أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

العلاقات اليمنية – التركية

- د. على الغفاري

في ضوء الزيارة التاريخية التى قام بها معالي وزير خارجية تركيا الدكتور / أحمد داوود أوغلولبلادنا يوم 19 اكتوبر الماضي والنتائج الايجابية التي أسفرت عنها من خلال المحادثات واللقاءات التي أجراها مع عدد من الوزراء والجهات ذات العلاقة ,ومن خلال متابعة المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية ، يرى المركز أن الزيارة بكل المقاييس كانت ناجحة جدا للجانبين فقد جاءت واليمن يعيش  ظروف دقيقة وحساسة  وفي حاجة لدعم ومساعدة دولة قوية مثل تركيا ، وهكذا فإنها ليست كأي زيارة ولم تأ تي صدفة فالذي قام بها هو مهندس الإنفتاح التركي على دول المشرق بأكملها ،وبالتأكيد فإن الجهات اليمنية المختصة وخاصة وزارة الخارجية ودائرة أسيا بالوزارة تحديدا التي يرأسها السفير/ محمد مطهر العشبي  قد رتبت  وأعدت لها إعدادا يليق بوزير دولة لها علاقة قوية وتاريخية باليمن، فتركياهي الدولة الثانية بعد إيران (فارس) التي لها علاقات تاريخية باليمن،وكما هو معلوم أن دولة الخلافة الإسلامية (التركية ) كانت قد توسعت في عدد من الدول العربية والإسلامية فقد حلت محل المماليك في مصرأولاعام 1517م وبالنسبة لليمن فقد تواجدت لفترتين الأولى عام 1538م واستمرت حوالي مائة عام أما المرة الثانية فقد عادت إلي اليمن عام 1849 م تحت ذريعة الإحتلال البريطاني لعدن عام 1839 م وقد غادرت تركيا اليمن عام 1918م وغادرت في الوقت نفسه كافة الدول التي كانت تحت نفوذها وسيطرتها إلا أن العلاقات اليمنية – التركية لم تنقطع فقد عاود الإمام يحيى التواصل مع تركيا الجديدة وعين له مندوبا في انقره عام 1926م ودون شك فإن القادة الأتراك يذكرون الموقف الأخوي الإسلامي لليمن أثناء الحرب العالمية الأولى ،فقد تعاونت كل الدول العربية التي كانت خاضعة للخلافة الإسلامية  مع الحلفاء وشاركت بجيوشها وأراضيها ،ونذكر جميعا موقف الشريف حسين بن علي ومراسلاته مع مكماهون وقيام الثورة العربية ضد الدولة العثمانية إلا أن موقف اليمن كان مغايرا ومختلفا إذ أن اليمن في الحرب العالمية الأولى كانت الدولة الوحيدة التي أعلنت إلتزامها الحياد باعتبار أن تركيا دولة إسلامية ..

وما نحن بصدده الأن هو أن تركيا اليوم وخاصة في العشر السنوات الأخيرة بقيادة حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه للمرة الثالثة السيد / رجب طيب أردوغان قد نجحت بفضل شخصية هذا الرجل القوية والفذة في حل عدد من المشاكل بين بلاده وعدد من الدول المجاورة بل إن حكومة رجب اردوغان قد فتحت لها أسواق تجارية جديدة مع مختلف دول العالم وتلعب تركيا بفضل هذه القيادة أدوار ايجابية على المستويين الإقليمي والدولي وتتصدى حكومة أردوغان بشجاعة في فضح كافة الجرائم والإعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة والجميع يذكر موقف السيد أردوغان في مؤتمر  دافوس  الإقتصادي عند انسحابه من منصة المؤتمر الدولي  غاضبا معربا عن عدم إرتياحه بسبب المعايير المزدوجة والجدل الذي حصل مع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريزأثناء النقاش الذي جرى حول غزة ،والموقف الأخر عند إبحار السفينة التركية (مرمرة) في مايو 2010محملة بالمساعدات الغذائية والطبية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة ومقتل تسعة من الناشطين الأتراك  الذين كانوا على متن السفينة التركية على يد جنود البحرية الإسرائلية ، هذه المواقف على العرب جميعا الإتعاض بها وإبداء التعاون والتضامن مع تركيا .

 

والمركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدبلوماسية يؤكد إلى أهمية الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي التي تمت وبلادنا تواجه الكثير من الصعوبات والتحديات لاسيما أن اليمن في طريقها إلي الإنتقال إلى المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية وهي الشروع في مؤتمر الحوار الوطني الذي نأمل وتأمل معنا دول العالم أن نكون  عند مستوى ظن الأخرين بنا وان تكون اليمن موطن الحكمة كما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ،وحيث أن الزيارة جاءت في ظرف دقيق وحساس فما أحوجنا اذا أحسنا الإستفادة من النتائج التي أسفرت عنها ، وهنا أطالب الجهات المسوؤلة ممثلة بوزارة الخارجية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة التجارة والصناعة ووزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة متابعة كافة القضايا التي كانت محل النقاش والبحث مع الوفد التركي وعلى هذه الجهات أن تستفيد من هذا الموقف النبيل لتركيا ومساهمتها السخية بمائة مليون دولار وهو المبلغ الذي أعلنت عنه في مؤتمر أصدقاء اليمن الذي عقد في نيويورك في سبتمبر الماضي 2012م ولابد من الإشادة بموقف تركيا السياسي والتضامني ،فقد أعرب الوزير التركي أن أي مساس بأمن ووحدة واستقرار اليمن هو مساس بتركيا هذا شي عظيم إنه كلام قوي وواضح عبر عن موقف بلاده تجاه اليمن الذي يحتل مكانه خاصة في وجدان الشعب التركي ، ونعتقد أن العلاقات الدبلوماسية التي تقوم بين مختلف دول العالم أساسها المصالح والمنافع المشتركة والمتبادلة ، وبالتالي فما علينا في اليمن إلا الوفاء تجاه هذا الموقف الشجاع الذي جاء وبلادنا تمر بظروف صعبة وفي حاجة لمواقف داعمة وخاصة في المجالين الإقتصادي والإستثماري والتنموي ،وأن يكون الوفاء بتنشيط العلاقات والإستفادة من المساعدات بما يخدم اليمن أولا وأخيرا.

ونعتقد أن المجالات والأبواب مفتوحة لاسيما بعد توقيع عدد من إتفاقيات التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين في المجالات السياسية والإقتصادية والتنموية والتعليمية والصحية , وان إلغاء تاشيرات التنقل لأبناء البلدين خطوة كبيرة وهامة سوف تسهل لأبناء البلدين فتح أفاق جديدة لمزيد من الأنشطة والتعاون بين المواطنين في البلدين .

ومن الجدير ذكره أن وجهات النظر حول معظم القضايا التي بحثها الوزير التركي سواء مع نظيره الدكتور/ أبو بكر القربي والوزراء المختصين والمباحثات مع الأخ رئيس الجمهورية والأخ رئيس الوزراء كانت متطابقة وصبت في مجال تعزيز الأمن والإستقرار في المنطقة وبما يعود خيره على اليمن بالدرجة الأولى وعلاقة البلدين الشقيقين .

ودون شك فهناك من المسؤولين المباشرين من لهم بصمات أدت الى  تعزيز وتطوير علاقات البلدين وفي مقدمتهم سفير بلادنا المرحوم الدكتور/ عبد القوي الإرياني الذي لعب دورا مشهودا له بأن وصلت علاقات البلدين الى هذا المستوى فخلال ثلاث سنوات من تواجده في أنقره زار اليمن رئيس جمهورية تركيا السيد /أحمد اوغلونهاية عام 2010م، وفي الشهر الماضي تمت هذه الزيارة الموفقة والناجحة جدا لوزير الخارجية ، ومن الجانب التركي سعادة سفير تركيا في صنعاء السيد / فضلي تشورمان وهو سفير نشيط  تمت هذه الزيارات في عهده ووصلت العلاقات الأخوية بين البلدين الي أسمى وأرفع درجاتها على أمل إستفادة الجانب اليمني من نشاط سعادة السفير تشورمان وخاصة في الجوانب الإقتصادية والتجارية والتعليمية وكذا في مجال النقل علما أن نائب رئيس الوزراء التركي للشوؤن الإقتصادية سيقوم بزيارة لبلادنا يوم 25 نوفمبر الجاري على رأس وفد اقتصادي وتجاري كبير ومن المتوقع أن تقدم تركيا مجموعة من المساعدات في مجالات مختلفة ، وبحكم متابعة المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية  لعلاقات اليمن بمختلف الدول وحيث أن تعيينات سفراءنا في الخارج قد تأخرعن موعده أكثر من اللازم نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها اليمن، يلوح في الأفق أن الأخ الرئيس في طريقه إلى ملئ السفارات التي لا يوجد بها سفراء ،وبهذا الصدد نأمل منه اختيار السفير المناسب في البلد المناسب وأن يكون السفير المعين في انقره من السفراء المتخصصين ومن كادر وزارة الخارجية الأكثر اطلاعا بالشوؤن التركية واليمنية وأن يكون التعيين بشكل عام للمتحلين والمعروفين بالنزاهة والكفاءة ومن لم ينطبق عليهم أحد الأجلين حتى تسري العدالة على الجميع ،متمنيا لعلاقات البلدين اليمن وتركيا المزيد من النجاح في ظل التوجه الصادق للقيادتين وبما يخدم مصالح البلدين الشقيقين

                                            والله من وراء القصد,,,,,

                                                                                   السفير الدكتور / علي عبد القوي الغفاري

رئيس المكز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية

صنعاء 1/11/2012م

تعليقات الزوار
1)
Walid Telha -   بتاريخ: 06-11-2012    
مقال جميل وفية من المعلومات الشيء الطيب ولكن (جل من لا يسهو)حصل خطأ غير مقصود في المقال فرئيس تركيا الذي زار اليمن اواخر عام 2010 هو عبدالله غول وليس أحمد أوغلو كما ورد في المقال سهوا.

Total time: 0.0446