اخبار الساعة - عبد الكريم الحزمي
وسبب اعتقال أبو العظام، البالغ من العمر 33 سنة، هو اشتباه قوي يرقى إلى مستوى التهمة في أنه الرجل الذي دب الذعر طوال 3 أشهر مضت في 3 ولايات أمريكية ارتكب فيها على مراحل 20 جريمة دموية استهدفت أمريكيين أبرياء، لا يعرفهم ولا يعرفونه، ومعظمهم من السود.
وفي السيناريو المستمد من بيانات الشرطة وما ورد في بعض وسائل الإعلام الأميركية اليوم أن أبو العظام اختار ولايات ميتشيغن وفرجينيا وأوهايو كمسارح لسلسة جرائم قام بمعظمها في الشوارع والمنعطفات مسببا الذعر الفعلي، لذلك كانت الشرطة تجهد وتسعى لتعثر عليه إلى أن وقع في قبضتها، وهو اعتقال حمل قائد شرطة فرجينيا، جوزف برايس، على القول في مؤتمر صحافي له أمس: "أنا اليوم أسعد بكثير مما كنت عليه قبل 3 أو 4 أيام".
واعتاد أبو العظام أن يرتكب جرائمه بطريقة خاصة ابتكرها، فقد كان يطلب من أي شخص يراه مارا مثله في الليل بشارع مقفر مساعدة ما، كأن يسأله مثلا أين يقع الشارع الفلاني أو شيء من هذا القبيل، وعندما كان المار يلبي طلبه ويدير ظهره ماشيا في سبيله، فإن أبو العظام كان يسرع بسحب سكين يخفيه عادة بين ملابسه ثم يهاجمه من الخلف مسددا ما تيسر من الطعنات حتى يراه مضرجا بالدم أمامه، ومن بعدها يلوذ فارا وسط العتمة بكل دم بارد، وهكذا بكل بساطة.
"لا يمكن أن يرتكب جريمة فقد كان من ألطف الناس"
ولم يكن أبو العظام يصر على القتل كما يبدو، بل الطعن ولمجرد ارتكاب اعتداء ما والتلذذ بالمشهد الدموي، والدليل أن من قتلهم كانوا 5 فقط، فيما استمر 15 ممن تعرضوا لطعناته أحياء، ومعظمهم ذكروا للمحققين أوصافه وملامح وجهه بشكل خاص، فقام فنيون من دوائر الشرطة في الولايات الثلاث برسم تقريبي لوجهه ثم وزعوا الرسم في كل الولايات المتحدة، لعل وعسى يظهر أحدهم يعرفه فيدل عليه. أما هو فلم يهتم ولا يكترث، بل تابع جرائمه كالمعتاد.
نتابع في السيناريو المستمد كما ذكرنا من بيانات الشرطة وتصريحات مسؤوليها وما ورد في وسائل إعلام أمريكية عن أبو العظام الذي اضطرت الشرطة لتوزيع صوره ونشر اسمه كوسيلة ليتعرف إليه بواسطتها من تعرضوا لاعتداءات بحيث يتصلون للتأكيد على هويته فتتحول الشبهة في حقه إلى اتهام رسمي وتنتهي بتوجيه الاتهام ملابسات غامضة عن سلسلة جرائم ارتكبها واستمرت منذ بدأ بأول اعتداء دموي في مايو (أيار) الماضي إلى الآن.
وكعادة معظم معارف المرتكبين للجرائم فقد استغرب كثيرون ممن كانت لهم معرفة بالياس أبو العظام أن يكون هو بطل 20 جريمة اعتداء دموي في 3 أشهر، ومن دون أي سبب لارتكاب أي منها، وأهمهم هي حماته السابقة، كمبرلي هيرث، بحسب ما ظهر مما قالته لبعض وسائل الإعلام الأمريكية من أن أبو العظام الذي كان متزوجا من ابنتها جيسيكا نيميتز وطلقها في 2007 بعد العيش معها 3 سنوات من دون أن يرزق منها بأولاد: "لا يمكن أن يرتكب جريمة، فقد كان من ألطف الناس" وفق تعبيرها.
كذلك أدلى بدلوه من اتصلت به "العربية.نت" عبر الهاتف، وهو الفلسطيني عبد الله فراح، مدير محل "كينغ ووتر ماركت" في مدينة فلينت بولاية ميتشيغن، حيث اشتغل أبو العظام أقل من شهر هناك ثم ترك العمل بأول أغسطس (آب) الجاري، فقد ذكر أنه "كان شابا طيبا ولطيفا ولم يشتك منه أي موظف عندنا" وفق ما نقلت محطة "فوكس ديترويت" التلفزيونية عن لسان فراح الذي حاولت "العربية.نت" مرارا التحدث إليه للحصول منه على مزيد من المعلومات، لكنه لم يكن متواجدا بالمحل في كل مرة.
كما حاولت "العربية.نت" الاتصال كذلك بشقيقة الياس أبو العظام التي تقيم في مدينة ليسبورغ بولاية فيرجينيا، لكن المحاولة باءت بالفشل أيضا، كما باءت محاولات جميع وسائل الإعلام الأمريكية التي حاولت معها ولكن من دون جدوى، لأنها مصرة على عدم التلفظ بكلمة واحدة عن الموضوع.
ومع أن شرطة فرجينيا لم توجه إلى الياس أبو العظام أي اتهام بعد، إلا أن قائدها أشار في مؤتمره الصحافي بأن لديه من الدلائل "ما يكفي لوضع هذا المخلوق في السجن لزمن طويل". وقال إن الشرطة احتجزت سيارة أبو العظام التي سبق ووصفها كثيرون ممن طعنهم بسكينه.
ومما ورد في أحد بيانات الشرطة الفرجينية نقلا عما علمته من نظيرتها الإسرائيلية أن بعض ركاب طائرة دلتا الأمريكية ذكروا حين وصولهم إلى مطار بن غوريون في تل أبيب أنهم شاهدوا أبو العظام عند باب المرور إلى حيث كانت الطائرة في مطار أطلنطا "وهو متوتر والغضب ظاهر عليه وهو يتحدث عبر هاتفه النقال إلى أحدهم، ثم انقضوا عليه فجأة وسيطروا عليه" بحسب تعبير راكب اسمه رومي شاكد.
تابع شاكد روايته وقال: "لم أسمع ما كان يقول وهو يتحدث عبر هاتفه النقال.. رأيته يغير مقعده (في صالة الانتظار) مرات ومرات، ثم رأيته يقفل الخط ليعود ويتصل بآخر مختلف، وكرر فعلته مرات وهو متوتر".
شهادة من مطعون: بارد الأعصاب يتلذذ بدم ضحاياه
وروت محطة "أي.بي.سي نيوز" التلفزيونية أن أبو العظام بدا مما ورد عنه في التحقيقات كمرتكب مفترض للجرائم أنه من النوع الذي يتلذذ بالعذابات الدموية للآخرين. ونقلت شهادة أدلى بها أحد المطعونين بالسكين واسمه ريتشارد بوكر ذكر فيها أنه خرج لتوه من "مستشفى فلينت" في ميتشيغن بعد خضوعه للعلاج فيها طوال 3 أسابيع من 16 طعنة سددها إليه الياس أبو العظام "بهمجية ووحشية في الشارع، ومن دون أن تكون بيني وبينه أي معرفة" كما قال.
وذكر بوكر، البالغ من العمر 49 سنة، أن في جسده 68 جرحا سكينيا، معظمها في بطنه وظهره وكتفيه وعنقه وأطراف يديه "وكلها كانت بسبب دفاعي عن نفسي، فقد كان يريد قطع رأسي بالسكين مع أنني أبيض.. إنه بارد الأعصاب ويتلذذ بدم ضحاياه، وأنا في حياتي كلها لم أر الموت قريبا مني كما رأيته عندما بدأ يطعنني" على حد تعبيره.
واحتكم برنامج "غود مورنينغ أميركا" التلفزيوني للمدعي العام في ميتشيغن، ديفيد ليتون، فسأله رأيه في هذا النوع من الطعانين بالسكين، فأجاب ليتون: "طبيعته عنيفة جدا على ما أعتقد. ربما كان من النوع الذي يشعر بسعادة لرؤيته الدم وهو يسيل من الآخرين وهم يتألمون، ونحن لا نعرف حقيقة كيف وبماذا يفكر هذا الرجل. نريد أن نكلمه لنعرف شخصيته وبعدها سنحدد موقفنا منه".
ووصفه مطعون آخر، ورد في التحقيقات أن اسمه جاك، فقال إن طوله هو من 5 الى 6 أقدام وبوصتين تقريبا وعمره من 29 إلى 30 سنة ووزنه من 180 إلى 210 أرطال "وكان يرتدي قبعة لاعبي البيسبول، وعندما سدد لي أول طعنة في ظهري سمعته يتأوه كمن شعر بلذة".