قذف عم محمود بالجريدة من يده, وطار فرحا وهو يصيح: وجدتها وجدتها, وطاف على أهل القرية يطرق الأبواب بابا بابا, يبشر أهلها بالخلاص من الحمار والاستبداد والتخلف, واجتمع أهل القرية يستمعون لعم محمود.
إن إحدى الشركات الأجنبية تقدمت بعرض لاستيراد حمير قريتنا لأن التجارب أثبتت أنها أحسن حمير في العالم وأنهم سوف يستخلصون من جلودها بعض المواد الفعالة غير الموجودة في كثير من حمير العالم.
فهاج الناس وماجوا: الله أكبر .. فرج الله قريبا..
فخاطبهم عم محمود قائلا : مهلا أيها الناس .. المسألة ليست بهذه البساطة, فرج الله لا يأتي للكسالى والتنابلة .. تعلمون أن الحمار استعان بالكثير من الحمير لتدبير شئون القرية ويجب التخلص منهم جميعا . حتى وإن استوردت الشركة كل حمير قريتنا فهذا لا يكفي.
فتعجب أهل القرية: لماذا؟!
إن الحمير استولوا على كل القرى من حولنا ولم تعد هناك قرية واحدة في منطقتنا غير خاضعة للحمير, وإذا تخلصنا من حمير قريتنا فسيتأمر علينا الحمير في منطقتنا لأنه بتخلصنا من حمير قريتنا سنتخلص من الاستبداد والتخلف وننعم بالحرية والحضارة والتقدم, وتبقى قراهم على حالها من التخلف فينفضح أمرهم ويظهر عجزهم. لذلك سيتآمرون لعودة الحمار.
فصاح أهل القرية: وما الحل؟ ماذا تريد أن نفعل؟
الحل أن نتخلص من كل حمير المنطقة, والشركة المستوردة للحمير لن تستطيع أن تشتري كل الحمير. لذلك وعملا علي تشجيع التصدير قمت ببيع قيراط من أرضي وتبرعت بثمنها لتصدير أول حمار. فمن يتبرع بثمن الحمار الثاني؟
وواصل الحديث: يجب عليكم جميعا أن تتبرعوا بالغالي والنفيس من أجل الخلاص من كل الحمير في كل القري في كل منطقتنا.
تلعثم أهل القرية, هذا يقول إن عندي بنت أريد تجهيزها وينصرف, وأخر يقول عندي عيال في المدارس أريد تعليمهم وينصرف و... و... .
وأنصرف أهل القرية جميعا, وتركوا عم محمود بمفردة, فانقض عليه العسكر وأودعوه السجن.
قبع عم محمود في سجنه حزينا, لا على حاله الذي وصل إليه كما يظن الكثير, ولكن لأنه أيقن أن الحمار باق باق.