*إغلاق أبواب السفارة السعودية في وجه اليمنيين منذ أبريل الماضي يطرق اليوم باب القلب والضمير، فالموضوع طال واستطال والدبلوماسية اليمنية اكتفت قبل أيام بتصريح لأحد مسؤوليها ربط موضوع إعادة العمل في السفارة بموضوع الدبلوماسي السعودي في قنصلية عدن الذي اختطفته القاعدة في أواخر مارس من هذا العام.
*تصريح المسؤول بالخارجية اليمنية، جاء بعد الهمس المستنكر الذي بدأ يتعالى في أوساط المواطنين اليمنيين، والأعجب في التصريح أنه ظهر وكأنه تصريح للخارجية السعودية، وكأن المصرح مقتنع أيضاً بالمبرر الذي يسوقه للرأي العام، لم يقل إن المفاوضات جارية لإعادة السفير وفتح السفارة، ولا قال قريباً سنتوصل إلى حل، طيب حتى متى؟!
*حين أغلقت السعودية سفارتها في القاهرة في إبريل الماضي وسحبت سفيرها ثارت ثائرة السياسيين المصريين وشكلوا وفداً شعبياً وبرلمانياً توجه إلى المملكة وخلال ساعات عاد سعادة السفير إلى القاهرة، معلناً عن استثمارات جديدة للمملكة في مصر بملايين الدولارات، لا أحد من النخب السياسية لدينا أعار الموضوع أي اهتمام، بعض النواب في جلسة يتيمة تطرق للموضوع على استحياء، ثم التصريح الأعجوبة لمسؤول الخارجية اليمنية!
* بالمنطق والعقل، هل يرضى السعوديون أن يتحول لقب مليكهم من خادم الحرمين إلى مانع الحرمين؟ وهل على اليمنيين جميعاً أن يدفعوا ثمن اختطاف الدبلوماسي السعودي على يد تنظيم إرهابي عالمي لم يستثن اليمنيين من قتل وخطف؟ هل كل الشعب اليمني هو القاعدة؟ هل كل اليمنيين إرهابيون؟ هل سيقول أعضاء تنظيم القاعدة والله عيب وحرام، ضروري نطلق نائب القنصل من أجل أن تفتح السفارة في صنعاء! المسألة منطقية ونتمنى على الخارجية السعودية أن تراعي في اليمنيين الله والرحم والجوار!
*الآلاف من اليمنيين فقدوا مصالحهم لأن سفارة الشقيقة الكبرى مغلقة، والله كلهم زعلانيين على الحامدي بما فيهم مرتزقة اللجنة الخاصة! ولا يشرفنا الإرهاب ولا ننتمي إليه، بل إن ثقافة التطرف برمتها وافدة علينا ولم تكن وليدة البيئة اليمنية، ويعرف القاصي والداني من أين هبطت على العالم كقضاء مستعجل وما هي البيئة التي احتضنتها وربتها؟ ثم إننا أمام تنظيم يؤرق العالم برمته، تخوض معه السلطات حرباً مفتوحة، دحرته من مدن أبين وشبوة، ضحايا الحرب بالآلاف، قتلى، جرحى، مشردين، ما الذي بالإمكان أن نفعله أكثر حتى يطيب خاطر الأشقاء والأصدقاء!
*قبل أشهر لا أحصي عددها كشف الأمريكيون عن مخطط لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة، لم تغلق السفارة السعودية أبوابها في بلاد "الشرطي العالمي"، وقتل دبلوماسي سعودي في الباكستان وآخر في بنغلادش، لم أسمع أن الأشقاء في الرياض حكموا بأي عقوبة جماعية على شعبي الباكستان والبنغال، هل اليمنيون على دين آخر، أو هبطوا من كوكب زحل، أو أبوهم ليس آدم!! شيء يستعصي على الفهم بجد!
*المخاوف الأمنية والتهديدات التي تلقتها السفارة ليست مبرراً، فبقدر معقول من الاحتياطات الأمنية سيكون السفير آمناً والسفارة مطمئنة إلا أن يشاء الله، ويمكن القياس على سفراء العالم الآخرين من كل حدب وصوب، السيد جيرالد يتجول في صنعاء بكل أريحية، وكفتى طائش في فيلم هليوودي يطير إلى زنجبار في حين لايزال آخر مسلح إرهابي ينظف بندقيته على أطرافها، وكذلك سفراء الاتحاد الأوروبي والهند والسند والجن والإنس، هل الخطر فقط محدق بسفير المملكة وسفارتها!
* يا خادم الحرمين بلغت السخرية من اليمنيين ـ حسب ما تناقلته المواقع الإليكترونية ـ أن إيران تعرض عليهم أن يحجوا إلى "قم" مدينة الملالي، بل وبدأ ظرفاء اليمنيين ينادون بإعادة بناء كعبة أبرهة الحبشي في صنعاء، فيما يناقش آخرون وجاهة طرح القذافي بجعل مكة والمدينة تحت إدارة إسلامية مستقلة، لاعلاقة لها بالمملكة على غرار الفاتيكان في إيطاليا، وبدأ بعض الأتقياء يطرحون أسئلة من قبيل هل الحج والعمرة بالتهريب حلال أو حرام!
*إن كانت المخاوف بهذا الشكل الذي يؤرق الخارجية السعودية أرى أن تلغى التأشيرة على اليمنيين، وتمنح في المنافذ السعودية والمطارات، أو يرسلوا لنا ختم السفارة ويوظفوا خمسة يمنيين أو هنود يقوموا بالأعمال، أو يخصصوا لليمنيين الراغبين بدخول السعودية جهاز فاكس في الرياض وآخر في بيت وزير الخارجية اليمني، أو يعتمدوا التأشيرة بالفيس بوك.
* المهم ألا يستمر إغلاق السفارة في وجه المعتمر والحاج والزائر والتاجر والمريض فهو أمر لا يرضاه الله ولا رسوله ولا القرابة، وإن كان الأشقاء السعوديون يريدون أن ينفعوا اليمنيين بجد فليمنعوا التأشيرة نهائياً على مراكز القوى اليمنية من عتاولة الارتزاق والتسول ولهم منا خالص الدعاء