أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

كرستينا تريد حلا

- ممدوح أحمد فؤاد حسين

 

(1)      الفتاوى الخطأ أم العقائد الفاسدة؟

يعمد بعض المتربصين بالإسلام إلى رصد بعض الفتاوي الخطأ أو المختلف عليها مثل فتوى ارضاع الكبير وتحليل المحلل وحديث الذبابة و... و .... إلخ ويتندرون بقولهم :

هل ارضعت زوجتك اليوم البواب خمس رضعات مشبعات؟

هل غمست الذبابة اليوم في الشاي واخرجتها وشربت الشاي؟

هل طلقت زوجتك من قبل ونكحها المحلل لتعود اليك؟

هل قبلت الوثن وشربت من البركة ورجمت الشيطان بالطوب فقتلت اخاك المسلم بدلا من الشيطان؟

لن أرد عليهم باسلوب (لا تعيرني ولا أعيرك الهم طايلني وطايلك) لأن في ذلك إقرار بصحة كلامهم, وطعن في الأديان وهذا لا يخدم غير العلمانيين والملاحدة, وهذا ما لا أريده. وإن كنت سأتمم هذا المقال بذكر أحد الأمثلة في تشريعات رجال دينهم التي لا تتفق مع العقل والمنطق والفطرة الإنسانية السليمة, ومع ذلك فهم خاضعون لها, مجمعون عليها, منذ أكثر من الفين عاما, لا يستطيعون إنكارها أو عدم العمل بها, وإلا خرجوا من دينهم لأنهم يقدسون رجال دينهم كما يقدسون الإنجيل كلام ربهم يسوع كما يقولون !!! وسيكون هذا المثال في أسلوب قصصي تحت عنوان (كرستينا تريد حلا).

ولن أتولى الرد وبيان صحة أو خطأ ما أثاروا من قضايا لأن هناك علماء أكابر أجابوا عليها من قبل, ولأنني أقر أن هناك فعلا فتاوي خطأ وقع فيها بعض علماء الإسلام لأنهم غير معصومين ولا قداسة لهم, ولأن الغرض من هذا المقال هو بيان الفرق بين تعامل المسلم مع فتاوي العلماء وإذعان غير المسلم لكلام رجال دينهم.

الحق أن الفتاوي الخطأ والغريبة ليست مشكلة للمسلم لأن المسلم حر, يقيس الفتوي بميزان الشرع والعقل فإن وافقت الشرع والعقل عمل بها, أما إذا لم توافق الشرع والعقل فهو يرفضها ولا يعمل بها, وإن خرجت من أكبر علماء عصره, والمهم أن رفضه لها وعدم التزامه بها لا ينقص من إسلامه شئ ولا يخرجه من الإسلام.

المشكلة في المتربصين للإسلام والمسلمين  فهم يساوون بين كلام رجال دينهم وكلام الله سبحانه وتعالى بالمفهوم الإسلامي أو بكلام ربهم يسوع بمفهوم المتربصين بالإسلام فكلاهما يتساوى في القداسة!!.

ولتوضيح ذلك: أنهم يسمون الإنجيل – كلام الله بغض النظر عن تحريفه أم عدمه – بالكتاب المقدس وهم محقون في ذلك ما داموا غير مؤمنين بتحريفه, ثم بعد ذلك يرفعون كلام رجال دينهم إلي مقام كلام ربهم يسوع فيقولون قداسة البابا, والمجمع المقدس, والتاريخ المقدس, وهم بذلك يجعلون لله – حسب المعتقد الإسلامي – أو لربهم يسوع حسب معتقدهم – ندا ويساوون كلام البشر بكلام ربهم!!! وهذا نوع من أنواع الشرك.

وهم بذلك ليسوا كالمسلمين أحرار في العمل بفتاوي علمائهم, بل هم مجبرين علي الالتزام بكلام رجال دينهم لأنها أحكام تتساوي مع كلام ربهم في أنها مقدسة!!

أنا كمسلم أستطيع أن أرفض فتوي أي عالم ما دام لي سندي من الكتاب والسنة, أم غير المسلم فإن رفض كلام البابا أو المجمع المقدس فهو خارج الملة وإن كان من رجال دينهم يتم شلحه.

المسلم حر, حر الفكر, له عقل يحكم به على الفتاوي أما غير المسلم فخاضع, يعتقد في قداسة كل ما هو متعلق برجال الدين لذلك قال البابا أنه سيعيد برمجة عقولهم.

عقولهم مبرمجة أما عقل المسلم فعقل مفكر.

وهذا هو الفرق الحقيقي والجوهري بين المسلم وغير المسلم, وبين أخطاء علماء ومشايخ الإسلام التي تنسب لهم لا إلى الإسلام, أما أخطاء رجال دينهم فتنسب للدين نفسه لأنهم مقدسون!!!.

(2)      كرستينا تريد حلا

منذ أكثر من ألفين عاما عاشت كرستينا وجرجس علي ضفاف النيل, يتمتعون بحياة أسرية سعيدة, ورزق وفير, ومنظر النيل الخلاب.

في صباح أحد الأيام خرج عم جرجس إلي السوق ليبيع بعض من ماشيته وأغنامه أو هكذا قال لكرستينا, وذهبت هي إلي الحقل ترعى الزرع وتقطف الثمار, في منتصف النهار شعرت كرستينا بالتعب وأصبحت غير قادرة على البقاء في الحقل حتي غروب الشمس كما أعتادت. فعادت مبكرة إلى منزلها. وليتها ما عادت .

وجدت زوجها يرتدي ملابسها ويتزين بزينتها التي تتزين وتتجمل له بها ووجدت معه جاره وصديقة, ورأيته يتدلل ويتمنع ويتدلع يرجوه أن يفعل به ما يفعل هو بها!!!

سقطت كرستينا من هول المفاجأة, وغابت في غيبوبة طويلة, وما إن فاقت من غيبوبتها إلا وهرعت إلى الكنيسة تقص عليها قصتها وتطلب الطلاق, وعلى كرسي الاعتراف اعترف جرجس بما فعل, وأقر أنه لا يستطيع الاستغناء عن جاره وصديقه!!!.

كانت الصدمة الثانية لكرستينا (لا طلاق إلا لعلة الزنا)

صرخت كرستينا : كيف أتعامل معه علي أنه رجل ؟ كيف أعطية حقوقه كرجل؟ كيف أخذ منه حقوقي كأمرأة؟ وعشرات وعشرات الأسئلة.. والإجابة واحدة (لا طلاق إلا لعلة الزنا)

وعادت إلى منزلها ذليلة مكسورة الخاطر, وخلع عم جرجس وعشيقه برقع الحياء فقد أنكشف الأمر وأصبحا يفعلان علنا ما كان يخفيانه .

لم تعد كرستينا تعرف أهي تعيش في منزل زوجية أم في ماخور؟.

فهامت في الصحراء منذ ألفين عاما , وما زالت هائمة تبحث عن حل فلا تجد إلا عيونا عميا وأذانا صما وقلوبا غلفا.

 

Ma_elshamy@hotmail.com

 

Total time: 0.042