يرى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أنه “لا توجد مؤشرات حقيقية على أن الأسوأ في اليمن قد مضى”، إلا أنه يعتقد أن البلاد التي تكافح من أجل إنجاح المرحلة الانتقالية الصعبة، على الطريق الصحيح . وكان بن عمر قال عشية الانتخابات التاريخية التي أنهت عهد الرئيس علي عبدالله صالح في فبراير/ شباط، أن الاستحقاق هو بداية طريق صعب ولكن “هناك أمل” . وأمس الأربعاء رأى ابن عمر في مقابلة مع وكالة فرانس برس في صنعاء أن التحديات مازالت كثيرة وإنما “لا توجد مؤشرات تدل على أن الأسوأ بات خلفنا وأن اليمن قد طوى الصفحة فعلاً” .
وما زالت المجموعات المسلحة تجوب شوارع العاصمة صنعاء، ويحمل أفرادها رشاشات الكلاشينكوف على أكتافهم . وبالرغم من إزالة القسم الأكبر من الحواجز الترابية والاسمنتية التي كانت تقطع أوصال صنعاء، قال ابن عمر إن المسلحين انتقلوا “إلى الشوارع الفرعية وخزنوا المتفجرات في المباني” . وأشار المبعوث الذي أشرف على اتفاق انتقال السلطة في اليمن إلى أن “الخروج عن القانون والجريمة يسيطران على أجزاء من البلاد”، وذلك ليس فقط في المحافظات الجنوبية والشرقية حيث تتمتع القاعدة بنفوذ كبير، بل أيضاً في بعض المناطق في صنعاء والمدن القريبة منها .
وفي العاصمة، يبدو عدد الشرطيين على الطرقات قليلاً وتفصل بينهم مسافات واسعة نسبياً . الإشارات المرورية لا تعمل والشوارع تملؤها القمامة . المحاكم معطلة بسبب إضراب مستمر منذ ثلاثة أشهر، الأمر الذي يشل عمل النظام القضائي بشكل واسع . وتتعرض شبكات الكهرباء وأنابيب النفط والغاز بشكل مستمر للهجمات ما يعطل الإمدادات إلى صنعاء وباقي المدن الكبرى .
وحذر ابن عمر من أن اليمنيين سيبدأون ب”إعادة النظر في شرعية ومصداقية الحكومة” ما لم تحقق الحكومة تقدماً ملموساً في تقديم الخدمات الرئيسة للمواطنين في اسرع وقت، خصوصاً في ظل تفاقم الوضع الإنساني في البلاد .
وتطلق الإحصاءات الأخيرة للأمم المتحدة جرس الإنذار إزاء الوضع الإنساني في اليمن إذ تشير هذه الأرقام إلى أن عشرة ملايين يمني يعانون فقدان الأمن الغذائي، وأن سبعة ملايين يمني يعانون “فقدان حاد للأمن الغذائي” بحسب ابن عمر الذي أشار أيضاً إلى أن 700 ألف طفل يمني قد يموتون بسبب سوء التغذية لو لم يتم تحقيق خطوات جادة في مجال الغذاء . ويجوب أطفال حفاة شوارع صنعاء فيما يصطف رجال في سن الشباب أو في منتصف العمر على قارعة الطريق يخزنون القات دون عمل، في مشهد يذكر بالفقر الذي يطال غالبية سكان هذا البلد والبطالة الكبيرة أيضاً .
وما زالت المباني التي دمرت خلال المعارك في صنعاء بين المجموعات القبلية والعسكرية المتخاصمة مهشمة والمحال التجارية في أسفلها مغلقة، كما أن الأشخاص الذين هجروا منازلهم المدمرة لم يرجعوا بعد إليها . ورأى ابن عمر أن الناس “يعانون أزمة معيشية خانقة” في ظل وضع أمني صعب وغياب مؤشرات لأي انتعاش اقتصادي .
ويكافح الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي مع حكومة الوفاق الوطني من أجل مواجهة التحديات، فيما توجه اتهامات لمعسكر صالح ب”تخريب” المرحلة الانتقالية . وقام بعض المسؤولين العسكريين المحسوبين على صالح بالتمرد على قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي بإقالتهم من مناصبهم، وأبرزهم كان أحمد الأخ غير الشقيق لصالح، إلا أنه رضخ في النهاية لقرار إقالته من قيادة القوات الجوية تحت وطأة الضغوط الاقليمية والدولية . إلا أن نجل صالح، علي، ما زال على رأس الحرس الجمهوري وأبناء اخوته ما زالوا يسيطرون على مناصب عسكرية وأمنية رفيعة . وقال ابن عمر “الوضع لا يزال هشاً ومعقداً” .