

لماذا لا يعلن علي محسن عن إنشاء دولة يحكمها في المناطق التي يسيطر عليها..؟

- وضاح الجليل

عصر أمس، وأنا أمر برفقة أصدقاء في أطراف ساحة التغيير، تحديداً في الشارع الذي يمتد من أمام جامعة العلوم والتكنولوجيا "كلية البنات" إلى جولة مذبح، شاهدنا طفلاً لا تدل ملامحه على أنه تجاوز الخامسة عشر من عمره، ويعاني من إعاقة تبدو واضحة في مشيته، لكنه مع ذلك يرتدي الزي العسكري للفرقة الأولى مدرع، ويحمل بندقية تبدو كصخرة سيزيف و...هي معلقة على كتفه النحيلة، بدا لي وكأنه يتلقى عقاباً بحملها. كان يتلكأ في سيره ويعدل من وضعيتها بين خطوة وأخرى، ويتحرك كأنه سيقطع بها صحراء واسعة، وعلى ملامحه آثار ألم خفي، وقسوة فادحة، لم يكن ذاهباً باتجاه شيء معلوم، يجر ساقيه مذكراً إياي بمشاهد أفلام الحروب التي يسعى فيها الجنود إلى حتفهم بخطى كأن قوة هائلة تحاول منعها من الذهاب.

كل يوم ونحن نسمع أو نتلقى شكوى عن معتقلين في هناجر وزنازين الفرقة الأولى مدرع، قوات الفرقة تتدخل في أمور هي من مهام الشرطة، لكن السيارات العسكرية التابعة للفرقة تقتل أيضاً مواطنين للاشتباه في أنهم قناصة، شارع هائل التجاري أصبح ثكنة عسكرية للفرقة، وتحول إلى زقاق مهجور يعشب فيه الموت، وتنمو رائحة الدماء، تقطعت السبل بالناس والتجار فيه فصاروا منكوبين ونازحين وفقراء بقدرة جنرال لئيم يواجه مارشالا تائهاً وزعيماً خائر القو، لكنه مع ذلك يبقى أشهر وغد أنجبته البلاد.

ظل علي محسن الأحمر طريقه إلى القصر الجمهوري بحسب تعبير أحد الأصدقاء، لكن هذا الظلال أغرقه في شارع هائل والأحياء المحيطة حتى حي القاع ليتصارع فيها مع قوات سكان منطقة السبعين ليدفع المواطنون والجنود ثمن هذا الصراع.

بدأ الجنرال العجوز بتعلم الخطابة، وتقليد غريمه اللدود، شريك الأمس، في كل شيء، يستمر في السير على ضلال الزعيم الميت سياسياً وشرعياً في طريقِ يبدو أنه تؤدي إلى الكرسي الذي ظل عنه 33 عاماً من الخراب.

حسناً.. لمَ لا يُعلن علي محسن الأحمر عن قيام دولة في المناطق التي يسيطر عليها، يسمها بأي اسم، وينشئ فيها أجهزة أمن وقضاء حتى يكون للناس في تلك المناطق جهات يلجئون إليها بدلاً عن انتظار قدوم قواته للقتل والاعتقال والإهانة؟

فكرت لو أني طالبت الرجل بالرحيل، ستقفز كلاب الحراسة باتجاهي، ولست في مزاج يسمح لي بالدفاع عن نفسي، ولذا أحاول مراوغتها بأن أطلب من سيدها أن يعلن عن دولة يحكمها بعد أن أخطأ طريقه إلى القصر الجمهوري، ولعل في هذا ما يرضي المدافعين عن حنكة وشجاعة وسماحة وبطولة واستعداد الجنرال للمثول أمام محاكم الثورة، لكنه بالتأكيد لا يرضيني، الآن أو أي وقت.

 

*من صفحته على الفيس بوك

Total time: 0.063