أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

سيناريو الحرب الخاطفة المحتملة على طهران

- محمد صالح الحربي*
بدأت سحب الحرب تموج في سماء المنطقة مع الأحداث المتسارعة والمتلاحقة، والأخبار غير المسبوقة حول سيناريوهات الحرب ومخرجاتها أو اللا حرب ومعطياتها! في كلا الاحتمالين النظام الإيراني وأذرعه السياسية والعسكرية هم الخاسر الأكبر.
 
لقد توالت الأخبار عن إرسال حشد عسكري غير مسبوق إلى المنطقة، ردا على مؤشرات رفع الجاهزية الإيرانية لشن عمليات هجومية ضد القوات والمصالح الأمريكية، ولوحظت في الأيام الماضية تصريحات المسؤولين الأمريكيين عن ورود معلومات استخباراتية عن وجود تهديدات ونوايا من قبل نظام طهران لزعزعة أمن المنطقة، وتصعيد محتمل من وكلائها وأذرعها في المنطقة.
 
الموقف السياسي والعسكري الأمريكي
 
ذكر قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط مؤخرا أن معلومات المخابرات الأمريكية تشير إلى وجود تهديد من قبل إيران، وأن تلك التهديدات لن تمنعه من إرسال حاملة طائرات عبر مضيق هرمز إذا اقتضت الحاجة. وبعدها أعلنت وزارة الدفاع الأميريكية البنتاغون عن إرسال سفينة هجومية برمائية وبطارية صواريخ باتريوت إلى الشرق الأوسط، لتعزيز قدرات حاملة طائرات تم إرسالها من أجل التصدي لتهديدات إيران. وجاء أيضا في بيان آخر أصدره البنتاغون أن هذه التعزيزات "ستنضم إلى حاملة الطائرات يو إس إس أبراهام لينكولن وقاذفة تابعة لسلاح الجو الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط"، ردا على مؤشرات رفع الجاهزية الإيرانية لشن عمليات هجومية. علما أن الولايات المتحدة حذرت من أن إيران قد تستهدف سفنا تجارية أمريكية، بما في ذلك ناقلات نفط، أثناء إبحارها عبر الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط.
 
 
وقالت الإدارة الأمريكية للملاحة البحرية في مذكرة نشرت الخميس الماضي إن احتمالات اتخاذ إيران أو وكلائها في المنطقة إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائها "تزايدت منذ بداية مايو الحالي"، موضحة أن تلك المصالح تشمل البنية التحتية لإنتاج النفط، كذلك حثت الإدارة الأمريكية للملاحة البحرية السفن التي ترفع العلم الأمريكي على التواصل مع الأسطول الخامس الذي يتولى حماية السفن التجارية في المنطقة، قبل يومين على الأقل من الإبحار عبر مضيق هرمز، كما ذكر الرئيس الأمريكي سابقا أنه لا يستبعد مواجهة عسكرية مع إيران، داعيا النظام إلى الجلوس للتفاوض على اتفاق نووي جديد. وقال ترمب في تصريحات للصحفيين "لا يمكن أن نستبعد وقوع مواجهة عسكرية مع إيران".
 
 
الموقف السياسي والعسكري الإيراني
 
لم يتأخر الرد الإيراني على تصريح ترمب، حيث قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني إن طهران لن تجري محادثات مع أمريكا، مضيفا أن واشنطن "لن تجرؤ على القيام بعمل عسكري"، ولا زالت إيران تواصل التصعيد من لهجتها تجاه الولايات المتحدة التي دعت النظام في طهران إلى الجلوس على طاولة المفاوضات للتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد. إلا أن النظام الإيراني ما زال مستمرا في الوقت الراهن في إعلان التحدي عبر التصريح بأن واشنطن "لن تجرؤ على الضربة العسكرية".
 
سيناريو الحرب الخاطفة المحتمل
 
الجميع يترقب كيف سيكون سيناريو الحملة العسكرية على إيران! إنه السلاح الحاسم للجيش الأمريكي (الضربات الاستباقية pre-emptive strikes) (الردع والإحباط).
 
الضربات الاستباقية
 
الضربة الاستباقية عبارة عن هجوم مضاد مسبق أو رد فعل مسبق لفعل على وشك الحدوث، فهي الضربة أو الهجوم الذي يشن بناء على معلومات مؤكدة بأن هجوم العدو أصبح وشيكا، وتوجه بغرض إحباط وإفشال نوايا وتجهيزات العدو للقيام بالعملية الهجومية. وهي ضربات ضد قوات الجانب الآخر التي تستعد للهجوم أو القيام بأعمال عدائية خطرة، بمعنى أنها توجه أساسا ضد قوات عدو بدأ التحضير استعدادا لعملية هجومية.
 
هدف الضربة الاستباقية
 
1 - إحباط هجوم أو (رد فعل) العدو:
 
يتم فيها تدمير التجميع الهجومي أو الدفاعي المعادي أو جزء منه وإحداث نسبة خسائر تجعله غير قادر على شن الهجوم لفترة أو إلغاء العملية الهجومية وفقدان المبادأة.
 
2 - تأخير هجوم أو (رد فعل) العدو:
 
يتم فيها توجيه الضربة إلى تجميعات العدو الرئيسية التي تستعد للهجوم أو الدفاع، وإنزال أكبر خسائر لكسب الوقت لتنظيم الدفاع أو إجراء التعبئة والفتح للتحول للعملية الهجومية.
 
3 - تحسين الموقف التعبوي والعملياتي:
 
يتحقق ذلك بالاستيلاء على خطوط أو مناطق مناسبة من الأراضي التي يحتلها الجانب الآخر، ووضع الجانب المدافع في موقف أكثر مناسبة لإدارة أعمال القتال.
 
 
 
ما هي الحالة الموجبة للضربات الاستباقية؟
 
إذا تأكدت الدولة أن الجانب الآخر ينوي القيام بعمل تعرضي، وإذا كان هناك أكثر من دولة، فإنها تبدأ بضرب أكثر الدول خطورة عليها. عادة تشن بواسطة القوات الجوية، وذلك إلى حين استكمال تعبئة باقي القوات وتحويلها للهجوم الشامل.
 
ظروف شن الضربة المسبقة:
 
تتأثر ظروف شن الضربة المسبقة باعتبارات عدة، منها الدولي والإقليمي والمحلي، ويمكن حصرها في الآتي:
 
1 - الموقف السياسي الدولي والمحلي:
 
يجب أن يهيأ الرأي العام على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي لتقبل الضربة المسبقة، وذلك بعمل خطة تأمين إعلامي شاملة تهدف لكشف نوايا الجانب الآخر العدوانية وحتمية شن الضربة المسبقة لإحباط نوايا الجانب الآخر الهجومية.
 
2 - اكتشاف نوايا الجانب الآخر الهجومية:
 
يعد هذا العامل هاما بالنسبة لشن الضربة المسبقة التي يرتبط شنها باستعدادات العدو الهجومية، ويجري اكتشاف نوايا الجانب الآخر الهجومية من خلال أجهزة المخابرات وعناصر الاستطلاع.
 
3 - الوقت من السنة وظروف الطقس:
 
يتأثر الوقت المناسب لشن الضربة المسبقة بالأحوال الجوية بالنسبة للقوات التي تشترك في الضربة، خاصة تأثير الأحوال الجوية على عمل القوات الجوية، حيث إنها تعد أهم مكونات الضربة المسبقة.
 
4 - إمكانية تحقيق السيطرة الجوية:
 
إذا أمكن للجانب الذي يستعد لشن الضربة المسبقة تحقيق السيطرة الجوية يمكن في هذه الحالة شن الضربة نهارا، وفي حالة عدم إمكانية تحقيق السيطرة الجوية يفضل استغلال الليل لشن الضربة المسبقة، وتوجه ضد عناصر الدفاع الجوي والقواعد الجوية ومراكز القيادة والسيطرة والتجميعات الرئيسية للقوات التي تستعد للهجوم.
 
5 - تشن الضربة المسبقة لإحراز المبادأة، بحجة أن الحرب أصبحت حتمية من الجانب الآخر، ولذلك يجب منعه من الحصول على مكاسب قد ينالها إذا تمكن من بدء العملية الهجومية، بمعنى آخر هي تشن على اعتقاد أن الصراع المسلح أصبح حتميا وأن أي تأخير قد يتضمن مخاطر أكبر.
 
التوقيت
 
بعد اكتشاف نوايا الجانب الآخر الهجومية، وبالتالي تسبب الضربة المسبقة إرباكا لعملية إعادة التجميع لقوات الجانب الآخر، وكذا إرباك سيطرته على قواته، وبالتالي تكبيده خسائر مؤثرة على قدراته لبدء العملية الهجومية.
 
عمق الضربة المسبقة:
 
تشن الضربة المسبقة في حدود العمق التكتيكي للجانب الآخر، بهدف تدمير أجزاء من التجميع للقوات التي تستعد للهجوم، وفي بعض الحالات قد تصل إلى العمق التعبوي، ويتأثر العمق الذي تصل إليه القوات البرية القائمة بشن الضربة بالآتي:
 
1 - نوعية وحجم القوات والوسائل المتيسرة لتوجيه الضربة المسبقة، وطبيعة وعمق الهدف.
 
2 - طبيعة الأرض ومدى تجهيز مسرح العمليات وتوفير القواعد الجوية والمبادأة التي توفر عمقا لعمل القوات الجوية.
 
3 - طبيعة دفاعات الجانب الآخر وتجهيزاته الهندسية في المنطقة الابتدائية للهجوم، وحجم قواته التي ستواجه الضربة، وتوفير الاحتياطيات واحتمالات تدخلها.
 
4 - التهديدات المحتملة في باقي الاتجاهات الاستراتيجية.
 
5 - الميول السياسية للسكان المحليين ومدى ولائهم للدولة القائمة بشن الضربة.
 
يجب أن تدار عملية شن الضربة المسبقة بمهارة بحيث يتحقق الآتي:
 
1 تحقيق المفاجأة.
 
2 السيطرة المستمرة والحازمة على القوات.
 
3 المحافظة على التعاون المستمر أثناء تنفيذ الضربة.
 
4 استغلال نتائج الضربة ومواجهة المواقف الطارئة.
 
أهم نتائج الضربة المسبقة:
 
1 - انتزاع المبادأة من المهاجم والتأثير على سير الأحداث لصالح المدافع.
 
2- إحباط نوايا الجانب الآخر الهجومية.
 
3 - إمكانية استغلال نجاح الضربة المسبقة بالتحول للعملية الهجومية طبقا لمتطلبات الموقف.
 
4 - إزالة الأخطار عن الأهداف الحيوية للدولة وتوفير الوقاية للقوات من العدو الجوي، بتدمير القوة الجوية الرئيسية للعدو خلال المرحلة الأولى للقتال، وتحقيق السيطرة الجوية وحسم القتال في أقل وقت ممكن وبأقل التكاليف المادية والبشرية.
 
أخيرا نستطيع القول إن جميع المؤشرات تظهر أنهم سيخضعون للإملاءات الأمريكية الجادة، كرها وطوعا، سلما أو حربا، وستتهاوى أذرعهم العسكرية والسياسية في الخارج، وسيعيدون بناء علاقاتهم الدولية والعودة إلى نقطة الصفر، بعدما وصل الاقتصاد الإيراني إلى مرحلة الركود والانكماش (6% هذا العام)، والتضخم إلى 50% متراجعا خلف الاقتصاد الفنزويلي والزيمبابويي. وهي الدولة التي على الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم، ورابع احتياطي عالمي من النفط الخام، إلا أن اقتصادها هش (هو من بين الأضعف عالميا) مقارنة بعدد السكان!
 
 
* نقلا عن صحيفة مكة

Total time: 0.0682