أخبار الساعة » الاقتصادية » عربية ودولية

انهيار العملة الايرانية ينذر ببداية انهيار النظام.. فقد اكثر من ثلث قيمته امام الدولار خلال اسبوع

الريال الإيراني فقد أكثر من ثلث قيمته أمام الدولار الأميركي خلال أسبوع (الجزيرة)
- الجزيرة

فقد الريال الإيراني أكثر من ثلث قيمته خلال أسبوع واحد نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على طهران بسبب برنامجها النووي، بينما تسعى الحكومة الإيرانية للحد من الانهيار الحاد في سعر صرفه.

فالحظر المشدد على النفط والبنك المركزي الإيرانيين، أوقف تحويل العملة الصعبة لطهران كمقابل لصادراتها النفطية وحتى غير النفطية، فضلاً عن مضاربات شديدة من قبل بعض التجار في الداخل، مما أدى لانخفاض قيمة العملة المحلية.

ويستمر تذبذب الريال دون الإعلان عن قيمة دقيقة وثابتة، وتتباين الأرقام من ساعة لأخرى بين الجهات الرسمية أو المتعاملين، حيث تراوحت قيمة الدولار الأميركي الواحد مقابل الريال بين 34 ألف ريال حتى أربعين ألفا، الأمر الذي ينبئ بتدهور شديد لهذه العملة.

صدامات وقعت بين تجار الصرافة والشرطة بسبب تدهور العملة الوطنية (الأوروبية)

تحد
وتسعى الجهات الرسمية لضبط الأمور في السوق، فبعد أن اعتقلت الشرطة بعض الصرافين غير الشرعيين في حي فردوسي للصرافة جنوبي العاصمة، وفضت تجمعات لتجار أعلنوا عن إضراب في بازار طهران، إلا أن المهمة أمامها لا تزال صعبة وطويلة كما يرى البعض في البلاد ولاسيما الأطراف الحكومية.

أحد المقربين من حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد، وهو رئيس غرفة التجارة السابق، يرى أن الوضع حالياً صعب للغاية، فالبلاد تشهد تحدياً داخلياً، وتواجه حرباً ضد الغرب، الذي يتحمل المسؤولية تجاه ما يشهده الاقتصاد الإيراني.

وقال حسن مغز إن إيران تعاني عزلة ومقاطعة دولية، والدول الغربية صعبت إيصال الدولار إلى المركزي الإيراني، في المقابل تقوم الحكومة بما تستطيع فعله لضبط السوق.

وأضاف للجزيرة نت أن الحكومة أسست لجنة تدرس الوضع الحالي، وستعمل على السيطرة على الوضع أولاً ومن ثم تحديد سعر منطقي للريال أمام الدولار، يفرض بعد ذلك على السوق.

وأشار مغز إلى أن المركزي الإيراني لديه مخزونه من الأوراق النقدية من فئة الدولار، لافتا إلى أن الأسبوع القادم سيشهد نشر كميات كبيرة منها في البنوك، ولكن الحكومة ستحاول جاهدة منع حصول المضاربين عليها، بحيث يحصل على الدولار من يحتاج إليه كالمسافرين للخارج مثلاً، وقد يكون هذا الإجراء صعباً على بعض المواطنين، إلا أن الحكومة ستغطي لاحقاً طلب السوق.

أنصاري طالب الحكومة بحلول سريعة للسيطرة على المضاربين وإعادة الهدوء إلى السوق (الجزيرة)

قلق
من جانبهم يرى خبراء الاقتصاد أن هذا التدهور للعملة المحلية كان مفاجئاً وغير محسوب النتائج، فسوق العملات في إيران غير محصن، ويسهل على التجار الذين يسيطرون على السوق الحكومي أو الخاص في إيران التحكم بقيمة الدولار.

ويلخص أحد الخبراء ما حدث سابقاً في أن المركزي الإيراني حاول تخزين الأوراق النقدية للعملة الصعبة في خطوة لتفادي آثار العقوبات عليه، فبدأ بعض المضاربين من الصرافين برفع قيمة الدولار بأنفسهم، وتشجيع المواطنين على المتاجرة بأموالهم، بتحويلها إلى دولارات ثم بيعها عند ارتفاع السعر.

من جهة ثانية أقلق الوضع مواطنين آخرين فتخوفوا من تدهور العملة المحلية، فحولوا أموالهم إلى الدولار.

المستشار السابق لوزير الاقتصاد والخبير في الاقتصاد الدولي حسين أنصاري فرد قال إن أسواق العملة الصعبة بالدول النامية غالباً ما تكون غير محكمة وتتأثر بأي ظرف جديد بسرعة، إلا أن هذا الوضع يكون مؤقتاً.

وفي لقاء مع الجزيرة نت تخوف أنصاري من التبعات السلبية التي قد يتركها هذا التخبط في الريال الإيراني، فتوقع ارتفاع أسعار المواد الخام والمواد الأجنبية المستوردة وزيادة الضغط على المواطنين.

وطالب الحكومة بحلول عملية وسريعة للسيطرة على المضاربين وإعادة الهدوء إلى السوق، فهم يشكلون العقدة الأساس في هذا الموضوع.

كما يرى أنصاري فرد أنه على الحكومة والمسؤولين طمأنة المواطنين وتوعيتهم بشكل أكبر، وعلى الإيرانيين بدورهم ألا يزيدوا الأمر سوءاً، فالمتاجرة بأموالهم ستؤثر سلباً على الجميع.

 بعض المضاربين رفعوا قيمة الدولار بأنفسهم (الأوروبية)

تراجع
ونتيجة للهزات التي يشهدها الاقتصاد الإيراني، تراجع مستوى المعيشة لبعض المواطنين من الطبقات الفقيرة وحتى المتوسطة، فالعقوبات أدت إلى تضخم اقتصادي عالي المستوى وصلت نسبته المعلنة رسمياً إلى 29%.

رؤيا مواطنة إيرانية تعتبر أن الأمر مازال محتملاً حتى الآن، إلا أن تخوفها من مستقبل أصعب يبقى أمرا مؤرقا، فتعتبر أنه على البلاد اتخاذ إجراءات تضمن صد النتائج السلبية للعقوبات، أو على الأقل التخفيف من حدتها على المواطنين الذين يطمئنهم الحصول على حاجاتهم الأساسية بسعر مناسب، فإيران بلد يمتلك إمكانيات كبيرة تستطيع أن تجعله يصمد أمام العقوبات وفق قولها.

أما صفري فيرى أنه لا يكفي أن تطبق الحكومة خطة تقشفية برفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الإستراتيجية للتوفير في الميزانية كما فعلت سابقاً، بل عليها ضبط من يتحكمون بالسوق، فيرفعون الدولار وأسعار العقارات وحتى أسعار السلع، لتتفاوت بشدة بين منطقة وأخرى وفي فترات قصيرة.

 

الاحتجاجات:

على إثر الهبوط غير المسبوق للريال الإيراني الذي سجل مؤخرا مقابل الدولار الواحد حيث تراجع إلى أكثر من أربعين ألف ريال في السوق السوداء،  شهد وسط العاصمة طهران أمس احتجاجات واسعة قدر عدد المشاركين فيها بعشرات الآلاف معظمهم من طبقة التجار.

وقابلت شرطة حفظ الأمن الاحتجاجات التي وصفت الأكبر من نوعها منذ فبراير/شباط 2010باستخدام الغاز المدمع والهراوات وفقا لشهود عيان.

وردد المتظاهرون صيحات مناهضة للحكومة -وفق شهود عيان وأفلام بثها موقع يوتيوب- من بينها "الموت للدكتاتور" في إشارة للرئيسمحمود أحمدي نجاد، ومنها كذلك "لا نريد الطاقة النووية" كما طالبوا الحكومة بوقف الدعم للنظام السوري.

وكانت أمس معظم المحال بالمنطقة التجارية وسط العاصمة مغلقة تأييدا للاحتجاج الذي دعا إليه العديد من النقابات، وذلك بعدما فقد الريال أكثر من ثلث قيمته مقابل الدولار منذ بداية الأسبوع الماضي.

وبينما كانت محلات الصرافة مغلقة بسبب تذبذب أسعار العملات كان الدولار يتم تداوله في السوق السوداء بأعلى من أربعين ألف ريال، حيث تراجع بذلك الريال من مستوى 23 ألفا مقابل الدولار في الـ24 من الشهر الماضي.

واعتبر المراقبون أن التراجع الكبيرة في الريال الإيرني جاء نتيجة للعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على طهران بسبب تطوير برنامجها النووي.

وأمس اتهمت الإدارة الأميركية على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون طهران بالتسبب في انهيار عملتها بسبب رفضها الاستجابة لإرادة المجتمع الدولي بوقف تطوير البرنامج النووي مما أدى لتشديد العقوبات.

وجاء ذلك ردا على اتهام الرئيس الإيراني قبل يومين للغرب بالتسبب في انهيار عملة بلاده جراء العقوبات التي يفرضها الغرب على طهران، مؤكدا استمرارا إيران في برنامجها النووي.

واعتبر نجاد حينها أن بلاده قادرة على اجتياز هذه العقوبات وأن البنك المركزي يقوم بواجبه في توفير كميات كافية من النقد الأجنبي لتمويل الواردات التي تحتاجها البلاد.

وفي مواجهة التراجع المتواصل للعملة الإيرانية حرص المواطنون على شراء العملات الصعبة وخاصة الدولار خشية استمرار تراجع عملة بلادهم والذي سيتسبب بالتالي برفع التضخم الذي بلغ رسميا نحو 25%.

Total time: 0.0554